نقش - ١٤ نيسان ٢٠٢٣

23 0 0
                                    

"في يوم من الأيام، سينتهي كل شيء، وستتقبلين الأمر.
المضي قدماً سهل، الاستقرار مبالغ به، والحياة تستحق أن نعيشها."
كانت هذه صلاتي التي أبداً بها صباحي، والتي أرددها كل ما مر (رعاع) بجانبي، وفي هذا اليوم، شعرت برغبة متجددة كي أصرخ مرددة صلاتي في وجهه المشوّه.
لم يكن عليّ النظر كي أعلم أنه أتى. كانت القذارة تشع من حراشفه البنية، وكأنه كان يترك بركة من السم خلفه حين يسير. كانت ضحكته تثير الرعب أكثر من عبوسه، وكأن الشيطان قد رسم تلك الابتسامة المقرفة بيده.
كنت أحب كل شيء كرهته في هذا المكان. الضوء المعطل الذي كان يلمع تحت أحد المناضد في المقهى الذي كان يعمل فيه (عاجل) و(حثيث)، الأرضية الغير مستوية الموجودة على أحد الدرجات والتي كانت تهددني بالسقوط في كل مرة أدوس عليها. كل شيء هنا كان جميلاً وبشعاً بنفس الوقت، كما كنت أشعر هنا وكأنني في الوطن برغم بعدي عن موطني، ولكن أهم شيء كان موجوداً هنا كان أهم شيء في عالمي الجديد، وهو (عاجل).
كل مرة كان (رعاع) يمر فيها بجانبي، كنت أنظر إلى (عاجل)، وكان يبتسم لي. كانت تلك الابتسامة - وما زالت - تحمل تأثيراً سحرياً مهدئاً عليّ. وهكذا، كنت أقدر على تخطّي جميع اللحظات البشعة مهما كانت، ولكن اليوم، كانت الجرعة التي حفظها (رعاع) من أجلي مركزة للغاية.
وقف الوحش أمامي، ونظر إليّ بابتسامته المصهورة في جهنم.
- آنسة (نقش).
- أستاذ (رعاع).
كان يحافظ على الرسميات بيننا، وكأن حياتي لم تكن معلّقة بالعقد الذي وقعته بدمي.
- ليش تأخرتي بالغرفة اليوم؟
كيف كان بأمكاني أن أخبره أن قدرتي الخارقة على رؤية الألوان والأشكال بشكل أفضل بكثير من الجميع كانت تتذبذب في الصباح، ولهذا السبب تأخرت عن الصعود إلى العمل؟ حاولت فتاة ما التهرّب من الصعود إلى العمل يوماً ما لسبب صحي، وتقول الأسطورة أن (رعاع) جعل (سعير) يحرقها في المخبز.
- بعتذر بس بظن المنبه منزوع، ولهيك تأخرت.
بهذه البساطة والسرعة، تحوّل وجه (رعاع) من الابتسام إلى العبوس. صرخ في وجهي كأني... كأني... كأني لا شيء. لم أجد من حولي من يقف بجانبي، ولكنني لم أضع اللوم عليهم، لقد كان وحشاً مخيفاً في حالات هدوئه، وفي حالات غضبه، أصبح كائناً هلامياً بشعاً لا يوصف...
هرب الجميع عندما بدأت المواجهة، وأظن أن جزءاً مني هرب إلى داخلي أيضاً، إلى مكان استطعت فيه أن أقف أمامه وابتسم، وأقول له: "يوماً ما، سأرحل. وحينها سيكون انتقامي الأخير."
هرب الجميع، إلا شخص واحد. عندما نظرت إلى (عاجل)، كان ينظر إلى (رعاع) والشرر يتطاير من عينيه، ولكنني نظرت إليه وابتسمت ابتسامة خفية. لم أكن أريد أن يتدخل (عاجل). كانت هذه معركتي وحدي، وكنت سأصمت كي تنتهي، كي نستمر في موطننا خارج وطننا، وريثما وجدنا طريقة للهرب.

أبطال بينناWhere stories live. Discover now