لَسْتُنَّ بِخَطِيئَاتٌ '" أنه...

By SafaaEhab

27.1K 2.8K 235

" لا تَكْرَهوا البَناتِ ، فإنَّهنَّ المُؤْنِساتُ الغالياتُ " كل حقوق الفكرية و الكتابية محفوظة لدى كاتبة صفاء... More

المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع وعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع عشرون
الفصل الأخير
كلمة الكاتبة
إعلان
عن النوفيلا الجديدة

الفصل السادس عشر

622 83 3
By SafaaEhab

طب يا جماعة محتاجة رأيكم في أحداث لحد دلوقتي؛ عشان حرفيًا عندي كمية إحباط، وصلت أني بفكر أمسح رواية كلها.
___________________

"عدو مجهول"
"16"

"لست بحاجة نيران لتشتعل، فنظرة من عين غير مرئية تكرهك، ستحرقك دون أن تبصرها!"
__________________

تجمدت أطراف كل من ادهم ورزان، حانت لحظة المواجهة المقيتة تلك، أعترافات الكاذبة بأنهم سيكونون جوارها؛ رغم معرفتهم بأن أقدارهم مُعلقة بين يدي مجهول، ولكن لا بأس ببعض الكذب لتنجو بجريمتك، لم تقتل شقيقها ولكنك دفعته للهاوية، وكأن أعطيت للمنتحر حبل شنقه!

نظرت لهم تلك التي قد سقط كتفيها بتعب وإعياء، عينيها منتفخة؛ أثر بكائها، وأن كانت في حالتها طبيعية، لبكت دمًا حزنًا علي مظهرها الشاحب، وهي تردد: "ضاعت أموالي في مستحضرات العناية بالبشرة هبائًا"، رددت أبرار بعدما جلست بجوار رزان:

_ مكنش بيحب برجر.. بس كان بيشتريه عشاني وبيعملوا في بيت عشان عنده هوس نضافة

نظرت لها رزان بقلب ممزقًا، لتكمل أبرار بنبرة خالية من حياة:

_ كان بيخاف يدعي عليا فدعوة تصيب فيقول بكل غضب روحي تنشكي في ضوافرك يا بعيدة.. عارفني بحب ضوافري قد ايه

لتكمل بنبرة مزقها البكاء لإشلاء كحال قلبها:

_ مكنش يعرف لسه أن بحبه قد أيه!.. طب أنا لحد دلوقتي بخاف من ضلمة.. بخاف من صوت رعد وبرق.. بكره حبهان في اكل.. مش بعرف أطبخ، مين هيطبخلي دلوقتي؟.. حتي اكل بره ملوش طعم طلما مكنش هو موجود.. يقعد يهزقني ويقولي أنه مش نضيف ومش صحي..

نظرت لها رزان لتسحبها بداخل أحضانها، شملهم أدهم بنظرة تقطر حزنًا، تلك صغيرة ليست بواعية بشئ الآن، أنها تحت إطار صدمة، ليستمع لها تردد قائلة:

_ كنت علي أمل أن دنيا مش تخذلني.. وتكرر مشهد موت أبويا للمره تانية.. بس مره دي مفيش ريان عشان يقوموني منه..

هبطت دموع رزان بحزن شديد؛ تمنت لو أن أبرار صرخت بيهم، وكذبت أحادثيهم تلك، تمنت لو أخبرتهم بأنهم كاذبون، وصرخت تستنجد بريان أن يستيقظ، ولكنها تقبلت كل شئ ببؤس، وبشرود السكاري عبرت عن حزنها، أن أخر فقرة في عمودها فقري قد أنهارت.

لا صوت يعلو فوق صوت الموت، ماذا يحدث أن كنت شبحًا لكثير من موتي، وأنت في حقيقة مجرد حي، ولكن لا تُري!

___________________

صمت مهيب قد غطي ذلك البهو، أعين زائغة بشرود، وأخري تتطالع الوجوه بصدمة، وأخري مترقبة لرد فعل جنوني لأحدهم؛ لينهض ويكبحه، لتردد تلك المحاطة بهالة من ذهول وجنون لتردف:

_ أنتو بتقولوا أيه؟! أختي أنا عند القذر دا!!

نظر لها والدها بأعين ساكنة باردة، ليردد بما جعل كل جزء في رؤية يشتعل:

_ يا ختي واحده وعارفه مصلحتها فين.. دور باقي عليكم وأنتم ناس ماتت وحيت وأنتم لسه زي بيت وقف

كانت ستلقي في وجهه كلماتها حادة، تعبر عن أنها لم يعد هناك واصلًا بينها وبين ذلك القابع أمامها، أضحي غريبًا لا تعرفه، ليسرق أحمد منها الحديث قائلًا بثبات:

_ ودا شئ يخصنا أحنا..  محدش له حق يدخل.. كل تأجيله وفيها خير

نظرت رؤية لحديث أحمد بسخرية، وكأنه يتحدث عن علاقة سائرة يغلفها الحياء والأحترام، لقد دهسها ومر من فوقها دون يزفر دمعة واحدة، حسنًا وأن رغبت بمراوغة فلك ذلك، لتردد رؤية بسخرية مبطنة:

_ آه طبعًا كلام أحمد صح.. احنا مستنين لحد ما..

ولكن قاطعها سعال والدها الذي يشبه الطقطقة، وهو يردد ببرود:

_ لحد ما تعنسي أنتِ وهو.. خلاص أنا رجعت وكل حاجه تمشي.. طبعًا لو كان فرقلكم أنا..

لينهض من موضعه يتجه صوب غرفته، وكأنه يحتمي بها قبل أن يقوم بتهجم ضاربًا علي تلك الشمطاء الصغيرة، التي أخذت تحتمي بذلك المتحاذق، ولكن صبرًا فلن يتركها هكذا دون عقاب.

نظرت رؤية في أثر والدها بشرود، لتستمع لأحمد يهم برحيل، كان يحيي سوف يرافقه، ولكن استوقفته رؤية؛ تخبره أن يستريح سترافقه هي، كان سيذهب ولكن نادته رؤية بغضب، لم يراه، ولكن شعر بيه من نبرتها الحادة:

_ أنتَ عاوز أيه بالضبط؟!.. لو كاتب علي هبلي بقا يبقي دا حوار تاني..

نظر لها أحمد بتمعن لحركات يديها الثائرة، وتنفسها العالي، كل شئ ينبض، بأنها في حيرة وجنون من أمره، قطع تلك اللحظات ثقال صوت أحمد هادئ وهو يردد:

_ مش ناوي علي هبلك يا سيادة المُعيدة.. كل حكاية أنه مكنش ينفع أقوله انهارده في حالة غضبه منك خبر زي دا.. كان ممكن يتصرف تصرف طايش

_ أهمك أنا اوي يعني

هكذا اردفت رؤية بعتاب ونبرة مرتجفة؛ وكأنها تكابح رغبتها في بكاء، مقت هو ذلك ضعف المستكين في نبرة صوتها، لما هذا العذاب بحق اللّٰه؟ ماذا ترغب تلك الصغيرة؟ أترغب قربه أم بعده؟ لم يعد يفهم شئ، ولكن عذرًا آنستي فلم يعد قلبي بحمل هم اخر، فكفي أيتها الصغيرة!

تركها ورحل معلقًا إجابته عن سؤالها، وكأنه لم يسمع، تمازحه تلك؟ وأن لم يهتم لأمرها بمن يهتم؟ لعنة الله عليها، وعلي قلبه، الذي يردد بداخله قائلًا بنبرة حانية:

"وأن عادت معتذرة، فيا أهلًا وسهلًا بها، لفتحت لها حصون قلبي، وأرسلت جيوشي؛ لتفك أسر عقل، ويعود مجنون بها، وأن كانت هي قوات أحتلال تسعي لدمار، فلن أقاوم؛ فعينيها سلاحًا يُصعب مجابهته"

أغلقت الباب بعنف، وهي تنتفس الصعداء، نزعت نقابها وخمارها لتخمد نيرانها بعض شئ، ذلك المتحاذق يظنها ستركض خلفه، فليذهب للجحيم.

جلست علي أريكة، لتبعثر خصلات شعرها القصير، وهي تتنهد بضيق، تفكر لما أقبلت شقيقتها علي عودة لذلك اللعين؟ لعنت رؤية غبائها، فالبتأكيد أستجابت لأمر أبتزازه؛ لأجل حمايتهما، زفرت بضيق؛ لقد تعقدت أمور بشدة.

تحركت جهة غرفتها بإعياء، لتقرر ترك جميع همومها وراء ظهرها؛ فهي تشعر بأن كهلها قد أثقلته الهموم، خلدت للنوم علي أمل أن تستيقظ، لتجد كل شئ علي ما يرام.
_________________

مرت ليالي بثقل علي جميع؛ فبعضًا لم يمس نوم جفونه، وبعض أُغرق في دموعه، والبعض أخذ نوم وسيلة للهرب من ذاته، وآخريين غطوا في نوم قسرًا، ولكن أتت شمس ديسمبر بدفئها، وضوءها الخجول، لتعلن عن يوم جديد، بأحلام جديدة، وفرص جديدة.

ليس هذا النهار الأول الذي يمر علي سماء أبطالًا بعد تلك الليلة، لا فقد مرت أسابيع، حتي مر ثلاثة أشهر من أعمارهم.

في شرفة ذلك المنزل، كانت تجلس أبرار تناظر سماء بشرود، خمارها الذي يداعبه نسمات الهواء الطلق، تشممت رائحة بحر؛ وكأنها تعلن أشتياقها عنه بذلك الطريقة، فرغم جمال العاصمة، ألا أن عروس البحر لها سحرها الخاص.

أستمعت لصوت من خلفها هادئ يردد بنبرة رخيمة:

_ حابه نبدأ الجلسة دلوقتي.. ولا ناخد اتنين قهوة الأول

ألتفت أبرار لتبتسم؛ ما أن رأت طبيبها موقر يقترب، لن تنسي تلك ليالي ثقال التي مرت، ليخفف عنها الكثير، من لطيف أن يكن لديك شخصًا يستمع أليك في أي وقت، كان زين أو جلالة طبيب زين -لأنه يغضب عندما يناديه أحد بزين فقط دون ألقاب-.

زين يكون صديق عائلة ادهم، تلك العائلة عجيبة حقًا، فجميع أفرادها يمكن أن يكونوا قرية صغيرة بيهم؛ وذلك لتعدد وظائف جميع أفرادها، أنهم فريدين من نوعهم حقًا.

تنهدت أبرار؛ تذكرت تلك الليلة كيف مرت، وسط بكاء وشجن، لتمر أيام وهي داخل قوقعة ذكرياتها، تتخبط بين جدران عقلها دون راحة أو سكينة.

ليحثها ادهم علي عودة معهم للقاهرة، وأخذ عطلة طويلة، لتحسين نفسيتها ونفسية الصغيرة، التي أضحت ذكري وحيد الحية من شقيقها، سخرت من ذاتها، فقد بدأت جامعتها منذ شهرين، ولكن لا بأس هي محبة للجلوس هنا؛ بقاء وسط تلك عائلة، رددت أبرار بمرح قائلة:

_ لا يا زين باشا جلسة الأول وقهوة تتشرب في اسكندرية.. قهوة القاهرة ملهاش طعم

ضحك زين ليهز رأسه بخفة وهو يردف:

_ طب يا ام لسان.. كنا فين أخر مره

أعادت أبرار نظرها للسماء، لتبتسم برفق؛ لنسمات الهواء البارد التي تداعب وجهها:

_ لحد ما تقمص أني مشلتوش

______________________

يتحرك ببرود وخطوات ثابتة، لازال محتفظ بقناعه الطبي، وخصلات شعره الهابط علي عينيه، تغطي جبهته بكامل بطريقة عشوائية ساخرة كصاحبها، جلس علي كرسيه طالبًا قهوته، ليباشر بأعماله المتوقفة فورًا.

ولكن هاجمت ذكرها رأسه مجددًا، زفر أحمد بضيق، ليعيد ظهره للخلف، هو يطالع لوحة تصميم سيارة الجديدة، التي من مفترض أن يتم تصميمها بشرود، يتذكر أنه مرت ثلاثة أشهر لم يراها فيها أو يستمع لصوتها.

ظل علي هكذا الحال حتي أقتحم أحدهم الباب، وهو يصرخ بمرح أصاب أحمد بالفزع، لينظر بصدمة لذلك
مقتحم:

_ مفاجأة

نظر أحمد لأسامة بصدمة، لينفجر في ضحك، وهو يقترب منه بخفة، ليحتضنه بقوة، أبتسم اسامة بمرح ليحتضن احمد، قائلًا بعتاب:

_ بقا كدا يا زفت أنت.. لو مسألتش عليك متسألش أنتَ؟

نظر له أحمد ليتنهد بتعب، وهو يتجه جهة اريكة المتواجدة في المكتب، ليجلس عليها وبرفقته اسامة، ليردف بإرهاق:

_ أتسحلت في شغل.. أنتَ عارف أنا عامل زي طفل إلي لسه بيتعمل الحروف في شغل.. حقك عليا عارف أني مقرص في حقك

نظر له أسامة بتفهم، ليردد بعدها بخبث:

_ يريته علي قد شغل سهلة.. في حد شاغل بالك

نفخ أحمد بضيق، فهو يعمل بأن اسامة لن يصمت حتي يعمل كل شئ، ردد أحمد ببعض الغيظ:

_ الهانم مقموصه ولا كأني أنا إلي غلطان

نظر له أسامة بتهكم ليردد:

_ أمرهم صعب يا بني.. بس أنتَ غيبتك طالت سبع سنين وأديك قاعد هنا وسيبها

نظر له أحمد بسخرية ليردد:

_ يا خويا أتنيل دول ايجوا بس رجعت هي ويحيي تاني عشان جامعة.. وكدا كدا سحر موجودة مع جوزها هناك

نظر له أسامة بغرابة ليردد:

_ اومال أنتَ زعلان ليه؟

نظر له أحمد بتذمر ليردف:

_ أول ما جينا القاهرة من تلات شهور.. كل ما تشوف خلقتي معدي من تحت بيتهم تقوم كابه عليا مية غسيل لحد ما كرهتني اعدي من شارعهم

أنفجر أسامة في ضحك، ليزداد وجوم أحمد، وهو يطالعه بضيق، ليبدأ بالتعارك معه بالأيادي؛ يحثه التوقف عن أفعاله صبيانية تلك، لينتهي بأحمد الأمر أسفل أسامة، الذي ردد بخبث:

_ وقعت يا نصه ومحدش سمي عليك

كان أحمد سيدفعه عنه، ولكنه تجمد ما أن وجد ذلك الطيف الذي يقف أمامه، لم يكن سوي يحيي ورؤية، الذين وقفوا يطلعوهم بصدمة، وشك في ميولهم بالأخص ميول أحمد، ليردد يحيي بصدمة:

_ احيه! الشيخ طلع بسكلته!!

___________________

يتحرك في كل جه وركن بثورة وغضب، ليخرج جهة الخارج ليجد ذلك المنظر، الذي جعل دماء تفور في عقله، تلك التي تجلس علي أرضية وتداعب كتلة الشعر المقزز ذلك -كما يسميه هو-، ليردد مجدي بهدوء بمصطنع:

_ فين يا هانم فردة شراب بتاعتي

نظرت له سحر ببرود، ثم نظرت لهرها مجددًا تداعبه، مسح مجدي علي ملامح وجهه بغضب، ليركل الجدار في ثورة، هو يردد حاملًا مفاتيح سيارته، ليهم بالخروج:

_ بلاها أم شراب هنزل بشبشب.. بس واللّٰه يا سحر ما أنتِ راجعة القاهرة تاني.. لو فيها موتي

نفخت سحر في ضيق، لتنهض من موضعها تحمل هاتفها، لتتصل علي احدهم، أنتظرت رد من جهة الآخري، لتردف بغضب وضيق:

_ هـــمـــوت يا رزان.. هتشل بالله.. مش كفاية مستحملة خلقته العكره دي.. مش عاوزيني اشوف ولا اختي ولا حتي ابني..

صمتت تستمع لطرف الآخر، لتردد بعدها بنفي:

_لاء طبعًا يا بنتي يشك فيا أيه.. هو بس متغاظ بسبب زفت محضر بتاع عدم التعدي

صمتت قليلًا لتنفخ في ضيق:

_ ست أبرار عاوزه ترجع ليه متخليها عندك.. طلما رؤية عندها دايمًا.. احسن برضو أن واد يحيي مبيشوفهاش.. مبحبش بت دي اصلًا لولا أخوها كنت قطعتها..

لتتنهد بألم شديد، مستكملة:

_ ربنا يرحمه.. من بعده ملقتش حد أفقع مرارته غير أنثي خنفسة إلي أسمه مجدي

هزت رأسها في شرود لتردد:

_ معتش فيه وقت.. لازم أتحرك أسرع

______________

وصل مجدي لوجهته المنشودة، تنهد بضيق، وهو يتوعد لسحر بالكثير، فتلك اللعينة تستغل ذلك العقد اسوء أستغلال، ولكن هو يعلم جيدًا كيف سوف يكسر أنفها ذلك، ليسقطه في طين.

هبط من سيارته وتلفت يمنه ويساره بحذر، ليتحرك جهة تلك البنية، وهدوء يرتسم عليه، غريب في أمر أن تلك البنية هي وحيدة هنا، وكأن أنفاس تنين قد أذابت جميع الحيوات حولها، لتبقي هي محتمية بدرع من فولاذ.

نفخ مجدي في ضيق، وهو يتنظر أمام باب، الذي أنفتح واخيرًا بعد دقائق من أنتظار، نظر له ذلك الشاب بتفحص له، ليردد تحية علي مسامع مجدي، الذي تركه، وتحرك للداخل كقذيفة.

نظر مجدي للداخل بنظرة متفحصة، ليهتدي لوجهته المنشودة، وجده يجلس في زواية متوارية عن أنظار يحتسي قهوته، لم يري شئ في ظلام الغارق فيه، ولكنه أستمع لصوت فنجان قهوة يرتطم بتحية علي طبقه.

تحرك مجدي متبع حاسة سمعه القوية، ولكن فجأة سطعت أنوار خافتة، لتبرز ذلك الجسد الجالس علي أريكة، وفي يديه فنجان قهوة، وجهه ملثم تمامًا لا تبرز سوي عينيه، وخصلات شعره بنية، نظر له ذلك الجالس ببرود ليردد:

_ اهلًا بالعريس.. طالت غيبة

حك مجدي عنقه بضيق، ليردد بغيظ:

_ ازاي فجأة كل فيديوهات أتمسحت من عندي؟!

نظر له ذلك مُلثم، ليردد بسخرية:

_ ببساطة شديدة عشان سيادتك خالفت الأوامر

نظر له مجدي بضيق ليردد بنفور:

_ هفضل أتعامل مع شخص مش أعرفه.. حتي ضلع إلي واصل بينا مغطي وشوا زي حريم

نظر ملثم بنظرات مرعبة، ليلقي بفنجان قهوة بعيدًا، هو يشير لمجدي بالأقتراب، سيكون من حمق أن تقترب منه هو في حالته تلك، ليردد مجدي بتراجع:

_ آسف يا ريس.. بس أنا ضعيف برضو جمب جنابك..

ليقاطعه ملثم بسخرية، وهو يشير لتلك التي تقف خلفه؛ أن تقوم بوضع كوب أخر من قهوة:

_ تقوم تتذاكي علينا! وتاخد إلي أنتَ عاوزه وتطير.. مش تنسي أن احنا خدنا جزء من إلي ادنهولك.. لسه فلوس وعربية وبيت و..

قاطعه مجدي باضطراب ليردد:

_ جنابك أحنا مش قدك.. عيل وغلطت وطالب سماح

نظر له ملثم بسخرية، واستهزاء، ليحرك رأسه ببرود وهو يشير له أن يقترب، بينما يردف:

_ مونيكا.. جيبي شنطة إلي عندك..

تحرك مجدي بجهته ليجلس علي كرسي، مقابل للأريكة ويفصلهم طاولة، لتضع الخادمة مونيكا حقيبة سوداء علي طاولة، ليشير سيدها بفتحها، لتهم بتنفيذ ذلك، لتفتح حقيبة، ويظهر أكوام نقود مترصة أمامه في شكل منظم، لتخرج عيني مجدي من مضعجها، وهو يردد بنشوة،. بينما يلتهم النقود بعينيه:

_ ويتري دا بقا عملية تهريب ولا سرقة ولا خطف

رددم مُلثم بفحيح الأفعي قائلًا:

_تعذيب

نظر له بغرابة ليردد كلماته مجددًا:

_ تعذيب؟!.. تعذيب أيه ولا مؤاخذة

نظر له مُلثم هو يشير له أن يتبعه، ليتحرك مُلثم بمساعدة من خادمته؛ لكرسيه المتحرك، ليتحرك مع مجدي ببرود لوجهته، فتح أمامه شاشة كبيرة، ليفزع مجدي مما يري، أبتلع مجدي ريقه ليرتجف جسده هو يري ذلك المشهد.

أطفال، نساء، ورجال في مشاهد قاسية يجلدون، ويعذبون بقسوة، وكل منهم تحته أرقام تزداد، وكأنها مشاهدات، وإحصائيات لتلك المهزلة، كلما أزداد المشهد دموية، وجنونًا تزداد عدد مشاهدات..

أستمع لذلك المختل يردد قائلًا:

_ اهلا فيك في عالمنا.. عالم نفوس مختلة وتغذية الغدة السادية لدي أسياد
______________

كان طفلان يتحركان معًا في حديقة، يسقيان الورود بكل مشاعر الحب صادقة التي لم يمسها نفاقًا يومًا، نظرت تلك المشاغبة لأنس، لتردد ببعض دلال طفولي، أثار حنق أنس فورًا؛ فهو يكره ذلك النوع من نساء أو فتيات ذوات الدلال الزائد.

استمع لها تردد بلطف لا يليق بيها-هكذا رأي هو-:

_ ألا قولي يا أنس.. هو أنتَ مش بتنزل مدرسة ليه؟

نظر لها أنس بحنق، ليست متصنعه فحسب، بلي وفضولية مثل الحشرة، زفر بضيق ليردد بإقتضاب:

_ عشان مش عاوز أروح.. بفضل أنه أدرس في بيت زي أجانب.. مدرسة مضيعة للوقت.. بابا دايمًا بيقول كدا يا نور

هزت تلك النور رأسها بشرود، ليهتدي نظرها أتجاه ذلك الكلب صغير، ركضت نور جهة الكلب وهي تصرخ بمرح، هز أنس رأسه بضيق ليصرخ بها أن تعود وألا تخرج خارج أسوار منزل، لكن لا حياة لمن تنادي، وكأنها ما أن رأت الجرو الصغير حتي جن جنونها.

لحق بيها أنس بضيق، وهو يلعن اليوم التي أتت بيه تلك الفتاة إلي منزلهم، ويلعن اليوم الذي ذهبوا بيه إلي اسكندرية، واليوم الذي ولد فيه.

رأها تقف في منتصف شارع تجلس قرفصاء؛ تداعب الجرو بحب، زفر بضيق وكان سيصرخ بها، أن تدلف للداخل، ولكن صدم ما أن رأي تلك سيارة سوداء تقف أمامه، ليهبط منها رجال، قاموا بتكميم فمه هو، ونور بمنديل أبيض.

ولست بحاجة لتوضيح أكثر ما يحتوي ذلك المنديل من رائحة، ليسقط طفلان مغشي عليهم، في وضح نهار أمام منزلهم، تتم عملية إختطاف رسمية لطفلان صغيران، نعم رحلت سيارة تاركة خلفها سحابة من غبار، معلنة الحرب في وجه الجميع لتنقلب الطاولة رأسًا علي عقب فوق رؤوس الجميع.
_______________

نحن علي موعد من أحداث ملتهبة التي تسير بداخلك جنون وصدمة، فلنربط الأحزمة لأننا سنحلق في سماء دون أجنحة تحليق، وسيدفعنا الأدرينالين وحده لسماء سبعة.

لستن بخطيئات
"أنهن المؤنسات الغاليات رفقًا بهن"
صفاء إيهاب||صَافِي

ڤوت وكومنت للأستمرارية يا لطيف، تعليقك لطيف وتوقعاتك جزء لا يتجزأ من رواية بدونها لا تكتمل.

طبت لطيفًا.

Continue Reading

You'll Also Like

2.1K 287 15
الحَيَاةُ لا تتَوَقَفُ عندَ أحدٍ، مهمَا كانَت أهْميَتُه، الحَيَاة أقوَىٰ من المَوت و تسير مهما قَاسَيتَ، لذلكَ عليكَ الوُقُوفُ و التَقَدُم لأنهَا لن...
68K 4.6K 36
تشاء الاقدار أن نلقتي في وقت وزمان، أن يكون عشقنا أشد كرهًا من الاعداء. جميع حقوق الفكرية وكتابية محفوظة لكاتبة صفاء إيهاب|| صَافِي، ممنوع نشر أو الا...
1M 70.9K 29
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...
241K 20.2K 59
فتاه تقع في حب المعيد الأحمق الذي لا يراها سوي فتي مسبب للمشاكل بل الجامعة كلها تراها فتي ولا أحد يعرف انها فتاه ماذا سيحدث عند اكتشاف أمرها نبذة...