الفصل الثالث عشر

5.7K 302 20
                                    

الفصل الثالث عشر (13) :

جحظت أعين يعقوب بصدمه بما تفوت به والده للتو، بينما تطلع المعلم سالم إلي سعد فقال باندفاع ليبرر نفسه :
والله ماعرف هو بيتكلم عن ايه يا عمي

هتف عبدالله وهو يحاول التخلص من بين يدي أكرم كي ينقض عليه :

سبني عشان اعرفه ازاي يتكلم علي اختي مع الصيع الـ شبهك

اقترب يعقوب من والده قائلاً بجمود مثل ملامحها المقتضبة :

ايه يابا الكلام الـ عبدالله بيقوله دا

نظر عزيز الي سعد بغل وما كاد أن يتحدث ليقطع وصلتهم دلوف رجل من القريه يحاول التقاط أنفاسه وكأنه كان يركض أميال، نظر الي عامر وقال وهو يلهث :

أخيرا لقيتك يا راجل

رفع عامر حاجبيه بتعجب فمن يعرفه بتلك القرية، وكذلك المعلم سالم الذي سأله بتعجب :

خير يا سيد فيه ايه

تطلع سيد إلى سالم وهتف وهو يشير علي عامر :

البيت الضيفك شاريه بيولع والناس مش عارفه تطفيه

تفوه عامر بدهشه :

بيت مين

كرر الرجل حديثه ولكن تلك المرة بنفاذ صبر :

البيت الانت شاريه من عباس بيولع والناس مش عارفه تطفيه وشكله هيشبط في البيوت الجنبيه

ظل الكل يتأمل بعضهم في صمت مما يحدث منذ صباحية النهار،  والمصائب التي تتولي بشكل غريب عليهم، قطع نظراتهم صوت جابر الموجه الي الشباب :

انتو وقفين كدا ليه مش سمعين بيقول النار تتمسك في بيوت الناس

وكأنه ايقظهم من غفلتهم ليركضوا خلف بعض كي يلحقوا الحريق قبل أن يشب في البلدة،  علي الصعيد الآخر تحرك المعلم سالم وعبده وجابر خلفهم بينما تحرك عزيز عكسهم وقبل أن يسلك الطرق الآخر قال بوجهه عبوس وصوت حاد :

حسابنا مخلصش يا سالم

رمقه سالم بجمود وهاتف بحده مماثلة  :

وقت ما تحب وتعالي خلص حسابك، أنا مش بتهدد يا عزيز

اقتضبت ملامح عزيز وكاد أن يرد ولكن قاطعه سالم يكمل بصرامة :

البيت مش بعيد عليك...

بتر حديثه عزيز قائلاً  بضيق :

يحرم عليا بيت حد فيكم

أشار سالم بسخريه :

خلاص ومالوا نشوف بيت اي حد وتبقا الفضايح علن

صمت عزيز مرغم فتلك النقطة غفل عنها، اكمل سالم قبل أن يتحرك كي يلحق بأخويه والشباب :

هستناك بعد العشا

ثم تركه وأكمل سيره تحت نظرات عزيز الغاضبة من برودة أعصابه في أمر هام يمس سمعته، تحرك هو الآخر باتجاه منزله كي يعرف بالتفصيل ما قصته زوجته عليه قبل أن يخرج فمن الواضح أن الأمر لن يمر مرور الكرام،

؛***************

عوده للمنزل بالتحديد داخل  غرفة النساء جلست زينب محتضنه خلود بين يديها وكأنها حصن منيع يحميها من شر الأعداء، كان صوت شهقاتها يصدح في أرجاء المكان لا تستطيع التوقف عن البكاء فهو وسيلتها الوحيدة، ربما تحاول استيعاب ما حدث أو تنكره وتقنع عقلها انه مجرد حلم أو بالأصح كابوس مرعب ستستيقظ منه لا محال،  ازدادت في النحيب عندما شعرت بغصة أصابت قلبها من نظرات معشوقه قبل أن يرحل، لا تعرف هل تحزن منه أو تشفق عليه، رتبت زينب علي كتفها بحنان قائله بحنو :

بس يا حبيبتي بس أنا متأكدة أن في حاجة غلط

جلست صباح بجانبها ثم ابعدتها من بين أحضان والدتها لتقول بحنكه :

امسحي دموعك دي أنا مربياكي علي أيدي أنتِ ومحمود ومتأكدة انه لا يمكن  يعمل كدا

أكدت رحاب علي حديث صباح ولأول مرة تنطق بالخير في جلستهم :

ايوا انا ابني لا يمكن يعمل كدا، ربنا يعلم أن بيعز بنات أعمامه زي سمر

نهضت حسناء ثم أمسكت خلود من معصمها :

قومي تعالي اغسلي وشك

انصاعت خلود إليها ثم لحقتهم أمل وخيريه بإشارة من حسناء، انتظرن دلوفها المرحاض ثم قالت حسناء بصوت منخفض :

انتو شفتوا الصور

حركت امل رأسها بالرفض، بينما اردفت خيريه بحزن :

ايوا لمحتها

نظرت إليها لبرهه وقالت بتسأل :

ملفتش نظرك حاجه !!

اجابتها خيريه بعدم فهم :

حاجة ايه

رمقتهم حسناء بريبه :

هو ازاي الصور الـ خلود ورتها لهند أنها هي دي الـ مبعوته لأيمن، وخلود ومي في نفس الصورة مع أن سالم زعق وضرب خلود حتي عمك جابر دخل نده لـ خلود بس

هتفت أمل باللامبالاة :

عادي ممكن خلود تكون غلطت وهو بتفتكر الصوره

صمتت حسناء تفكر في حديث أمل، ربما يكن صحيح وأن كل اعتقادها خاطئ، ولكن لـ خيريه رأي آخر فقالت بهدوء:

طيب لو كلام حسناء صح 

خرجت خلود وهي تمسح وجهها بالمنشفة، اقتربت من المرأة الموضوع أمام المرحاض، تطلعت إلي انعكاس صورتها وجنتها المحمرة إثر صفعه سالم، واعينها المتورمة من البكاء، اقتربت أمل منها ثم قالت بحرج :

خلود انا عارفه أن الـ تقوله دا مش وقته، بس ممكن يساعدنا في الحقيقة

دارت خلود إليهم وعلت علي وجهها معالم الاستفهام، فقالت بصوت محشرج :

مش فاهمكي

أشارت خيريه إليهن مردفه :

تعالوا فوق عشان نعرف نتكلم

؛ **********

في مكان ليس ببعيد عن القرية كان يقف بالسيارة يتأمل لهيب النيران المشتعلة بانتصار، فقد استطاع إخماد قليلاً من نيران الحقد والغيرة من واحد منهم،  ابتسم بسعادة مع تنهيده داخليه خرجت بزفير راحه، قطع عليه خلوته السعيدة صوت سيارة اتيه خلفه لم يكن من الصعب عليه معرفة صاحبها،  وبالفعل وقفت السيارة بالقرب منه ليرتجل منها الآخر بوجهه مقتضب اقترب منه ثم هدر بغضب :

كنت متأكد أن هلاقيك هنا

تعجب عباس من غضبه الغير مبرر بدلاً من أن يفرح بتلك الخطوة، تأمل ثم نقل بنظره إلي السماء التي تغير لونها إلي وبدأ الدخان الأسود أن يغطي عليها وقال بغل :

كان لازم أجي وأشوف بنفسي وأملي قلبي بالمنظر دا

رمقه الآخر بضيق وصاح بحده:

أنت ازاي تتصرف من دماغك، ازاي تعمل حاجه زي كدا من غير ما تقولي

هتف عباس بحنق من اسلوبه الفج وكأنه صبي يعمل تحت أمره :

انت بتكلمني كدا ليه

وأكمل بتعجب :

وبعدين أنت مضايق ليه، بدل ما تفرح بخطوه جديده علي الأقل مش زيك نايم في الخط وسالم واخواته عايشين ولا هممهم

بنت المعلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن