(23 )

23.8K 991 72
                                    

في الصباح استيقظ عليخان باكرا كعادته .. يهم بدخول الحمام ليخرج بعد دقائق .. يبدل ملابسه وتلك الفاتنة ما زالت نائمة .. يتأملها للحظات بينما يجلس على الاريكة المقابله لها .. يسند ظهره الى ظهر الاريكة يرتشف مرار سيجاره .. وينفخ بدخانه في الهواء مخرجا معه القليل من همومه الكامنة داخله .. أهم تلك الهموم هي حياة .. ملاكه المثيرة بعفويتها وتلقائيتها النادرة .. تبدو كطفلة رغم انها راشدة وعاقلة .. ذكية وهادئة .. وربما هذا ما يجعله يغوص أكثر بحبها .. حتى اصدر هاتفه رنينا يشير لوصول رسالة .. خطفه من جيبه يطالعه لترتسم على وجهه ملامح ممتعضة مما قرأه في تلك الرسالة ..

اما هي فقد شقت عينيها قليلا تستيقذ من النوم رويدا رويداً لتقع عيناها عليه .. جالسا مقابلها يرتشف من سيجاره وهو يطالع هاتفه .. وما كان منها الا أن رفعت جذعها تعدل جلستها قائلة :
- صباح الخير ..

ترك هاتفه يرفع انظاره نحوها قائلا يجيبها :
- صباح الخير ... جيد انك استيقظتي .. أريد محادثتك بشئ هام جدا ..

ابتلعت رمقها تومئ له بهاجسٍ وترها قائلة تساله :
- حسنا ... ما هو هذا الشئ ..

- لا تخافي ... أردت فقط أن أخبرك بأن لا أحد يعلم بتورط أخيك في مقتل أخي .. ولن يعلم أحد بهذا بتاتاً .. بالاخص أمي .. لمصلحة الجميع يجب أن لا تعلم بشئ ..
قال تلك الكلمات قاطب الحاجبين .. لتتأمله حياة بجدية كبيرة .. كان داخلها ينضح امتنانا لخطوته الجريئه هذه .. هو يعلم جيدا أن امه لن تسامحها ابدا وستسعى للانتقام من أخيها .. وهذا ما دفعه لاتخاذ هكذا قرار صعب ..

هم بالمغادرة ليتفاجأ بها تنهض مندفعه نحوه .. تمسك بيده قائلة بملامح هادئة عبرت عن امتنانها :
- ،شكرا لك ... أنا حقاً لا أعلم كيف......

- لا تشكريني حياة .. أفعل هذا فقط حتى لا يزداد الكره داخل هذا القصر ليس إلا ..
قال كلماته وعيناه تتأملها ببرود بينما داخله يذوب عشقا لخضراء عينيها .. شعور قوي ما زال يزداد ويكبر يوما بعد يوم .. جميل ولكنه بنفس الوقت مؤلم بعض الشئ .. يلف نابضه بغصة كان منبعها كبريائه كرجل نرجسي لم يعتد يوما على الرفض ..

بعد ساعة كان الجميع جالسين على مائدة الافطار .. صفية ، عليخان ، حياة ، وفاطمة يتفاجأون بصوت صرخات تعالت شيئا فشيئا .. حتى اتضح مصدر ذلك الصوت ما ان دخلت ناريمان والدة حياة .. تهتف قائلة بغضب :
- هل ظننت أن الامر بهذه السهولة آغا ..
هتفت بسخرية بينما ينهض الجميع من على كراسيهم يقترب عليخان منها هاتفا بحدية :
- أهكذا تدخلين منازل الاخرين عادةً ..

- لا ... لاني لاول مرة في حياتي أقابل وحشا اكثر منه بشراً .. ولا تظن باني سأصمت على ما يجري هنا ..

كانت حياة تطالعهما بدهشة تتعجب جراة ناريمان الغريبة .. وكانها تستند على شئ ما بدخولها الفضولي والوقح هذا .. تقترب من حياة تمسك بيدها رادفة بوجه محمر وعينان تكادان تفيضان دمعا :
- تعالي معي حياة ... لن تبقي هنا .. لن تكوني كبش فداء عزيزتي ..
شدتها من يدها تجرها خلفها وسط دهشة الجميع وحياة تنقاد خلفها بينما عيناها ترحل نحو عليخان تطالعه بنظرات مبهمة بينما يطالعها هو بنظرات ناعسة بحدية .. وكأنه ينتظر منها رداً .. حتى اوقفت خطوات ناريمان تهتف قائلة باعتراض :
- انتظري رجائاً ... هذا منزلي ولا يمكنني مرافقتك إلى اي مكان ..

قلبٌ من صخر  \مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن