( 2 )

35.3K 1.3K 123
                                    

في اليوم التالي شقت حياة عينيها على أشعه الشمس المنكسرة عبر زجاج النافذه ، واللتي سقطت بحدية على ملامح وجهها الناعمة تدفعها لان رفعت كفها تظلل عيناها اللوزيتان وهي تضيقهما بانزعاج تلتفت نحو باب غرفتها ، ما ان تغلل الى مسمعيها أصوات حديث صاخب .. يدفعها لان نهضت من الفراش  تقترب لتلصق أذنيها الى الباب تستمع لحديث علي خان مت والدته :

- لِمَ يعاقبني أنا ؟... عوضا عن معاقبة قاتل أخي ؟!!

- لا يمكننا سوى المثول لقراراته بني .. وما بيدنا حيلة .. أتظن بأني سعيدة بما يحصل ولكن جدك لا يفعل سوى ما يراه صائباً من وجهة نظره .

- لا أريد هذا الزواج واللعنة .

خلال ذلك كانت عينا حياة تغرورق بالدمع ، تضم شفاهها بغصة خانقة ، تبتعد عن الباب بهدوء لتعود الى سريرها .. سريرها اللذي لاول مرة تنام فيه ، وتتلحف غطائه ، بعد ان قرر الاغا ابراهيم رهنها في منزله حتى انتهاء جنازة وعزاء حفيده ، وإلى حين يوم عقد القران .

وهاهي تمر الايام تلاحق بعضها ببطء وكأنها تشمت من حياة ، ساخرة من قوتها امام هذا الابتلاء العقيم .. اسبوعان كانا كالجحيم لها وهي تتلقى أشد أنواع الكلام قسوة ، من اهل المنزل او بالاحرى سجنها الابدي .. لتقف أخيراً خلف المرآة بينما تقوم مصففة الشعر بتثبيت طرحتها ، لتنتهي مبتعدة عنها بهدوء تتركها داخل الغرفة وحيدة تتأمل ملامح وجهها بصمت ونظرات باردة ، حتى دخلت والدة علي خان تأمرها بمرافقتها بملامح حادة يملؤها الغيظ ، تمشي بجانبها ممسكة بثوب زفافها ترفع مقدمته لتتمكن من المشي تتبع خطوات حماتها .. تتفاجأ بوالدها واقفا على بوابة المنزل بانتظار رؤيتها يهم بها يضمها بذراعيه ودموعه آيلة للهطول .. يقبل جبينها ليلف خصرها بشريط أحمر ويعقده وسط شهقاته ، بينما تكتفي أسماء بالنظر نحو حياة بحزن كان مثيرا للدهشة ... فلطالما كانت قاسية بحقها طوال فترة عيشها معها ، لكنها الان ترى مدى أهميتها لاول مرة ، وهي تقدم حياتها واحلامها مقابل روح اخيها .. لتجد نفسها تندفع نحوها تضمها بذراعيها قائلة تهمس لها :
- سامحيني ابنتي ، سامحيني على كل شئ ..

كانت حياة تكتفي بالنظر الى اللاشئ .. بملامح باردة شبه حزينة ، بينما يسدل والدها طرحتها على وجهها لتختفي ملامحها الحزينة تحتها ،تدفعها لان أطلقت العنان لدموعها تحتمي بالطرحة لتكون ساترة مشاعرها وألمها ..

وهاهي ساعات اخرى تنقضي من عمرها .. ساعات من الطبل والزمر وسط برود ملامح علي خان وملامحها ، لينتهي الحفل أخيرا بمغادرة الجميع ، بينما تنساق هي إلى منزلها الجديد ، ويغلق بابه عليها لتبقى وحيدة برفقة رجل غريب عليها منذ هذه اللحظة أن تتخذه زوجاً تحبه وتحترمه طوال حياتهما معا .

يقف مقابل المرآة في غرفة نومهما .. يخلع ربطة عنقه وجاكيته ، يخطف نظرة باردة نحوها بطرف عينه ، بينما هي واقفة تضم يديها ببعضهما مطوطئة رأسها بخضوع مقيت ، تتفاجأ به يقترب منها على غفلة يرفع طرحتها من على وجهها ، يتأمل ملامحها ببرود وغضب ، وهي ما زالت تطالع الارض بتوتر شديد ، وأنفاسها تظهر مدى ارتباكها ، يمسك بذقنها يرفع رأسها يدفعها لان طالعته عنوة ، ليهتف قائلا بحدية أرعشت اوصالها :
- ستتمنين لو أنكِ متِّ حياة ..

ابتلعت رمقها تقوس حاجبيها حزنا بينما ينفض وجهها بقوة ، يخطف إحدى الوسائد من على السرير يرمي بها ارضاً ثم يأخذ إحدى الاغطية ينفضها ارضا رادفا بسقم :
- لن تنامي بجانبي أبداً ... سيكون مكانك الارض حيث تستحقين .

القى بكلماته تلك عليها يقترب من السرير ممسكا بمفتاح سيارته يخدش به راحة يده ، بطريقة أنزفته يدفعها لان شهقت تضم شفاهها ليطالعها بينما يمد يده على غطاء السرير يقطر فوقه بضع من القطرات ، قائلا يردف بحدية :
- لن تكوني أبداً زوجتي ... ولكن من يسألك ستقولين بأنك امرأتي ..

تقاطرت دموعها وهي ترتجف خوفاً ، تحاول عاجزة عدم النظر إلى عينيه ، كم كانت نظراته مخيفة شيطانية بطريقة أفزعتها ، تطالع يده النازفة بينما يلفها بربطة عنقه يوقف نزيفها وعيناه تأبى الرحيل عن ملامحها الملائكية .

قلبٌ من صخر  \مكتملة Where stories live. Discover now