تكملة الفصل السابع والعشرون (الجزء الثاني)

3.9K 351 79
                                    

(بكره غلاف رواية المعرض هينزل أن شاء الله على صفحة دار المصرية السودانية الاماراتيه للنشر والتوزيع، وراية لم يكن طريقي هتكون موجوده السنه دي برده بإذن الله تبع دار دايون العرب، الروايتين مختلفين تمامًا، وهنزل اقتباسات منهم على أكونت الفيس، ادعولي لأن بجد محتاجه دعواتكم + فرحتي بتكمل بيكم 💙 )

تكملة الفصل السابع والعشرون ( 27):

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته 💙
؛*******

الثامنة صباحًا لبداية نهار النصف من ديسمبر ...
التفوا حول مائدة الإفطار بهدوء، وكلا منهن تفكر في عالمها الخاص ... ولكن ناديه لم تتحمل فضولها لعدم عثورها على إجابات لأسئلتها، فأردفت متسائلة:

هي هانم هتوافق على ساره ؟!!

وضع المعلم كوب الشاي من يده، قائلاً بهدوء :
هيفرق معاكي

رفعت ناديه كتفيها بلامبالاة :

هما أحرار بس بسأل بحكم أن ممكن يكون في صلة بينا

رمقها بجمود وسألها مستفسرًا :

ومين قال إن ممكن ؟! ولا أنتِ قررتي !!

تحدثت صباح بدلاً منها وهتفت مبتسمة :

هو حد بيقرر غيرك هنا ياحاج

واسترسلت وهي تشير على رحمه :

ناديه بتقول كدا لأن رحمه صلت استخارة وارتاحت

نقل نظره بتلقائية إلى رحمه التي ظهر عليها الارتباك، ثم سألها باقتضاب :

والست رحمه عارفه مين متقدملها عشان تصلي استخارة ؟؟!

ردت عليه ناديه بعفوية:

أنا جبت صورته من هانم وعرفتها شغله وعنده كام سنه

رفع حاجبيه باستنكار وغمغم ساخراً:

ومروه ارتاحت برده ولا لسا موفرتيش المعلومات الكافيه

صاحت مروه باندفاع:

لا يا بابا أنا مش موافقة

ضغطت ناديه على فكها بغيظ وهي تتوعد إلى سليطة اللسان بعد أن يرحل المعلم سالم ... نظر سالم إلى رحمه وسألها بجمود :

وأنتِ موافقه ؟!

قبل أن تتفوه أشار إليها مردد بحنق:

قبل ما أعرف لازم تفهمي أن اللي متقدملك مش ناوي يقعد زي أخواته هنا، يعني في كل الحالات راجع السعودية

حركت رحمه رأسها متمتمه بتلجلج :

ما هو أكيد هينزل إجازات عشان يشوف مامته

ضيق بين حاجبيه باستغراب وسألها بدهشة :

يعني عارفه أنه هيسافر وموافقة ؟!

أومأت إليه بتأكيد، فقالت ناديه بسعادة :

دا هي من وقت ما عرفت كدا وهي فرحانه عشان هتسافر برا مصر

لوى جانب شفتيه مردفاً بتهكم :

بنتك مش رايحه فسحة

حدج رحمه مستكملًا بهدوء رغم ضيقه :

هتكوني لوحدك في بلد غريبة وهنا أخواتك كلهم مع بعض، مش هتعرفي تكوني وسطيهم ولا فرح ولا حزن، هتعيشي وحيده وأهلك موجودين، هتشيلي المسؤولية مرتين في بيت وراجل وتعب وولاد

تمتمت رحمه بتوتر ملحوظ:

في ناس اعتمدوا على نفسهم وعرفوا يعشيوا

: وأنتِ بصراحة أحسن من يعتمد عليه

بدى الوضع مقلق بعض الشيء، عند إذًا هتفت نجاة بهدوء :

ممكن رحمه تفكر تاني في الموضوع

لم يُعقبن ولكن تذكرت مروه شيء ما فقالت باستغراب:

بابا امبارح منير جه وكان بيتكلم بطريقة غريبة بس مشي على طول

حرك رأسه باستياء وقال بتهجم:

الله يسامحه على اللي عمله في نفسه

عقدت خيريه جبينها بتعجب وهي تتساءل بفضول :

عمل ايه ؟! دا حتى محترم جدا وبيسعى عشان يوصل

اضافة رحمه على حديثها بسلاسة :

وكان لسا هيستلم شغله في البنك وفرحان أوي

تعجب المعلم من سلاسة حديثها، فنظر إليها متسائلاً باستغراب :

عرفتي منين أنه هيستلم شغل في البنك ؟!!

شعرت رحمه أنها على حافة الموت من نظراته القاتمة، ولكنها لم تدرك أن سكوتها يؤكد حسه على وجود أمر خفي ...

ابتسمت ناديه مردده بلا اكتراث :

تلاقيها سمعت من اي حد

لم يهتم إلى ناديه، وظل يرمق رحمه بحده، ثم أعاد سؤاله بنبرة صارمة:

عرفتي منين بالكلام دا ؟ مع أن أمه أساساً متعرفش !!

رفرفت بأهدابها بتوتر، ثم تمتمت بصوت منخفض:

هو كان عندنا وقالي

عم السكون لثوان، ومن ثمّ صدح صوته الحاد :

وأنا هفضل اسحب منك الكلام

انتفضن بخضة من صوته وهن ينظروا إلى رحمه كي تسترسل حديثها قبل أن يغضب أكثر:

جه مره وقولتله على اسم كورس ممكن ينفعه، تاني مره قالي أنه اخده وفي شغل مقدم فيه وهيستلم على طول

وقف من مقعده وضرب الطاولة بغضب :

وأنت تقفي معاه بصفتك ايه ؟

وقفت صباح مردفه بتعلثم :

يا خويا منير بيجي يقضي طلبتنا وساعات البنات كانوا بيطلعوا يخدوا منه الحاجه

رد عليها بغضب مشيراً على رحمه :

سبحان الله وكل مره مفيش غيرها تطلعله

واستطرد بضيق مشيراً على الزوجات :

العيب عليكم لما تطلعوا البنات وانتو موجودين

صمت حل عليهن دون أن تجرأ احداهن على الرد ... تنهد بصوت مسموع ثم سأل رحمه بشك :

قالك هيستلم الوظيفة دي إزاي ؟!!

من توتر الأخرى حركت رأسها بالموافقة، ثم حركتها يميناً ويساراً عدة مرات، وكزتها مروه في قدمها لتفيق لِما تفعل، بينما هدر والدهن بصرامة :

قدامك ثانيه واحده واسمع الحقيقة حالا

حاولت هند أن تتدخل ولكنه أوقفها بإشارة من يده :

كلامي واضح يا هند

وكأن وجودها في المنزل لابتكار المشاكل معه، كلما خطت للتقرب منه وجدت عائق يحجب طريقها ... تهدجت نبرتها وهي تخبره لما حدث منذ أن أفصح منير عن حبه إليها، وإلى كلماتها القاسية التي جعلتها تندم وتقرر الاعتذار منه، فقد تعلمت أن الكذب لن ينجيها خاصة أنها كانت تقصد أن تساعده لا أكثر...

توسعت ملقتي هند من سردها لأدق التفاصيل، التي لن تفيد سوى في غضب والدهن.... بينما تمنت ناديه أن تنهض وتصفعها لتكف عن الحديث الاهوج، فهذه المرة الثانية التي تتفاجأ بأمور تخص رحمه على الملأ، أنهت رحمه حديثها قائلة بخفوت :

أنا كنت بحاول اساعده

قاطعها متسائلاً بضيق :

كنتي بتحاولي تساعديه عشان يليق بيكي لما يتقدملك ؟!!

حركت رحمه رأسها بالنفي وهي تتمتم بتغطرس :

مستحيل كنت أوافق حتى لو استلم الوظيفة

قطب جبينه متعجباً وسألها باقتضاب:

شفقة يعني ؟! بتساعديه كرم من أخلاقك ؟؟

زاغة أعين رحمه وكأنها تبحث عن خيط النجاة، فقالت هند بتعلثم :

يا بابا رحمه حكت لينا على اللي حصل وكلنا اقترحنا أنها تعتذر منه لأنها متقصدش تقلل منه

ردعها بحده وهو يشير على رحمه :

تعتذر منه يا هند مش تفتح ليه الباب وفي الآخر تقول مستحيل أوافق بيه

استكمل وهو يرمق رحمه شزراً :

تقف معاه وتتكلم بدل المرة اتنين وبعد ما تعشمه ويسمع كلامها تقول لا وكمان بكل بجاحه تستخير في العريس ولا كأنها دمرت حياة واحد أهبل صدقها

حدقها لبرهة ثم هتف بوجوم :

هو أنتِ مش بتتعلمي ولا أنتِ مش واعيه كفايا لتصرفاتك

سرعان ما تجمعت العبرات في ملقتي رحمه وبكت في صمت، وهي تخفض رأسها وتنظر للأسفل .... وقفت نجاة قائلة بهدوء :

أكيد قصدها كانت تساعده وهو المفروض كان شار حد عنده خبرة

لوى جانب شفتيه مغمغمًا بسخرية بالغة :

والدكتور خيري كانت قصده تساعده برده

حاولت نجاة أن تشرح مغزى حديثها، ولكنه أشار إليها بأن تلتزم الصمت ... وهدر بحده :

واحد اعترف بحبه ولما مسحتي بكرامته الأرض، اعتذرتي وبعدين بتساعديه يبقا اسمه ايه، ولما وصل للوظيفة جه ياخد رأيك ونفذه من غير ما يفكر وفي الآخر تيجي تقولي لا مستحيل أوافق بيه

ارتفعت نبرته أكثر مسترسل بصرامة :

يبقا تفتحي طريق من الأول ليه

شعر أنه سيفقد ما تبقى من أعصابه، تحرك للخارج وصعد للطابق الثاني .... أبدل ثيابه في دقيقة وخرج من المنزل بأكمله، لا يعلم هل تتمادى في تصرفاتها لاستفزازه ؟! أم أنها لا تفهم ما تفعله !! لا يريد أن يقسو علي احداهن، ولكن فاض الكيل من مشاكلهن التي لا تنتهي ...

؛؛؛

عودة للمنزل

صاحت ناديه بغيظ وهي تضرب على المائدة :

هو انتو عايزين تجلطوني

همهمت مروه بسخرية:

شكل رحمه مُصره على كدا

ردت عليها رحمه بصوت محشرج من بين نحيبها :

دلوقتي رحمه سبب في كل مشاكلكم

نهضت حسناء من المقعد وهي تردد بامتعاض:

أنتِ فعلاً سبب كل مشاكل البيت، حتى الفطار معرفناش نتمع بيه

نهضت مروه وأمل واتبعتهم خيريه ... نظرت صباح إلى هند وقالت بكدر :

اجهزي قبل صلاة الضهر عشان متسمعيش كلمتين

أومأت هند إليها وتطلعت إلى رحمه :

العياط مش هيحل مع بابا، فكري في كلام تقدري تقوليه اول ما يرجع يكون أحسن

؛********* بقلم حسناء محمد سويلم

وضعت منال ابنتها الرضيعة بين كفوف عزيز وهي تقول بسعادة :

محدش هيسميها غيرك يا عمي

ابتسم عزيز وهو يقبل جبين الصغيرة التي أكملت يومها العاشر بينهم، ثم تطلع إلى منال وقال بمزاح :

الحمدلله أنها مطلعتش شبه أبوها

مطت علي شفتيه بتذمر وأردف بتهكم :

تُشكر يابا

واسترسل وهو ينظر إلى عبدالله :

الدور عليك ..

لم تنتظر مايسه أن يكمل جملته وهتفت ممتعضة:

ليه هو ناقص يجيب البنت التالته

تبدلت ملامح زوجة عبدالله ونهضت إلى المطبخ ... حرك شريف رأسه بيأس حتى الجلسة الهادئة لا تخلو من سخافتها المعتادة ... وضع سليمان ذراعه حول كتف فايزه وهتف بسعادة :

لا إحنا اللي علينا الدور

نهضت حسينه تعانق فايزه التي استقبلت المباركات بسعادة من الجميع إلا يعقوب، يجلس معهم لكنه شارد الذهن في عالم آخر ...

: لكن أنتِ قولتي أنكم هتأجلوا الحمل لحد ما تخلصي السنه دي في الكليه

منع سليمان فايزه من الرد ليقول هو ببرود :

قرار يخصنا

تهجم وجه مايسه بضيق، فابتسم سليمان بسماجة وتطلع إلى عزيز مستكملا:

وبصراحة إحنا قررنا أننا هننقل الفترة دي بيتي لأن ضغط الشغل ذاد ومش هعرف اخد اجازة

رد عليه عزيز بحفاوة:

البيت بيتك والمهم راحتكم

ابتسمت فايزه بخفة وهي تضغط على كف سليمان المحتضن يدها بين راحة يده .... لم يستطيع شريف أن يتغاضى عن المقارنة بين زوجته وفايزه، التي ظهرت معالم السعادة عندما عملت بمرافقتها إلى زوجها، رغم أنها أصغر من مايسه ومازالت تدرس، وها هي الأن تخبرهم بحملها ...

وهو يجف حلقه لإقناع الأخرى بالسفر معه، وبعد كل ذلك ترفض وتختلق الحجج لعدم اللحاق به :

وأنتِ يا مايسه مش ناويه تسافري معايا المرة دي ؟!!

انكمشت قسمات وجه مايسه وهي تهتف بحنق :

وعيالك التعبانين دول هسافر بيهم ازاي

ابتسم شريف قائلاً بهدوء :

الكلام دا لو بتسافري مواصلات، إنما العربية موجوده

أردف عزيز بجمود قبل أن تتفوه مايسه :

أن شاء الله لما تيجوا تسافروا هيكونوا كويسين

آفاق يعقوب من شروده وردد بضجر :

ولا حتى مش كويسين لما تسافروا اهتمي بيهم شويه وهيخفوا

تطلعت مايسه إليه وقالت بكدر :

من الصبح محدش سمع صوتك غير دلوقتي

ابتسم شبه بسمة وأردف متبرمً :

من حبي فيكي

نقل نظره إلى والده مسترسل بجدية :

المحامي اتكلم تاني

أجابه عزيز بلامبالاة :

بيقول مفيش جديد

شعر يعقوب بالغضب من نفسه وهو يجلس الآن بين عائلته، وشخص آخر يتحمل العقوبة بدلاً منه ... ولم تروق إليه تصرف والده الهادئ وكأنه غير مكترث للأمر من الأساس، أشار على عبدالله وعلي وتسأل بحده :

لو أنا ولا عبدالله ولا علي كنا مكان منير كنت فضلت هادي ورايق وسطينا كدا ؟!

احتقن وجه عزيز من تجاوزه في الحديث :

اعملك ايه يعني عشان يعجب، ما كله من تحت راسك

هتف عبدالله بحنق :

وبعدين هو حد ضربه على ايده ما كله عشان الفلوس

رفع يعقوب حاجبيه باستنكار وأردف بدهاء :

مش يمكن عشان المزاج

توتر عبدالله بشكل ملحوظ وهو يتمتم بتلجلج :

مـ. مزاج ايه

حدجه يعقوب بحده ونهض يغادر المنزل، وهو يخرج هاتفه يجري اتصال ما ...

؛*********

منذ ليلة أمس تدور في أركان الغرفة وهي تبرطم بسخط، غير مستوعبة أن ابنها وقف أمامها لأجل فتاة سوقية، لا تنتمي إلى مكانتهم الاجتماعية.... حرصت على الاستمرار مع زوجها للعمل بالخارج لتوفير حياة تنعم بالثراء، وكانت ستكمل باقي ثرائها من إتمام الزواج من بنات المعلم، فكل واحده منهن ستحظى بميراث لا يعد ولا يحصى....

: صباح الخير يا ماما

ردت هانم بوجه مقتضب :

صباح الزفت هو أنا هشوف الخير طول ما انتو ورايا

جلس محمد وهو يرتشف كوب العصير :

مكبره الموضوع أوي، ضياء من صغره وهو ماشي بدماغه

ظهر الاشمئزاز على قسمات وجهها وهي تتذكر ساره وأسلوبها المتدني، ثم أشارت على نفسها قائلة بتفاخر :

بقا البيئة دي تكون مرات ابني

: اسمها ساره يا ماما

دارت سريعاً باتجاه الصوت، فوجدته عاقد ذراعيه ويستند على الباب ... اقترب ضياء منهما وهو يردد بحزم :

لازم تتعودوا على اسمها لأنها خلاص واحده مننا

عقدت بين حاجبيها باستنكار وسألته بحنق :

ومن أمته دا كله يا ضياء ؟ دا أنت الوحيد اللي كنت عايز تأجل فكرة الجواز ؟!!

واسترسلت بغرور :

ضياء مدرب الملاكمة يتجوز بنت زي دي

رفع كتفيه ببراءة قائلاً بتلقائية :

آه اتجوز بنت زي دي عادي

: لو كنت شوفت بنات خالك سالم مكنتش قولت كدا ...

قاطعها بصوت لا يحتمل النقاش :

ماما أنا هتجوز ساره ودا آخر كلام عندي

لم يتمهل بعد جملته وخرج ... ابتسم محمد وهو يهتف بحماس :

نفسي أشوف مين اللي لحقت تعلقه بالسرعة دي

رمقته هانم بضيق وصاحت بحده :

وحضرتك مش عايز مروه ليه بقا

توسعت ملقتي محمد وهو يردف بسخرية :

أنتِ مش شايفه طريقتها عامله ازاي، دا أنا أخاف تضايق في يوم وتيجي تضربني

اصطنعت الضحك بسماجة، وقالت بتبرم :

مش فاضل غير علاء وكدا قفلتوها في وشي

: متخافيش هو مكمل لهدف في دماغه

؛*********

امتلأت السماء بالغيوم التي حجبت أشعة الشمس من الظهور، وتتسابق أمواج البحر العالية وكأنها في حلبة مصارعة، لمن يصل أولاً ويصطدم في الحجر الضخم، ويعزف موسيقى الطبيعة بمشاركة بعض الطيور .... أجواء شتوية باردة استطاعت تأملها من خلال النافذة الزجاجية لإحدى المقاهي المطلة على البحر مباشرة....

أخذت نفس عميق تملئ صدرها بالهواء البارد، وهي تعانق كوب المشروب الساخن ... لا تصدق أنها مازالت على قيد الحياة، اعتقدت أن سطورها الأخيرة تكتب على يد ذلك الأرعن، أو ربما هي من سمحت إليه بذلك....تأملت قطرات المطر وهي تسقط على سطح البحر، تمنت أن تنغمس مثلها في الأعماق وتبكي حتى تمحي شعورها السيئ اتجاه ذاتها
....تحاول أن تستغل فرصتها في الحياة مجددًا، وتبدأ من جديد ولكن شعور الخوف يحوم حولها ليذكرها بالماضي الذي سيظل يلاحقها،

: ما تشربي الملوخية اللي أنتِ طلبها قبل ما تبرد

جحظت أعينها وهي ترفع كوب شاي الماتشا " بودرة من مسحوق الشاي الأخضر " زفرت بملل وهي تنقل نظره إليه :

اسكت يا ربيع شويه، أو لما تشوفني سرحانه سبني من غير ما تفصلني

رفع كوب الشاي خاصته يرتشف منه بصوت مرتفع، فجالت بنظرها في المكان بحرج متمتمه من بين أسنانها:

أنت فاكر نفسك قاعد على الترعة ما تشرب كويس

انكمش بين حاجبيي ربيع مردد بتهكم :

تحبي أشرب الشاي بالشفاطة عشان ترتاحي

وضعت يدها على وجهها متمتمه بقلة حيلة:

دي غلطتي لاني خرجت من الفندق

حرك رأسه مؤكداً حديثها واضاف بلا مبالاة:

فعلاً أنتِ غلطانه لأنك خرجتي من بيتك

تنهدت بضيق ودارت بوجهها تتأمل البحر مجددًا، وهي تلعن نفسها على ما فعلته ليصبح حالها بجانب صاحب الصوت الغليظ ... عادت تنظر إليه وهي تقول بارتباك:

كنت عايزه اقولك حاجه بس مش صابره لما نرجع

أشار إليها بأن تبدأ، فهتفت باضطراب وهي تهرب من النظر إليه :

عايزه اروح للدكتورة وأشوف وسيلة تأجيل الحمل

: أول مره أحسك عندك مخ وبتفكري زينا

رفعت ملقتيها ببطيء، حدجته لبرهة وسألته باستهجان :

مش زعلان ؟! دا شكل الكلام عجبك بقا !!

لم تترك إليه فرصة للدفاع عن نفسه واستكملت بحده :

آه ما أنت معاك أربع عيال ومش لازمك، إنما أنا أولع مش مهم تحرمني عادي ..

قاطعها عندما ألقى محرمة ورقية على وجهها، وأردف بفظاظة :

اكتمي، هو الكلام طلع مني ولا أنتِ اللي بتقولي

استرسل حديثه بجدية :

كدا الصح لحد ما تتعودي على العيال والبيت، وبعدها فكري في الخلفة، إنما تروحي تخلفي وأنتِ أساسًا مش فاهمه يعني ايه تربيه

تخصرت مي مردده ببسالة :

ومين قالك بقا إني معرفش حاجه عن التربية

زمجر بغيظ من حركاتها وأشار على الكوب بتهديد :

نزلي ايدك واتعدلي بدل ما ألوشك بالكوبايه في وشك

رفعت مي حاجبيها بصدمه ثم أشارت على نفسها متمته بفزع :

أنت بتختار ألفاظك دي منين !! بتقولي أنا ألوشك !!

حركت رأسها بيأس ونهضت تأخذ حقيبتها:

اتعلم أسلوب أرقى من كدا مع الجنس اللطيف

: هما فين دول  ؟!!

توقفت محلها ترمقه بغيظ، بينما يدفع هو الحساب وتحرك أمامها... عندما وجدها تسمرت عاد يمسك يدها مردفاً بمزاح :

خلاص متزعليش تعالي أوكلك كوارع وفشه

انتشلت يدها من كفه وهي تزجره بنفاذ صبر :

ياخي ارحمني بقا

ضحك ربيع وهو يسحبها مرة أخرى، وهو يخبرها بأن تختار كما تشاء المطعم التي تريد أن يذهبوا إليه... وفي طريقهم إلى مطعم البيتزا، أخذها إلى محل ملابس نسائية كي تقتني ما يناسبها ليثبت إليها أنه يفهم التعامل مع النساء .... اختارت مي فستان يناسب ذوقها، ورغم تبرم ربيع من ثمنه الباهظ إلا أنها أصرت عليه، وتابعوا السير وهم يكملوا المشاجرة التي لا تنتهي في حياتهم،

"ربما لم تكن ما أتمنى، ولكنك الفرصة لتغير ما تمنيته"

؛*******

في إحدى شقق الإسكندرية

وضع الهاتف أمامه يراجع الأرقام المدونة داخل الملف، وبين الورق الموجودة بين يده ... زفر بحيره وهو يعيد التدقيق مرة ثانية، فسألته والدته باستغراب :

في ايه يا عامر ؟؟ من وقت ما رجعت وأنت ماسك الورق دا ؟!

رفع عامر نظره وهو يقول بشرود :

براجع الملف لكن المبالغ مختلفة

خرجت أخته من المطبخ وهي تغمغم بتلقائية :

كلم اللي كاتب الملف وريح نفسك

أخذ الهاتف بتردد وهو يتمتم بعفوية :

ممكن تفهمني غلط

قطبت والدته جبينها وهي ترمق هاجر التي سألته بعدم فهم :

مين دي ؟! وتفهمك غلط ليه !!

وجد أن الحصار سيبدأ باكراً، فنهض للشرفة وهو يغمغم بلا اكتراث :

هكلم صاحب الملف أحسن

أجرى الاتصال قبل أن يغير رأيه، وقرر أن يمحي كل الأفكار ويضع تركيزه على المشروع فقط ... ولكن أمام نبرتها المميزة اختفت كل قراراته، اجتهد لترتيب حديثه وهو يردف بثبات :

أستاذة خيريه أنا عامر الخولي وكنت عايزه أسألك ازاي المبالغ الموجودة في الدارسة المبدئية مختلفة عن المبالغة اللي في الملف

جاء ردها باقتصار :

لأنك لسا قايل دراسة مبدئية، كنت كاتبه مبالغ وهمية لحد ما عرفت أسعار الآلات الحقيقة

اغمض عينيه بقوة هو يتخيل نفسه بهذا الغباء أمامها الآن، لملم شتات أفكاره مردد بحرج :

آسف مفكرتش أن دا المبدئي

: ولا يهمك، أنا موجوده لو في اي استفسار

ابتسم بخفة وغمغم بعاطفة :

لا أنتِ كدا كدا موجوده

: هي دي خيريه اللي أنت بتحبها

توقف الزمن من حوله لثوان ... تجمدت يده على الهاتف، وأنفاسه تتصارع بصوت واضح، شعر بتصبب العرق من جبينه المتوهج، وهو يؤهب حاسة السمع لديه للإنصات للجهة الأخرى لعله يدرك ما هو قادم إليه، لكنه تفاجئ بصوت إنذار غلق المكالمة....

مسح وجهه متنهد براحه، وكأن أنفاسه حبست في تلك الدقيقة... دار إلى هاجر وصاح باستنكار :

أنت اتهبلتي !! ازاي تقولي كدا وأنا بكلمها !!

رفعت هاجر يدها بعفوية :

فكرتك مش بتتكلم

انكمشت ملامحه مغمغمً بحنق :

اعمل ايه يعني لما أنتِ فكرتي، هكلمها تاني ازاي، ولا شوفي بقا هي فكرت في ايه دلوقتي

على الجهة الأخرى نظرت إلى اسمه الظاهر أعلى شاشة هاتفها " خيريه اللي أنت بتحبها !!"

: عامر !!

ضحكت خيريه بعدم تصديق وهي تردد الكلمات بصدمة، تارة تفكر بجدية، وتارة غير مستوعبة.... ابتسمت وهي تضع هاتفها وتذهب للانضمام إلى أخواتها... أول مرة تتعرض لمثل هذه المواقف، حتى التعامل أو الردود لا تفقه عنها شيء، ولكن ما شغلها متى نشأ هذا الحب !!

؛**************

بعد صلاة الظهر، صعد المعلم سالم بجانب هند، وأشار إلى ابن أخيه بالتحرك .... الذي تعمد الذهاب معهم للانشغال بتفكيره بعيداً عن نيره وتصرفاتها التي تقوده للجنون،

: عرفت نوع الجنين ولا لسا ؟؟

تطلع إلى المرآه وهو يقول بفتور :

مش عارف

ضيقت هند عينيها بشك وسألته باستغراب :

مش عارف ازاي يعني ؟! ولا أنت عايز تعملها مفاجأة !!

: صدقيني يا هند أنا زي اي واحد غريب في حياة نيره

تطلعت هند إلى والدها وهتفت مبتسمة :

دايما تحب تأڤور في كل كلامك كدا

وكأنها ضغطت على آخر ما تبقى من صبره، فصاح بانفعال وهو يضرب المقود بعنف :

لا يا هند مش بأڤور أنا محدش حاسس باللي فيا وانتو بتحطوا عليا مش بتهونوا

ضربه المعلم سالم على كتفه بخفة وقال بحده :

لف واديها جوزين أقلام أحسن

حمحم سالم بحرج، بينما هتفت هند بحنو :

معلش يا بابا بس سالم بيحب يتكلم معايا على راحته

نظر إليها وأردف بوجوم :

محدش تاعب نفسه مع العيال دي غيرك

تمتم سالم بتذمر " عيال !!! " ... نقل نظره إليه متسائلاً بجمود :

مش عجبك

أومأ سالم بتأكيد مغمغما ببسمة عريضة :

عيال يا معلم

؛؛؛

بعد ساعتين وصلت السيارة أمام المركز، ترجلت هند مع والدها واتجه سالم لصف السيارة في مكان قريب ... لا تعلم لِما تشعر بوجوده ولكنها لا تراه، جالت بنظرها في الصرح وبحثت في وجه المارة بفضول ... لم ينتظروا وولجوا للطبيب لحجز موعد مسبق، مر الفحص سريعًا وشرح الطبيب مدى سعادته لانتظام هند على الأدوية التي حققت نتيجة مبهرة في إصابتها ... حاولت هند تقبل الأثر الواضح الذي أصبح لونه داكن اللون مقارنة بلون بشرتها، وهي تدعو أن يزول مع الاستمرار على الأدوية...

أغلق المعلم سالم الباب وقال بحنو :

شوفتي لما فتحتي مخك النتيجة ظهرت ازاي

ردت عليه باستياء وهي تلحقه في الخطوات :

بس مكان الجرح أثر واضح جدًا

نظر إليها وهتف مبتسمًا :

إن شاء الله هيخف وكله بالصبر

أشارت على الضمادة وهي تتمتم بصوت محشرج:

أنا بتكسف أطلع من اوضتي من غيرها وشكلي هكمل بيها

لفت انتباها شخص يقف بجوار سالم خارج المركز، مما جعل المعلم ينظر هو الآخر لِما قطعت حديثها ... شعرت هند بسعادة احتلت قلبها عندما دار موسى بجسده للجهة المقابلة لهم، أخفضت نظرها بسرعة واصطنعت هندمت الضمادة ... لم يستطيع هو أن يبتعد بأعينه عنها، وانشقت بسمة تزين ثغره وهو يتأملها بوميض لامع في ملقتيه،

تمتم المعلم سالم وهو يرمقهم بدهاء :

دا شكله موال مش هيخلص

انتبهت هند على صوته ولكنها لم تفهم ما قاله، فسألته باستغراب :

قولت حاجه يا بابا ؟!!

ابتسم إليها بهدوء وعندما اقتربوا من سالم وموسى، رفع يده يصافح موسى قائلاً بخبث :

دايما صدفك مظبوطه على المعاد

تماسك موسى ولم يظهر أي تعابير تعجب من مغزى حديثه الموجه إليه :

فعلاً صدف مظبوطه، كنت عند صديق ليا ولما ركنت العربية شوفت سالم

أومأ المعلم إليه وأخرج هاتفه، فوجد أنه أيمن مختار... تحرك بضع خطوات وهو يجيب، بينما فرك موسى ذقنه بتفكير في أمر يبعد سالم هو الآخر لينفرد بها ثوان معدودة ... اصطنع النظر باتجاه المركز وهو يقول بجدية :

تقريباً حد بيشاور لينا

تطلع سالم باتجاه الباب فاستكمل موسى حديثه :

ممكن يكونوا محتاجين المعلم

نظر سالم إلى هند وقال وهو يخطو باتجاه المركز :

ثواني وراجع يمكن نسيتي حاجه

: كنت متأكدة أنك هتيجي

ابتسم موسى وهو ينظر باتجاه سالم، وضع يده في جيب جاكتيه وأردف بشغف :

كان لازم أشوفك

حدجته بجمود وأخرجت الدفتر من حقيبتها، دفعته باتجاه وهي تختلس النظرات تراقب والدها المنشغل في هاتفه :

دا ميلزميش

تفحص موسى الدفتر باستغراب ... فتحت عينيها وهي تهمس من بين أسنانها :

أنت هتستهبل، اخفي الدفتر دا قبل بابا ما يشوفه

رفع كتفيه ببراءة وتمتم بدهشة :

مش فاهم أنتِ ليه دايما متعصبة عليا من غير سبب

: يا شيخ وحركات المراهقة دي تسميها ايه

استرسلت بخفوت :

عيب يا موسى أنت أكبر من كدا

رد عليها بنبرة عميقة :

أول مره أعرف حلاوة اسمي

رفعت حاجبيها بتعجب ثم خطت بالقرب من والدها، عقدت ذراعيها ونظرت للجهة الأخرى... وضع موسى الدفتر في جيب جاكيته وهو يبتسم بتسلية،

أنهى المعلم سالم مكالمته بوجه عابس، أشار إليها بأن تصعد إلى السيارة بعد أن جاء بها سالم ...

: هشوفك قريب يا موسى

حرك موسى رأسه بتأكيد، وظل يقف يتأمل السيارة وهي تتحرك، وجدها ترمقه ببرود بدالها النظرات غامزًا متجه إلى سيارته ..... كان سالم على وشك الاتجاه إلى طريق العودة للقرية، فقدم الهاتف إليه وأمره باقتضاب :

اتحرك على العنوان اللي قدامك

؛*******

انكمشت على نفسها وهي تتأمل الفراغ أمامها... منذ الصباح وهي تجلس تضم ركبتها مستنده على الخزانة داخل غرفتها، شعرت الإرهاق من شدة ضيقها، وغصتها تقف في جوفها كشوكه حاده تمزق صدرها...

أفاقت من شرودها على والدتها وهي تردف بجمود :

أبوكي وافق على العريس وبلغ أمك صباح أن قراية الفاتحة بكرا بعد المغرب

لم تُعقب رحمه وظلت تتأملها بتعبير بارده، في حين أن ناديه لم تكترث إليها واستكملت بحنق :

شوفي ايه لازمك وعرفيني

دارت رحمه بوجهها للجهة الأخرى عندما خرجت ناديه، وهمست بأسى وهي تمنع دموعها من السقوط مجددًا :

دلوقتي وافق عليه عشان يخلص مني

تماسكت بصعوبة ونهضت تبحث في خزانتها عن شيء يناسب تلك المناسبة السعيدة، ولكن سرعان ما اغلقتها بقوة، مقررة أنها لن تحضر بأي منها ... وتريد أفخم فستان لن تستطيع فتاة في القرية أن تمتلكه، مع أن التجمع عائلي، ولكنها أرادت إشغال عقلها في أمور أخرى حتي وإن كانت تافهة ولا تستحق التفكير،

؛؛؛

في الغرفة المجاورة كانت أمل تقف في الشرفة، تتسامر مع سفيان في وقت فراغه، تطور ملحوظ في علاقتهم وخاصة بعد موت عادل ... ذاد تعلق سفيان بها بعد أن أصبحت الداعم الأساسي في حياته، استطاعت بكلماتها الحنونة أن تدفعه للوقوف من سقوطه في قوقعة الحزن...  بكل سهولة وضعت يدها على الجرح تداويه بمخدر الحكمة والفطنة، ومن آن لآخر تذكره بلطف الله على عباده، وأصبحت مسكنه الآمن الذي يبعث إليه الطمأنينة والسكينة.....

؛***********

في منزل عبده

وقفت سحر تصنع الغداء في الطابق الأرضي بناءً على طلب عبده ... لن تفوت رحاب تلك الفرصة وبدأت في الصياح باكراً، أرادت سميه أن تخرج وتساعد سحر، ولكن سعد كان لديه رأي آخر وأمرها بأن تغلق الباب، فلن تتحمل كلمات رحاب اللاذعة أن إصابتها واحدة منهن ...

عند عودة سالم تسلل إلى إحدى الغرف، وأغلق الباب خلفه برفق ... وحد ندى تجلس بكدر ترتب الملابس :

ايه نزلك مش قولنا ترتاحي

ألقت ندى الملابس من يدها وهي تهمس بانفعال :

ماما رحاب ليها رأي تاني ومش عايزه دلع

ابتسم سالم بخفة واقترب يقبل جبينها، ثم هتف يمازحها :

أمي صعب تريح اللي حواليها

مطت شفتيها بتذمر، فاسترسل بمراوغة :

ما تخلي العيال يناموا مع عمتهم انهارده

ضغطت على فكها وهي تشير إليه بأن يبتعد :

قوم يا سـالم مش هتكون أنت وأمك

أخذ الملابس يساعدها في ترتيبها وهو يغازلها بكلماته اللطيفة ... وعلى حين غرة اندفعت رحاب للغرفة وهي تفتح الباب على مصراعيه، فألقى سالم الملابس من يده على ندى وصاح بحده :

قولت مليون مره الجلاليب تتكوي على طول

أشار بيده مستكملًا بصرامة :

اتفضلي اطلعي ومتنزليش غير لما تكوي كل الجلاليب اللي في الدولاب

ضغطت ندى على شفتيها كي لا تضحك، بينما وضع سالم يده على كتف رحاب وخرج من الغرفة مردد بحنق :

تعالي يا أمي وسيبك من دلع الحريم

دار بوجهه فوجدها ترمقه بغيظ ... اضافة رحاب على حديثه :

شوف كل دا من دلعك

حرك رأسه مؤكداً وهو يردف بحزم :

صح دول ميجوش غير بالعين الحمره

خرجت ندى من الغرفة وصعدت إلى شقتها وهي تصطنع الحزن ... فهي تعلم أن زوجها يحاول بقدر استطاعته إرضاء الجميع، حتى وإن كان يهدر كل طاقته في ذلك ... استمعت إلى صوت السيارة فأسرعت تفتح النافذة، وجدته يرفع نظره يتأمل النافذة وكأنه يعلم أنها ستخرج، لوحت بيدها مبتسمة وعادت إلى فراشها بوهن، قبل أن يعودا حسن وحسين من مجموعة حفظ القرآن،

؛*********

في نفس الوقت

وضع الصبي الأرجيلة بجانب مرتضى الذي قال بحنق :

ما أنا لو أعرف من بدري كنت عرفتك

انتظر يعقوب خروج الصبي ورد عليه بحده :

لما خليل عرفك كنت تبلغني يا مرتضى

واستطرد بعدم تصديق :

عبدالله أخويا يعمل كدا ازاي

نهض مرتضى ودار يجلس أمامه، قدم إليه كوب الشاي مغمغم بتفكير :

مش مصدق هما فكروا ازاي يجربوا الحاجات دي

: السلام عليكم

ردد الإثنين التحية مع انضمام سالم عبده إليهما، ولكن قبل أن يجلس سأل يعقوب بشك :

هو عبدالله فين ؟!!

رد عليه يعقوب بضجر :

متنيل في المحجر

قطب سالم جبينه متعجباً واعاد سؤاله باستغراب :

مش مسافر ؟!!!

حرك يعقوب رأسه بالنفي ... لوى سالم جانب شفتيه بسخرية، فسأله مرتضى بعدم فهم :

مالك يا أبو حسن ؟؟

تغاضى سالم عن سؤاله وقال بتفكير :

كلمتني عشان حاجه مهمه تقريبًا

كما أخبر مرتضى ما سرده خليل إلى يعقوب، شرحه إلى سالم الذي جحظت ملقتيه مرددً بتهجم :

نفسي أفهم فاضل ايه لسا معملهوش

وضع رأسه بين يديه وهمس بقلة حيلة:

فاضل ايه يا محمود لسا هتعمله

هتف يعقوب بضيق :

ويا سلام لو العلبة اللي لقوها في المحجر كانت بتاعت مزاج البهوات

انكمشت قسمات وجه مرتضى متسائلاً باستنكار :

ولو الحاجه تخصهم هيبلغوا عنها ؟!!!

اعتدل سالم في جلسته وهو يجري اتصال بمحمود، متوعد إليه عندما يعود من سفره المجهول، فقد أخبرهم أنه سيذهب مع عبدالله إلى القاهرة لأمر عاجل منذ ليلة أمس ...

؛؛؛

على صعيد آخر

تململ في الفراش الوثير بانزعاج من صوت رنين هاتفه المستمر، انتصف يتطلع إلى شاشة الهاتف بأعين مغمضة ... ألقاه بعيداً عندما رأى اسم أخيه، وتثاءب بنعاس ثم نهض بتثاقل يرتدي معطفه، جر أقدامه إلى خارج الغرفة، يتجول في المنزل بملل ...

: دا كله نوم، دا أنا قولت هتكمل للمغرب

دار محمود باتجاه الصوت، وجدها تجلس على الطاولة تصنع شطيرة ... غير مساره واقترب منها قائلاً بمكر وعينها تتحرك على ملابسها المنزلية :

هو أنتِ مش خايفه الشيطان يكون تالتنا، واستغل الفرصة بما اني في بيتك ولوحدنا

وضعت رنا الشطيرة أمامه وهي تهتف بثقة :

مع واحد زيك بيفكر في أخته وخايف يترد فيها اللي بيعمله مش هيعمل كدا

واستطردت بحماس:

انهارده هسهرك في مكان خطير

: يا بنتي اتهدي شويه، دا سهرت امبارح مع شلتك الفاسدة عايزه شهر راحه في السرير

نهضت رنا عندما صدح صوت جرس الباب، وما هي إلا ثوان ووقف الطارق أمام محمود الذي انتفض من مقعده، وهو يسعل بشدة عندما بلع الطعام دفعة واحدة دون مضغه ....

: دا أنا أقول صباحيه مباركه بقا

؛*******

يتبع

#حسناء_محمد_سويلم

ياريت بلاش كلمة اتأخرتي، وادعولي

دمتم سالمين 💙

بنت المعلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن