الفصل الخامس والعشرون

287 16 1
                                    


نظرت إليه وهو يرتدي ملابسه وعقدت عزمها أن تتكلم معه
تنحنحت : ياسين 
التفت إليها مبتسمًا : نعم حبيبتي .
__ أريد أن أذهب إلى عملي فلا أرى فائدة من جلوسي بالبيت الآن ، ثم أنك أكيد ستحتاجني بغياب يوسف .
عقد حاجبيه : لا نور ، أكملي اجازتك ، ثم أرأيت من قبل عروس تذهب إلى العمل قبل انتهاء شهر من زواجها .
نظرت إليه وعيناها تقول ولماذا أنت ذاهب قبل أن يمضي اسبوعان على زواجنا ليبتسم لها ويكمل - والله نور لولا حادث يوسف لكنت أخذت ثلاثون يومًا كاملة لشهر عسلنا و لكنها ظروف خارجة عن إرادتنا .
بوزت ليقرص خدها بلطف : لا تغضبي أتمي الاسبوعان ثم تعالي إلى العمل كما تريدين .
__ ماذا أفعل وأنت غير موجود ؟
__ اجلسي مع أمي أو نادين أو إنجي أو اخرجي للتسوق .
أخرج لها بطاقته المصرفية : خذي إذا أردتِ الذهاب للتسوق .
__ لا معي البطاقة التي أعطيتني إياها من قبل .
__ جيد ، لن أتأخر لا تقلقي سآتي على الغداء .
__ تعود سالمًا ، من الممكن أن أذهب إلى علياء ونخرج سويًا .
__ افعلي ما يحلو لكِ حبيبتي
انحنى ليحتضنها ويقبل وجنتها : سأذهب .
اتبعته :سأنزل معك لأصبح على أمي وأتناول معها الفطور .
لف لها وعيناه تشع منها السعادة : امي !
__ نعم ، فهي تحبذ أن نجتمع كلنا على مائدة الطعام .
نظر لها بتعجب : من أين علمتي بهذا الأمر ؟
ابتسمت باتساع : جدتي كانت تحبذ هذا الأمر أيضًا أنه نوع من الاطمئنان علينا وكانت تغضب مني أو من عمر إذا تخلفنا عن أحد مواعيد الطعام .
وصلا إلى الأسفل ليجدوا العائلة كلها مجتمعة بما فيهم يوسف ابتسمت نوارة هانم ليقول : صباح الخير.
__ صباح النور حبيبي ، تعالي نور اجلسا لتناول الطعام .
__ كيف حالكم جميعًا وأنت بالأخص يا هادم سعادتي ؟
ضحك يوسف : أنا بخير يا أخي العزيز ، وآسف لهدم سعادتك .
تعجب الام : ماذا فعل ياسين ؟
__ لا شيء أمي ، ولكني سأضطر للذهاب إلى الشركة بدلًا من الاستاذ الذي كنت أعتمد على أنه سيسد مكاني أثناء اجازتي .
انقلب وجهها : تذهب إلى الشركة ، لا طبعًا لن تذهب .
نظر لها ياسين بتعجب : لماذا أمي ؟ إن العمل سيحتاج وجودي .
احتدت : لن تذهب إلى عملك قبل أن تتم اسبوعان على الأقل من زواجك .
__ ولكن أمي .
أشارت بيدها بحزم : انتهينا ياسين ، ولو على الشركة اتصل بعمك عبد العزيز ليباشر أمور العمل هو يعلم عن الشركة أكثر منك ومن أخاك خذ زوجتك وسافر إلى أي مكان ، أنا أجلت الحفل إلى أن يفك يوسف رجله على الأقل.
__ ولكن أمي الحفل كان لأجل نادين .
رفعت عيناها لتنظر إلى أمها وقالت ساخرة : لماذا هل أنا المتزوجة حديثا؟ ثم أنا لا أريد أي شيء .
قالت الام بهدوء : أحمد مد اجازته اسبوعان آخران .
صاحت نادين : نعم !
التفت إلى زوجها : لماذا لم تخبرني ؟
قال ببرود متعمد : حاولت البارحة ولكنكِ كنتِ متعبة وتريدين النوم
نظر لها نظره مستفزة ليحمر وجهها غضبًا وتصيح بغضب :
__ ولكني أريد العودة إلى منزلي والأولاد لديهم ارتباطات هناك .
قال بقوة : اخفضي صوتك ، وإذا كان على الأولاد وممارسة الرياضة يوجد أكثر من نادي جيد بمصر سأشترك لهم به .
قالت بغضب أعمى : ألا تفهم أريد العودة ؟
نظر لها نظرة غاضبة قوية : لن نعود نادين لا الآن ولا بعد ذلك ، سأنتقل إلى هنا ، ارتاحي فقد مللت من التنقل وسنجلس هنا وإذا لم يعجبك كلامي اضربي رأسك بالحائط أنه كثير بالقصر .
وقف وغادرهم ليقول ياسين بقوة : هل جننتِ نادين ؟ تتكلمين مع زوجك بهذه الطريقة الوقحة ، لم تحترمي وجودي ولا وجود أمي ، ماذا حدث لكِ  لتصبحي هكذا ؟
نظرت له وهي تنفجر فأعصابها لم تعد تحتمل وبكاء وحزن الليلة الماضية سيطرا عليها : أسأل نفسك يا أخي العزيز ، ماذا حدث لتلك المرحة التي فضلتم عليها الغريبة بكل شيء حتى مشاعركم وحبكم عطوته لها اسأل نفسك لماذا صفعتني لأجلها ، هل كان قلبك من يملي عليك أوامره أم عقلك ؟
تنبهت نور للحديث وعملت حواسها لتسمع الجزء القادم من الحديث فهي تأكدت أن نادين تتكلم عن حبيبته القديمة
__ لم أصفعك لأجلها ندى ، بل لأجل انكِ تطاولت علي وأنتِ تعلمين ذلك جيدًا ، بل لم أشك بكلامك للحظة فأنا كنت متأكدًا منه ، وأعلم انها لم تكن بطبيعية ثم لم يملئ قلبي أحدًا غيرك ندى ، ولكنكِ لم تشعري بذلك كانت غيرتك تحركك دون أسباب ، حتى زوجك لم تشعري بحبه لك إطلاقًا رغم أنه يهيم بك حبًا من الصغر .
دمعت عيناها : لا تكذب ياسين ، أنا أعلم جيداً لماذا تزوجني .
ابتسم ساخرًا : لا ندى لا تعلمين شيء ، بل عقلك صور لكِ أشياء وهي بثت إليكِ أشياء صدقتيها دون التفكير أو السؤال .
نظرت اليه غير مصدقة ليبتسم هازئًا : ولن تصدقي فالشك يجري بعروقك ومهما حدث ومهما أقول لن يتغير بكِ شيء .
زفرت بضيق وصعدت بغضب للأعلى
هز راسه بخيبة أمل و وقف بهدوء : سأذهب .
قاطعته أمه : لا ياسين لن تذهب اجلس اليوم معنا وسافر في الغد .
__ لقد الغيت السفر أمي ، ولن أستطيع أن أجلس وأنا قلق على ما يحدث بالشركة .
قالت بلهجة آمرة : ياسين ، اسمع الكلام .
أدار عينيه بغضب من أوامر أمه العلنية ليقع نظره على وجه نور المبتسم وعيناها اللتان ترقصان سعادة ليبتسم ويتنهد وهو مثبت عيناه عليها : حاضر أمي ،سأذهب لأجري بعض المكالمات الهاتفية لأنظم سير العمل وآتي لأجلس معكم .
ابتسمت وعيناها تتبعانه وهو ينصرف لتفيق على صوت يوسف وهو يقول بمرح : اذهبي وراءه ، ولا تخجلي .
احمر وجهها بشده لينفجر يوسف وإنجي بالضحك
لتبتسم أمه وهي تضربه بخفة على يده المجبسة : اتركها بحالها .
تأوه بمرح : أمي ذراعي تؤلمني .
قالت مؤنبه : جيد ، حتى لا تضايق زوجة أخاك مرة أخرى .
ابتسمت وهي تقف : أمي أتريدين شرب القهوة ، سأصنع بعضًا منها ؟
__ لا لن تصنعي شيئًا ، اطلبي من أحد الخدم بالقصر .
نطقت سريعا : لا أنا أفضل أن أصنعها بنفسي .
قالت بحنان : لا حبيبتي شكرًا لكِ.
همت بالانصراف ليقول يوسف بخبث : ياسين يفضل شرب القهوة صباحًا ، انها حجة جيدة لتذهبي إليه .
ازداد احمرار وجهها لتنصرف مسرعة من أمامه لتقول إنجي بهدوء : يوسف لا تزعجها ، أنها خجولة جدًا .
ابتسم بمرح : أعلم ، ولكني أريدها أن تصرح بمشاعرها قليلًا .
ردت الأم بقوة : لا تزعجها حتى لا ينزعج أخاك ، فأنت الأعلم به .
__ حاضر أمي .
انصرفت إلى المطبخ بسرعة وهي تشعر بالخجل يسيطر عليها ، فهي بالفعل كانت تبحث عن حجة لتذهب إليه ويوسف أحرجها بأنه كشف نواياها بهذه الطريقة
دخلت ليندهش العاملين بالمطبخ من وجودها تكلمت مع أحدهم بأنها تريد صنع القهوة ليدلها على الأشياء اقتربت منها سيدة قدرت عمرها بأنها في منتصف الخمسينيات
وقالت باحترام ولباقة : اجلسي بنيتي وأنا سأصنعها .
ابتسمت : شكرًا لكِ ، أنا سأصنعها بنفسي .
انسحبت السيدة بهدوء لتصنع نور القهوة لها ولياسين وهمت بأن تحمل الصينية لتعترض السيدة بقوة : لا لن يحدث .
أشارت إلى أحدهم : احملها واذهب مع الهانم إلى الخارج .
هزت نور رأسها لتتجه ومعها العامل الصغير إلى مكتب ياسين
طرقت الباب بهدوء ليتعجب من الطرقات قال بهدوء: ادخل .
أطلت برأسها من الباب وابتسمت : أتيت لك بالقهوة .
ابتسم بسعادة : كأنكِ تقرئين أفكاري ، فأنا أحتاجها بشدة .
تقدمت إلى الداخل ليتبعها العامل أشار له ياسين
__ ضعها هنا وانصرف .
تابع انصراف الخادم بعينيه وإغلاقه للباب خلفه ليقترب منها بهدوء ويحتضنها بين ذراعيه
ابتسمت له ليسألها بهمس : لماذا كانت عيناك تشع منها السعادة منذ قليل ؟
اتسعت ابتسامتها : لأني سعيدة أن أمي أجبرتك على الجلوس معنا اليوم ، ضحكت بخفة ولأني علمت من أين أتيت بالحزم والشدة اللذان تتمتع بهما .
ضحك : إذن أنتِ فرحة أن أمي أجبرتني على عدم الذهاب اليوم .
هزت برأسها إيجابًا ليهمس : وأنا أيضًا سعيد بجلوسي معك .
نظر إليها وهو يشعر بالشوق يملأه ليتنهد فهو لن يخاطر بالاقتراب منها ثانيةً وتعريضها لمثل هذا الرعب الذي عاشته من قبل
تنحنح وقال وهو يجلسها بين ذراعيه على الأريكة
__ نور بماذا حلمتِ البارحة ؟
تنهدت وقالت بحزن : لا أعلم أنه حلم مزعج جدًا يراودني من فترة لأخرى ولا أعلم ما هو ولا لماذا أراه بنومي ؟
أغمض عينيه ألمًا ليسألها برقة : نور هل تعرضتِ لحادثة ما؟
عقدت حاجبيها من السؤال ولم تفهمه : لا إطلاقًا ، فعمر كان يخاف على كثيرًا وكان يتفنن في حمايتي .
عقد حاجبيه مفكرًا بما تقوله لتكمل هي : كان جدي رحمة الله عليه يمنعني من الذهاب إلى أي مكان ليقتصد عمر من وقته ليأخذني معه إلى كل مكان يذهب إليه حتى ونحن بالجامعة كان يأخذني إلى الجامعة و يعود ليرجع بي إلى المنزل
وعندما أنهيت دراستي وبدأت أبحث عن عمل اعترضت على حمايته المفرطة لي فأهداني السيارة وكان يطمئن علي كل ساعة عندما أخرج .
قالت جملتها وهي تبتسم بسعادة وحبها لأخيها يقطر من عينيها ليبتسم ويقول مازحًا : هنيئًا لسي عمر على هذا الحب الذي يشع من عيناكِ .
ابتسمت له لتقول بدلال : ياسين أنت تغار من عمر ، أنه أخي .
قال بنقمة مصطنعة : نعم ، لماذا تحتضنيه وتقبليه بهذه الطريقة وأنا واقف مثلي مثل الحائط ، زوجته نفسها لم تفعل ما فعلتيه .
اتسعت عيناها بدهشه : أنت تمزح أليس كذلك ؟
قال بقوة : لا ، لا أمزح .
نطقت بتعجب : أنه أخي ، طبيعي أن أُقبله وأحتضنه !
رد بهدوء : وأنا زوجك ومن الطبيعي أن تحتضنيني وتقبليني أكثر من أخاكِ .
قالت بدلال ورقة : وأنا لا أفعل .
__نعم لا تفعلي ، أريد أن أرى الآن .
ابتسمت وأدارت الموضوع لشيءٍ آخر : لم تخبرني إلى الآن لماذا قبضوا عليه ؟
قال بهدوء : كان سوء تفاهم بسيط ، لا أكثر ولا أقل .
نظرت له بحيرة : لا أفهم كيف يقبضون على شخص لمجرد سوء تفاهم ؟
__ لا تشغلي رأسك ، ما رأيك أن نسافر كما اقترحت أمي ؟
__ إلى أين ؟
__ إلى مارينا ، الجونة ، أي مكان .
__ لم أذهب إلى الجونة من قبل ، ولا إلى مارينا عمر لا يذهب إلى الأسكندرية إطلاقًا ورفض أكثر من مرة الذهاب إلى هناك ، على الرغم من إلحاحي بزيارة عمي وعمتي
ولكن عمي على غير وفاق مع عمر ولا أعلم السبب .
فكر إذن هي لا تعلم أن عدم الوفاق تحول إلى عداوة مقيته تجعل هذا العم الغبي يريد أذية ابن أخاه وبما أن أخاها لم يخبرها فهو لن يفعل ولن يذهب بها إلى هناك :
__ إذن نذهب إلى الجونة ستعجبك ،أنها هادئة وجميلة وراقية .
صفقت بيديها كالأطفال وهي تبتسم : حسنًا ، أنا موافقه .
أبتسم بسعادة لها ، لتحمر وجنتيها مما فعلته بتلقائية
ليشدها من خدها بلطف : لا تخجلي نور ، تصرفي كما يحلو لكِ ، هيا اجهزي لنخرج ونتسوق قليلًا .
__ نتسوق ، إن ملابسي جديده لم أرتدي معظمها ولا أنت دولابك متخم بالملابس .
__ إن جميعها ذوق نهى أو ذوقي ، وأنا أريد ارتداء ملابس انتقيتها أنتِ لي ، ثم أريد شراء مايوه لي وأراهن أنكِ لم تشتري مايوه .
نطقت بتعجب : مايوه ، لا لم أشتري مايوه !
هل ستسمح لي بارتداء مايوه والنزول به إلى البحر أمام الناس .
قهقه ضاحكًا :لا طبعًا ولا فى الأحلام هذا يحدث ولكن لابد من شرائك للمايوه .
__لماذا ؟
__ لأراه أنا ، ألا يحق لي ؟
احمرت : تهذب قليلًا ياسين .
ابتسم : هيا اذهبي وارتدي ملابسك .
__ حاضر .
تبعها بعينيه وهي تنصرف من المكتب ليتنهد بحب كبير يملأه لها ،والسعادة من توصله أنها لم تتعرض للاعتداء ،فكر لماذا إذن تنفجر بالبكاء هكذا ،ولماذا أيضًا تشاهد هذا الحلم المزعج كما وصفته ، لا يستطيع استيعاب الموقف ولكنه طمئن قلبه أنها خجول لا أكثر ، فهي تشعر بالخجل من تصرفاتها العفوية ،وطبيعي أنها تخجل بأول زواجهم ، سيحاول مرة أخرى ليفهم ما يحدث معها .
***
دلف إلى الفيلا عند الظهر وبحث بعينيه عليها لينادي بصوت مرتفع : عليا ، أنا أتيت .
ظهرت له من الأعلى ونزلت السلم بسرعة لتحتضنه بحب كبير وشوق جارف : حمدًا لله على سلامتك .
ظهرت من خلفها بسنت وهي تبتسم : جاء عمر وأستطيع أنا الانصراف ، فأنا منذ ساعتين وأنا مرتدية ملابسي ولم تسمح لي زوجتك بالمغادرة ،ولم أذهب إلى عملي بسببها .
نطقت علياء سريعًا : كنت أعلم جيدًا أنه سيأتي من سفره باكرًا ولم أستطيع الانتظار بمفردي .
__ حمدًا لله على سلامتك عمر ، أستأذن أنا ولا تقول لي اجلسي، محمد سيطلقني بسببك فأنا تركته الليلة الماضية من أجلك .
ابتسمت علياء ليقول عمر : أبلغيه سلامي ومتأسفين على ازعاجكم معنا .
__ لا تتأسف عمر ، أنا امزح معها .
__ أعلم بسنت .
__سلام .
هزت يدها مودعه لهما واتبعتها علياء إلى باب الفيلا لتعود إليه وجدته صعد للأعلى دخلت إلى جناحهم : عمر ، ماذا يحدث ؟ أرجوك أخبرني .
تنهد : لا شيء علياء ، يوجد لي منافس يتربص بي لا أكثر ويحاول أن يضايقني ، لا تشغلي رأسك أنا بخير وهذه آخر مرة إن شاء الله جيد أنكِ أخبرتِ بسنت أني مسافر وجيد أيضًا أنكِ طلبتي منها المكوث معكِ الليلة الماضية كنت سأجن من القلق عليكِ .
__ لا تقلق حبيبي، سأعد لك الفطور .
__ لا ، وقتي ضيق ، سأستحم وأبدل ملابسي لأخرج إلى موقع البناء لابد أن أذهب اليوم .
ابتسمت : سأحضر لك ملابسك .
أمسك يدها وقبلها برقة :  لا حرمني الله منكِ .
***
يبتسم بسعادة وهو جالس بمكتبه الوثير يعلم أنه خرج اليوم ولكن المرة القادمة لن يخرج أبدًا فالمرة القادمة ستكون بالقبر ، حدث نفسه والغل يتصاعد بنفسه
من أنت عمر حتى تقف بوجهي وتمنع عني ابنتي محمد نفسه لم يستطيع الوقوف أمامي لقد أخذت منه كل شيء حتى نور ، أما عن نور ابنتي أنا سأعلمها بالأمر مهما حدث ومهما فعلت عمر ، وسنرى من منا سيفوز نظر إلى صورتها التي تزين مكتبه ومرر أنامله عليها هل أخبرتها نور بأنها ابنتي أنا ، لا تنتمي إلى هذا الشخص الحقير ابن المربية ؟
تصاعد الغل بنفسه وتزايد القهر من هذه المُربية ،مربيته التي تزوجها أباه ، كان يحبها جدًا ولكنها أهملته عندما أتى محمد
عض شفته قهرًا والذكريات تندفع إلى رأسه بعنف فوالدته توفيت وهي تلده ليتربى وينشأ في كنف هذه المربية الجميلة يعلم جيدًا أن أباه تزوجها لأجله وعندما رزقا بصفيه ازدادت سعادته فها هو لديه أخت رقيقة يلعب معها لينقلب كل شيء بولادة محمد فهذا الصغير أخذ مكانه بكل شيء فكم كان يسمعها تغني إليه ليلًا لينام ويغفى ، كم رآها وهي تحتضنه بحنان زائد وهي نائمة وكم من المرات صرخ به أباه من أجل الصغير
وكم من المرات أوصاه به أباه اهتم بأخيك ، حافظ على أخيك
لم يوصه على صفيه بقدر ما أوصاه على محمد كان يشعر بالنفور من هذا الغير شقيق وكان يدبر له بعضًا من المقالب بالمدرسة فهو كان كبيرًا وهذا المحمد بسنواته الأولى ، كان يستمتع إذا وقع بأحد مقالبه ويضحك بشده عندما يعنفه أحد الأساتذة وعندما كبر محمد واشتد عوده أصبح قويًا ويتمتع بشخصيه مميزة ، وكأن السنوات تصقله قوة وصلابه وبعد موت مربيته الحبيبة قرر أن يسافر إلى انجلترا ليدرس ويلهو ليعود ويجد محمد مستولي على كل شيء ، الشركة والمصنع وحنان أباه وحب أخته ، والأهم هذه الحسناء المتحررة، سحرته ودغدغت شهوته من أول مرة رآها بها ليفكر بخبث أن أخاه لا يجب أن يتمتع بحب هذه الحسناء الجميلة، قرر أولًا أن يشعره بالغيرة فيهمل عمله لتكون له فرصه سانحة لإعادة كل شيء له ولكنه وقع في بئر حبها لينغمس به ويريد الحصول عليها ،حتى بعد أن حصل عليها بطرقه الملتوية كاد أن يجن عندما تجنبته وانقلبت إلى شخصيه أخرى غير حبيبة قلبه ليقرر أن يترك له كل شيء ،ولكن بعد موت أباه عاد ليقلب الطاولة على أخيه ويأخذ كل شيء منه حتى نور ولكنه لم يستطيع أن يأخذ ابنته التي يعيش الآن على أمل أن تعود إليه لن ينسى أبدًا يوم أن أتى محمد ثائرًا إلى القصر وهو يسبه ويلعنه و لكمه بعنف ليتدفق الدم من فمه استعاد توازنه ليسأله : هل جننت ؟ ماذا تفعل ؟
صاح بغضب وهو يقترب منه ويخنقه بيديه : سأقتلك حافظ ، لم أتخيل أبدًا أنك وضيع لهذه الدرجة ، تعتدي على زوجتي لماذا ، ماذا فعلت لك ؟ هل تفهم أني لم أعلم بكرهك لي ولكني كنت أحافظ على وصية أبي بأن نظل إخإخو،ولكن تصرفاتك الوضيعة لم تتوقف ولكن أن تصل لهذا الحد ، لن أراعي أي شيء .
شعر بأن روحه ستزهق ليصرخ بصوت محشرج : لم أفعل شيء ، زوجتك خانتك معي ، ألا تفهم ألم تخبرك أن نور ابنتي ؟
رأى الذهول على وجه أخاه لتنفك يديه من على عنقه وهو يردد : ابنتك ، لا صفعه بقوة أنها ابنتي أيها الحقير .
أكمل بخبث ساخر : ألا تمتلك عينان محمد أنها تشبهني لون شعرها طابع الحسن واللون العسلي بعينيها هذه الصفات أنا ورثتهم من أمي ترنح أخاه أمام عينيه وكاد أن يسقط من هول الصدمة ليندفع مسرعًا خارج القصر ...حينها ضحك بسعادة يعلم أن رد فعل أخاه الطبيعي أنه سيسافر إلى القاهرة وأنه لن يصل إلى هناك سيموت قبل الوصول فهو في حالة عدم اتزان بسبب الحقيقة التي أخبره بها ،ولكنه لم يكن يعلم أنها معه برفقته وأنها ستذهب معه
حتى إلى الموت دمعت عيناه لينظر إلى الصورة : آسف حبيبتي كنت أظن أنه سيتركك لي ويذهب بعيدًا عنا ولكنه أناني اخذك معه حتى بموته أنانيًا كيف هان عليك حبي لتتركيني وتذهبي معه؟ أحببتك نور وأنتِ تركتني ، ولكني سأخذ ابنتي حتى لو تطلب الأمر أن أقتل عمر سآخذها
***
قضت وقتًا ممتعًا برفقته وهي تتجول معه وتشتري أشياء كثيره همت بالاعتراض من شراؤه لها كل ما يعجبها فنهرها بحزم وصلا إلى الفيلا ليذهب هو إلى أمه ويخبرها بسفره وصعدت هي سريعًا إلى جناحها تريد أن تجرب مقاس هذا المايوه الذي اشترته بغفلة منه فهو كان يبحث عن شيء بمتجر الأدوات الرياضية ليجذبها هذا المايوه بلونه السماوي تكلمت مع البائعة وأخبرتها بمقاسها ولم تشأ أن ترتديه هناك ولكنها انتقت له فستان قطني قصير أبيض اللون بحزام على الخصر من نفس لون المايوه لترتديه عليه ، فمهما حدث لن ترتدي هذا المايوه بمفرده
خلعت ملابسها وارتدت المايوه لتبتسم بسعادة أنه مضبوط وكأنه صنع خصيصًا لأجلها ارتدت الفستان لتتسع ابتسامتها فهو ملائم لها قررت أن تبدل ملابسها قبل أن يأتي ياسين ويراها هكذا
خلعت الفستان لتفاجئ به واقف أمامها ومبتسم كعادته
...
جلس مع أمه قليلا وأخبرها بسفره ليصعد مسرعًا إليها هو يريد الجلوس معها ومساعدتها بترتيب الحقائب يشعر بسعادة عارمة وحب جياش لزوجته الرائعة فالوقت معها يمضي سريعًا رائعًا
فتح باب الجناح بهدوء وتقدم إلى الداخل والابتسامة تزين شفتيه فهو متوقع أنها مشغولة بترتيب الحقائب مر من باب غرفة النوم المفتوح ،ليصعق من هذا الجمال الفتان الذي يراه أمامه رمش بعينيه ليتأكد مما يراه ليحمر جسدها كله أمام عيناه مؤكدًا له ما يراه بعينيه اقترب منها بهدوء ورقه ليحتضنها بين ذراعيه
ويهمس بأذنها : لا تطلبي مني الصبر والانتظار نور فمخزون الصبر نفذ لدي وصدقيني لن أؤذيكِ  ، سأفعل كل ما بوسعي لإرضائك أرجوكِ نور تحمليني ، فأنا لن أستطيع التحمل أكثر من ذلك
***
ظل مستيقظًا بجانبها يتأملها بحب لا يستطيع أن ينكر فرحته عندما تأكد أنه لم يلمسها شخصًا آخر من قبل وأنها لم تتعرض للاعتداء كما ظن فعقله كان سيذهب منه عندما فكر في هذا الاحتمال ولكنه تأكد من خجلها هذه المرة لم تبكي ولم تنتفض كان يعد نفسه للأسوأ لكنها ذابت بين ذراعيه برقة
وهو الآخر كان رقيق هادئ متفهم لخجلها الزائد لم يكن متطلبًا بقدر ما كان صبورًا ومتفهمًا ابتسم بسعادة عندما تحركت متململة من الغطاء لينكشف جسدها العار شد الغطاء عليها حتى لا تصاب بالبرد وحرك أصابعه على وجهها ولعب بخصلات شعرها القصير ليطبع قبله هادئة على رأسها
فتحت عيناها ليطل الرعب منهما لينزعج هو بشدة من نظراتها المرتبكة الخائفة رتب على رأسها مهدئًا ليتكلم بصوت حنون : نور ، ما بك ؟
رمشت بعينيها أكثر من مرة ليردد : أنه أنا ياسين .
فتحت عينيها بقوة لتنتفض مفزوعة وتقول بارتباك: ماذا حدث ؟
جلس خلفها ليضمها بقوة إلى صدره فتشعر بجسده القوي وخصلات شعره القصيرة على ظهرها العار لتنتفض مرة أخرى بقوة أكبر ليضمها أكثر إليه : اهدئي ، ما بك ؟ لم يحدث شيء ، لماذا الخوف حبيبتي ؟ أنه أمر طبيعي .
دمعت عيناها ولكنها حاولت التحكم بدموعها وخوفها وقالت بتلعثم : أين ملابسي ؟ أريد أن أذهب لدورة المياه .
ابتسم على ارتباكها وحيائها الفطري ليهمس بسعادة وهو يناولها المايوه : تفضلي .
احمرت أذناها بشده ليقبلها بلطف في عنقها :كان رائعًا عليك حبيبتي .
نثر قبلاته على عنقها وأكتافها لتنتفض بعنف : ابتعد عني .
تعجب من ردة فعلها ليندهش عندما قفزت من الفراش ولفت الغطاء حول جسدها لتهرول لدورة المياه وتغلق الباب بعنف .
حدث نفسه ماذا حدث كانت طبيعية إلى أن غفت بين ذراعي لا يفهم ما بها ، فهي متوترة من شيءٍ ما ، تيقن أنها لم تتعرض للاعتداء ولكنها غير طبيعية أيضًا
قفز من مكانه عندما سمع بكاءها الحاد آتيًا من دورة المياه
ليطرق الباب بهدوء : افتحي نور ، وأخبربني ما بك ؟
دخلت إلى دورة المياه وهي تشعر ببرودة عجيبة تغلف جسدها ، لا تعلم ما بها ولكنها تشعر بالنفور منه تعجبت من شعورها فهو كان رائعًا معها صبورًا متفهمًا وحنونًا
ولكن عندما غفت بين ذراعيه رأت نظرات السخرية تحاوطها كانت تطل من عيناه الرمادية لتسمع صوته الرخيم يقول بهدوء : ألم اقل لكِ حبيبتي أنتِ لي مهما طال الوقت .
تململت من نظراته التي تشعرها بالإهانة والخزي لتشعر بأنفاسه ولمساته تحوم حول وجهها وعندما اقترب منها وشعرت بقبلته فتحت عينيها بقوة واتساع لعل هذه النظرات المقيتة تختفي رمشت بعينيها أكثر من مرة وتأكدت أنها تحلم ولكنها لم تستطع النظر إليه حتى لا ترى بعينيه نفس النظرات التي رأتها بحلمها ولذلك هربت منه لتنفرد بنفسها لعلها تستطع التحكم بمشاعر النفور التي تسيطر عليها رمت الغطاء عنها لتستحم فتفاجئ بشيء أرعبها للغاية فانفجرت باكية فهي لم تستطع السيطرة على خوفها ولا أعصابها سمعت صوته الحنون وهو يقول : افتحي نور ، وأخبربني ما بك؟
مسحت دموعها وقالت بصوت حاولت أن يخرج طبيعيًا : لا شيء .
ردد : إذن افتحي لأطمئن عليكِ .
__ كفى ياسين ، سأخرج بعد قليل اطمئن .
زفر بضيق من تصرفاتها الغير مفهومة له ليذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا بقلق مفرط عليها وضيق شديد منها .
خرجت بعد قليل وهي ترتدي روب الاستحمام لتفاجئ به يتحرك بالغرفة ومظهره يدل على الضيق والغضب ارتعبت داخليًا وخفضت بصرها لتشعر به وهو يتجه ناحيتها بسرعة ليحتضنها بين ذراعيه بحنان : ما بك حبيبتي ؟ لماذا كنت تبكين ؟ هل أنتِ متعبة ؟
ارتبكت وشعرت بالخجل من نفسها لخوفها منه فقالت بتلعثم :
__ لا شيء ، شعرت بالضيق فجأة ثم لا أعلم ما هذا ؟
قالت جملتها وهي تظهر له جزء من كتفها نظر لما تشير إليه ليجاهد ألا يضحك حتى لا يشعرها بالحرج ولكنه سعيد من براءتها الزائدة سألت مرة أخرى : ما هذا ياسين ؟
تنحنح ليمرر يده على عنقه بحيرة وهو لا يعلم بماذا يجيبها !
اردفت : ألا تعلم ؟
ابتسم بحب عميق : بلى أعلم أنه اقترب منها ليهمس بأذنها بهدوء ليحمر وجهها بشدة وتشعر بحرج فعلي منه ، ابتعدت عنه وهي تتمتم بصوت منخفض خجول : أنت وقح ياسين .
دوت ضحكته مجلجلة ليقترب منها ويحتضنها : وأنتِ بريئة جدًا، أحبك نور فوق ما تتخيلين .
ابتسمت وهو ينثر قبلاته على رأسها وعنقها لتساله بسرعة :
__ من التي كانت تتكلم عنها نادين اليوم ؟
توقف ليعقد حاجبيه: لماذا تسألين ؟
__ لا شيء، مجرد فضول .
__ أنها صديقة نادين .
__ هل كانت بينكما علاقة ، هل كنت تحبها أو معجب بها ؟
ابتسم لغيرتها الواضحة : لا ،لم تكن بيني وبينها أي علاقة بل كنت أعتبرها كنادين أخت أخرى لي ولكن لأنها يتيمة كنت أحنو عليها أكثر ، ولكن ندى فهمت الأمر بشكلٍ خاطئ .
ابتسمت بسعادة من تأكدها أنه لم يكن لها أي من مشاعره لتقفز واقفه وتقول : سأعد الحقائب وأنت نم قليلًا حتى تستطيع قيادة السيارة .
نظر لها وقال بضيق : تعالي نتفاهم أولًا ثم أفعل كل ما تريدينه .
سألت بتعجب: نتفاهم على ماذا ؟
شدها من يدها برفق: تعالي فقط ولنفعل كل شيء بالصباح .
***
استيقظت بالصباح على رنين هاتف ياسين العالي لتتأفف برقه : اف ، ياسين أغلق هاتفك فإن صوته مزعج .
رن الهاتف ثانيةً لتقول بضجر : ياسين ، أغلق رنين الهاتف فهو يزعجني .
رن الهاتف مرة أخرى لتفتح عينيها وتنظر حولها تعجبت أنه غير موجود بجانبها قفزت من الفراش لتبحث عن الهاتف
وجدته وهمت بالرد عليه لتراه خارجًا من دورة المياه بصدره العاري والمنشفة ملتفه حول خصره خجلت من مظهره لتخفض بصرها وقالت بارتباك وخديها موردين من الخجل : صباح الخير .
ابتسم بجاذبيه لها : صباح النور يا نور حياتي كلها .
أشارت له بيدها : هاتفك يرن وهو الذي أيقظني .
قال مازحًا وهو يقترب منها : سأستبدله لأنه مغفل ، أيقظك وحرمني من متعتي الصباحية فى مشاهدتك وأنتِ نائمة .
ابتسمت بخجل ووضعت الهاتف بيده لتهرب من بين ذراعيه
إلى دورة المياه ليبتسم بسعادة على خجلها رن الهاتف بيده ليبتسم باتساع : صباح الخير أستاذي
انقلب وجهه فجأة : ماذا ؟ متى حدث ؟
حسنًا سآتي مسرعًا ، الآن سأرتدي ملابسي وسأكون عندك حالًا ، نقل إلى المشفى ، أخبرني بأي مشفى هو
كيف هذا حدث ؟ حالا سأكون عندك
أغلق الهاتف وهو يشعر بارتباك وتوتر من الموقف لا يعلم كيف حدث هذا ولكنها مصيبة ، والأهم كيف سيخبرها إذا حدث لعمر شيء ، فهي لن تحتمل أن تفقد أحدًا آخرًا من عائلتها ارتدى ملابسه سريعًا ونزل ليقود سيارته بسرعه جنونية لم يعتدها وهو يدعو الله أن يكون الخبر خاطئ قابله احد العاملين بالموقع وهو يجهش بالبكاء ليسأله :
__ ماذا حدث ؟
بكى العامل بقوة : البقاء لله البشمهندس مات .
***

أحلامي المزعجة Where stories live. Discover now