الفصل الرابع والستون - الجزء الأول

47.2K 2.1K 160
                                    


الفصل الرابع والستون (الجزء الأول):

رجفة غريبة تسربت إلى جسدها بعد مفاجأته تلك، رمشت بعينيها متحرجة من اهتمامه الزائد بأصغر التفصيلات. فلم يطرأ ببالها أن يقدم لها شيئًا باهظًا كتلك المشغولات الرقيقة.

هو انتقى من أجلها ما أحبته حقًا، شعرت أسيف بسخونة طفيفة منبعثة من وجنتيها، فاستشفت على الفور أنهما توردتا من الخجل، وعلى قدر المستطاع تجنبت النظر إلى عينيه.

ابتسم لها منذر بعذوبة لطيفة، أراحه ردة فعلها الهادئة، فهي لم تعترض على هديته أو حتى تنبذها كعادتها حينما يقدم لها أي شيء، لكن تلك المرة مختلفة من وجهة نظره، فهو تعامل معها كمحب حقيقي متيم بها. عبر لها بصدق عن مشاعره بطريقته الخاصة، حتى وإن كلفته الكثير، فالأهم أن يصل إلى قلبها، أن تثق به، وأن تشعر بما يكنه نحوها.

هتفت عواطف بتفاؤل:

-ربنا يجعل الفرحة دايمة عليكم يا رب!

رد عليها طه بإيماءة خفيفة من رأسه:

-أمين!

ظلت أنظار منذر مثبتة عليها، يطالعها بشغف وتمني، اليوم اقترب منها خطوة، وغدًا سيكون الأقرب إلى وجدانها.

....................................

لن يجعلها أبدًا تمرق على خير دون أن يضع لمسته المُعكرة لصفو الأجواء الهادئة، طالع شرفة المنزل بأعين نـــارية متأججة، وبنظرات تحمل البغض والحقد اللا محدود له ولعائلته. اعتبر المسألة أمرًا شخصيًا، تعديًا على ما يخصه، ولن يتركه هكذا.

وصل إلى مسامعه أنباء الخطبة، فالأخبار تتناقل في تلك المنطقة كما تنتشر النار في الهشيم. ترقب بأعصاب محترقة مجيء لحظته المناسبة لإفساد كل شيء، وقتله إن لزم الأمر.

شدد مجد من أصابعه القابضة على رأس تلك العصا الغليظة، ثم أخفض عينيه الحادتين ليلتفت برأسه نحو رجاله المرابطين خلفه هاتفًا فيهم بقوة متشنجة:

-خالوهالي على الأرض!

رد عليه أحدهم بابتسامة عابثة:

-أوامرك يا معلم مجد!

رفع الرجـــال عصيهم للأعلى ليهوا بعدها على سيارة منذر المرابطة أمام مدخل البناية محطمين الزجاج بأكمله، ومتعمدين تخريبها.

دوى صوت التكسير عاليًا، فانتفض أغلب القاطنين بالمنطقة للشرفات وللطرقات لرؤية ما يحدث، لكن لم يتحرك أحدهم قيد أنملة، فالمتسبب في الشجار هو ابن أبو النجا، البلطجي الشهير.

استند مجد بكفه على مقدمة السيارة ليصعد عليها بثقل جسده، وانتصب واقفًا عليها. أمسك بقبضتيه الغليظتين برأس عصاه، ورفعها عاليًا في الهواء، ثم هوى بكل غضبه المكتوم بداخله على سقفيتها ليحدث بها انبعاجًا قويًا.

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن