الفصل الرابع

865 106 1
                                    

"خطبة"
"4"

"هناك بعض الأشخاص تمر بداخلهم و كأنك دلفت إلي جحر وحش، لتستمع لصوت نجدات تستغيث بداخل الجحر، يمكنك الهرب خوفًا، و يمكن الثابت و مساندة المستغيث خوفًا عليه"

    تجمد جسد جميع الحاضرين، صمت مُطبق يرن في صفوف وكأنه علي وشك ارشادهم إلي الجنون، نظرات رؤية المعلقة بأحمد وهي لا ترفعها عنه، اي وَهم يتحدث عنه ذلك؟ هي في مقام خطيبته! كيف حدث ذلك؟ ومتي؟

     لتنظر جهة الأوجه المحيطة تحاول إكتشاف ان ما تفوه بيه احمد لتوه سوي خرافات لا تُذكر، ولكن الوجوه فقط كانت جامده، سرعان ما رأت البسمة سعيدة ترتسم علي أوجه كل من شقيقتها ووالدتها، هل تلك من أثر صدمتهم؟ أم هم علي علم بذلك بالفعل؟

    اغمضت رؤية عينيها وهي تجاهد لكي تنتفس تشعر و كأن احدهم قد أطبق حجارة فوق صدرها، لتغور عينيها بالدموع ويعجز لسانها عن الحديث، لتنظر جهة احمد علي أمل تكذيب تلك الحمقات ولكن لا شئ، فكان احمد و كعادته ياخذ جانبًا يؤنب ذاته علي تسرعه و تدخله بينهم، كعادته الدائمة أنه دائم التردد و التشكك.

     ليتحدث محمد و اخيرًا وهو يوجه حديثه بقسوة لاذعة قائلًا:
_ ملكش حكم تقول اعمل اي و مش اعمل اي مع بنتي طول ما هي لا خطيبتك ولا مراتك في العلن.

     ليخرج احمد من دوامته تلك علي صوت محمد القاسي، شعر برغبة عارمة بضربه بقسوة وقوة وتخلي عن أخلاقه وقيمه التي تجبره علي احترام ذلك العجوز الحقير.

   ليردف احمد بهدوء و رزانة قد عرف بها دائمًا قائلًا:
_ وانا بجدد طلبي من تاني يا عمي.. بطلب القرب منكم في بنتك رؤية علي سنة اللّٰه ورسوله.

   لينظر جهة رؤية للمره الاولى في عينيها، ليجد النظرة التي طلما قد قهرته دومًا، نظرة أنكسار كانت قد شكلت لوحة من البؤس في أعين رؤية و كانت دموعها فرشاة الألوان التي قد زينتها ببريق حزين كسراج منكسر يجاهد ليبقي مضيئ.
  
    اخذت بسمة ساخرة ترتسم علي وجه رؤية، هي من ظنت احمد شقيقها الواعظ اوهكذا ظنت فأحمد مثله مثل باقي الرجال، يراها كسلعة تباع وتشتري تحت مسمي زواج دون حب دون عاطفة، فقط عبودية تحت مسمي حقوق الزوج وواجبات الزوجة.
   
   هكذا تناطحت تلك الأفكار في رأس رؤية الصغير، لتشعر بدوار شديد، لتنعزل عن عالم وعن اصوات من حولها وتأخذ مسارها جهة غرفتها، لتغلق باب خلفها تاركة خلفها صراعًا من عادات وتقاليد التي تتم في تلك المناسبات تحت شعار نحن نشتري رجل.

   لترتمي رؤية علي فراش محدقة بالسقف، لتتساقط دموعها واحده تلو الآخري حتي في اسوء كوابيسها، لم تعتقد يومًا أنها سوف يتم بيعها بتلك الطريقة المخزية، لتكور ذاتها و تنفجر في بكاء طويلًا تاركة كل شئ خلفها، سامحة لدموعها لتعبير عن مدي بؤسها.

     في الخارج كانت أعين احمد مُعلقة علي باب غرفتها، التي تخفت محبوبته أمام عينيه خلفه، لتترك خياله يشرد عن حالها الآن، هل تظن بيه سوء؟ هل تراها الآن يشبه محمد والدها؟ هل تراها بشخص سيئ يطمع بها؟ و غيره من تساؤلات تناطحت في رأسه.
    
   رغب بأن يقوم بسحب عرضه بالزواج ذلك ولا أن تغضب منه آنسته الصغيرة الغالية كما يناديها دائمًا، خوفًا منه ان بناديها بإسمها فيخدش صوته الأجش رقة أسمها.
  
   ليغمض عينيه بضيق و هو يستمع لصوت محمد يقتحم خواطره، ليردف محمد مدعي الخجل:
_طبعا انت عارف يا بني احنا بنشتري راجل.. و حال زي ما انت شايف إلي جاي علي قد إلي رايح..

لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن "'Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum