الفصل السادس عشر

Start from the beginning
                                    

_ يا ختي واحده وعارفه مصلحتها فين.. دور باقي عليكم وأنتم ناس ماتت وحيت وأنتم لسه زي بيت وقف

كانت ستلقي في وجهه كلماتها حادة، تعبر عن أنها لم يعد هناك واصلًا بينها وبين ذلك القابع أمامها، أضحي غريبًا لا تعرفه، ليسرق أحمد منها الحديث قائلًا بثبات:

_ ودا شئ يخصنا أحنا..  محدش له حق يدخل.. كل تأجيله وفيها خير

نظرت رؤية لحديث أحمد بسخرية، وكأنه يتحدث عن علاقة سائرة يغلفها الحياء والأحترام، لقد دهسها ومر من فوقها دون يزفر دمعة واحدة، حسنًا وأن رغبت بمراوغة فلك ذلك، لتردد رؤية بسخرية مبطنة:

_ آه طبعًا كلام أحمد صح.. احنا مستنين لحد ما..

ولكن قاطعها سعال والدها الذي يشبه الطقطقة، وهو يردد ببرود:

_ لحد ما تعنسي أنتِ وهو.. خلاص أنا رجعت وكل حاجه تمشي.. طبعًا لو كان فرقلكم أنا..

لينهض من موضعه يتجه صوب غرفته، وكأنه يحتمي بها قبل أن يقوم بتهجم ضاربًا علي تلك الشمطاء الصغيرة، التي أخذت تحتمي بذلك المتحاذق، ولكن صبرًا فلن يتركها هكذا دون عقاب.

نظرت رؤية في أثر والدها بشرود، لتستمع لأحمد يهم برحيل، كان يحيي سوف يرافقه، ولكن استوقفته رؤية؛ تخبره أن يستريح سترافقه هي، كان سيذهب ولكن نادته رؤية بغضب، لم يراه، ولكن شعر بيه من نبرتها الحادة:

_ أنتَ عاوز أيه بالضبط؟!.. لو كاتب علي هبلي بقا يبقي دا حوار تاني..

نظر لها أحمد بتمعن لحركات يديها الثائرة، وتنفسها العالي، كل شئ ينبض، بأنها في حيرة وجنون من أمره، قطع تلك اللحظات ثقال صوت أحمد هادئ وهو يردد:

_ مش ناوي علي هبلك يا سيادة المُعيدة.. كل حكاية أنه مكنش ينفع أقوله انهارده في حالة غضبه منك خبر زي دا.. كان ممكن يتصرف تصرف طايش

_ أهمك أنا اوي يعني

هكذا اردفت رؤية بعتاب ونبرة مرتجفة؛ وكأنها تكابح رغبتها في بكاء، مقت هو ذلك ضعف المستكين في نبرة صوتها، لما هذا العذاب بحق اللّٰه؟ ماذا ترغب تلك الصغيرة؟ أترغب قربه أم بعده؟ لم يعد يفهم شئ، ولكن عذرًا آنستي فلم يعد قلبي بحمل هم اخر، فكفي أيتها الصغيرة!

تركها ورحل معلقًا إجابته عن سؤالها، وكأنه لم يسمع، تمازحه تلك؟ وأن لم يهتم لأمرها بمن يهتم؟ لعنة الله عليها، وعلي قلبه، الذي يردد بداخله قائلًا بنبرة حانية:

"وأن عادت معتذرة، فيا أهلًا وسهلًا بها، لفتحت لها حصون قلبي، وأرسلت جيوشي؛ لتفك أسر عقل، ويعود مجنون بها، وأن كانت هي قوات أحتلال تسعي لدمار، فلن أقاوم؛ فعينيها سلاحًا يُصعب مجابهته"

أغلقت الباب بعنف، وهي تنتفس الصعداء، نزعت نقابها وخمارها لتخمد نيرانها بعض شئ، ذلك المتحاذق يظنها ستركض خلفه، فليذهب للجحيم.

لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن "'Where stories live. Discover now