٢٣. أسطورة المعركة الكبرى

99 10 9
                                    

التفت إليه أوجس وأمسكه من كلا كتفيه بقوة قائلا ''الحل الوحيد هو أن نجد صديق هايان الذي ائتمنه على العينين، الوحيد الذي إذا وافق على حصولك على عيني صديقه فلا يهمنا الباقي، في النهاية جميعهم لا حق لهم في أخذها إن هو وافق''

باستغراب من كلامه نظر إليه آدم مضيقا حاجبيه ''هل هو حي؟ ألم يعيش هايان منذ زمن بعيد؟''

''لم يذكروا موته أبدا، قالوا أنه يعيش في مكان لا أحد يعلمه، ويظهر متى يريد''

''إذا لم كانت العينين بحوزة منظمة المعلم إنجيز؟''

''لا أعلم يقينا لم كانت في يد منظمته، ذلك يظل لغزا''

''وماذا لو لم يجدني صديق هايان شخصا كفئا؟''

''سيفعل، أنت شخص جيد، قيل أنه جيد في قراءة الأشخاص، وأنت شخص جيد يا آدم، أنا متأكد أنه سيسمح لك بالاحتفاظ بالعينين''

رفع آدم رأسه ناظرا إلى أوجس بعد كلماته الأخيرة  باسما ''أنت تظن أنني شخص جيد؟''

''نعم، أعرفك منذ الصغر لطيف كريم وحنون وفي نفس الوقت قوي وشجاع وذكي، أنت أفضل مني في كثير من الأمور''

ابتسم آدم لكلام أوجس وقال ''شكرا لك، أعترف أنك الآن أفضل من حين كنا صغارا''

زفير مع ضحكة أبانت أسنان أوجس ''أعلم أنني كنت شخصا مريعا''

ثم تذكر آدم تلك الذكرى ''وآسف أنني صرخت فيك واتهمتك بالوشاية على أمي ذلك اليوم، أعلم أنه لا يجب أن لا تكتم حقا ولو كان الشخص قريبا، كنت ساذجا في ذلك الوقت''

ربت الآخر على كتفه قائلا ''لا بأس، ما حصل قد انتهى ونحن الآن هنا''

ثم الإبتسامة اختفت من على وجه آدم، يعتقد أنها مسؤولية كبيرة، أعني إذا وافق على إبقاء العينين، ثم  حصلت المعركة الكبرى كما بعض الناس يقولون، هناك مسؤولية كبيرة على عاتقه، هل يستطيع إنجاز تلك المهمة؟

قلق جديد، ومسؤولية كبيرة، عليه أن يكون أكثر قوة وشجاعة وذكاء، عليه أن يطور مهاراته ودائرته الاجتماعية، عليه كما ذكر في المصادر ''على وارث العينين أن يكون شخصا كفئا ذو صحة عقلية جيدة، اجتماعيا، وأولا شخصا جيدا ذو نوايا جيدة ويهتم بمصلحة البشر'' فلو حدثت معركة كبرى أخرى عليه أن يكون بالفعل مستعدا.

إنها كثيرا ما تعد أسطورة من أساطير الأولين كما يسموها، أسطورة المعركة الكبرى، أو الكبرى الثانية أيضا كما أطلق عليها؛ لأن الأولى حدثت بالفعل، في عهد هايان.

المعركة الكبرى الأولى:

 هايان كان ملكا على مملكة بشرية عظيمة، كان الجميع فيها تحت ظل ملك عادل في أمن.

لكن في هذه الدنيا المليئة بالتقلبات، أصبح لدى البشر عدو جديد، عدو قوي، المشكلة لم تكن هنا، فالبشر أيضا خانوا البشر، مملكة بشرية اتحدت مع الهابريان لتسيطر على ممالك ومدن البشر، ولتنشئ مملكة بشرية واحدة حول العالم تحت ظل حكمها.

كانت لتلك المملكة المضادة ملك كان صديقا لهايان أثناء كون كلاهما وليين للعهد، وكان صديقه المقرب من البشر، وكان يعرف باتصال هايان بعالم الهابريان كما رافقه في أحد المرات.

ومرة واحدة كانت كفيلة بإشعال نارالغيرة في قلبه، فهو يرى هايان ذو العينين الخارقتين وأولئك الذين تعرف عليهم، الغيرة امتلكته وأصبح يخاف من هايان ومن القوة التي من الأساس كانت مملكته تمتلكها.

كان يعاني من الأساس من عقدة نقص وصلت لحد العدوانية والمنافسة الشديدة، عقدة سببها مقارنتهما دائما وأراد أن يملئ عقدته بأن يحتل العالم وخصوصا تلك المملكة.

حاول مرارا وتكرارا لكنه فشل، في الأخير وفي ليلة ما أتاه رجل من الهابريان رجل وعده بالنصر وأنه ملك لمملكة شبه ميتة، وعده بأن يتحالفا على الفوز مقابل أرض لشعبه فوق النور فوافق.

وصلت تلك لمسامع هايان وحلفائه من البشر، كان خائفا على شعبه وعلى جنس البشر، فلقد أصبحوا مجانين.

لقد غزوا أراض كثيرة حتى يوسعوا من قوتهم وأبادوا معظم قومها واستعبدوا الباقي، وأصبحوا يطلقون على أنفسهم المختارون.

لم يكن على هايان ذلك الوقت سوى التفاوض مع الهابريان الذين كان يعرفهم، أخبر صديقه الذي من الهابريان والأخير نصحه أن يتفاوض مع أعرق القبائل من الهابريان، إنهم يعرفونه حين كان ولي عهد بالتأكيد سيحترمونه ويقدرون طلبه.

وأيضا كان بالفعل على تلك القبائل أن تستجيب لطلبه، لم يكن لهم موقف آخر، فالذين الآن يعيثون في عالم البشر فسادا هم حثالة ومجرمي قومهم الذين قاموا بنفيهم، ثم كونوا لهم مملكة.

كانت معركة دموية بلا شك، لكن في النهاية فاز هايان وحلفاؤه، الأمر الذي جعلهم جميعا يتراجعون إلى الخلف حين قتل المعظم، وحبس الباقي، وانتهت المعركة الدموية.

وعد الهابريان هايان بأن لا يتدخلوا في عالمهم إلا إذا سمح البشر لهم، أعطوا هدية لهايان قائلين ''أنت وجميع من سيرث عينيك إذا كانوا مثلك ذو نخوة ومروؤة لا يهم إن كانوا ملوكا أم لا، طالما هم جيدون مثلك فنحن هنا لنتحالف معهم حين تحدث معركة كتلك''

الفكر القديم والعتيق ما زال موجودا فيهم، لذلك وللتحالف معهم، عينيّ هايان، ثم عليك أن تثبت نفسك، فإن لم تفعل وحدثت المعركة انتهى الأمر.

نعم آدم قلق، إنها مسؤولية كبيرة.

كانت الساعة الخامسة فجرا حين كان جميع طلبة الصف الأخير مجتمعين في ساحة الأكاديمية منتظرين وصول الحافلات اقترب أحد المعلمين من الميكرفون وقال وهو يبتسم ابتسامة أظهرت صف أسنانه الأمامية للناعسين أمامه

''ظننتكم ستصبحون متحمسين لأنكم ستمضون أسبوعا من دون مذاكرة وبعيدا عن الأكاديمية''

فبدأ بعضهم بالإمتعاض فقال طالب نعسان ''إنها الخامسة فجرا أستاذ''

وقال ناعس آخر ''لن تطير الجزيرة، إذا ذهبنا في التاسعة''

''لكننا لن نصل في الوقت المحدود، أوقفوا الكسل الآن وقوموا ببعض تمارين الإحماء، ليذهب النعاس''

إنها جزيرة هايان، تلك الجزيرة التي كانت في يوم جزءا من قارة قديمة تدعى آسيا، لكن وبسبب الزلزال الكبير في عام ٢١١٥ أصبحت جزيرة.

لنكن منصفين، ليست هذه الجزيرة فحسب، جغرافية الأرض بالكامل تغيرت بعد الزلزال الكبير وظهور الهابريان.

فالعالم الآن  في العام ٢٣٩٠ ليس العالم الذي كان عليه قبل العام ٢١١٥.

ملحمة أندارياWhere stories live. Discover now