لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنه...

By SafaaEhab

26.5K 2.8K 235

" لا تَكْرَهوا البَناتِ ، فإنَّهنَّ المُؤْنِساتُ الغالياتُ " كل حقوق الفكرية و الكتابية محفوظة لدى كاتبة صفاء... More

المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع وعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع عشرون
الفصل الأخير
كلمة الكاتبة
إعلان
عن النوفيلا الجديدة

الفصل الواحد والعشرون

426 75 1
By SafaaEhab

"أنا الغالية"
"21"

"أنا الغالية، أبنة الغالية، حفيدة الغالية التي أنجبتك يا أبي"

______________________

كانت تجري في ممرات كالمجنونة، لا تصدق ما أخبرتها بيه الممرضة المكلفة برعاية أحمد، قد أستفاق! يا اللّٰه وأن كان ذلك حلم فلا تجعلها تستفيق منه؛ فقد تمزق قلبها بما يكفي.

لم تهتم لنظرات الجميع التي تحاوطها بغرابة، فقد عاد أحمد، عاد المغترب إلي أراضي وطنها من جديد، يا اللّٰه فلتحفظه لها حتي يحدد الحلال لقاء لهم.

وصلت واخيرًا لغرفته، تنفست الصعداء؛ في محاولة بائسة لضبط نبضات قلبها الثائر، وكأنه أن أستمر هكذا سيخترق قفصها الصدري.

فتحت الباب لتقع عينيها مباشرة عليه، وهو مستلقي علي فراش مغلق العينين، خده الأيسر يحمل تلك البقعة التي صارت محببة لنفسها كثيرًا.

أقتربت منه خطوة، أثنتين، ثلاث، حتي وصلت لفراشه، لم تتخذ المقعد وسيلة للجلوس، فضلت الجلوس بجوار أرضية الفراش.

لتنفجر في بكاء، لم تكلف نفسها في خفض من حدة شهقاتها، بلي زاد نحيبها، ما أن شعرت بحركته، وبحركة أحبال صوته وهو ينادي يردد قائلًا:

_ آنستي الغالية..

ليصمت ثم يكمل بوهن:

_ لا تبكي؛ دموعك غالية كأسمك.

نهضت من علي أرضية، وجلست علي مقعد مقابل له، تبسم وجهها ما أن رأته يبتسم برضا لها، لا تعلم لما يبتسم لها هكذا؟ ولكنها لم تهتم، الأهم أنه بخير.

رغبت في مشاركته البكاء، ورغبت في مشاركته الحزن قبل الفرح، رغبت بالبوح له بكل شئ.

أن تبرر حماقتها السابقة، أن تخبره عن مرارة فراقه، أن تخبره عن مرارة فشلها في تحصيل حلمها للإلتحاق بالجامعة التي رغبت.

أن تخبره عن مرارة أعراض الأنسحاب من ذنبها، ونظرات الشامتة لفشلها، وعن مرارة الأيام التي كانت بيها وحيدة في بلدة لا تعرف بيها أحد، تخبره عن صعوبة تقبلها لذاتها.

ولكن ودت لو تخبره بتلك الليلة التي زارها في منامها، يحثها علي تقرب من اللّٰه هو يردد في أذنها "لستن بخطيئات آنستي الغالية.. لستن بخطيئات".

فشلت في بداية بتقبل أمر عدم كونها خطيئة، لكن ومع تكرار زيارة أحمد في منامها حتي وجدت اليقين يتخلل جميع أوصالها، لتبدأ بالنظر للأمام، لتعتصم، لتتقي اللّٰه فيما تفعل، وتبدأ بوضع أهدافها.. ستكن ناجحة لأجله.. لأجل راجلها.. لأجل أحمد.

نظرت له ليتبادل معها نظرات طويلًا، لم يشعر بذاته وهو يتخلي عن كل شئ للحظات، يرغب أن يضمها لصدره، ويخبرها أنه عاد لأجلها، لم يكن لديه أحد سواها، أنه هنا لأجلها.. لأجل آنسته الغالية.

أبعدت نظراها عنه بإستحياء، لتردد بتشتت قائلة ببسمة قد أخفاها غطاء وجهها:

_ حمد اللّٰه علي سلامتك.. قلقتنا عليك

لازال نظره مثبت عليها، يشعر بإحمرار خديها خجلًا حتي لو لم يراها، أغمض عينيه ليردد بنبرة واهنة بعض شئ:

_ لا يهم.. الأهم أني رجعت..

ليتسأل بعدها:

_ أخبار ادهم وأنس ونور؟

تنهدت بضيق، وكأنه أعاد لها ذكريات كانت تجاهد لنسيانها، لتقص له جميع الأحداث التي فوتها طيلة ذلك الشهر العجيب بحق، وأضافة أمر سفر أسامة العاجل بسبب عمله، وإتصالته اليومية ليحيي ليطمئن علي أحمد.

هز أحمد رأسه بأسف وحزن شديد علي ما أصاب ادهم والصغير، ودعي اللّٰه أن يصبر رزان ويهديها لتعود لرشدها وتسلم ذاتها للسلطات.

وأعطي وعدًا لرؤية بأنه سيبحث بذاته عن سحر؛ حتي يقتلعها من بين يد ذلك اللعين.

هزت رؤية رأسها، وهي ترد دعاؤه بأمين، عم الصمت المكان للحظات، كانت رؤية ستتأذنه للخروج، ولكن وجدت أحمد يردف بما جعل أطرافها بالكامل بلي جسدها يتجمد:

_ تتجوزيني؟

_________________

كان الصمت كالثقب في سفينة تبحر علي مقربة من أحدي أضلاع مثلث برمودا، كانت تطالع من يجلس أمامها، ويأكل من نصف البطيخة مباشرة دون تقطيع مستخدم المعلقة وسيلة للإلتهام.

تعلم أنه هنا لإغاطتها، ولكن أن عاد زوجها اللعين سوف يكونون علي متن الطائرة المحلقة جهة الجحيم.

نظر لها ليبصق بذر البطيخ في الهواء بطريقة مثيرة للإشمئزاز، حسنًا وأن كان يرغب بأخراج الوحش الكامن بداخل تلك الوقحة، فأحسن صنعًا.

أشمرت سحر عن ساعديها، لتحمل السكين التي كانت موضوعة أعلي طبق الفاكهة، لتنظر له بشر، ليطالع هو السكين الذي بين يديها ببسمة غبية، ليتوقف عن بصق البذور، والمضغ ايضًا.

نظرت له سحر لتقترب بتحفز، وبين يديها السكين، نظر لها ببلاهة ليردد:

_ أنا مت مره مش مستعد أموت تانية

نظرت له سحر بلؤم، لتردد بسخرية وهي تلهو بالسكين بحركات متقنة:

_ بقولك يا يامن

قاطعها بضيق قائلًا:

_ ريان

نظرت له بشر وهي توجه نصل السكين علي مقربة من أنفه، ليعود بوجهه للخلف بفزع وهو يردد بتوتر:

_ يامن.. ماله يامن حلو

نظرت له بنظرات راضية، وكأنها تقول له أحسنت يا صغير، كانت ستبدأ بتهديده، وتخبره أن يجر ذاته لخارج ويداعب أي كلبة غيرها، وأنها ستخبر المدير أنها ليست براغبة للعمل تحت قيادة ذلك اللعين -وكأن الأمر يسير حسب رغباتها-.

ولكن لا تعلم كيف؟ أو متي؟ وجدت سكين الذي بين يديها ينسحب دون أن تشعر، ليصبح بين قبضة ذلك الخبيث، نظرت له بصدمة ولكن ما زاد الطين بله، وهو تراجع سحر للخلف لتصطدم بطاولة من خلفها لتسقط علي أرضية بجوار الطاولة تحت أقدام ريان، الذي كان يلهو بسكين بحركات بهلوانية.

نظرت له سحر بغيظ، وهي تتلوي علي أرضية كالأفعي بألم، لتردد قائلة:

_ يا اخي روح اللهي يبتليك بمصيبة أكبر مني

صمتت لتستكمل، وهي لا تشعر بظهرها:

_ أنا معرفش أيه رجالة دي؟ اومال مسلسلات التركي أول ما بت صفرا تقع تلاقي واد قام شايلها كدا واغنية عصام صاصا تنزل في خليفة

نظر لها ريان بسخرية، وهو يستمع لهرائها ذلك، بعدما عاد ليجلس علي أريكة، وهو يتناول البطيخ مستخدم ذلك المره السكين، ليردد بنبرة جدية ساخرة:

_ دا لما يبقي مسلسل تم إنتاجه ورا مصنع الكراسي

نظرت له بغيظ لتنفخ بضيق وهي تنهض من علي أرضية ولازالت ممسكة بظهرها بألم، لتنظر له ببسمة باردة قائلة بلؤم:

_ طب خاف يا غالي علي نفسك

تركت حديثها معلق لتري ردة فعله، ولكن وكالعادة قام ببصق بذر في هواء ليسقط علي أرضية، لتستكمل هي بعدها بشر:

_ عشان أنتَ أصلًا ميت.. محدش يعرف أنك عايش غيري أنا وإلي منها لله رزان وراجل أبو مناخير شبه الكرنبة (تقصد المدير)

نظر لها ببرود ليلتهم أخر قطعة بطيخ بتلذذ، ثم قام برمي وعاء الفارغ الذي تبقي من قشر البطيخ الأخضر، ليشير لها بجلوس وهو يردد بجدية:

_ يحيي عرف بالصور

كانت ستقاطعه ولكن أعطها نظرات حاده لتلتزم الصمت، ليستكمل هو بجديته:

_ ودا معناها أن الصور مش مجدي بس إلي صاحبها

ليصمت ثم يعاود ليستكمل:

_ مجدي تبع العالم الأغريقي وهو الخيط إلي هيوصلنا للزعيم المصري

كانت ستتحدث وتخبره بأنها تجد خطورة في تواجدها بقرب مجدي؛ لأن بات يشك بيها بالفعل؛ لأنها أستمعت إليه يتحدث عن جاسوس أو ما شابها، وتظن أنه أستنتج أن ذلك الجاسوس هي أو أحد بالقرب منه.

قاطع جلستهم تلك آخر شخص توقعت مجيئه في ذلك الوقت، ليستمعا له وهو يردد:

_ الله ما أموات بيصحوا تاني

ليصمت وهو يستكمل بفحيح:

_ بس ومالوا ننيمهم ونبعت معاهم زائر جديد

______________________

في نشرة الأخبار روسية التي تزف الكواراث العالمية:

"خبر عاجل.. حدوث أنفجار كبير في ست سفن التابعة لأحدي أكبر شركات الحديد وصلب في ولايات المتحدة التي كانت في طريقها لشرق الأوسط كل سفينة كانت محملة بالبضائع لدول عديدة.."

ألتقطت جهاز التحكم لتغلق التلفاز، وهي تبتسم بإنتصار، نظرت لتلك التي صفقت بحماس بينما الآخر الذي يتناول النبيذ الأحمر ببرود ولامبالاة، أستمعت رزان لحديث جيسيكا الحماسي قائلة:

_ آوه يا راجل! لقد سددنا أقوي ضربة في وجه ذلك الذي يظن أنه إله العالم السفلي

تبادلت رزان نظرات مع جاك الذي كان يطالع حماس جيسيكا بسخرية، لينهض جاك من موضعه وهو يشير لرزان بعدما أرتشف أخر رشفة من كأسه قائلًا:

_ أستعدي لحفلة الليلة بالتأكيد سوف يدعوك صاحبة الأنف القبيح سميث لتفاوض..

ليصمت ثم أستكمل:

_تعلمين بأن عزيزنا هيما ترك بصمته في الأمر

هزت رزان رأسها بشرود، وهي تنهض من موضعها لتتحرك نحو النافذة لتراقب سقوط الأمطار في خارج ومداعبة قطرات الندى أوراق الشجر بحب، لتتسأل قائلة:

_ كيف حال سمر وريان؟

تبادل جاك النظرات مع جيسيكا لتردد جيسيكا بغيظ:

_ تلك المرأة الشمطاء واللعنة! فلتذهب للجحيم

لتصمت قليلًا لتستكمل بغيظ:

_ وكأني لم أكن سببًا في إنقاذ اللعين حبيبها ذلك.. لولا دهائي لما كنا أستطعنا أخراجه من مستشفى ليلتها.. تعلمين

قاطعها جاك قائلًا:

_ لا حب في الحرب، ثم من قال أنهم يتواعدان؟

_ أعينهم

هكذا رددت رزان بعدما هزت رأسها بيأس من جيسيكا، التي أخذت تردد بأنهم ثنائي أحمق، وتسب وتلعن سحر.

جيسيكا تبقي جيسيكا رغم فرق العمر بينها وبين سمر الذي يتجاوز العشر سنوات، ها هي تضع عقلها بعقل سحر، اللعنة.

ولكن أعجبها ما قاله جاك "لا حب في الحرب"، أبتسمت بمرارة، لتضيف قائلة بهمس لم يصل لأحد، بينما تراقب قطرات المطر علي النافذة:

"لا لأصاحب النفوس السليمة حياة في حرب، لم يكن ينبغي علي أن أشفي، ليتني مُت ليلتها ليتني لم أراك أدهم، ليتني"

التفت رزان لتنظر لجاك للحظات، لتردد بعدها بجدية:

_ هل جهزت الثغرات اللازمة لأختراق المصرف

رفع يديه ليبدأ العد تنازلي ما أن وصل للصفر، حتي اعطي هاتفه نغمة تنبأه بوصول رسالة صوتية من أحدهم، كانت محتوي الرسالة:

"تم تحويل مليار دولار لحساب المطلوب"

فتحت جيسيكا فمها ببلاهة؛ ما هذا الرقم التي تسمعه! طالعتهم بصدمة وكأنها تقول لهم قد هلكنا بالفعل.

حسنًا يبدو أن تلك الحرب لن تنتهي سوي بمزيد من ضحايا، لن يصمت سيمث أو حتي رئيسه عما حدث، ستحترق الولايات وروسيا بأكملها بعد ذلك الحدث.

لكن وجدت رزان تتحرك بينما تلتقط حقيبة ظهر خاصتها، لتسحب هاتف جاك الذي يعبث بيه وتقوم بألقائه بعيدًا، وهي تنظر في ساعة معصمها قائلة:

_ فلتذهبوا وقبل خروجكم أتركوا هواتفكم هنا

نظرا لها ببلاهة وكأنهما يسألوها السبب؟ لتردد وهي تنظر لساعة معصمها قائلة دفعة واحدة:

_ أمامنا خمس دقائق قبل أن تنفجر القنبلة المتواجدة في الغرفة الغربية التي تخص جيسيكا بالتحديد بداخل خزانتها
___________________

صوت تنفسها المسموع كان يطغي علي صوت نبضات قلبها مرتفعة، عاد والدها ولم يجدها في منزل، كان يبدو غاضبًا بشدة عندما هاتفها في الهاتف، تظن أنه رفض مجددًا من أحدي الوظائف التي تقدم لها، سيفرغ غضبه هذا بالتأكيد بيها كالمعتاد.

تنفست الصعداء، تحاول الهدوء وعدم التشوش، فهي تركت أحمد ويحيي في المستشفى، وأخبرتهم أنها ستعود، تركت طلب أحمد معلق وذلك لأقتحام يحيي الغرفة، كان يبدو يحيي غاضب وثائر، كان يطالعها بغضب، لم تفهم سببه ولكن شعرت بالخطر.. الخطر الشديد.

تعلم جيدًا ما هي أسباب غضب كل شخص بحياتها، وذلك ليس لأنها بلفعل معيدة في كلية آداب قسم علم النفس والأجتماع، بلا أنهم لا يجدوا غيرها ليخرجوا نوبات غضبها، كالعادة أنها تتحمل الجميع تمتص غضبهم، كانت ككيس ملاكمة ينفس الجميع غضبه فيه.

فتحت الباب، لتستمع لصوت أنفاس أبيها الثائر، وسبابه اللازع الذي أصابها بالضيق، أنه غاضب كما توقعت، ما أن رأها حتي يردف بغضب صارخًا في وجهها:

_ اهلا بالسنيورة إلي دايرة علي حل شعرها

نظرت له لتزفز في ضيق، لتنظر لوالدتها التي تقف خلف الستار تراقب الموقف بتحفز وتخاذل، آه لو كنتي أحسنتي الخيار، لو كنتي أحستني خيار لما كنت أقف أمام ذلك الثور الهائج يومًا.

وجدت والدها يقترب منها ليضغط علي زراعيها بعنف، وهو يهزها صارخًا في وجهها:

_مفكره نفسك عايشه فين؟

نظرت له بنظرات خاوية لتصمت، تعمل جيدًا ما سيقول وماذا سيفعل، سيختار طريقتين للضرب يأما بإستخدام الحزام، أو عصا، أي عصا ليس بشرط عصا محددة لها، حتي ليست لها أداة ضرب محددة.. كم ذلك مهين!

لم تكن تحزن منه، تعلم جيدًا بما يشعر، هي فقط تحزن لأجل ذاتها، ذاتها التي توبخها أن تتوقف عن تخازلها ذلك، عن تضاعفها، عن تظاهرها بكون كل شئ علي مايرام.

سدد لها صفعة لألتزامها بالصمت، معلل بأن الأمر لا يعينها، تدخلت والدتها تبكي تتوسل له أن يتركها، وهي تلقي بالوعود بأن رؤية ستكون مطيعة، ولن تخرج عن طوع أمره.

طفح الكيل، لقد سئمت، لم يتغير السيناريو منذ ولادتها، نفس الأسباب، ونفس الأعذار التي يخلقها الأباء بمن يشبهون ذلك الثور، لتردد مقولات الشهيرة في تلك المواقف بداخل رأسها جعلتها تشتر بدوار:

"إلي عنده معزة يربطها!"
"إكسر للبنت ضلع يطلعها أربعة وعشرين ضلع!"
"ويا جايب البنات يا حامل الهم لممات!"
"عقربتان علي حيط ولا بنتين في البيت!"

هل تكمل أما يكفي؟ حقًا! حقًا هل ذلك كلامكم في حق وصيات الرسول؟ طفح الكيل سئمت منه، ومن صراخه، وبكاء والدتها وذلها له؛ حتي لا يضربها ضربًا مربح، لتري والدتها من سباب والبصق والصفع ما يكفي، لتحمي رؤية، تحميها من والدها!

وهنا نهضت رؤية لتدفع والدها بعيدًا عن والدتها، وهي تصرخ بيه بجنون، جنت! نعم جنت:

_ كفاية.. كفــــاية حرام عليك ضرب وإهانة وقولنا بتربي شتيمة وزعيق وقولنا أبونا شعورك بقرف مننا ونظراتك الوحشة ومعاملتك الزفت وقولنا عادي

لتنظر في عينيه مباشرة التي كانت مصعوقة تمامًا لا يصدق بأن القطة قد خرجت عن طوعه، أصبحت لها مخالب لتنهش بيه، لتستكمل حديثها بنفس نبرة شرسة:

_ أب! أب أيه؟ فين الأب الحنون إلي بيحب بناته وبيفتخر بيهم؟

لتصمت قليلًا تكابح رغباتها المحلة في البكاء ولتردد بعدها بجنون، وهي تصرخ بألم:

_ كفاية ظلم بقا ذنبي أني بنت؟ بجد ذنبي أني أتولدت بنت؟ أني مكنتش الواد إلي هيشيل اسمك.

لتنظر له بكراهية تزداد بداخلها يومًا بعد يوم، كفي لقد سئمت ستبوح بكل شئ يعتلي صدرها من ألم؛ حتي وأن مزقها ذلك الثور لأشلاء، رددت وهي تضرب علي صدرها موضع قلبها تمامًا قائلة:

_ كنت فين؟ كنت فين وأنا بحارب نفسي؟ كنت في سجن وقتها بسببي

نظرت له لتجد بوارد الصدمة ودهشة تعتلي وجهه، لتردد قائلة بغضب أعمي، وهي تحطم كل ما يطوله يديها:

_ كل إلي شغلك أنك عشت في سجن بسببي، بسبب بنتك العار، أنتَ إلي وصلتني لمرحلة، لمرحلة أني كنت بدور علي أهتمام وتقدير والحب إلي أي بنت كانت مفروض تاخده من أبوها بره

هدأت لتنزع نقابها ومن ثم خمارها، لتبرز خصلات شعرها القصير المموجة، ملامحها ذابلة، نظرت له، ثم ألقت بملابسها بعيدًا، لتقترب منه، كانت دموعه تهبط كشلالات، تنفست صعداء، لتجلس علي أريكة وتنظر له، لتردد وهي تراها يطالعها بصدمة:

_ كنت سند؟ كنت أحتواء؟ كنت بتدور علي بنت صالحة وأنت حتي مكنتش أب طالح حتي، انت أبوتك مكنتش موجودة، حتي مقدراش أقول عليك أب وحش، لأنك مكنتش أب

مسحت دموعها بعنف شديد، ولكن لم تحتمل سقطت علي أرضية لتجلس ضامة ساقيها جهة صدرها لتدفن وجهها بين ساقيها.

ثانية وأثنتين حتي أستمعوا لصوت شهقات عالية تشق الصمت الذي لم يستمر سوي للحظات، كانت حالتها مروعة، كانت ذابلة تمامًا.

تذكرت رؤية كل شئ، تذكرت سبه المستمر لها، ينتعتها بالعار، هي ليست عار، أدركت ذلك عندما ذهب ورحل لسجن، أدركت قيمتها عندما رحل هو، هو ليس بأب فاسد هو شخص فاسد لم يصل لمرتبة الأب الفاسد حتي.

فالأب الفاسد يحب صغاره حتي وأن كانت طريقته في تعبير خاطئة، لكن ذلك الراجل فسد قبل أن يصبح أب فاسد، أخذت رؤية تردد بداخلها بينما جسدها يرتجف بعنف:

" لن أسامحك يا أمي علي تخاذلك، لن أسامح أية أم تتخاذل في حقها، ليدفع الثمن صغارها، لن أسامحك يا شقيقتي لتخاذلك، فدفع الثمن الصغير يحيي، لن أسامح أي امرأة تتخاذل في حقها، لن أسامح ذاتي لتخاذلي، لن أسامح أي قارورة قد سمحت لأحدهم أن يحطمها"

"لن أسامحك يا أحمد؛ لأنك لم تقتلعني قهرًا وتأخذني بين أحضانك، لن أسامحك!"

لكن أستمعت لصوت أرتطام، وصرخات والدتها بعدها تشق الأجواء، وهي تنادي علي أسم والدها، رفعت رأسها لتجد والدها ممد علي أرضية كالجثة الهامدة، هل مات؟
_____________________

لستن بخطيئات
"أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن"
صفاء إيهاب"صَافِي"

لن أسامحك يا لطيف أن ألحقت الأذي بقارئتي اللطيفة يومًا، لن أسامحك.

لن أسامح أي شخص قد مر دون وضع ڤوت وتعليق برأيه؛ لتشجيعي علي الأستمرار -أمزح لا أستطيع الحزن منك يا لطيف، حتي وأن لم تدعمني-.

كُن لطيف، رفقن بالقوارير يا لطيف.

Continue Reading

You'll Also Like

678 63 12
قصه للترفيه وليس ادبيه
727K 49.5K 21
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...
15.9K 753 19
بعدما قتلت ابن عمه كان يجب عليه الانتقام منها و من عائلتها كلها.. فتاة بدوية عمياء لكن رصاصتها أصابته في مقتل و عائلتها ستدخل في حرب لا نهائية مع عائ...
14.9K 970 16
"شيروفوبيا" "رهاب السعاده.." _ وانا صغيره كنت بسمع اغنيه بتقول "ده القلب يحب مره ميحبش مرتين" كنت بحبها وبحب ادندنها كتير، لكن بما كبرت اتغيرت نظرتي...