الفصل الثاني عشر

681 87 2
                                    

"أرحل"

"12"

"صدي كلماتها لازال يتردد بداخلي، وهي تقول: أرحل فقربك لا يُطاق، فلتحزن؛ فالشوق لك نارًا خُلقت للأحتراق."
__________

أغمضت رؤية عينيها بصدمة لا تطيق النظر إليه هو في تلك الحالة، لا تطيق النظر لعينيه منكسرة رغم بسمته الباردة، وجهه... قد تشوه تمامًا تلك البقعة الأرجوانية تستوطن خده الأيسر بأكمله وصول للجبهته.

وكأنها شمس الغروب قد سكنت طيات وجهه البائس، لا داعي لتلك التشبيهات تبقي شمس غروب حارقة حتي أن فتن بها الحبيب والمشتاق، تبقي حارقة حتي وأن كانت حانية علي فراء هره، تبقي حارقة حتي وأن كانت لطيفة علي عينين، تبقي حارقة دائمًا وأبدًا.

شعر أحمد بنيران تستوطن قلبه، أعمض عينيه وهو يذكر تلك اللحظات التي فقد بها الوعي شعور بقطرات مياه تتساقط علي وجهه، الذي قام بتعيرته لأمداد زيدان بالأكسجين اللازم، ليسقط مغشي عليه لتسلسل المياة كيميائية الحارقة، التي كانت متساقطة من أحدي أنابيب المصنع التي تم هلاكها بفضل الحريق، لتسلل بخبث مستغلة تعرية وجهه وفقدانه الوعي؛ لوجهه لتحرقه مخبرة أيها، أن لا تتوقع الآلام من أعداءك فقط، فلتذكر أن عنصر مفاجأة سلاح القدر الأقوي.

أبتسم بسمة قد حاول بها التخفيف عبئ الهم علي قلبها قبل قلبه، ولكن محاولته باتت بالفشل، ليبدأ بالحديث ممازحًا أيها وهويضع القناع طبي مجددًا قائلًا:

_ حادث بسيط في مصنع كان تعويض كبير عربية وكمان خلوني مدير التنفيذي لمصنع إلي في مصر بالتحديد في القاهرة

رفعت رؤية بصرها له للحظات حاولت منع دموعها من هبوط بصعوبة قد نجحت، حركت عينيها بعيدًا عنه بتشتت لتردف بنبرة حاولت أخراجها بإعتيادية:

_أتمني لك السعادة... بس أنتِ بتقولي كلام دا ليه؟

نظر لها للحظات ثم أردف بنبرة لامبالاية جعلتها تشتعل بنيران الغيظ، قائلًا:

_ أحنا مش أطفال يا آنسة رؤية... أحنا كبار بما فيه الكفاية أنا بكل بساطة جاي أحط نقط علي حروف وأعرف أذا كانت علاقتنا.....

تبخرت كلماته من علي طرف ثغره، لتلقي رؤية دبلة ذهبية في وجهه وهي تنهض بعنفوان وغضب، طفح الكيل منه ومن أساليبه الملتوية، فليذهب هو حبه للجحيم السابع.

لم يرمش له جفن حتي أنه لم يكلف ذاته العناء للركض خلفها وأصلاح ما أفسده، رأها تهرول من أمامه تجر خيبة رجائه بيه، ومن عودتهم التي باتت مستحيلة.

أعادة خصلات شعره للخلف، ليغمض عينيه بضيق، لينهض من موضعه هو يضع الحساب علي طاولة، مقرر العودة للقاهرة ومباشرة أعماله، فلا عمل مع تلك الأنثي ذات الكبرياء اللاذع، فلم تعد آنسته الغالية تلك المراهقة التي تداري خيبة آمالها وكسرتها بالبكاء، صارت أقوي وأفضل وأقسي وهذا الذي طلما أرداه؛ حتي وأن كان بعيدًا عنه.

لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن "'Where stories live. Discover now