الفصل الثاني والعشرون

434 68 9
                                    

"جهّزوا أمنياتكم؛ سِهام عرفة صائبة بإذن ﷲ."

ولا تنسونا من صالح دعائكم.
_____________

"شكرًا"
"21"

"أريد شُكرك؛ لأنك علمتني كيف لا أخوض معارك الخاسرة، وأن أتمتع بطعم الهزيمة، عندما أتوق للنصر!"
_____________

كانت تجلس علي أرضية، تحتضن ذاتها وتطالعه بشرود، لازالت تراقب جسده يرتجف، وتلك الرغوة البيضاء التي تخرج من فمه، أنه يُحتضر! أنه يتسلل من بين يديها كالمياة، لن تستطيع التمسك بيه أو حتي سجنه بين كفيها.

صرخات والدتها هزت الجدران، ولكنها أبت أن تسمع، أم أنها فقدت القدرة علي السماع؟ نظرت مجددًا لجسده الذي يرتجف وكأنه يتمسك بسلك كهربائي عاري؛ ليمسه من شروره ما يكفي.

نظرت لوالدتها التي تبكي وتنوح، لما تبكي تلك المرأة؟ أو ليس ذلك الراقد بمعذبها؟ أم أنها رغبة تلك التي تتواجد في كلاب؟ لا تقصد الوفاء، ولكن الكلب يرغب بمن يرشده! بمن يوجهه! لهذا يدين بالوفاء دائمًا لصاحبه، ليس لأنها شيمة فيه؛ بلا لأنه أعتاد علي ذل، والمهانة.

نظرت لوالدتها، ثم لجثة من يُدعي بأبها، وجدت جسده يرتفع من علي أرض، ويد تلتف حول خصره، نظرت لصاحب اليد لم يكن سوي يحيي الذي يحمل من الفزع ما يكفي، هل يحيي أيضًا أصابه داء الكلاب؟

لما لا تشعر بشئ؟ لما لا تشعر بأي مشاعر؟ لما فقدت القدرة علي سمع؟ لما لم تعد تري بصورة جيدة؟ تذكر بأنها خضعت لعملية جراحية لتحسين بصرها؛ لتستطيع الاستغناء عن خدمات نظارتها اللعينة.

ولكن الأمر بداخلها، أنها تتحرر، أنها تتحرر من داءها، لقد ثارت! وأصبحت حره، ولكن لما لا تشعر بلذة الإنتصار؟ هل فقدت حاسة التذوق ايضًا؟ هل هي مُصابة بمرض ما؟

بدأت التساؤلات تلتف حولها كحبل مشنقة، وها هو الجلاد يقترب ليدفع بالكرسي التي تقف عليه، ليطوح الكرسي، ويتطوح جسدها معه، شعور بالإختناق قد بدأ يتسلل لها ليحاصر روحها بين طيات الخوف، والشك.

ولكن شعرت بسهم يخترق حبل المشنقة؛ لينقطع، ليسقط جسدها علي أرضية منصة الإعدام، لتنظر لصاحب السهم الذي وضع يديه علي كتفها، وهو ينادي بتوتر وتخبط لا يقل عنها قائلًا:

_ رؤية..

نظرت رؤية ليحيي، لتجده علي وشك البكاء، لتنظر حولها، كيف ومتي وأي وسيلة حملتها إلي هنا؟ كيف أتت إلي مستشفى مجددًا حيث تركت أحمد؟ نظرت ليحيي بتوهان، لتجده يحاوط وجهها وينظر في عينيها مُباشرة قائلًا بتشجيع:

_ هيكون كويس

نظرت له بتشكك في كلماته، ولكن لما تلومه فما عسي أن يقول في تلك الأوقات العصيبة؟ منذ الصغر وهو يتحمل ما يثقل جثمانه بالهموم، تشفق عليه، كيف له تربي بين طيات أب ثائر أهوج مجرم، وأم طائشة لا تفكر في عواقب أفعالها، تعلم أنه صار يمقت الزواج، والنساء، والرجال، وجميع دواب التي تسير على الأرض.

لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن "'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن