الفصل الخامس والتسعون - الأخير- الجزء الرابع والأخير

102K 4K 1K
                                    


الفصل الخامس والتسعون (الأخير – الجزء الرابع والأخير):

عادت لتجلس بالسيارة مع عمتها وابنتها الكبرى ورضيعتها النائمة، احتلت المقعد الأمامي وبقيت أنظارها مثبتة على المدخل، لم تتوقف الاثنتان من خلفها عن الثرثرة الخاصة بأجواء الحفل، وظلت هي صامتة أغلب الوقت ترد بكلمات مقتضبة إن وجه إليها أي سؤال، لمحت منذر وهو يخرج منه بوجهه الخالي من التعبيرات، تأهبت في جلستها وتسارعت دقات قلبها، وعمدت إلى التطلع إلى وجهه بأعين متلألأة وكأنها تناديه بنداءٍ خفي، لكن خيب أملها بعدم النظر نحوها، استطرد هو حديثه قائلاً بصوت رخيم:

-معلش أخرتكم

ردت عليه عواطف بود وهي تهز رأسها:

-ولا يهمك يا ابني

نظرت له أسيف مجددًا برجاء لكنه تجاهلها وتطلع أمامه بنظرات جامدة، شعرت بوخزة أخرى في قلبها من ذلك الجفاء القاسي الذي يمارسه معها، ابتلعت غصة مريرة عالقة في حلقها مقاومة رغبتها في البكاء، أخرجها من تأملها الشارد فيه صوته الجاد حينما تابع:

-هاوصلكم ونروح على طول!

ردت عليه عواطف بابتسامة محببة:

-بأمر الله، ربنا يسلم طريقك، هانتعبك معانا

ابتسم مجاملاً:

-على ايه بس، ده واجبي!

أضافت مادحة بعفوية:

-ابن حلال الضاكتور نبيل!

تحفزت حواس منذر بضيق ملحوظ لمجرد ذكرها اسمه، لم يستطع إخفاء انزعاجه من الحديث عنه، فقد تسبب ذلك في حدوث جدال حاد مع زوجته والتي رأت بوضوح تلك التغييرات البائنة على قسماته المشدودة بعد تطرقها لشخصه، ضغط بأصابعه على المقود مانعًا نفسه من التفوه بحماقات أو حتى إظهار ضيقه، تابعت عواطف مسترسلة:

-ده فضل قاعد لأخر الفرح، كان مبسوط لبسمة ودياب و...

أغمض عينيه ليضبط انفعالاته ويحافظ على هدوئه الزائف طوال حديثها المزعج عنه، لكن وجهه تشنج أكثر عندما هتفت:

-ده حتى سأل عليكم

التفت عقب تلك الجملة إلى وجه أسيف التي كانت تطالعه بأعين لامعة، ورد بجمود مريب:

-اه واضح!

استشعرت تهديد خفي من كلماته المقتضبة، عمدت إلى تغيير مسار الحوار إلى شيء أخر كي لا يثير هذا الموضوع حنقه أكثر من ذلك، تنحنحت قائلة بنبرة شبه مهتزة:

-احم.. عمتي، حاولي تاخدي الدوا المسكن بتاعك عشان ضهرك، انتي تعبتي جامد النهاردة

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن