الفصل الاربعون والاخير ( الجزء الاول )

6.2K 373 122
                                    

( هنقف الجزء الاول من #بنت_المعلم عند البارت (40) لكن البارت ذات نفسه هينزل علي مرتين، لانه طويل وأحداثه شاملة، دا الجزء الاول من البارت والباقي اول ما يخلص هنيزل أن شاء الله )

دمتم بخير 💜
صلوا على النبي 💜

(؛1)

ألقي جسده فوق الأريكة مرة أخرى بإهمال..... نظر إلى سقف الغرفة بشرود، رأي كل ذكرياتهم منذ أن خطفت قلبه لأول لقاء لهما، كل مرة استطاعت أن ترسل السرور لقلبه بضحكتها الرنانة، خرجت تنهيده حاره من لهيب صدره، عجز عقله عن ايجاد أجابه لما يحدث معه.... لم يطلب سوي  حياة هادئة مع أسرته الصغيرة، الهدوء الذي لم يشعر به منذ نعومة أظافره...

: ليه كدا يا نيره

حدث نفسه يعاتبها وكأنها بجانبه، غصة شهقت جوفه وهو يري صورها الجريئة مع عماد..... سكين غرز في منتصف قلبه مع كل ثانية تمر وهو يعيد ذلك الفيديو وهو يحتضنها، حذرها مراراً بأن تبتعد عن تلك الحية.... كان يريد أن يقوي خيط رفيع بينهما كي ينجو معها في قارب حبهما البصيص، ظل يأنبها في نفسه حتي بلغ منه الوهن، يعلم أنها بريئة ومتأكد من عدم صدق تلك الصور .... لكن هموم العالم اجتمعت أمامه، لن ينتهي الأمر الا بموته أو إنهاء حياة ذلك الخسيس عماد، إذا فعل ذلك ما رد والده المسكين الذي مازال داخل قوقعة الألم بسبب مي وما فعلته ؟! والآن ابنه الوحيد يدمر مستقبله !! ماذا ستفعل تلك الحرباء أن لم تحصل علي مبتغاها في تدمير حياتهم !!

أغمض عينيه لثوان محاولا فصل تلك الحروب المشتعلة داخل جمجمته، والتفكير في حل رزين يخرجه من ذلك المأزق دون خسائر ..... والأمنية الوحيدة أن تمر ساعاته القادمة قبل يفقد سيطرته علي ما تبقي من أعصابه،

؛*******************

: والله ما صدقت لما قوليلي أنك هنا

هتف جملته بسخرية وهو يهبط الدرج بثبات..... رفع عباس نظره يرمقه بغل واردف :

نضفت يابن بياع الخضار

ابتسم عامر وهو يجلس علي المقعد بغرور قائلاً :

مش هرد عليك بما أنك في بيتي 

جال عباس بنظره يتأمل منزله القديم مغمغم بحنق :

متقلقش كل حاجه هترجع لصاحبها قريب اوي

واستطرد متسائلاً :

صحيح من أمته وأنت شغال من تحت لتحت ؟؟

قطب عامر جبينه باستفهام وسأله هو الآخر مستفسرا :

تقصد ايه ؟!

ضحك عباس وقال باقتضاب :

صدقني الانت متحامي فيه نهايته قربت والاحسن ليك تبقا في صفي

تطلع عامر إليه باستغراب مردد ساخراً :

عمري ما هكون أنا وأنت في طريق واحد يا عباس

واسترسل بجدية :

والشغل التحت لتحت دا أنا وأنت عارفين كويس من شغال فيه من زمان

لوي عباس جانب فمه وهتف بضيق :

خلاص يا عامر كل انكشف وعرفنا أن سالم وافق أنك تاخد بيتي عشان تكون كبش فدي يوم ما يحب يرميك بعد ما يطلع آثاره

استكمل بخبث نابع من عينيه :

بنت محمد الصفواني جات وطلبت المساعدة عشان ترجع بيت أبوها وسالم بكرا ياخد بضاعته ويسلمك للحكومة وقتها محدش هينفعك

صدم عامر من فعل عليا الاهوج، وكيف تستعين بمثل هؤلاء لأخذ شئ ليس من حقها ..... ابتسم عباس بعد أن ألقي سمه داخل عقل ذلك الشارد، وتيقن أن بالفعل تحت قدميه كنز ثمين غفل عنه لسنوات طويلة، كان من الممكن أن يجعله ملك من ملوك الأرض.. 

: عايز ايه ؟!

سؤال خرج من عامر وهو يرمق عباس باقتضاب...... وقف يخطو منه ببطيء وهو يشير علي المكان من حوله متمتم :

تكون في صفي وهتكسب، عز هيجي يقابل الاسمه موسي والباقي ميخصكش ونسبتك محفوظة

اقتصر تلك الجلسة متسائلاً بجمود :

امته ؟؟

ارتخت ملامح عباس براحة بعد أن حصل علي مبتغاه :

بعد صلاة العشا

وقف عامر مردد بتهكم :

لا وانتو من أهل الدين وبشدة

أنهي حديثه وهو يشير علي باب المنزل ..... حرك عباس رأسه بهدوء ثم خرج دون أن يضيف، يكفي استطاعته بكل سهولة أن ينجح في مخططتهم، وبعد ذلك سوف يعطي عامر درس لن ينساه ...


علي الجهة الأخرى زفر عامر بيأس فقد بلغ جنون التملك منهم جميعاً، حتي المعلم سالم مثله الأعلى، حقا كم هو مخيف .... استطاع أن يخفي وجهه الحقيقي تلك الأعوام ويرسم بدلاً منها وجوه الحق، والعدل، رجلاً لا يرضي بالظلم .... الحلال والحرام يرسمان طريقه، لم يختلف إثنين علي شخصيته الحكيمة، مرعب أن تعيش مع شخص أعوام وآخر المطاف تنصدم بوجه آخر لا يمس ذاك بصلة ... بقلم حسناء محمد سويلم

؛*****************

في مكان آخر أشبه بمجهور

رفع نظره ينظر من يفتح الباب عليه تلك المرة، فمنذ مجيئه لا يأتي إليه سوي رجل مجهول الهوية بالنسبة إليه يضع صينية بها طعام وزجاجة مياه، ومن الواضح أن لديه أوامر بعدم التحدث معه نهائياً ....

: معتصم ؟!

نهض من جلسته متأملا أخوه بدهشة ولا مانع من بصيص أمل في خروجه من ذلك المكان .... دلف معتصم مغلق الباب خلفه برفق، وتقدم منه بوجه عبوس قائلا بجمود :

القعدة هنا شكلها عجبتك 

حدق أحمد به بتعجب وسأله بشك :

يعني المكان دا تبعك ؟!

لوي معتصم شفتيه مردد بسخرية :

نفسك اقولك ايوا صح

واستطرد بصياح :

لكن لا يا احمد وأنت عارف كويس المكان دا تبع مين

أصاب الذعر قلبه أكثر فلا داعي من الأساس تأكيد فكرة موته هنا ... بلع لعابه وهتف بتعلثم حاول اخفائه :

مش هتفرق المكان تبع مين المهم هخرج أمته

فاض الكيل من بروده وكبريائه الزائف.... انقض معتصم يمكسه من تلابيب جلبابه مزمجر بحده :

ياخي أنت ايه معندكش دم مش بتحس

دفعه بعنف مستكملا بغضب شديد :

ابوك بيدور علي مشتري للبيت وعمل تنازل عن الأرض، وأنا بهد كل حياتي عشان خاطر خالك يوافق يسيبك لو طلعنا من البلد وأنت بكل برود مش همك غير نفسك

اعتدل أحمد في وقفته مردف بخفوت :

يعني خالي وافق يسبني لو طلعنا من البلد

ضحك معتصم وهتف متهكما :

ترمي علي مراتك الـ هي أساسا بنت خالك ماية نار وتدمر حياتها وعايز ابوها يسيبك حي

اختفت بسمته الساخرة واسترسل متسائلاً بجمود :

هو أنت مش عارف مين المعلم سالم ولا اي ؟؟

جلس احمد علي المعقد يهمس بقلق :

ولما هو عايز يقتلني سايبني هنا ليه

أخرج معتصم ورقة من جيب سرواله وهو يقول بحنق :

عشان يشوف الرعب الأنا شايفه في عنيك دلوقتي

وألقي الورقة مستكملا :

امضي علي ورقة الطلاق يمكن كلام ابوك يطلع صح ويسيبك لما تطلق بنته ونطلع من البلد

تطلع أحمد الي الورقة بعدم تصديق ...  في نفس الوقت فتح الباب ودلف ذلك الضخم وهو يقول بحده :

المعلم سالم قال خمس دقايق

كان يتحدث وهو ينظر إلي معتصم الذي فهم أن وقت مغادرته قد حان، أخرج القلم وأعطاه الي أحمد مرسل إليه نظرة حاده ..... أسمك القلم بيد مرتعشة، وعينيه غير مستوعبه أنه بالفعل يمضي باسمه في قسيمة الطلاق..

أخذ معتصم الورقة وغادر سريعاً فقد كان مرغما علي مجيئه....، ترجي والده بأن يترك المعلم سالم يتصرف مع أحمد كما يشاء، ولا داعي بأن تهدم حياتهم لأجل أرعن مثله .... ودائماً كانت إجابة صبري بأن عليه أن يفعل المستطاع كي يخفف بطش سالم عنه،


؛*********************


ارتدت عباءتها واختارت ما يناسبها من ألوان الحجاب .... بعد أن تأكدت من مظهرها، أخذت هاتفها ووضعته في الحقيبة وهي تخرج من الغرفة، نظرت إلي الصغار بملل وهو تقول بحنق :

يعني يوم ما اخرج اسحب ورايا اربع عيال

زفرت بضجر ثم أشارت إليهم مردفه بأمر صارم :

بصوا بقا شقاوة وعدم سمعان للكلام مفيش كرتون جديد نهائي، هتروحوا معايا ساعتين ازور اهلي تقعدوا زي المسطرة يا إما ايه

أكمل الصغار في آن واحد :

مفيش كرتون نهائي

أكدت إليهم مستكملة :

يلا، رشدي ومؤمن امسكو في ايد بعض وقدامي

مالت بجزعها تحمل ربيع وهو تشير إلي حنان :

تعالي يا حنان امشي جمبي ويلا بينا يا سي بعبع

نفذ الصغار أمرها بحماس فتلك أول مره يخرجوا من المنزل منذ فترة كبيرة.... تمعنت بهم ثم فتحت الباب، كادت أن تخرج لولا أن أوقفها صوت رنين هاتفها، لم يصعب عليها أن تعرف المتصل دون أن تري الهاتف، فهو يتصل للاطمئنان علي أطفاله عشر مرات في الدقيقة..

: خير، هو أنت مش تفصل

جاء رد ربيع بصوت غاضب :

وأنتِ أمته تتكلمي زي بقيت الحريم الـ بتكلم رجالتها

تهكمت مي متحدثة باستفزاز :

وهو فين الرجالة دي

اخفت ضحكتها هي تستمع لصياحه الحاد :

ماشي يامي وحياة أمي لما انزل لاعرفك هي فين الرجالة

تأففت وهتفت بضجر :

بقولك ايه أنا مش عايزه وجع دماغ، وعايزه امشي

كتم غيظه ورد عليها بضيق :

سيبي العيال عند امي أنا عرفتها أنهم هيقعدوا معاها لحد ما تشرفي

رفعت نبرتها الساخرة قائلة :

اه عشان لو عيل اتخدش ترجع تقولي دا مش الاتفاق، مش كفايا قولت اسبوع ولسا مبلط عندك

غمغم ربيع بسخرية بالغة :

معلش هوقف مصالحي عشان المدام مش صابرة يومين كمان علي طلاقها

ردت عليه ببرود :

الكلام هيفيد بـ ايه مع واحد مش بيفهم غير في البهايم


: ما هو عشان كدا اتجوزتك

تحدث بفظاظة واغلق المكالمة فجأة.... وضعت مي الهاتف في الحقيبة وهي توبخه بضيق، ثم خرجت للأطفال المنتظرين أمام الدرج، وانطلقوا الي واجهتهم ...

؛***************** بقلم حسناء محمد سويلم

عودة إلي القاهرة

دلفت لغرفتها مجددا بعد أن صنعت كوب من القهوة سريعة الذوبان ... أغلقت الباب ووضعت الكوب علي المنضدة القريبة من فراشها، أكملت باقي حديثها من خلال سماعة البلوتوث قائلة :

طبعا كلنا استغربنا ازاي محمود قدر يفكر كدا

تمتم رنا بهيام :

يا بخت اختك هو في حد لسا بيحب كدا

انكمش بين حاجبيي رحمه مردده :

أنا بصراحة مش فهماكي قادرة ازاي تعجبي بكل دول مع انهم مختلفين عن بعض

جاء رد رنا السخيف قائلة :

يا بنتي أنتِ وأخواتك الـ عايشين في الزمن تاني، مش هيحصل حاجه لو دخلت في علاقة واتنين وتلاته هي الحياة هنعشها كام مره

مطت رحمه شفتيها مردفه بقلق :

بابا لو سمع كلامك هيخليني اقطع علاقتي بكل الناس مش أنتِ بس

قهقهة رنا بميوعة وسألتها :

هو باباكي معاكم 24 ساعة ؟

إجابتها رحمه بجدية غير مدركة مدي تفاهة تلك الساذجة :

مش 24 ساعة بس موجود معانا

ردت عليها بسلاسة :

ايه يعني بقا لما افك عن نفسي شويه، بذمتك دكتور خيري يترفض ازاي دا عنده فلوس تمتعني سنين وهضمن نجاحي بتقدير كمان

سألتها رحمه مستنكرة طريقة تفكيرها :

فرق 20 سنه بينكم ؟؟

إجابتها بضحك :

وايه يعني دا فرق 20 سنه، المره الجايه يكون زي منير المقشف الكحيان، بعده يكون زي محمود، وعدي علي كدا كل مرة راجل شكل بظروف مختلفة

استرسلت سُمها قائلة :

ولا عايزاني أوصل لدكتورة نفسية زيك كدا

اندفعت رحمة مردفه بضيق :

أولا أنتِ عارفه أن أنا الطلبت اقعد معاها، ثانيا فعلا كلامها وأسلوبها صح أنا حبيت اتكلم معاها جدآ لما اقترحت عليا بلاش جلسات ونتكلم في الفون كل يوم نص ساعة 

هتفت رنا بملل :

ومالو خاليها تنفعك، أنا هقفل دلوقتي وهكلمك تاني

: اوك

أعادت رنا حديث رحمه بسخرية متمته :

بومه آخر حاجه

بحثت في قائمة الأسماء حتي حصلت عليه ثم ضغطت علي زر الاتصال ..... في ثوان جاء رده قائلاً بلهفة طاغية :

ها في جديد؟؟ قالتلك حاجه عني ؟ ولا بدأت تهدي !!

ضحكت رنا بدلال مردفه :

ايه يا دوك اتقل شوية مش كدا

رد عليها خيري بحده طفيفة :

رنا أنا خلقي ضيق وأنتِ لحد دلوقتي محلك سر

رفعت حاجبيها باستنكار مغمغمه :

والمفروض أن اعمل ايه اكتر من كلامي طول الوقت عنك وأنك فرصة مش هتتعوض


هتف باقتضاب :

تتكلمي تتشقلبي الامتحان الجاي مش هتنجحي فيه غير لما اسمع أن رحمه اقتنعت، تهرب بها، تعصى أبوها، معرفش تعملها ازاي المهم أن رحمه تكون ليا

واغلق المكالمة في وجهها .... ألقت رنا الهاتف متأففة، بعد ذلك التهديد إن لم تنفذ ربما سترسب للسنة الثانية، وهكذا سيعلم والدها بأنها ليست في الفرقة الرابعة ..... ابتسمت بمكر عندما تذكرت رقم الهاتف التي استغلت عدم وجود رحمة معها عندما كانت في زيارتها ودونته دون علمها،

: تجربة جديدة معاك يا حوده يا قمر أنت

؛*****************

كان يقف أمام العمال يتأكد من خروج الشاحنات المحملة بأدوات البناء بنفسه، لذلك كان الجميع يعمل علي قدم وساق....  رب عملهم هذا ليس كأخوته أو والده، قسمات وجهه الحاده ونبرته الصارمة ترهبهم من اقتراف خطئ... بقلم حسناء محمد سويلم

أنتشله من تركيزه صوت رنين هاتفه، أخرجه من جيب جلبابه الرمادي واجاب دون أن يلتفت للمتصل :

السلام عليكم

جاء صوتها اللطيف قائلة :

وعليكم السلام

يا ويلتاه نسيم روح هادئة رفعته لأعلي سماء صافيه، وأخذت نبرتها محل زقزقة العصافير.... تحلق به في عالم آخر

: يعقوب

هتفت باسمه عندما طال صمته ..... التف الآخر يخطو بعيداً عن الضوضاء وهو يجيبها بتسلية :

مين معايا ؟؟

جدية صوته جعلتها لم تستشف مزاحه، فأردفت باستنكار :

مين !! مش عارف انا مين ؟!

حاول تماسك نبرته الجامدة مردد :

معلش يا آلاء أنا في الشغل كلمي سميه علي رقمها ولما ارجع البيت هبلغها تكلمك

صاحت حسناء بصوت حاد عكس طبيعتها :

الاء مين !! وهي اصلا تكلمك ليه ما تكلم أختك علي طول

ابتسم بمكر وهتف بعبث :

لا أنا خلاص عرفت جعفر الـ بيطلع مرة واحدة دا تبع مين

" جعفر " همست بعدم تصديق لما وصفها به الآن ..... كتم يعقوب قهقهته الخافتة بصعوبة قائلاً :

ايه يا حسناء خير

صاحت باستهجان :

أنا جعفر ؟!!!

واستطردت بضيق :

اه أصلك مش بتحب غير المسهوكين، أساساً أنا عارفه من الأول أن بابا غلطان هو مفكرك محترم و..

بترت باقي حديثها عندما استمعت الي ضحكاته الخافتة، شعرت لوهلة أنها ساذجة لتقع في فخ كهذا .... وحمحمت بنعومة متمتمه بجدية :

علي فكرا أنا عارفه أنك بتستهبل من الأول

لم يرد عليها شعوراً بحرجها ... استغلت صمته وسألته بهمس :

هو خليل كلمك ؟؟

أجابها بثقة :

كنت متأكد أنك هتسأليني عنه

جاءت نبرتها الغاضبة قائلة :

طيب لو سمحت تقولي ايه الحصل بينكم وأنت قولت ايه عني من غير كدب

قطب يعقوب جبينه باستفهام مردد بحنق :

ايه قولت عنك دي ؟؟

أعادت حسناء سؤالها بهدوء :

لو سمحت احكيلي ايه حصل ؟؟

لم يكترث يعقوب كثيراً وقص إليها ما حدث ...... ضغطت حسناء بغيظ مردفه بشراسة :

كنت متأكده أنه كداب وأنك مستحيل تقول كدا عني

تدفق الدماء في رأسه بعنف متسائلاً بترقب :

وهو قالك ايه ؟؟؟

كانت تعلم أن الأمر لن يمر مرور الكرام إذا علم يعقوب بكذب خليل، ولكن كان عليها التأكد بنفسها، وأيضا تنذر يعقوب من تخطيط ذلك الخبيث ...

: هو كلم مها مش أنا، وقال كلام ملوش لازمة

زمجر يعقوب بنفاذ صبر :

ايوا ايه الكلام دا 

بهتت نبرتها هامسة :

كلام ملوش لازمه وخلاص يا يعقوب، وبعدين مها متأكدة انك مش ممكن تقول كدا وعارفه أنه كداب

سألها باضطراب قلقا من إجابتها :

وأنتِ ؟؟

دون تفكير هتفت بتأكيد :

عارفه أنه كداب طبعاً

تنهد براحة علي الرغم من النيران المتأججة بداخله، لقد تخطي خليل حدوده وعليه أن يعلم مدي عقوبة أن يقترف خطأ معه

: هو أنا لو قولتلك بالله عليك بلاش مشاكل، ولا كأنك سمعت مني حاجه هتسمع كلامي 

تمتم بشرود أصابها بالقلق :

لازم كل واحد يعرف حدوده كويس

ردت عليه بعتاب :

أنت كدا هتخليني اندم عشان اتكلمت معاك، وخاليك فاكر أن أي حاجه هتحصل اسمي هيكون فيها شوف الناس هتقول ايه بقا لما اتنين رجالة يتخانقوا عشان واحده

ضغطت على أسنانه مسيطر علي علو صوته مردف :

أنا مش عيل عشان اخلي سيرة حريمي علي كل لسان واي حد يفكر يجيب سيرتك هدفنه مكانه

ابتسمت بسعادة لم تعلم سببها بعد، نسبها من نسائه وأسلوبه الشرس في حمايتها، جعلها تود شكر خليل لفعله، لتري ذلك الاندفاع من أجلها ثانية

: هقفل دلوقتي لان مش عارف أكلمك من صوت العمال

ودعته قائلة :

في حفظ الله

تنهدت بقلق ثم نهضت تخبر مها لعلها تطمئنها، وتكذب حسها بأن الأمر علي ما يرام حتي الآن

؛*****************


بعد صلاة العشاء

في الوقت المحدد بالدقيقة، مع خروج الناس من المسجد بعد اتمام صلاة العشاء، وقفت سيارة عز أمام المنزل المقصود ....

ارتجلت من المعقد المجاور له وهي تلوك العلكة بطريقة مستفزة، حدقت بطلته المثيرة ... جلبابه الأبيض الناصع، حذائه الاسود اللامع، شعره المصفف وكأنه رص بعناية، ثم رفعت نظرها تتأمل ملامح وجهه ... لحيته الخفيفة المهندمة، أعينه الرمادية التي تجعلك تقول سبحان الله كلما رأيتها ...

: يا خسارة الحلو مش بيكمل

ابتسم عز بغرور هامسا بجانب أذنها بوقاحة :

نخليه يكمل دلوقتي

رمقته ساره مردده بتهكم :

دا لما أمك تطلع من تربتها أن شاء الله

رد عليها بدهاء :

مش يمكن أنتِ تروحيلها

بصقت علي الجهة الأخرى بصوت منخفض وهي تلحقه، بعد أن أرغمها علي المجيء معه لمقابلة موسي.....

جلست علي الأريكة المقابلة له وهي تتأمل المكان، دقيقة وظهر شخص لا يقل وسامة عن عز ... دلف مرحب بحفاوة بسارة :

وأنا أقول البيت نور فجأة ليه

ابتسمت سارة بدلال وهو تراه يمسك كفها يقبله برفق .... رفع عز حاجبيه باستنكار، بينما ردت ساره بهمس غير معهود منها :

دا البلد النورت بوجودك

رتب موسي علي كفها وكاد أن يتساير معها لولا أنه لمح ظل خلفه، عندما دار اليه وقف يصافحه معرف بنفسه بعنجهية :

عز منصور عزب

صافحه موسي ببرود مستشف غروره، هتف عز بجمود :

مش هاخد من وقتك كتير

جلس موسي واضع ساق في الأخرى مردد  :

هنشوف

ضغطت عز علي فكه بقوة واردف :

في عرض يمكن يكون مكسب ليك

: أعرفه 

ذلك المستفز لن يصمد أمامه عز كثيراً.... أشار عز علي المنزل قائلا :

تسلمنا الـ هنا مقابل ارض الجناين

ضحك موسي بشدة مردد ساخراً :

اسلمك ايه يا بابا

احتدت نبرة عز مردف بنفاذ صبر :

تسلملنا كام تمثال مقابل أنك تشيل مقبرة

حدق موسي إليه بشك متسائلاً :

أنت عارف انا شغال في ايه ؟؟

ابتسم عز مجيبه بتهكم :

أكيد مش تاجر سبح

رمقه لبرهة يتفحص ملامحه الجادة ثم مغمغم :

قبل اي كلمة اشوف واعاين الأول

وقف عز مردد بحماس :

وانا مش بحب اضيع وقت، المكان ميتوهش وانا في انتظارك

غادر وترك ساره مندهشة من تصرفه، رحل وكأنها هواء شفاف متجاهلها بطريقة جرحت مشاعرها أمام موسي ...

صعد سيارته وهو يفكر في صحة مخطط والده، وخاصة أنه مازال يشك في أمر موسي..... طيلة الطريق كان شارد في المستقبل المجهول الذي أصبح الآن في يد غريب يمكن له أن ينهيهم في آن واحد ،


كان يخطو الي غرفته فعليه التفكير بهدوء مع كامل الأدلة ... وقف فجأة عندما رأي عليا تخرج من المطبخ حاملة صينية بها فناجين قهوة، هبط مرة أخري وهو يهتف بحنق :

مش معقول تتعبي نفسك وتدخلي المطبخ

أنهي حديثه وهو يأخذ الصينية .... توردت وجنتي عليا عندما لامسة يد عز، ثم تمتمت بخجل :

أنا بحب اعمل قهوتي بنفسي وبعدين لقيت عمو منصور وطنط هاديه موجودين عملت ليهم

مال إلي الأمام يقترب منها أكثر هامسا بهيام :

يا خسارة مليش حظ اشرب من ايد السكر

رفعت عليا يدها تعيد خصلتها المتمردة مردفه ببسمة :

لا عملتلك واحدة كنت حاسه أنك هتيجي

تحرك عز خلفها باتجاه غرفة الصالون مغمغم بخبث:

يسلملي الحسيس

ابتسم منصور بفخر عندما رأي افعال ابنه الماكرة.... بينما احتقن وجه هادية بضيق، اخفته وهي تأخذ فنجان قهوتها مبتسمة إلي عز ...

دار الحديث المختلف عن أشياء عدة حول حياة عليا بعد أن غادروا من القرية لمدة نصف ساعة تقريباً ... لم يكف منصور عن سؤالها كي يرضي فضوله حتي استأذنت بالصعود لغرفتها لشعورها بألم مفاجئ أصاب رأسها ..

؛***************

في غرفة لا يفسد ظلمتها سوي مصباح ينير بخفوت.... جلس منذ أكثر من ثلاث ساعات، ينتظر حلول الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، مجرد تخيل أن كل مخططه يفشل يشعره بقلق عاصف .... انتظر بفارغ الصبر كي يرد الصاع صاعين لما بدر منهم، تحلي بالصبر بصعوبة عندما صمت علي كل أفعالهم،

علي الرغم من ذلك تيقن أن كل تلك المدة كانت لصالحه، كل يوم يكشف الله طريق أمامه ليتحكم في السيطرة عليهم داخل حلقة حصار رسمها بحرافية ليقعوا بها،

دق عقرب الساعة في تمام الساعة الواحدة صباحاً .... ثوان وجاء اتصالها علونا عن بدأ ظهور خططته علي أرض الواقع

: عمو سالم انا قدام البدروم

رد عليها بهدوء :

متخفيش ادخلي الاول علي اوضة عمر

تنفست عليا عدة مرات متتالية وخطت برفق شديد تفتح باب البدروم بهدوء تام، مع أنها من وضعت دواء ( حبوب المنوم ) في القهوة إليهم، إلا أن مجرد وجود هؤلاء الأشخاص في المكان معها يشعرها بالرعب ....

كل ثانية تمر في المكالمة كانت تلعب علي اوتار أعصاب سالم، ليس فقط قلق لفشل خطته، ولكن القلق الأكثر إذا لم تحرص عليا علي وضع الدواء إليهم بشكل صحيح كما أخبرها، لن تنجوه من يديهم إذا كشف أمرها

: عمو في اوضة مقفولة بقفل كبير وأوضة تانيه مقفولة بس القفل مفتوح

أجابها بتفكير رزين :

لازم تطلعي عمر يقابل معاكي الرجل الأول منضمنش هو مين ولا ممكن يعمل ايه

خطت عليا ببطيء باتجاه احدي الغرف ثم ركعت بجانب الباب، كي تستطيع النظر من أسفله محاولة أن تنجز مهمتها .... عرقلتها الإضاءة الخافتة في تحديد ما أن كانت الي عمر أو للآخر، نهضت وهي تنظف سروالها الضيق، وابتعدت عن الباب متمتمه بهمس :

مش عارفه اشوف مين الجوه بس الاوضة مبهدلة وفيها ريحة مقرفة

شرد لبرهة في حديث عمر عن هيئة الرجل وملابسه المتسخة فقال لها بعجلة :

روحي الاوضة التانيه وخودي بالك

انصاعت إليه وهي تتفحص الطريق العلوي للمنزل بخوف، امسكت القفل المفتوح ولفته لعكس وضعه...... بحرص شديد فتحت الباب بتوتر متأملة المكان، تنسفت الصعداء عندما رأت شاب في مقتبل العمر نهض من فراشه يقترب منها :

أنت عمر

أمأ إليها بتأكيد ... لم تكن وحدها من تنفست براحة بل كاد المعلم سالم أن يضرب الطاولة من شدة توتر أعصابه،

: أنتِ تبع المعلم سالم

حدقت به بضيق مغمغمه باستنكار :

أنت شايف ايه

شعر عمر بغباء سؤاله فلقد بلغه المعلم سالم بعد أن هاتفه من جواله المخفي، أن هناك فتاة ستأتي لمساعدتهم، لحل ذلك اللغز المريب ....

عندما طال صمته الاثنين صاح المعلم سالم بحده كادت أن تهلكهم من سماعة الهاتف :

ايه هتستنوا لحد ما منصور ينزلكم

أشارت عليا الي عمر بأن يتقدم، فتحرك أمامها بحذر الي الجهة الأخرى مردد بصوت منخفض :

لازم ندور علي مفتاح القفل هو اكيد هنا

التفت عليا علي طاولة قديمة تحول بنظرها ... بينما تحرك هو بجانب الباب يتفحص الأرضية، علي حين غرة انتفض عمر علي صوت صرخة من شفتي عليا .... خفق قلب المعلم سالم بقلق متسائلاً :

ايه الحصل ؟؟؟

اقترب عمر منها هو الآخر يرمقها بخضة، أشارت عليا علي الأرضية متمتمه بفزع :

السليبر بتاعي اتوسخ تراب

ارتخت ملامح عمر ونظر إليها بحنق ثم توجه عاد للبحث عن المفتاح قبل أن يشق رأسها لنصفين تلك السخيفة..... لو كان الصوت يقتل لقتلها سالم دون رحمة وهو يهدر بضيق :

وقسما بالله لو ما اتعدلتي ما حد مبلغ عنك لمنصور غيري

مطت عليا شفتيها ثم عادت تبحث هي الآخر بغضب من تصرفهم معها والاستهانة بمشاعرها.... وأخيراً وحد عمر المفتاح بالقرب من الطاولة، امسكه برفق ثم فتح القفل في ثوان، كان فضوله يسوقه في معرفة سر آل عزب .... دون أن يمهل الأمر فتح الباب علي مصراعيه


: انتو مين ؟!

حاول أن ينهض من الفراش المتهالك وهو يسألهم بصوت ناعس ..... اسرع عمر في الاقتراب منه مردف بهمس :

وطي صوتك احنا جايين نساعدك

فرك العجوز وجهه بعد تصديق ظنا منه أنه يتوهم، وقال بنفس همس عمر :

انتو عفاريت

ضحكت عليا بخفوت وتمتمت بتهكم :

عفاريت مين ياعمو صحي النوم

واستطردت بثقة :

احنا تبع المعلم سالم

انتفض الرجل ممسك معصمها وهو يردد بصدمه:

سالم سويلم

حاول عمر أبعاده عنها هامسا بقلق :

ياعم ابوس ايدك رجالة منصور لو سمعوا صوت هنروح فيها

كرر العجوز سؤاله بإصرار :

أنتِ قولتي سالم سويلم

أمأت عليا اليه بخوف من هيئته ثم قدمت اليه الهاتف كي يصدق ..... نظر إلي الهاتف بعدم فهم، فأخذه عمر بدلا منه قائلا :

اسمع بنفسك يمكن تصدق

لم يفهم الرجل بعد ماذا يفعل فوضع عمر الهاتف علي أذنه .... في نفس الوقت كان سالم يتحدث بضيق :

أنا هفضل مستينكم كتير تردوا

: سالم

تسمر المعلم سالم بثبات عندما استمع لصوت غريب ولكنه مألوف بعض الشيء، واردف بهدوء كي لا يفزعه :

متخفش أنا عايز اساعدك لكن عرفني انت مين؟؟  وبتعمل ايه عندك ؟؟

ترقرقت العبرات في عينيه هامسا بصوت محشرج :

أنا توفيق يا سالم  " أنا توفيق عزب "

استرسل بتوسل :

طلعني من هنا مش عايز اموت لوحدي، متسبنيش زيهم

؛******

يتبع
#حسناء_محمد_سويلم

( تاني البارت دا ليه تكمله هتنزل اول ما يخلص )

متنسوش الڤوت 💜

كل الحب والتقدير ليكم 💜

بنت المعلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن