الفصل الرابع والأربعون

ابدأ من البداية
                                    

حدقت فيها نيرمين بنظرات ثابتة وهي تقول:

-لأنه غير أي حد!

هزت بسمة رأسها للجانبين مانعة ضحكة ساخرة من الخروج من بين شفتيها، وهتفت مازحة:

-لأحسن تكوني بتفكري تتجوزيه و آآ....

وضعت نيرمين يدها على فمها لتمنعها من إتمام حديثها، ورمقتها بنظرات حادة هامسة بتحذير شديد اللهجة:

-ششش.. وطي صوتك، أمه تسمعك!

أزاحت بسمة كف يدها عنها مستغربة تصرفاتها المبالغة فيها.

استغرقها الأمر عدة لحظات لتتأكد أن أختها تتحدث بجدية تامة، فارتفع حاجباها للأعلى غير مصدقة نيتها المبيتة مسبقًا.

شحب لون بشرتها قليلًا وردت بصوت خفيض:

-انتي بتكلمي جد؟ أنا بأقولك ده بهزار!

همست نيرمين بتوجس:

-هزار أو جد ده موضوع يخصني! سامعة، وبطلي كلام بقى فيه.

نظرت لها شزرًا وهي تعقب باقتضاب:

-انتي حرة! بس أنا بأحذرك إنه مش كل الهزار بيقلب بجد، وساعتها هتتسكي على دماغك وآآ....

قاطعتها نيرمين قائلة بازدراء:

-بدل ما تحذريني شوفي نفسك الأول!

احتدت نظرات بسمة نحوها وهي ترد بغضب:

-أشوف نفسي؟ ليه هو أنا زيك؟

تقوس فم نيرمين للجانب مشكلة ابتسامة تهكمية ساخطة، ثم رمقتها بنظرات حادة وهي توضح مقصدها بنبرة لاذعة:

-هـــه، انتي واحدة أنانية مش بتحبي إلا نفسك وبس، عايشة عشان مصالحك الخاصة، ومش مهم أي حد إلا انتي!

فغرت بسمة شفتيها مرددة بذهول مستنكر:

-أنا؟

أومــأت نيرمين بالإيجاب قائلة بفظاظة:

-اه انتي، بصي لنفسك في المراية وشوفي طريقتك مع الناس وهتلاقي كلامي صح، انتي بس اللي عملالي فيها مُصلحة اجتماعية وآآآ....

قطمت عبارتها حينما لمحت طيف شخص ما يدنو من الخــارج.

ظلت تعابير وجه بسمة مصدومة من حديث أختها الجارح. لقد تجاوزت حد المقبول معها.

ربما هي صارحتها بما تظنه عيوبًا بها، وقد تكون مصيبة في أغلبها، لكن هذا لا يُعطيها الحق لأن تكون فجة في حديثها، وتناست أنها تحمل أكثر منها في قلبها حقدًا وغلًا نحو الجميع.

بصعوبة بالغة كتمت غيظها في نفسها، وجاهدت لتبدو طبيعية في تصرفاتها لكن ذلك لا يمنع أنها باتت تضمر ناحيتها شيء ما.

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن