الفصل الرابع والثلاثون :
واصلت سيرها الراكض مبتعدة عن ذلك الوجـــه المقلق الذي اعترض طريقها ليكتمل يومها البائس والمشحون بالكثير من الأحداث .
توقفت لأكثر من مرة لتلتقط أنفاسها اللاهثة ، وتلفتت حولها بخوف ، لم يكن في إثرها ، فتنهدت بعمق شاعرة بالإرتياح.
نظرت أسيف إلى رسغيها بنظرات متوترة ، فوجدت تلك الجروح البسيطة فيهما.
همست لنفسها بصوت متقطع ومتآلم :
-تعبت من كل حاجة !
اعتدلت في وقفتها ، وجابت بأنظارها المحال المتواجدة على مرمى بصرها.
لمحت بعينيها لافتة مضيئة مدون عليها " صيدلية الدكتورة فاطمة " ، فالتوى ثغرها بإبتسامة باهتة.
تحركت نحوها آملة أن تجد فيها علاجاً لتلك الخدوش قبل أن تتلوث ..
حمدت الله في نفسها أن الصيدلية كانت مفتوحة الأبواب ، فدفعت بابها برفق لتلج إلى الداخل.
وقعت عيناها على فتاة شابة ترتدي معطفاً أبيضاً ذات وجه قمحي بشوش ، ويزين رأسها حجاباً وقوراً ، فاقتربت منها قائلة بصوت مرتبك :
-لو سمحتي عندك آآ.. مطهر ولا دوا كده آآ...
قاطعتها فاطمة متساءلة بنبرة عملية :
-انتي عاوزة المطهر لإيه بالظبط ؟ يعني نضافة البيت ولا لجروح وآآ.. ؟
رفعت أسيف رسغيها للأعلى لتريها تلك الأثار البارزة وهبي تجيبها :
-لدول يا دكتورة ؟
مدت فاطمة كف يدها لتمسك بمعصمها ، وتفحصت جروحها البسيطة قائلة بتوجس :
-ده حصل من ايه ؟
ارتبكت أسيف أكثر ، وخشيت أن تجيبها بالسبب الحقيقي وراء إصابتها بتلك الخدوش حتى لا تسبب لها المشاكل ، فلا داعي لتزج بأي أحد فيما لا يخصه .
عضت على شفتها السفلى مرددة بصوت مرتجف :
-كنت .. كنت آآ.. بأروق الدكان فاتجرحت ومخدتش بالي !
هزت رأسها بتفهم ، وتابعت بجدية :
-أها .. طيب لحظة واحدة أجيبلك مطهر مناسب ، وهنحط عليهم بلاستر طبي يعني نضمن عدم تلوثهم
-ماشي
قالتها أسيف وهي تستند بمرفقيها على الطاولة الزجاجية الموضوع عليها علب الأدوية ..
كانت تشعر بدوار بسيط في رأسها ، وأنها غير قادرة على المحافظة على اتزانها ، فتشبثت بحافتها مانعة نفسها من السقوط..
أنت تقرأ
الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅
Romanceكتب والدها وصية سرية قبل وفاته، وحين كُشف النقاب عنها أدركت أنها تمتلك عائلة أخرى، لا تعرف عنهم شيئًا، انتقلت من بلدتها، إلى حيث تمكث العائلة، وكانت الصدمة التي غيرت من مسار حياتها كليًا .. رواية اجتماعية مستوحاة من الواقع .. تبث المشاعر الإنسانية ا...