الفصل السادس والخمسون

47.3K 2K 428
                                    


الفصل السادس والخمسون:

وصــــل إلى منزله في حالة حزن شديدة، لا يعرف ما الذي أصابه ليبدو مكتئبًا بصورة مبالغة، لكن لأنها لمست قلبه وبعمق، استشعر بإحساس صـــادق خطورة فقدانها للأبد.

كان متجهمًا، عابسًا، وجهه محتقن، ونظراته مشوشة.

حدقت فيه والدته باندهاش مرتاب، وقبل أن تفتح فمها لتسأله عما حدث كان هو قد اتجه إلى غرفته مباشرة صافقًا الباب خلفه بعنف.

توجس قلبها خيفة أن يكون قد حدث مكروه ما فأصبح على تلك الحالة البائسة.

أسرعت خلفه هامسة بقلق:

-استرها يا رب، احنا مش حمل زعل ولا هم!

دقت الباب بخفة مستأذن بالدخول، لكن لم يأتيها صوته، فدفعتها غريزتها الأمومية للتحرك فورًا.

فتحت الباب بحذر، وأطلت برأسها محاولة رؤيته.

فوجدته متكومًا على نفسه ينتحب بأنين موجوع، وفي حالة انهيار.

لطمت على صدرها بهلع وهي تسأله بخوف:

-ايه اللي حصل يا دياب؟

لم يخفِ شهقاته أو حتى بكائه المرير عنها، بل ظل على وضعيته المحطمة أمامها مخرجًا ما يقتل صدره.

كان كمن انفطر قلبه على شيء غالٍ.

هي رأته من قبل على تلك الحالة، حينما اكتشف خداع زوجته له، فثارت ثائرت وأصبح قاب قوسين أو أدنى من ارتكاب الفظائع المهلكة.

ابتلعت ريقها بتوجس كبير، ثم أسرعت بغلق الباب وأوصدته عليهما.

ركضت جليلة مهرولة لتجلس على الفراش إلى جواره، ثم أمسكت به من كتفيه، ولفت ذراعيها حوله رافعة رأسه إلى صدرها.

ضمته إليها بحنو كبير محاولة التهوين عليه.

مسحت على جبينه برفق، و ربتت على كتفيه قائلة بصوت شبه مختنق:

-فيك ايه يا حبيبي؟ مين عامل فيك كده؟

أجابها بغموض من بين نحيبه:

-خايف تموت!

هوى قلبها في قدميها وهي تسأله بترقب شديد:

-مين دي؟

همس بأنين متوجع:

-بسمة!

انفرجت شفتاها في عدم تصديق، ابنها يتحدث عنها، لم يكابر في إخفاء سره، بل بــاح به وكأنه يزيح ذلك الثقل المهلك عن صدره.

ردت عليه بتلعثم:

-إنت.. إنت

تابع قائلًا ببكاء وهو يرفع عيناه في وجهها ليحدق بها:

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن