الفصل الواحد والعشرون

419 75 1
                                    

"أنا الغالية"
"21"

"أنا الغالية، أبنة الغالية، حفيدة الغالية التي أنجبتك يا أبي"

______________________

كانت تجري في ممرات كالمجنونة، لا تصدق ما أخبرتها بيه الممرضة المكلفة برعاية أحمد، قد أستفاق! يا اللّٰه وأن كان ذلك حلم فلا تجعلها تستفيق منه؛ فقد تمزق قلبها بما يكفي.

لم تهتم لنظرات الجميع التي تحاوطها بغرابة، فقد عاد أحمد، عاد المغترب إلي أراضي وطنها من جديد، يا اللّٰه فلتحفظه لها حتي يحدد الحلال لقاء لهم.

وصلت واخيرًا لغرفته، تنفست الصعداء؛ في محاولة بائسة لضبط نبضات قلبها الثائر، وكأنه أن أستمر هكذا سيخترق قفصها الصدري.

فتحت الباب لتقع عينيها مباشرة عليه، وهو مستلقي علي فراش مغلق العينين، خده الأيسر يحمل تلك البقعة التي صارت محببة لنفسها كثيرًا.

أقتربت منه خطوة، أثنتين، ثلاث، حتي وصلت لفراشه، لم تتخذ المقعد وسيلة للجلوس، فضلت الجلوس بجوار أرضية الفراش.

لتنفجر في بكاء، لم تكلف نفسها في خفض من حدة شهقاتها، بلي زاد نحيبها، ما أن شعرت بحركته، وبحركة أحبال صوته وهو ينادي يردد قائلًا:

_ آنستي الغالية..

ليصمت ثم يكمل بوهن:

_ لا تبكي؛ دموعك غالية كأسمك.

نهضت من علي أرضية، وجلست علي مقعد مقابل له، تبسم وجهها ما أن رأته يبتسم برضا لها، لا تعلم لما يبتسم لها هكذا؟ ولكنها لم تهتم، الأهم أنه بخير.

رغبت في مشاركته البكاء، ورغبت في مشاركته الحزن قبل الفرح، رغبت بالبوح له بكل شئ.

أن تبرر حماقتها السابقة، أن تخبره عن مرارة فراقه، أن تخبره عن مرارة فشلها في تحصيل حلمها للإلتحاق بالجامعة التي رغبت.

أن تخبره عن مرارة أعراض الأنسحاب من ذنبها، ونظرات الشامتة لفشلها، وعن مرارة الأيام التي كانت بيها وحيدة في بلدة لا تعرف بيها أحد، تخبره عن صعوبة تقبلها لذاتها.

ولكن ودت لو تخبره بتلك الليلة التي زارها في منامها، يحثها علي تقرب من اللّٰه هو يردد في أذنها "لستن بخطيئات آنستي الغالية.. لستن بخطيئات".

فشلت في بداية بتقبل أمر عدم كونها خطيئة، لكن ومع تكرار زيارة أحمد في منامها حتي وجدت اليقين يتخلل جميع أوصالها، لتبدأ بالنظر للأمام، لتعتصم، لتتقي اللّٰه فيما تفعل، وتبدأ بوضع أهدافها.. ستكن ناجحة لأجله.. لأجل راجلها.. لأجل أحمد.

نظرت له ليتبادل معها نظرات طويلًا، لم يشعر بذاته وهو يتخلي عن كل شئ للحظات، يرغب أن يضمها لصدره، ويخبرها أنه عاد لأجلها، لم يكن لديه أحد سواها، أنه هنا لأجلها.. لأجل آنسته الغالية.

لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن "'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن