الفصل العاشر

284 19 2
                                    


أتجه إلى غرفة أمه وطرق الباب بهدوء ودلف إلى الداخل
__ هل نمت أمي ؟
__ لا حبيبي تفضل .
تقدم إليها وقبل يدها ورأسها
__ اجلس ياسين أريد محادثتك
__ نعم أمي كلي آذان مصغيه.
__ أرى أنك سعيد
ابتسم :نعم المقابلة كانت جيده.
__ ألا تنوى أن تفرح قلبي بزواجك؟!
اتسعت ابتسامته : قريبًا يا أمي إن شاء الله.
نظرت إليه بدهشه ممزوجة بفرح : حقًا ياسين ، متى؟
ضحك بخفه : عندما استقر على العروس سآتي إليكِ وأقول لكِ أني  أريد أن تخطبي لي أمي.
__ حسنًا سأتركك لتنتقي عروسك بنفسك وتعلم دائمًا أنه يوم المُنى لي يوم أن أخطب لك.
هز رأسه بسعادة : نعم أمي أعلم ، ها ما الموضوع الذى تريديني به؟
__ ما رأيك في العائلة التي التقينا بها في فرح ساره
__ أيهم ؟
__ عائلة المهندس عمر
__ اه ، أنهم عائله محترمه ومرموقة اجتماعيًا ، أنهم أحفاد اللواء إسماعيل عبدالرحمن صديق بي ، تتذكريه ؟
__ اه طبعا أتذكره.
__ إنه جدهما من الأم.
__ إن نهى وعمرو أشادا بهما أيضًا وعمرو أشاد أيضًا بأهل خطيبة عمر.
__ اه ، لما تسألي أمي؟
__ أريد أن أخطب نور ليوسف
فتح عينيه من الصدمة وتحشرج صوته: ماذا تقولين أمي ؟
__ ألم تسمعني ؟
أريد أن أخطب نور ليوسف ، لقد شعرت أنه يعاملها بطريقه مختلفة عن الأخريات من الممكن أنه يحبها فهي كانت زميله له في الجامعة ، فهو أصر أن أتعرف عليها وعلى عائلتها ولا تنسى إصراره على الحصول على باقة الورود واهداءها لها غير أن سنهما متقاربًا وأكيد أنهما متفاهمان فهما زميلان في الدراسة والعمل
امتقع وجهه وهو يتذكر حديث يوسف عنها وطريقة معاملته لها ورنت كلماته منذ قليل عن العمل والشركة حينها ضحك عليه لم يثمن كلماته ولم يعطها أهميه الآن يفهمها أنه مشتاق لنور سعيد بالعمل لأنه سيراها
نبهته أمه : ياسين أنت لا تسمعني !
رمش بعينيه وهو يرسم على شفتيه ابتسامه باهته :معك أمي ، أنا معك
__ حسنًا ما رأيك؟
رد بهدوء وتعب: لا أعرف أمي، افعلي ما يحلو لك
قام لينصرف إلى غرفته بخطوات ثقيلة وهو يشعر أن قلبه هوى بين رجليه فزادهم ثقلًا كان يشعر منذ قليل أنه يحلق في سماء السعادة ليصحو من حلمه ويرتطم بأرض الواقع المرير ، لا يستطيع أن يكسر قلب أخيه أو يسرق سعادته وحبه القديم
كلمات أمه ترن بإذنيه فتزيده ألمًا وتجعله يعيش في كابوس جديد ، ولكنه كابوس من أرض الواقع سيضطر للتعامل معه كل يوم وهو يرى نظرات الحب بينها وبين أخيه ، في تصرفات أخيه ومعاملته لها ، في ابتسامتها الدافئة وضحكاتها مع أخيه ،كيف سيتعامل معها بعد أن تصبح مِلكًا لأخيه قلبًا وعقلًا وجسدًا رمى جسد على الفراش بإهمال بعد أن أنهكه تفكيره وهو يشعر بتعب شديد أنه يشعر بقلبه يشتعل وجوفه النيران تعبث به لتزيده سقمًا ، يريد أن يصرخ ولكنه لا يستطيع أن يفعل أي شيء متعب ومنهك للنخاع وأمامه ليالي كثيره سيقضيها جسد بلا روح في كابوس من أرض الواقع .


******
تجلس في حديقة منزلها أمام حوض زهورها المفضل في جو ربيعي ، نسمات الهواء تتخلل شعرها فيتطاير من حول وجهها ، رأت إحدى الفراشات تطير حولها مظهرها خلاب هب الهواء مرة أخرى جعل شعرها يطير أكثر ويجعلها تحرك رأسها في سعادة واستمتاع ، فالجو جميل والهواء عليل هب الهواء مرة أخرى بقوة أكبر محملًا بالأتربة فأغمضت عينيها لتفتحها وتجد السماء تحولت إلى اللون الأحمر والفراشة الطائرة احترقت أمامها مما ادى إلى انزعاجها واضطرابها فهذا التحول المفاجئ أخافها حولت نظرها إلى حوض الورود فرأت الفراشة المحترقة تسقط به لتضرم فيه النيران وتتركه مشتعلًا هو الآخر ، هبت واقفه والخوف بعينيها غير قادرة على الصراخ دارت بصرها إلى الحديقة لتجد النيران تعبث بجوانبها ركضت هاربه من النيران التي تلم ما حولها لتتعثر وتسقط بصرخة مدويه
__ نور ،نور ما بك؟
فتحت عينها بصعوبة فوجدت  عمر يجلس على ركبتيه أرضًا بجانبها ، نظرت حولها خائفة ولكنها زفرت بقوة وهي تكتشف  سقوطها على  أرضية غرفتها وعمر ينظر إليها والخوف يطل من عينيه
ربت على خدها بخفه : نور أنتِ بخير ؟!
هزت رأسها إيجابًا
__نور أرجوكِ اجيبيني ، ما بكِ ؟ لم كنتِ تصرخين؟!
ردت بصعوبة : لا شيء ، مجرد حلم لا أكثر ولا أقل.
نظر إليها محاولًا الدخول إلى رأسها ليتنهد قائلًا : إذًا ، قومي ستتأخرين على عملك .
أومأت بتفهم ونهضت بصعوبة من الأرض وهى تشعر بالانزعاج من حلمها ، فهي لا تستطيع تفسيره ولكن رؤية حديقة منزلها جعلتها تشعر بالخوف على أخيها الوحيد و سدنها و المتبقي من عائلتها
رن المنبه بإزعاج ليجعلها تنتبه إلى الوقت فقامت لتجهز وتذهب إلى العمل .

*******
استيقظ على صوت أمه وهى تناديه
__ ياسين أفق بنى ، إن الساعة تجاوزت الثامنة.
فتح عينيه وهو لا يستطيع الرؤية: أمي
__ نعم حبيبي، استيقظ ستتأخر على الشركة .
لا يستطيع الوقوف إنه نام البارحة بعد الفجر، بعدما تعب من كثرة التفكير
سألته أمه : لم نمت بملابسك؟
تذكر ملابسه فلم يستطع أن ينهض من مكانه ليغير ملابسه ويرتدى إحدى مناماته ليتنهد بضيق : لا شيء أمي .
__ هل أنت متعب يا ياسين ؟
__ لا أمي ، شكرًا لك لإيقاظي .
أدركت من لهجته أنه يريد الانفراد بنفسه، فقامت لتنصرف بهدوء
وقفت على باب الغرفة :ياسين أنا أنتظرك لتتناول معي الفطور .
__ لا أمي ، لن أستطيع تناول الفطور فقد تأخرت بما فيه الكفاية اليوم ، سأرتدى ملابسي وأذهب إلى الشركة على الفور.
هزت رأسها وهى تخرج من الغرفة ، لقد تأكدت أنه ليس على ما يرام فهو مختلف عن البارحة كليًا ، شعرت بالخوف عليه وفكرت في الاستعانة بنهى فهي أقربهم إليه ومن تستطيع الكلام معه ومعرفة ما به.
تنهد بتعب بعد خروج أمه من الغرفة وجر نفسه من الفراش ليقف أمام المرآه ينظر إلى ملابسه التي انتقاها البارحة بعنايه شديدة ، لتندفع الأحداث في ذاكرته كالشلال ، نفض رأسه من الأفكار وحاول السيطرة على مشاعره ، وهو يؤكد لنفسه أنها لا تناسبه فهي حب أخيه وهو لن يستطيع كسر قلب أخيه.

*******
بعد أن أوصلها عمر إلى الشركة صعدت درجات السلم بهدوء لم تستخدم المصعد فهي تحاول تفريغ شحنة التوتر المسيطر عليها من الحلم المزعج الذى تعرضت له دخلت إلى المكتب بهدوء لتستقبلها سناء باسمه
__ صباح الخير نور، كيف حالك ؟
ردت بهدوء :صباح النور ، بخير الحمد لله
__ نور ما بك ؟ وجهك واضح عليه الشحوب .
__ لم أنم جيدًا
__ آها إذن سأوصى لكِ بكوب من القهوة لتبدئي يومك .
أخذت تفكر في معنى الحلم إلى أن رأت يوسف بوجهه الضاحك يقف مستندًا على الباب بكتفه
__ صباح الخير على نور الشمس الساطع .
ابتسمت بتوتر: صباح الخير يوسف .
تقدم الى الداخل : ما بك ؟ وجهك شاحب كالأموات !
__ لا شيء ولكنى متعبه قليلًا .
__ تريدين أي مساعدة
__لا أشكرك .
__ ابتسم بهدوء : نور أنتِ غاضبه منى أليس كذلك؟
__ لا لماذا تقول ذلك؟
اتسعت ابتسامته : لأنك تجيبيني من بين أسنانك.
__ يوسف أنا متعبه ولا قدرة لي على النقاش .
تقدم ليجلس على الكرسي الموضوع أمام مكتبها : إذًا أنتِ بالفعل غاضبه .
__ لن أستطيع التخلص منك أليس كذلك؟
رد بهزه من رأسه وابتسامته تزداد : هيا قولي لما أنتِ غاضبه؟
__ أنا لست غاضبه ولكنى مستاءه منك ، فأنت لم تخبرني أنك أخ المهندس ياسين .
ضحك : لم أرد أن تتعاملين معي بطريقة مختلفة وتتخذي منى موقفًا إذا علمتِ أنني من أصحاب الشركة .
رددت بذهول : أصحاب الشركة .
__ نعم إنها شركة والدنا رحمة الله عليه .
__ رحمة الله عليه ، إذًا يا أستاذ لماذا لا تشغل منصبًا إداريًا مرموقًا
__ لأن أخي العزيز يؤمن بارتقاء السلم درجة درجة .
ابتسمت بإعجاب فهي تكتشف صفه جديدة مميزة في ياسين تجعلها تشعر بأنه فريد من نوعه
__ ها ألا زلتِ غاضبة؟
__قلت لك من قبل أنا لست غاضبه .
ضحك : حسنًا يا آنسه لست غاضبه كرر كلمته مقلدًا صوتها
ضحكت على مزحته : أليس لديك عمل تقوم به ؟
__ اه أنتِ تطردينني .
__ لا لكنى متعجبة من تسكعك هنا وهناك !
__ إن أخي العزيز لم يأتي بعد ، تصوري منذ بداية عمله لم يتأخر ولا مرة عن موعده.
سألته بلهفه : أهو مريض؟ كان البارحة على ما يرام .
نظر لها بدهشه وقال مبتسمًا : البارحة ، أين رأيته البارحة؟!
__ اه نعم ، كان عندنا بالمنزل ليتفق مع عمر على عمل أو شيء من هذا القبيل ،وتناولنا العشاء معًا .
رفع حاجبيه مدهوشًا فهو آخر مكان كان يتوقع عودة أخيه منه مفعم بهذه الكميه من السعادة ليتذكر المشهد الذى رآه في حفل الزفاف بينه وبين نور عندما كانت أمه تسلم على السيدة خالده لتتسع ابتسامته وهو يعلم من الذى سرقت قلب أخيه
دخلت سناء وهى تحمل أكواب القهوة :لقد جئت بالقهوة .
لتردف : أهلًا أهلًا بالعضو الخاص بمكتب مديرنا العظيم
ضحك بصوت عالٍ : أهلًا بك مدام سناء.
__ ماذا تفعل هنا ؟
مد يده ليأخذ إحدى الأكواب : لي نصيب بهذه القهوة
ليردف بأدب : شكرًا لكِ يا أستاذه سناء على منحتك الجميلة جاءت في وقتها
ضحكت سناء : حسنًا اذهب إلى مكتبك الآن حتى لا يأتي السيد عبد العزيز ويحيل نهارنا جحيمًا
وضعت الكوب الآخر أمام نور لترفع لها رأسها : وأنتِ سناء ؟
__ لا تقلقي سأقول لعم صابر أن يأتيني بكوب آخر بدلًا من الكوب الذى استولى عليه يوسف بك .
جلجلت ضحكته في المكتب ليقول وهو يقلد صوت يوسف وهبي: هل تشبهيني بيوسف بك وهبي .
ضحكت نور على اثر ما قاله ليعم الصمت عليهم جميعًا وهم ينظرون إليه واقف أمامهم بطوله الفارع والضيق ظاهر على ملامحه .

*****

دخل إلى مقر الشركة و ركب المصعد وعند أول توقف له خرج منه شارد الذهن فهو يفكر مليًا فيما سيحدث وكيف سيكون موقفه من التي ستصبح زوجة أخيه ،رنت الكلمة في رأسه ليشعر بقلبه يتمزق سيخبر أمه أنه يحبها .. تنهد بقوة وهو يعلم أنه لن يستطيع فهو لن يسمح بكسر قلب أخيه حتى لو مات من الألم أفاق من شروده على صوت يوسف الضاحك وضحكتها الجميلة تنطلق من إحدى المكاتب ليكتشف أنه في طابق الشئون القانونية شعر بأن رأسه سينفجر من الصداع الذي خيم عليه عند رؤية يوسف يتوسط المكان وهى تتكلم معه وتضحك على ما يقوله بعذوبه وجمال لتصمت عند رؤيته وتقف باضطراب
نظر لها مطولًا ، فهو يودعها  .. يودع حلمه الذى مات وليدًا
نقل عيناه إلى أخيه ليقول بهدوء : ماذا تفعل هنا يوسف؟
تنحنح يوسف فوجهه لا يبشر بالخير ويظهر عليه الإرهاق : لا شيء ، سأذهب إلى مكتبي الآن.
التفت إلى سناء : أين السيد عبدالعزيز ؟
__ نظرت إلى ساعتها لتجدها تجاوزت التاسعة تلعثمت : أنه لم يأت إلى الآن؟
رفع حاجبه: سأذهب لأسال السكرتيرة .
خرجت من الغرفة مسرعة لينقل نظره إلى يوسف ليخرج هو الآخر من الغرفة متجهًا إلى مكتبه
تقف خلف مكتبها منتظرة أن يكلمها إلى أن شعرت بنظراته تحرقها رفعت عينيها إليه مستفسرة ، لترتعد من نظراته "، التي لم تكن دافئة كما توقعت وكما رأتها من قبل سواء البارحة أو في السيارة بل كانت باردة قاتمه ويشوبها الكثير من الحزن راعها التعب الواضح عليه لتقول له برقتها المعهودة : تفضل اجلس إلى أن تأتى الاستاذة سناء .
انتبه أنها تكلمه ليضيق عيناه فلم يستمع إلى ما قالته ليقول بحده: ماذا تقولين ؟
تلعثمت وهى تعيد ما قالته: تفضل بالجلوس إلى أن تأتى السيدة سناء .
نطق باقتضاب : شكرًا لا أريد الجلوس .
نظر إليها نظرة أخيرة ليوليها ظهرة ويغادر الغرفة تاركًا إياها  في حيرة من أمرها

*****

غادر مسرعًا وهو في عاصفة من مشاعره المتضاربة لا يستطيع الابتعاد عنها ولا يستطيع الاقتراب منها  فهي أصبحت كالتفاحة المحرمة يشتهيها ولا يستطيع تذوقها ، أراد أن يعود لها فهي احتلت كيانه وتفكيره تنهد ليوبخ نفسه على طريقة معاملته لأخية ، فهو لم يستطع السيطرة على الغيرة وهى تنهشه عند رؤيته بقربها تمنى أن يكون في مكان أخيه ليتكلم معه وتضحك على نكاته ولكن من الظاهر أنها امنية صعبة المنال
دخل إلى مكتبه دون القاء التحية على السيدة عبير رفعت عيناها والدهشة ترتسم على وجهها لتلتفت إلى يوسف
__ ما به ؟ لما هو غاضب؟
ابتسم بهدوء: لا أعلم ، إنه كان يسال عن السيد عبدالعزيز .
تمتمت بخوف : أعاننا الله.
أتاها صوته جافًا آمرًا من جهاز الاستدعاء
__ اطلبي السيد عبد العزيز ليأتيني حالًا ، وأبلغي الأستاذ يوسف أني أريده.
__ سيدى البريد هل آتى به إليك؟
__ ليس الآن.
رفعت عينيها ليهز رأسه موافقًا ليتقدم إلى مكتب ياسين وهى تردد : أعاننا الله.
*****
رفع نظره إلى أخيه و قال آمرًا بحده : اجلس .
نفذ يوسف الأمر على الفور ليكمل ياسين : ألم اقل لك من قبل ان تدع مشاعرك جانبًا ووقت العمل أعطيه بأكمله إلى عملك ؟
نظر إليه يوسف بتعجب وعقد حاجبيه بتفكير وردد كلمته : مشاعري ، عفوًا لا أفهم ، ما الذى تقصده؟
نظر له نظرة ثاقبه : يوسف ، لن أكرر كلامي مرة أخرى لا أريد رؤيتك تتسكع هنا وهناك
قال الجملة الأخيرة وهو يشير إليه بيده في أنحاء الغرفة
اجلس بمكتبك والتزم بعملك، مفهوم.
ردد يوسف بهدوء: مفهوم .
__ ستذهب الآن للإتفاق على مناقصة بناء المجمع التجاري مع المهندس طارق والسيد عبد العزيز.
يوسف أريدك انت من يضع العقود فالسيد عبد العزيز سيكون إلى جانبك فقط ، وخذ حذرك فأنا غير مستريح لهذا العمل.
__ حاضر ياسين ، لا تقلق
نظر له مؤنبًا ليرد بهدوء :حاضر يا أستاذ ياسين
أي أوامر أخرى.
__ لأستطيع الانصراف.
أتاه صوت السيدة عبير : المهندس طارق سيدى .
__ سيقابله الأستاذ يوسف
نادى أخاه : يوسف فلتقابله أنت.
__ حسنًا ، بعد إذنك.

*****
واقفه في مكانها متسمرة لا تستطيع الحركة مشتتة الذهن محتارة من أمرها تحدث نفسها : ماذا حدث له؟
حدسها ينبئها بشيء حدث معه ولكنها لا تعلم ما هو
دخلت سناء وأخذت تتكلم معها و هي لا ترد عليها نظراتها مثبته مكان وقفته
هزتها سناء بخفة : نور ما بك ؟ أنا أكلمك!
انتبهت لترمش بعينيها أكثر من مرة : آسفة سناء ، ماذا تقولين ؟ لم أسمعك.
__ السيد عبد العزيز لم يأت إلى الآن ،وأنا لا أعرف ماذا أفعل ، فهذا المهندس الصغير كالديك الرومي المعتد بنفسه ماذا سيفعل إذا علم ؟
__ أين السكرتيرة؟
__ غير موجوده هي الأخرى.
__ أبلغي مكتبه بأن السيد عبد العزيز لم يأت بعد
انتهت من جملتها لترى السيد عبد العزيز بالردهة خارج المكتب لتهتف لسناء الممسكة بالهاتف
__ لقد وصل السيد عبد العزيز.
وقفت سناء لتخرج إليه : سيدى المهندس ياسين سأل عليك.
تقدم السيد عبد العزيز إلي داخل المكتب
__ صباح الخير يا سيدى .
ضحك بخفة : صباح النور يا نور ، هل أنهيت العقود التي طلبتها منك يوم الخميس
__ أنهيتها سيدى ، ولكن يوجد جزء صغير خاص بالمواصفات سيادتك قلت أنه لابد من أخذ رأى المهندس ياسين به .
__ حسنا احضري العقود واتبعيني.
__ حاضر سيدى.
حضرت العقود وسارت برفقة السيد عبد العزيز إلى مكتبه القابع بالدور العلوي وهى تتناقش معه في بنود العقد
تقدمها السيد عبدالعزيز ليحي السيدة عبير
__ صباح الخير عبير ،كيف حالك اليوم ؟
__ صباح النور يا أستاذ ،أين أنت ؟ أنه يبحث عنك ، أنا بخير الحمد لله ولكنه ليس على ما يرام فهو غاضب ووجهه متجهم ولا أعرف ما به .
تنهد السيد عبد العزيز : أشكرك لإبلاغي .
واقفه نور بينهما مندهشة من الحديث الدائر وهى تفكر إذن هو غاضب من الجميع ليس هي بالتحديد
انتبهت إليها عبير: أهلًا بك ،من أنتِ؟
أجابها الأستاذ عبد العزيز : أنها الأستاذة نور محامية لدينا بالإدارة ، السيدة عبير مديرة مكتب المهندس ياسين والسكرتيرة الخاصة به أيضًا
__ أهلًا وسهلًا أنرتِ الشركة
ابتسمت نور: أهلًا بك سعيدة بمعرفتك والشركة منيرة بأهلها.
__ عبير أيوجد أحد بالداخل ؟
__ لا .
__ حسنًا ، من فضلك ابحثي عن المهندس طارق هو ويوسف وأبلغيهم أننى أريدهم هنا.
__ أنهما هنا بالفعل عند الأستاذ يوسف .
__ حسنًا سأنتظرهما بالداخل
هزت رأسها بنعم ليلتفت إلى نور: هيا بنيتي .

******
يجلس على مكتبه لا يستطيع التركيز و يشعر بالشياطين تقفز أمام عينية فمزاجه مقفول والصداع يسبب له الجنون أتاه صوت السيدة عبير :السيد عبد العزيز سيدى.
__ دعيه يتفضل .
تحامل على نفسه ووقف منتصبًا ليستقبل هذا الشخص العزيز على قلبه ويرحب به.
دخل السيد عبد العزيز ونور من خلفه ولكنه لم يلاحظها لصغر قامتها المخفاة وراء بنية جسد السيد عبد العزيز صافح السيد عبد العزيز بود ملحوظ وقال بلهجة هادئة : تفضل يا أستاذي.
__ كيف حال مديرنا الصغير ؟!
ضحك بهدوء حدثت نفسها أنها ضحكة فاترة لم تشعر بها ولم تمس حواسها ليس كضحكته الرائعة التي رنت بمنزلها
__بخير تفضل.
التفت إليها السيد عبد العزيز : تفضلي بنيتي.
رفع عينيه بسرعة ليرى من التي يكلمها السيد عبد العزيز ليفاجئ بحضورها الذى يجتاح كيانه واقفة بجوار الباب بهدوء ورقة مذيبه لمشاعره
__ الأستاذة نور هي من وضعت العقود وقلت من الأفضل  أن تقوم هي بمناقشتها وتفسيرها لك
هوى جالسا على كرسيه فلم يستطع هذه المرة السيطرة على أعصابه فإن كابوسه بدأ للتو رد وهو يحاول السيطرة على نفسه و صوته لتخرج كلماته مبعثرة : اه بالطبع ، بالتأكيد ، تفضلي قالها بنبرة منخفضة
تقدمت إلى داخل المكتب
ليفاجئ بدخول يوسف وطارق خلفها ليشب الحريق في جوفه وتستعر النيران في صدرة فلن يستطيع التعامل الآن مع مواقفها هي ويوسف
سلم كلا منهما على السيد عبد العزيز وياسين ليلتفت إليها طارق وهو يمد يده إليها
__ أهلًا بك أنا المهندس طارق هل أنتِ عملية لدى شركتنا؟
رد السيد عبد العزيز بضيق واضح : الأستاذة نور ، محامية بالشئون القانونية.
رفع حاجبيه بإعجاب: حقًا
أدار عيناه عليها من رأسها الى اخمص قدميها بتفحص : إن مستواكم في اختيار وتعيين الموظفات ارتقى إلى أعلى الدرجات.
نظرت آلية في حدة لتتجاهل يده المدودة لها ليردف :تشرفت بمعرفتك نور.
رفعت إليه حاجبها الأيمن في غضب من طريقته في تأملها لتتكلم من بين أسنانها : الأستاذة نور من فضلك .
كتم يوسف ضحكته فملامح ياسين لا تبشر بالخير وتعلن عن انفجار بركاني قريب
أتاهم صوته حادًا آمرًا : اجلس أنت وهو بالخارج إلى أن أناقش هذه العقود مع الأستاذ عبد العزيز
قاطعه السيد عبد العزيز :لابد من وجودهما فالمهندس طارق هو من سيباشر أمر المناقصة والأستاذ يوسف سيستلم العقود وسيباشرها
زفر بضيق فهو لا يحتمل وجودها بجانب أخاه حتى يأتي هذا الطارق ويغازلها علنًا أمام عيناه
وافق على مضض حتى لا يلفت انتباههم
__ حسنًا لنجلس إلى الطاولة
أسرع طارق ليقدم الكرسي إلى نور لتشعر بغضب عارم يجتاحها من وقاحته و تنظر إليه غاضبة
السيد عبد العزيز : تعالى بنيتي اجلسي بجانبي
تجاوزته لتجلس بجانب السيد عبد العزيز ليكتم يوسف ضحكته مرة أخرى ويجلس بالكرسي الذى يمسك به طارق ويقول هازئًا: أشكرك طارق على تهذيبك وأخلاقك الراقية.
ضرب ياسين يده على الطاولة بحدة ويقول بصوت هادر: ألن ننتهى من لعب الأطفال هذا ، اجلسا
ارتعدت نور من غضبة الكاسح ووجهه المنتفخ من الغضب ،وكادت أن تضحك على وجهيهما وهما مرتعبان منه خيم الصمت على الغرفة ليسيطر على أعصابه قليلًا : تفضل يا أستاذي .
التفت إليها عبد العزيز : تفضلي يا نور اشرحي العقد وبنوده
بدأت نور في الكلام بصوتها الجميل الهادئ في شرح العقود بمنطقيه وذكاء وهو ينظر إليها متعجبًا ومبهورًا بها
بدأ يوسف يتناقش معها في بعض البنود باحترافية ومهنية بحته ليتوصلا إلى بعض البنود الجديدة وأخيرًا إلى شكل جديد من العقود ليهتف السيد عبد العزيز : هذا نموذج ممتاز نستطيع العمل به الآن ولاحقًا أيضًا ، ما رأيك يا ياسين؟
__ أنه ممتاز بالفعل .
عبد العزيز : هل ألممت بالمواصفات المطلوبة يا طارق؟
__ نعم بالطبع .
__ إذن فلنتفضل نحن .
قام من مكانه هو ونور ليساله ياسين : ألن تذهب معهما أستاذي ؟
__ لا إن الاستاذ يوسف لا يحتاجني معه فسيصل إلى اتفاق أفضل من اتفاقي معهم هز رأسه متفهمًا وواثقًا أيضًا من أخيه فمناقشته مع نور أثبتت إليه تفوق أخيه وأنه يستطيع الاعتماد عليه
لملمت أوراقها لتهم بالانصراف
اقترب منها يوسف : العقود ممتازة نور ، أنتِ بارعه حقًا.
ابتسمت بهدوء : شكرًا لك ، سأذهب إلى مكتبي .
__ حسنًا أعدى العقود الجديدة وآتى بها إلى المهندس ياسين ليمضيها .
__ حاضر همت بالانصراف
ليعترض طريقها : ألن تسلمي علي ؟
نظرت إليه باشمئزاز واستياء واضح لتتخطى جسده وتنصرف بخطوات حادة من الغرفة
انفجر ضاحكًا فلم يستطع هذه المرة التماسك ابتسم السيد عبد العزيز برضى : سأنصرف أنا ياسين .
غادر الغرفة ليتبقى هو معهما ، لا يطيق النظر إليهما سواء أخيه أو طارق و خصوصًا هذا الأخير فهو يشعر بأنه يريد الانتقام منه على وقاحته معها ومغازلته لها أمامه
هتف طارق مبهورًا :من هذه الحسناء ، أنت تعرفها يوسف أليس كذلك؟
ضحك يوسف : نعم إنها زميلتي من أيام الجامعة والآن تعمل بالشركة.
__ لقد لاحظت أنها تعمل معنا بالشركة ، أريد أن أعرف من هي؟
رد بهدوء والابتسامة ترتسم على شفتيه : أنها ليست من نوعك المفضل .
ابتسم بثقة : سأكون أنا من نوعها المفضل .
يراقب حديثهما الدائر وهو يشعر بحرارته تزيد وعقله يصل إلى درجة الغليان إلى أن استمع الى جملة طارق الأخيرة المملؤة بالثقة لم يستطع الصمت أكثر من ذلك ليقول بغضب : طارق ، لن أسمح لك بممارسة أسلوبك هذا بالشركة التزم حدود الأدب من فضلك .
__ ياسين ألم تراها ؟ أنها جميلة جدًا ، لا أستطيع منع نفسى من الاقتراب منها .
ضم كفيه بغضب وهو يكتم غضبة ، انتظر أن يهب يوسف في وجه طارق ويمنعه من هذا الحديث ليجد ابتسامة يوسف الدائمة مرسومة على شفتيه وينطق في هدوء: لن تسمح لك هي بالاقتراب، فلا تحرج نفسك معها.
كاد أن يجن من أخيه وبروده فهو يكاد أن يقتل طارق وهو يرد علية بهدوء وابتسامة وكأن الأمر لا يعنيه
نطق بصعوبة : حسنًا ،انتهينا من هذا الموضوع طارق لا تدعني أحذرك ثانيةً ، هيا اذهبا حتى لا تتأخرا على الموعد.
__ حسنًا ، سأعود لأعلمك بما حدث.
__ حسنًا سأنتظرك.
انصرفا ليتركاه في حيرة من امره يفكر فيما حدث أمامه وهدوء يوسف العجيب وبرودة لم يلاحظ على وجهه أي معالم للغضب من طارق أو أيًا من ملامح الغيرة التي تؤجج صدرة ، أمعقول أنه لا يحبها واستنتاج أمه خاطئ استعاد الحديث الذى دار بينه وبين أمه البارحة لم تأتى على ذكر أنها رغبة يوسف فكر قليلًا ليمسك الهاتف بسرعة ويتصل بأمه: السلام عليكم .
__ وعليكم السلام حبيبي، كيف حالك ؟ لم يعجبني حالك في الصباح .
__ أنا بخير الحمد لله ، أمي أريد سؤالك عن موضوع خطبة يوسف .
__ تفضل ما به ؟
__ سأقابل عمر وأريد أن أعلم هل يوسف تكلم معك بهذا الشأن لأتفق مع عمر ؟
__لا ياسين فأنا سأتكلم مع أخاك أولًا و لكنني أنتظر الوقت المناسب.
__ إذن يوسف لم يقل لكِ أنه يريد أن يخطب نور.
__ لا .
__ حسنًا أمي سأتكلم أنا معه.
أغلق الهاتف مع والدته وهو يعتزم أن يفاتح أخاه في الموضوع ليتأكد من موقفه حيال نور وهل هي تهمه أم لا

********

دخلت إلى مكتبها كعاصفة هوجاء تجتاح كل ما في طريقها
سألتها سناء : ما بك ؟ لما أنتِ غاضبة؟
__ إنسان وقح
رفعت حاجبيها بدهشة وسألت باستنكار : من ؟المهندس ياسين !
ردت على الفور : لا طبعًا ، بل هذا المدعو طارق.
ضحكت سناء ضحكة طويلة لتنظر إليها مندهشة
قالت بضيق : ما الذى يضحكك ؟
ردت والضحك يتخلل صوتها : أنتِ التقيت بطارق؟
__ نعم ما المضحك في لقائي به !
__ لا يوجد شيء مضحك في لقائك به ، ولكنى أضحك لمعرفتي بسبب غضبك .
__ نعم ، ماذا تقصدي ؟
__أقصد أنه وقح بالفعل وخذي حذرك منه ،فهو لا يكل بسهولة وخصوصًا من الجميلات أمثالك.
تعجبت من تحذير سناء ، نفخت بضيق فما كان ينقصها إلا هذا الطارق لتبدأ بإعداد العقود الجديدة .

******
تتجول هي وبسنت في إحدى الأسواق ليرن هاتفها بنغمته المميزة لتبتسم بسعادة
ردت ليأتيها صوته مليء بالحب والشوق : السلام عليكِ يا حبيبتي كيف حالك؟ ماذا تفعلين؟
ردت مبتسمه : وعليكم السلام ،أنا بخير الحمد لله ، أتجول في الأسواق لشراء الجهاز.
__ حسنًا حبيبتي سأمر عليكِ في الثامنة مساءً استعدى لننزل لشراء الشبكة.
قالت بدلال: سأنتظرك .
__ علياء حبيبتي
احمرت خجلًا لتشعر بخجلها بسنت وتبتعد قليلًا ، قالت هامسة : نعم .
أجابها برقة : أوحشتني
تلعثمت لتقول : وأنت أيضًا.
رد بخبث : أنا ماذا؟
قالت بصوت منخفض : أوحشتني.
ضحك بسعادة: أحبك
ارتبكت: سأنتظرك لا تتأخر.
__ لا أستطيع أن أتأخر حبيبتي ، سلام .
أغلقت الهاتف لتجد بسنت تنظر إليها مبتسمة تأبطت ذراعها : أرى أنكِ أصلحتِ الأمور بينكما.
__ نعم ، نفذت نصيحتك
__ أتم الله  لكم بالخير ولا تأخذي منه موقفًا بعد ذلك إلا بعد أن تتأكدي مما سمعتيه .
__ إن شاء الله سأفعل .
__ هيا لنكمل تسوقنا .

*****

جالسة على مكتبها منهمكة في إعداد النسخة الجديدة من العقود ليدخل عليها السيد عبد العزيز
__ ها يا أستاذة هل انتهيتِ ؟
__ نعم سيدي.
أخذ النسخة من بين يديها : حسنًا ،هذا جيد ،من فضلك اذهبي بها إلى ياسين ليمضيها ثم آتيني بها .
هزت رأسها موافقة لتأخذ الأوراق وتمضى إلى مكتبه وهي تفكر في أحواله المتقلبة واختلافه الجلي عن الشخص الذى تعامل معها برقة وتهذيب رائع قررت أن تسأله عن سبب تغيره فهو كما قال لها من قبل من المفترض أنهما صديقين إذن ستتصرف على هذا النحو ، حدثت نفسها ألا تكون متطفلة عليه في هذا الوضع
رد عقلها سريعًا لا أبدًا سأتعامل معه كما أتعامل مع يوسف أو عمر أو حتى علياء
سألت نفسها مرة أخرى لما هي مهتمة به وبأحواله
لترد سريعًا أنه صديقي وأنا من طبيعتي أن أهتم بأصدقائي وذكرت نفسها أنه من سعى لصداقتها فلا يوجد شيء مخجل بسؤالها عن أحواله
اكتشفت أنها تخطت غرفة مكتبه لتعود إليها مرة أخرى دخلت إلى مكتب السيدة عبير لتجده فارغًا وقفت قليلًا تسأل نفسها :ماذا تفعل الآن ؟
ما الضرر سأطرق الباب وأدخل أنا بها فأنا أحمل أوراق مهمة أريد امضائها
طرقت الباب بهدوء لم تجد ردا لتطرق بقبضات أكثر قوة ، لا يوجد رد تنهدت بترقب لتطرق الباب طرقات سريعة وتفتح الباب لتطل بعينيها إلى الداخل وتتأكد من عدم وجوده لكنها وجدته جالس على كرسيه الوثير وظهره إلى الباب ووجهه إلى النافذة كأنه ينظر منها إلا أنها تأكدت من شروده عندما خطت الى الداخل ولم يشعر بها
تنحنحت بقوة لتتكلم من بعدها بصوت عالٍ : ياسين
التفت وهو جالس بقوة على صوتها حتى كاد أن يقع أرضًا ليتمالك نفسه ويتمسك بالمكتب بقوة وينظر إليها في حدة
يجلس بهدوء يفكر كيف سيفاتح أخاه في موضوع الخطبة ، وماذا يفعل إذا كان يوسف بالفعل يريد أن يتزوجها انزعج من الفكرة بشدة لدرجة شعر أن دماؤه تفور وتغلى وعقلة سيصبح عجينه لينه من كثرة التفكير لم يستطع العمل اليوم ففكره مشغول بها فهي النور الذى اضاء حياته ليشعر بأحاسيس لم يختبرها من قبل لا يريد أن يتركها لكن أمام قلب أخيه سيرضى بالألم ولا يرضى أن يتحطم أخيه الصغير
استفاق على صوتها بنغمته المميزة تنطق اسمه بسهوله ويسر التفت بشدة حتى يتحقق أنه لا يحلم كاد أن يقع من قوة الالتفات ليشعر بالغضب من نفسه ،والتوتر يسيطر عليه جراء وقوفها أمامه بحضورها الذى يأخذ أنفاسه
أسرعت إليه تحاول إنقاذه من عدم الوقوع وهى تتمتم: آسفة ، لم أقصد اجفالك.
نظرته الحادة جعلتها تتسمر مكانها ، بدأت في شرح ما حدث وأنها لم تجد السيدة عبير وأنها أتت ليوقع العقود خرجت الكلمات غير مرتبه أمام نظرات عيناه الثاقبة لتنهى كلامها :وكنت أريد أن أبلغك أنى بالغرفة ،ولكن من الواضح أن صوتي كان عاليًا. خيم الصمت عليهما لفترة بعد أن انتهت من شرحها للموقف لم تستطع أن ترفع نظرها إليه تأملها بوضوح وهدوء يبتسم لإرباكها وحيائها مما فعلته ليقول آمرًا بصوت رخيم محبب : اجلسي .
رفعت نظرها بدهشة من نبرة صوته لتذهب وتجلس على الكرسي المقابل للمكتب
نهض بخفة ورشاقة وجلس أمامها على الكرسي المقابل ناولته الأوراق ليوقعها
أخذ الاوراق وقرأها بعناية فعلى الأقل  يبعد عقلة عن التفكير بها
تذكرت أنها تريد سؤاله عن سبب غضبه اليوم وتغيره في المعاملة معها
رفعت رأسها لتقول برقة لم تقصدها : ما بالك اليوم ؟
انتفض عقلة من سؤالها وذابت مشاعره من رقتها ليرفع نظره إليها بهدوء وشبه ابتسامة ترتسم على شفتيه
__ عفوًا ، لا أفهم قصدك تعمد الخبث في إدارة الحديث فهو يريد معرفة لما فكرت في السؤال عنه
__ أنت غاضب اليوم ، وأنا أسأل عن السبب ؟
__ لمَ تسألين ؟
ارتبكت :من المفترض أننا أصدقاء وأن نسأل عن أحوال بعضنا ، ألا تتذكر ؟
رمش بعينيه وقال ساخرًا : أصدقاء ، وهل تهتمين بكل أصدقائك هكذا ؟!
__ نعم ، فإذا لاحظت تغير أحد أصدقائي ، أسأله عن السبب ،وأنت كعمر أو يوسف .
توتر فكة بغضب عندما ساوته مع أخيها ، لتضرم النيران في صدره عند ذكرها ليوسف
رفع عيناه بغضب : سبب غضبى ليس من شأنك ، وتذكري يا آنسة أننا بالشركة وأنا المدير وأنتِ مجرد موظفة
أكمل جملته بلهجه حادة جافة جعلت البرودة تزحف من أطرافها إلى باقي جسدها
ليردف بحدة: مفهوم .
ردت برأسها موافقه والغضب يتملكها ، ناولها الأوراق ليقول آمرًا : تفضلي .
نهضت من مكانها وهى تصر على أسنانها وانطلقت خارجة من مكتبه والغضب يمتلكها مشت بسرعة وعقلها يلومها على ما فعلته والدموع تترقق بعينيها تمنعها من الرؤية الجيدة تشعر بألم شديد في صدرها لا تعرف مصدرة ، لأول مرة تشعر بأن روحها تنشطر إلى نصفيين
ارتطمت بجسد قوى لتغمض عينيها من الألم ، ثم فتحتها على صوت ذكوري رقيق : المعذرة سيدتي أنا آسف ، لم أراكِ .
فتحت عينيها بصعوبة لترمش برموشها مرة بعد أخرى ، لا تستطيع الكلام وتشعر بالدوار هزت رأسها حتى تفيق وترمي هذا الدوار الذي بدأ يخيم على رأسها
لتهوى أرضًا بين يدي هذا الشخص الغريب.
****

أحلامي المزعجة Kde žijí příběhy. Začni objevovat