الفصل الثامن والثلاثون

48.4K 2.1K 239
                                    


الفصل الثامن والثلاثون :

ودعتها بود كبير لم تبذل جهداً في إخفائه عنها ، وأطلت برأسها لترمقها بنظرات ذات مغزى قبل أن تحرك شفتيها لتنطق بجدية :

-هنستناكي يا بنتي !

لوحت لها بسمة بكفها قائلة بهدوء :

-إن شاء الله !

كان ديـــاب في إثرها ، لكنه تعمد التَلَكُأ في خطواته كي يلحق بها فلا تسبقه.

رفع رأسه للأعلى لينظر ناحيتها لكنها لم تكن ناظرة إليه .

دقق النظر فيما هي محدقة فيه ، فوقعت عيناه على تلك الزاوية المجمدة أنظارها عليها.

رأى في تعابير وجهها علامات النفور والإستنكار.

لم يحتاج للتخمين ، هو فهم سبب شرودها العابس.

آلمه رؤيتها وهي تقبض على صدرها بكف يدها .. فزفر بعمق.

اقترب منها قائلاً بصوت هاديء رغم إنزعاجه:

-انسي اللي حصل وماتفكريش فيه تاني

التفتت نحوه فتابع محذراً :

-حقك أنا جبته ، وزي ما قولت فوق اعتبريه حرامي وخد جزاءه ! كده أريح !

ابتلعت ريقها بمرارة ، ولم تعقب عليه .. وواصلت نزولها على الدرج لكن صوت الصراخ المنبعث من الأسفل جعلها تتسمر في مكانها لتتابع ما يحدث.

................................

رفعت ذراعها في الهواء مستنكرة بشراسة إزدراءه منها ، رمقها بطرف عينه بقسوة مهددة بعد أن ظن أنها تنتوي صفعه.

وقبل أن يهدر بها بعنف قد يهلك ما تبقى منها ، انتبه لصوت الصراخ الآتي من الخلف.

استدار كلاهما ليحدقا في نيرمين التي جثت على ركبتيها أمام والدتها المسجاة على الأرضية صائحة بنبرة مستغيثة :

-امي .. الحقني يا سي منذر !

تأهبت حواسه لرؤية عواطف على تلك الوضعية المريبة ، وركض سريعاً نحوها محاولاً نجدتها وهو يقول :

-ست عواطف !

قفز قلب أسيف في قدميها هلعاً حينما رأتها منهارة أمامها ، وهتفت بلا وعي :

-عمتي !

عجزت عن التقدم للأمام . بقيت متسمرة في مكانها تطالعها بنظرات مذعورة.

ربما هي تحمل عمتها جزءاً مما حدث ، لكنها لا تتمنى أبداً أن يصيبها السوء .. فمن ذاق مرارة الفقد لا يرجو لغيره أن يعانيه.

الدُكان ©️ - حصريًا - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن