الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅

By ManalSalem175

6.2M 249K 29.6K

كتب والدها وصية سرية قبل وفاته، وحين كُشف النقاب عنها أدركت أنها تمتلك عائلة أخرى، لا تعرف عنهم شيئًا، انتقلت... More

الإهداء - تنويه بمواعيد النشر
المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر -الجزء الأول
الفصل الحادي عشر - الجزء الثاني
الفصل الثاني عشر - الجزء الأول
الفصل الثاني عشر - الجزء الثاني
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون - الجزء الأول
تنويه صغير - تم التعديل
الفصل الثاني والعشرون - الجزء الثاني
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون - الجزء الأول
الفصل التاسع والعشرون - الجزء الثاني
الفصل الثلاثون
الفصل الحادي والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
الفصل الأربعون
الفصل الحادي والأربعون
الفصل الثاني والأربعون -الجزء الأول
الفصل الثاني والأربعون - الجزء الثاني
الفصل الثالث والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
الخامس والأربعون
الفصل السادس والأربعون
الفصل السابع والأربعون
الفصل الثامن والأربعون
الفصل التاسع والأربعون - الجزء الأول
الفصل التاسع والأربعون - الجزء الثاني
الفصل الخمسون
الفصل الحادي والخمسون
الفصل الثاني والخمسون
الفصل الثالث والخمسون
الفصل الرابع والخمسون
الفصل الخامس والخمسون
الفصل السادس والخمسون
الفصل السابع والخمسون
الفصل الثامن والخمسون
الفصل التاسع والخمسون
الفصل الستون
الفصل الحادي والستون
الفصل الثاني والستون
الفصل الرابع والستون - الجزء الأول
الفصل الرابع والستون - الجزء الثاني
الفصل الخامس والستون
الفصل السادس والستون
الفصل السابع والستون
الفصل الثامن والستون
الفصل التاسع والستون
الفصل السبعون
الفصل الحادي والسبعون
الفصل الثاني والسبعون - الجزء الأول
الفصل الثاني والسبعون - الجزء الثاني
الفصل الثالث والسبعون - الجزء الأول
الفصل الثالث والسبعون - الجزء الثاني
الفصل الرابع والسبعون - الجزء الأول
الفصل الرابع والسبعون - الجزء الثاني
الفصل الخامس والسبعون - الجزء الأول
الفصل الخامس والسبعون - الجزء الثاني
الفصل السادس والسبعون
الفصل السابع والسبعون - الجزء الأول
الفصل السابع والسبعون - الجزء الأول
الفصل السابع والسبعون - الجزء الثاني
الفصل الثامن والسبعون
الفصل الثامن والسبعون
الفصل التاسع والسبعون
الفصل الثمانون
الفصل الحادي والثمانون
الفصل الثاني والثمانون
الفصل الثالث والثمانون
الفصل الرابع والثمانون
الفصل الخامس والثمانون
تنويه بعودة النشر...
الفصل السادس والثمانون
الفصل السابع والثمانون
الفصل الثامن والثمانون - الجزء الأول
الفصل الثامن والثمانون ( الجزء الثاني)
الفصل التاسع والثمانون
الفصل التسعون
الفصل الحادي والتسعون
الفصل الثاني والتسعون
الفصل الثالث والتسعون
الفصل الرابع والتسعون
الفصل الخامس والتسعون - الأخير - الجزء الأول
الفصل الخامس والتسعون - الجزء الثاني - الأخير
الفصل الخامس والتسعون - الأخير - الجزء الثالث
الفصل الخامس والتسعون - الأخير- الجزء الرابع والأخير

الفصل الثالث والستون

48.8K 2.2K 236
By ManalSalem175

فصل استثنائي

الفصل الثالث والستون:

بتجهم واضح على تعابيرها المتصلبة دومًا اتجهت صوبهما، خاصة حينما رأت بصحبتهما رجلًا غريبًا وعائلته.

لم يكن الأمر بحاجة إلى فطنة أو ذكاء خارق لتخمين السبب.

تغنجت بجسدها واضعة يدها على منتصف خصرها، ثم نظرت لهما شزرًا قبل أن تنفرج شفتيها لتصرخ بتهكم:

-أهلا بنسايب الهم والندامة!

ارتفع حاجبي لبني للأعلى حينما رأتها قبالتها، وسريعًا ما حل الوجوم الممزوج بالسخط على نظراتها.

هتفت بصدمة:

-إنتي؟!

رمقتهما نيرمين باحتقار وهي تتابع بوقاحة فظة:

-ها، ده عريس الغفلة الجديد، لأ عرفتوا توقعوا صح المرادي!

صاحت بها "شاهندة" بعصبية:

-جرى ايه يا بت انتي، لمي نفسك يا مصدية بدل ما....

قاطعتها نيرمين صارخة بانفعال متعمد وهي تلوح بذراعها في الهواء بحركات مستفزة:

-مصدية مين يا مقشفة، يا .....، ده احنا دافنينه سوا يا حيلتها!

حدق الرجل بغرابة في أوجه ثلاثتهن، لم يعرف بماذا يرد، فقد كان مدهوشًا بما يحدث حوله.

ردت عليها لبنى مهددة:

-وعزة جلال الله يا بنت الـ...... يا ....... لو ما اطرقتي من هنا، لأجيبك زي زمان تحت رجلي و....

قاطعتها نيرمين صائحة بحدة:

-اللسان الزفت مافيش أسهل منه

تحركت لبنى خطوة نحوها محاولة الاشتباك معها بالأيدي هاتفة بتشنج:

-انتي ناقصة رباية من يومك و....

دفعتها نيرمين من يديها وهي تكركر ضاحكة لتثير أعصابها بطريقة مستفزة، ثم وجهت حديثها للرجل الذي كان يتابع الموقف باندهاش عجيب قائلة:

-انفد بجلد يا أخ، دول عيلة سو، وربنا إنت أمك دعيالك عشان شوفتني النهاردة، العالم دول ولاد تيت، هيسفوا دمك!

انفجرت فيها لبنى بوابل لاذع من السباب النابي، لكن لم يردع نيرمين هذا عن مخططها الانتقامي، فتابعت قائلة بامتعاض:

-شايف البكابورت اللي طالع من بؤها، واسمها حماتك، دي حُمى بعيد عنك!

دنت منه مشيرة بيدها:

-اخلع منهم أحسنلك، خدها مني كلمة، ده أنا كنت معشراهم بقالي سنين

ردت عليها شاهندة بصراخ حاد:

-أخويا كان عنده حق يطلق واحدة زيك مالهاش ظابط ولا رابط، ده انتي تكفري العاقل يا .....!

أضافت لبنى بوعيد شرس:

-ما بقاش أنا أم حاتم يا بنت عواطف إن ما دفعت تمن ده غالي!

ضحكت نيرمين عاليًا لتزيد من حنقهما، ثم تمايلت بميوعة بجسدها وهي تضيف:

-كان زمان وجبر! احنا نحب نخدم بردك!

أولتهما ظهرها وهي تبتسم بتشفٍ عظيم، شعرت بأن نيرانها المستعرة قد هدأت قليلًا، ردت إليهما جزءًا مما يستحقان.

تنفست بعمق وهي تتجه عائدة إلى محل الصائغ.

..........................

رغم اعتراضه عليه إلا أنه اضطر أن يرضخ مجبرًا لرغبتها، لكن هذا لم يمنعه عن التفكير في شيء أخر.

هو راقب جيدًا نظراتها المتطلعة للمصوغات الذهبية، وجاهد لمعرفة متى تتلألأ حدقتاها بنظرات مشرقة، ومتى تنظر بفتور لها حتى يتمكن من اختيار هديته المناسبة.

وبجدية هادئة استطرد حديثه قائلًا:

استنوني في العربية، وأنا هحاسب الأستاذ وأحصلكم

ابتسمت عواطف قائلة بسعادة:

-ماشي يا سي منذر!

ثم ربتت على ظهر ابنة أخيها متابعة بلطف:

-بينا يا أسيف

اكتفت الأخيرة بالإيماء برأسها، وتحركت معها إلى خـــارج محل الصائغ.

مـــال منذر على صاحب المحل قائلًا بخفوت جاد:

-دلوقتي عاوزك تجيبلي الحاجات اللي هاشاورلك عليهم، وتلفهم في علبة محترمة عشان العروسة

توهجت عيناي الصائغ بوميض متحمس وهو يرد:

-تمام يا باشا، أحلى حاجة للهانم!

التوى ثغره للجانب قائلًا باقتضاب:

-ماشي!

باهتمام واضح بدأ في اختيار ما انجذبت إليه حبيبته عله يسعدها بطريقة أو بأخرى.

.......................................

لاحقًا، أوصلهن منذر إلى المنزل مؤكدًا على قدومه بصحبة عائلته مساءً للتقدم رسميًا بخطبتها - حتى وإن كانت زائفة - فقد أراد اتباع الأعراف والتقاليد.

وبالطبع لم تدخر عواطف وسعها في ترتيب المنزل وتجهيزه لاستقبال ضيوفها اليوم.

فالليلة مميزة للغاية، وهي تريد الاحتفال بها فهي فرصة طيبة لتطرق الفرحة باب منزلها.

هتفت بنشاط:

-يالا أوام يا نيرمين، عاوزين نمسح الصالة و....

التفتت بوجهها المتجهم نحوها مقاطعة بسخط:

-ارحميني يا أمي، وسطي مقطوم من صباحية ربنا!

تعقد وجه والدتها صائحة بانزعاج:

-هو انتي عملتي حاجة؟ ده أنا اللي بيشيل وبمسح، مجاتش من نص ساعة احتجتلك فيها!

ردت عليها نيرمين بتبرم ملوحة بيدها:

-أنا مش عارفة ليه قلبة البيت دي؟ هي أول واحدة تتنيل تتخطب، ما أكم مليون غيرها ....

قاطعتها عواطف قائلة بحدة:

-خلاص، مش عاوزة منك حاجة، ربنا يديني الصحة! روحي لبنتك شوفيها!

زمت فمها رامقة والدتها بنظرات حادة، ثم أولتها ظهرها متجهة نحو غرفتها مبرطمة بكلمات ناقمة.

..................................

رفضت أسيف ارتداء أي ثياب مبهرجة رغم محاولات بسمة إقناعها بالعكس.

حركت رأسها بالنفي قائلة بإصرار:

-لأ، مش عاوزة!

ألحت عليها بسمة قائلة:

-دي قراية فاتحة، يعني المفروض تكوني شيك و...

قاطعتها أسيف قائلة بضجر:

-احنا فاهمين إنها أي كلام، يعني مالهاش لازمة التمثيلية دي!

أشارت لها ابنة عمتها بيدها متابعة باهتمام:

-ماشي، بس صدقيني هايبقى شكلك أحلى

اتجهت هي ناحية خزانة الملابس بخطوات شبه عرجاء لتعيرها إحدى ثيابها.

دققت النظر فيما تملك، ورغم محدودية الاختيارات، إلا أنها أثرت أن تعطيها أفضلهم.

التفتت ناحيتها جاذبة ثوبًا رقيقًا من اللون الزيتي مصنوع من قماش الساتان هاتفة بحماس:

-بصي بقى ده حلو خالص!

رمشت أسيف بعينيها مرددة بحرج:

-هو جميل والله، بس ... أنا...

اقتربت منها قائلة بعبوس مصطنع:

-عشان خاطري، يعني هاتكسفيني، يالا بقى!

ابتسمت مستسلمة وهي تحرك رأسها:

-ماشي! مش هازعلك!

تبدلت سريعًا ملامحها للحماسة والسعادة، وتابعت قائلة:

-أنا هاظبطك، متشليش هم!

..................................

ترجل من سيارته وهو في قمة أناقته، حيث ارتدى حلة جديدة سوداء ناثرًا عليها عطره الهاديء، ومن أسفلها قميصًا أبيض اللون، وتأكد من إكمال وجاهته بوضع رابطة عنق تحمل لون الحلة.

بدا كرجــال الأعمال في تلك الهيئة الكلاسيكية الرائعة.

سلط أنظاره للأعلى محدقًا في الشرفة العلوية، ومخرجًا من صدره تنهيدة حارة.

ها قد اقترب خطوة منها، حتى وإن كانت مؤقتة، لكنها حتمًا السبيل إليها.

استند دياب بمرفقه على سقف السيارة رافعًا حاجبه للأعلى ليبدي إعجابه وهو يقول:

-الشياكة ليها ناسها!

أخفض أخاه نظراته نحوه، وابتسم له قائلًا بصوت رخيم وهو يجذب ياقة سترته للأسفل:

-ها، ايه رأيك؟

مط دياب فمه للجانب هاتفًا:

-مافيش بعد كده!

حدق منذر في باقة الورد التي يحملها أخيه متساءلًا بفضول:

-انت جايب الورد ده لمين؟

ارتبك دياب لوهلة متعللًا:

-ده.. ده من الواد يحيى للأبلة بتاعته

جمد منذر أنظاره عليه قائلًا بعدم اقتناع:

-يحيى!

رد عليه دياب مبتسمًا ببلاهة:

-اه، أصل الواد مزوق زي أبوه!

صاح طه بجدية وهو يشير بعكازه:

-يالا يا شباب، مش هنتسامر كتير!

التفت منذر ناحيته مرددًا بابتسامة صغيرة:

-حاضر يا حاج!

تنحنح بعدها بخشونة طفيفة، ثم أشــار له بيده ليتحرك أولًا كنوع من الاحترام الشديد لشخصه، بينما تأبطت جليلة في ذراع ابنها دياب، وتهادت في خطواتها معه، في حين تسابقت أروى مع يحيى في الصعود على الدرج.

..................................

شعرت بدقات قلبها تتلاحق من توترها الواضح.

جف حلقها، ولأكثر من مرة ارتوت من المياه المسنودة على الكومود.

وضعت بسمة اللمسة الأخيرة على حجاب رأسها الذي فضلت أن يكون من اللون الذهبي ليتلاءم مع ثوبها.

رفعت سبابتها قائلة بانبهار:

-واو، شكلك جميل أوي!

استدارت أسيف برأسها نحو المرآة لتطالع وجهها الذي تحول للإشراق بفضل جهود ابنة عمتها.

رمشت بعينيها غير مصدقة أنها نفسها، هي لم تضع من قبل مثل تلك الكمية من مساحيق التجميل، بل على الأرجح لم تضع إلا أحمر الشفاه الرخيص وفي المناسبات الهامة فقط.

وضعت بسمة قبضتيها على كتفيها بعد أن وقفت خلفها، ثم سألتها باهتمام:

-أنفع يا قمر؟

أجابتها قائلة بحياء:

-هو أنا أقدر أتكلم! بجد انتي جميلة أوي! أنا.. مش عارفة أقولك ايه

-متقوليش حاجة، المهم تتبسطي النهاردة حتى لو شوية

-ربنا يقدرني وأردلك جميلك ده

-مافيش جمايل بينا! احنا بقينا اخوات، صح؟

-أيوه طبعًا.

تابعتهما خلسة من فتحة الباب المواربة وهي تتقد غيظًا من استحواذها على أختها.

استشاطت نظراتها، وشعرت بغلي الدماء في عروقها.

همست نيرمين لنفسها بنبرة مغلولة:

-والله لأعكنن عليكي، إنتي مش هاتخلصي مني بالساهل!

انتبهت لقرع الجرس، فتحركت متسللة متوارية عن الأنظار.

هتفت بسمة بابتسامة عريضة:

-الظاهر العريس جه، خليكي هنا شوية لحد ما نناديكي

انزعجت قسمات وجه أسيف هاتفة بضيق:

-بلاش نكبر الموضوع أوي، هو ....

وضعت الأخيرة إصبعها على شفتيها مقاطعة بجدية:

-ششش، هو كبر لوحده، المهم افردي وشك بس عشان الميك آب مش يبوظ!

ثم داعبت طرف أنفها بإصبعها، ونظرت لها بأعين لامعة قبل أن تجذبها نحوها لتحضنها بحنو صـــادق.

.................................

-يا أهلًا وسهلًا بالغاليين، شرفتونا!

قالتها عواطف بنبرة مرحبة للغاية وهي تفتح الباب على مصراعيه سامحة لضيوفها بالولوج للداخل.

رد عليها طه بخشونة هادئة:

-كتر خيرك يا عواطف!

اقتربت من جليلة لتحتضنها متابعة بسعادة:

-نورتيني يا ست جليلة، والله احنا زارنا النبي النهاردة!

ابتسمت لها مجاملة وهي ترد باقتضاب:

-تسلمي!

تساءلت أروى قائلة بمرح:

-مش هاتسلمي عليا أنا ويحيى يا طنط عواطف؟

انحنت بجسدها قليلًا نحوها، واحتضنت وجهها الطفولي براحتيها لتقبلها قائلة بود:

-ده السلام كله ليكي يا غالية يا بنت الغاليين!

ثم ضمت الصغير يحيى إلى صدرها لتقبله من جبينه هو الأخر.

تنحنح منذر بخشونة ليلفت انتباهها مازحًا:

-ومافيش اتفضل للعريس و...

قاطعته قائلة بحرج كبير:

-يا خبر أبيض، هو احنا نقدر، ده بيتك يا سي منذر، اتفضل.. اتفضل!

استقبلتهم في غرفة الصالون مبدية سعادتها الغامرة بقدومهم.

وبامتعاض مزعوج ولجت نيرمين إلى الداخل لترحب بهم.

بادلتها جليلة نظرات أسفة وشبه حزينة لعدم وقوع الاختيار عليها، كانت تتمنى أن تكون هي العروس المنشودة، لكن خاب رجاؤها، وفي نهاية المطاف القرار الأخير بيد ابنها البكري.

خرجت من شرودها المؤقت على هتاف عواطف القائل:

-اتفضلوا الحاجة الساقعة!

ظلت أنظاره معلقة بباب الغرفة مترقبًا ظهورها بين لحظة وأخرى.

لم يرغب في إضاعة فرصة أن يكون أول من تقع عليها عينيه.

انتبه لصوت أبيه الأجش وهو يتساءل بجدية:

-أومال العروسة فين؟ تقلانة ولا ...

أخفت عواطف ابتسامتها الحرجة بكف يدها وهي تجيبه:

-ما انت عارف البنات يا حاج طه، بيتكسفوا في المواضيع دي!

هز رأسه بتفهم، ثم ربت على فخذ ابنه متابعًا بنبرته الجادة:

-وماله، بس عريسنا عاوز يقول الكلمتين اللي عنده في وجودها!

ردت عليه عواطف بابتسامة متسعة للغاية:

-ثانية وهاتكون عندكم يا حاج!

رغم إدراكها أنها لا تشغل باله في تلك اللحظة إلا أنها لم تفقد الأمل، جمدت نرمين نظراتها عليه طامعة في التفاتة خاطفة منه نحوها.

كــــادت دقات قلبها تصم أذنيها من فرط الارتباك والتوتر.

ازدردت ريقها لأكثر من مرة وهي تقدم خطوة وتؤخر الأخرى، لم تشعر بمثل هذا الاضطراب المنفعل من قبل.

دعمتها بسمة في مشيتها، أو بالأحرى استندت عليها أثناء سيرها المتباطيء نحو غرفة الصالون.

استشعر فؤاده وجودها قبل أن يراها، فثبت أنظاره على الباب.

خفق بشدة حينما رأها تطل كالبدر في تمامه عليه.

لم يشعر بجسده وهو يهب واقفًا مستقبلًا حضرتها الآسرة بتلهف كبير.

التوى ثغر منذر للجانب مُشكلًا ابتسامة متشوقة، ولمعت نظراته ببريق الحب.

لم يختلف حال أخيه عنه كثيرًا، بل ربما أشد وطــأة منه، هو يحترق شوقًا بداخله، تبدلت تعابير وجهه للإشراق، ولم يكترث بافتضاح أمره، فالمهم الآن أن تشعر هي تحديدًا بما يكنه لها في قلبه.

هتف الحاج طه قائلًا وهو يضرب بعكازه الأرضية:

-تعالي يا عروستنا!

وضعت عواطف يدها على ظهرها لتدفعها نحو الداخل متابعة بنبرة مشجعة:

-خشي يا بنتي، سلمي على عمك الحاج طه، والست جليلة!

أطرقت رأسها في خجل وهي تتجه نحوه أولًا، ثم مدت يدها لمصافحته، وتحركت بحذر نحو جليلة لترحب بها.

رمقتها الأخيرة بنظرات شبه ضائقة، لكن بقي وجهها خاليًا من أي تعبيرات مزعوجة.

راقبتها أعين منذر، ومع كل خطوة تخطوها بقربه، كانت أنفاسه تتسارع، وحماسه يزداد.

استقر الجميع في مجلسه، وبدأ طـــه في إتمام مهمته بالتقدم لخطبتها.

سلط أنظاره عليها متساءلًا بصرامة:

-ها يا عروسة، ايه رأيك؟

فركت أسيف أصابعها بارتباك كبير، صمتت للحظات تفكر في الأمر، ورغم إعلانها موافقتها مسبقًا، إلا أن تنفيذ الأمر على أرض الواقع أصعب بكثير.

تصارعت الأفكار في رأسها، وتخبطت قرارتها، مازالت تخشى من تلك الإقدام عليها.

كانت أحلامها حول تلك الليلة مختلفة كليًا، فقد تمنت أن يكون والدها جالسًا بزهو في منزلها ومن حوله المعارف والأقرباء.

يبدي شروطه بإباء وثقة، فمن سينال درته المكنونة لابد أن يستحقها.

أما والدتها فكانت تحلم بها تزينها، تضع فوق حجاب رأسها تاجًا صغيرًا ليزيدها جمالًا.

لمعت عيناها تأثرًا، وسحبت نفسًا عميقًا لتضبط انفعالاتها قبل أن تبكي بلا تبرير.

طــال صمتها، وزاد قلقه، أوشك صبره على النفاذ من سكوتها المريب.

تجمدت عيناه عليها محاولًا سبر أغوار عقلها.

دومًا تفاجئه بتهورها، بقرارات عجيبة تصدمه.

للحظة ظن أنها ربما سترفض، وستتعمد إحراج عائلته، لكن تبددت أوهامه، حينما همست بنبرة شبه متلعثمة وقد اعتلت الحمرة وجهها:

-أنا.. انا موافقة!

تنفس الصعداء لموافقتها، وهتف غير مصدق:

-يبقى نقرى الفاتحة!

أيده والده قائلًا بابتسامة هادئة:

-وماله، على بركة الله، الفاتحة .. بسم الله الرحمن.....

كانت معظم الأوجه فرحة، أو على الأغلب راضية بتلك الخطبة، إلا وجهها تحول للإظلام، ونظراتها للقتامة.

كتمت حقدها في قلبها مجبرة، لكن وعيدها بالانتقام وتعكير الصفو بينهما لن يخبو أبدًا.

أطلقت عواطف زغاريد متعاقبة كتعبير رمزي عن فرحتها، وإعلانًا صريحًا عن وجود مناسبة سارة بأهل هذا المنزل، أعقبها هتاف جليلة:

-لبس عروستك الدبلة يا ابني!

أومــأ برأسه مرددًا:

-حاضر..

نهض من مكانه، ومد يده ليتناول العلبة الصغيرة الحمراء التي تحوي خاتمي الخطبة من والدته، ثم دنا من عروسه.

تنحت بسمة جانبًا مفسحة له المجال ليجلس على مقربة منها، ووقفت على الجانب تتابعهما بسعادة واضحة.

أخرج منذر الخاتم الخاص بها من العلبة، وأسبل عينيه نحوها قائلًا بهدوء:

-ايدك يا عروسة!

مدت يدها المرتجفة نحوه، وزادت رجفتها وهو يتلمس كفها محاولًا وضعه في إصبعها.

سحبت يدها للخلف مكملة إرتدائه، وتحاشت النظر نحوه تمامًا.

انتظر أن تفعل مثله، لكنها بقيت على جمودها، فمال عليها هامسًا بمرح:

-وأنا مش هالبس دبلتي ولا ايه؟ أنا معاكي في الخطوبة دي!

ابتسمت رغمًا عنها لتصرفها الأخرق، وتناولت منه خاتمه، ثم بإصبعين مرتعشين جاهدت لوضعه في إصبعه الغليظ.

ضغطت على شفتيها بقوة وهي تفعل هذا، فبدت كمن يقوم بعملية جراحية حساسة للغاية.

نظر لها مدهوشًا، لكنه لم ينكر استمتاعه بالأمر.

.................................

على الجانب الأخر، استغل دياب الفرصة للتودد إلى حبيبته، فاقترب منها بدرجة كبيرة حتى أوشك ذراعه على ملامسة ذراعها.

شعرت بسمة بالحرج من جرأته، فنظرت له بقوة، فابتسم لها بسخافة.

رفع فجــأة باقة الورد أمام وجهها دون أن يعلق، فسألته بغرابة:

-ده ليا؟

أجابها مازحًا:

-لأ للفازة، لاقيتها فاضية كده ومكتئبة فقولت أنعنشها!

انعقد ما بين حاجبيها بدرجة كبيرة، وردت عليه بعبوس قليل:

-حضرتك جاي تهزر!

رد عليها معاتبًا:

-هو في حضرتك بعد دش المياه إياه، فاكراه يا أبلة؟

توردت وجنتاها كليًا من تذكيره لها بذلك الموقف المشحون بينهما.

تابع قائلًا بابتسامة لطيفة:

-عمومًا احنا اتصفينا خلاص، والورد ده ليكي يا أبلة!

شعر بانجذاب بنطاله الرمادي للأسفل، فأخفض بصره ليجد صغيره ممسكًا به.

داعب دياب خصلات رأسه بكف يده بحنو أبوي واضح.

هتف يحيى ببراءة:

-سلامتك يا مس بسمة!

ردت عليه بنبرة رقيقة:

-الله يسلمك يا حبيبي

أشـــار الصغير نحو ساقها متساءلًا بفضول طبيعي:

-رجعلك بتوجعك يا مس؟

أجابته باقتضاب وهي تعض على شفتها السفلى:

-يعني.. شوية!

تابع الصغير مرددًا ببراءة وهو يوزع أنظاره بينهما:

-خلاص قولي لبابي يشيلك!

ارتفع حاجباها للأعلى في صدمة واضحة، وشهقت بصدمة خافتة:

-نعم

تفاجأ دياب هو الأخر من جملة ابنه، فوضع يده على فمه قائلًا بابتسامة حرجة:

-مسحوب من لسانه العفريت ده!

أبعد الصغير يحيى كف والده عن شفتيه ليوضح مقصده ببراءة:

-أنا لما رجلي بتوجعني بأقول لبابي ده وهو بيشلني على طول فمش بأحس بأي وجع، فانتي قوليله زيي!

رفعت بسمة أنظارها نحو والده لترمقه بحدة وهي ترد بسخرية طفيفة:

-لأ فيه الخير، حنين من يومه!

حك دياب مؤخرة رأسه مضيفًا بسذاجة مرحة:

-احم.. مش عارف الواد ده طالع غلباوي لمين، حاجة غريبة، أنا مش كده خالص!

ضاقت نظراتها نحوه حتى كادت تخترقه وهي تقول بجدية:

-انت هاتقولي!

.......................................

وقبل أن تفيق من حرجها الواضح أمام الجميع، اندهشت من إعلانه الصريح بنبرة ثابتة:

-دي بقى هديتي للعروسة، يا رب بس تعجبك!

حركت أسيف عينيها نحوه لتحدق فيه بعدم تصديق.

ابتسم لها منذر وهو يخرج تلك العلبة المغلفة من الحقيبة القماشية ليضعها أمامها.

أومــأ لها بعينيه متابعًا بهمس جاد:

-افتحيها يا عروسة!

تجهمت قسمات وجهها إلى حد كبير حينما رأت ما أهداها إياه؛ لقد انتقى لها من المشغولات الذهبية ما يخطف الألباب، ويذهب العقول.

شعرت بخفقان قوي في قلبها وهي ترى بريق ذلك الذهب الذي تتخطى قيمته الألوف بكثير، وما زاد من توترها هو تعمده اختيار تحديدًا ما أحبته من أشكال رقيقة.

حدقت فيه مرة أخرى بنظرات معاتبة، وقبل أن تحرك شفتيها لتعترض هتف بصرامة جادة:

-النبي قبل الهدية، وهدايا منذر حرب مش بتترد مهما حصل!

رمقها بنظرات أكثر شدة وصرامة ليمنعها من الرفض.

صفعة أخـــرى مهلكة تلقتها نيرمين على وجهها بعد تصرفه المفاجيء. لم يطرأ ببالها أن يقدم لها ذلك الكنز الثمين كهدية متواضعة لمجرد خطبتهما.

صرت على أسنانها بقوة حتى كادت تحطمهم من فرط غيظها المحتقن، فتلك التعيسة المعدمة حازت على الهيبة والمال معًا ..................................... !!

...............................................

ترقبوا صدور رواية #كلارا بمعرض القاهرة الدولي للكتاب

Continue Reading

You'll Also Like

656K 22.9K 42
"الرواية هتتعدل سرد وحوار، لكن المضمون والفكرة هتبقى زي ما هي، دي أول رواية ليا فمكنتش بالقدر الكافي من الجمال، وفيها أخطاء إملائية كتير". رؤية الما...
12.5K 655 46
تردد صوت صراخها ليصم الآذان و يعم أرجاء المكان وهى تهتف ساعدوني أرجوكم هلا يأتي أحد ليساعدني ،تحاول أن تبقى في مكانها ولا تسقط أكثر في هذه الحفرة الع...
41K 2.1K 23
تطلعت حولها في ذلك المكان المظلم ، وكان أول شيء وقعت عيناها عليه هو باب يشبه باب غرفتها تمامًا ، فركضت فورًا نحوه ودخلت ، وإذا بها تتصلب بأرضها كالأل...
2.8K 248 5
لم يكن أمامها سوى ذلك الخيار .... ستخبره أن يتزوج ... لا حل آخر أمامها غير ذلك ... ليتزوج بعلمها وموافقتها بدلا من إقدامه على ذلك دون علمها والأسوء ر...