٣. المرأة النمر

128 18 3
                                    

حين هم الثلاثة بالنزول سأل آدم ''لم تخبرني عن سو''

نظر كل من جاسمين وليدار المكان حولهم متفحصين، باحثين عن سو، وحين استسلما في العثور عليها قال ليدار ''لعلها تتمرن على التخفي مجددا''

أعقبت جاسمين قائلة ''إنها جيدة للغاية، لا أحد يستطيع إيجادها''

وأردفت قائلة ''إنه وقت النوم، على الأرجح سنجدها فجاة على سريرها''

في صباح اليوم التالي وعلى مائدة الإفطار نطقت أمهم مكسرة الصمت معلنة

''اليوم وحين اجتزتم جميعكم السبعة اختباراتكم سيكون اليوم أول أيام خضوعكم للتجارب التي ستجعلكم أقوياء''

''وماذا عن أبي؟''

''ذهب في رحلة طويلة، ادعوا له بأن يعود سالما، لقد أخبرنا بأنه يمكننا البدء بدونه''

ثم نظرت إلى الجهاز اللوحي في يدها وقالت ''سنبدأ بكِ يا سارا'

بدا على سارا الخوف قليلا، وأول ما لمسته كان شعرها محتضنة ضفيرتها التي كانت تتدلى على كتفها

''لا تقلقي ستكونين بخير''

''لا أود أن أكون الأولى'' قالت سارا.

''لا أستطيع ذلك يا سارا، هذه التجربة لن تلائم أحدا جسديا سواك، وهي الجاهزة حاليا لذلك سنبدأ بكِ، لا تقلقي ستكونين بخير''

وأخذت بيدها داخلتين إلى الغرفة ذات الباب الحديدي الذي لا يعرف أحد ما داخلها، فهي تصنف بأنها محظورة عليهم من الدرجة الأولى، حتى أوجِس لا يعلم ما فيها.

أمرت الجميع قبل الدخول قائلة ''اذهبوا إلى غرفة الدراسة، جاسمين أنتِ المسؤولة''

أومأت برأسها.

كان الهدوء يخيم في غرفة الدراسة، الأعين كانت تنظر إلى الصفحة، لكن العقل كان شاردا.

''ماذا تعتقدون أنه يحدث لسارا الآن؟'' سأل أوكتاف وهو لا يبعد عينيه الزرقاوين عن الكتاب.

''لا أعلم، أتمنى أن تكون بخير'' قال ليدار.

''إنها في طريقها لتصبح أقوى وتقترب من الهدف الذي كانت تتدرب عليه طيلة ذلك الوقت، لا تكونوا سخفاء'' قال أوجِس بثقة مغرورة.

أسكتتهم جاسمين ''اصمتوا وركزوا على دروسكم''

بعد ساعات دخلت المرأة وحدها عليهم، كعادتهم لم يستطيعوا إيجاد أي شيء من تعابير وجهها الجامد الشاحب

''هل أنهيتم فروضكم؟''

أومأوا برؤوسهم ''نعم''

صمت لثواني مر قبل أن يسأل آدم بتردد ''وماذا عن سارا؟''

برقت أعينهم جميعا، كانوا ينتظرون أحدهم ليطرح ذلك السؤال، حمدا لله أن آدم فعل ذلك

''إنها في خضم التجربة، لا شيء يأتي عجالا''

''ومتى ستنتهي؟''

''حين تصبح مستعدة''

''متى ذلك؟''

''توقفوا عن طرح الأسئلة، ستخرج حين تنتهي''

صاحت بها، فصمتوا جميعا، أطلقت تنهيدة ثم قالت ''هيا إنه موعد العشاء''

مرت ثلاثة أسابيع وسارا في معمل التجارب، لم يسمعوا عنها كلمة، ولم يستطيعوا أن يحصلوا على معلومة من أمهم، الوضع هناك كان صامتا وهادئا، ثم أخيرا فتح الباب وسارا كانت من الخارجين.

كانت جامدة الملامح، عابسة الوجه، تحبس دموعها، كانت جسديا بخير لكن نفسيا لم تكن، الجميع أدرك السبب ''لقد نجحت تجربتها'' قالت المرأة.

لكن الأطفال كانوا في صدمة، لقد خسرت سارا شعرها الثمين!

''ما الذي حدث لشعرها؟''

''هذه ضريبة النجاح، نجحت التجربة لكن شعرها تساقط أثناء تحولها، لقد أصبحت سارا رسميا المرأة النمر''

''هل سينمو شعرها؟''

''نعم، لكن لن يعود أبدا بمثل طوله السابق، فقد لا يتجاوز رقبتها أبدا أو كتفيها''

ذلك يعني أن شعرها الطويل الكثيف قد اختفى إلى الأبد.

كانت سارا فقط تنتظر أية فرصة لتعود إلى سريرها وتبكي بكاء مريرا، وذلك ما حدث فعلا. فلقد بكت الصغيرة ذات الثمانية أعوام بحرقة، وكل ما قالته لها أمها كان ''من المفترض أن تفرحي، العالم أهم بكثير من شعركِ''

لم تعر أي اهتمام لمشاعرها، وأنها فقدت شيئا ثمينا كهذا، فكل ما قالته سارا وسط شهيقها واختناقها هو ''لقد أصبحت أشبه الرجال!''

''لا سينمو مجددا لكن كما قلت لن يعود كما كان'' أجابتها المرأة.

ببراءة وبتعابير مصدومة ''جميع النساء لديهن شعر طويل، هل لحين ينمو سأصبح رجلا؟''

''أنتِ ولدت كامرأة لن تتغير هذه الحقيقة بفقدانكِ لشعرك، بالإضافة سينمو من جديد، لا تثيري الضجة من لا شيء''

وتركتها وسط شهيقها ''أنا لن أصبح امرأة أبدا حين أكبر''

كان بكائها يحرق القلب فعلا، لم يستطع آدم أبدا تحمل وجع قلبها هو الآخر، كان الجميع عدا أوجِس يحاولون تهدئتها بشتى الطرق لكنها لم تكن تستجيب لأي من تلك الطرق.

اقترب آدم منها، جلس على الجانب من سريرها وقال ''أتذكرين حكاية المرأة التي كانت تستطيع التحول إلى نمر مثلك، تلك المرأة التي كانت تعمل في مصنع وأنقذت أكثر من ألف امرأة، على ما أذكر كانت في مثل حالتك تماما، لكن في الوصف أتى بأنها امرأة، لم تتغير تلك الحقيقة''

مسحت دموعها وقالت ''أذكر تلك القصة تماما، لقد كانت بطلة وشجاعة لا تنسى، لكن هل طال شعرها؟''

هز كتفيه ''لا أعلم، لكننا سنعرف حين يطيل شعرك مجددا'

ثم أومأ آدم برأسه مبتسما مردفا ''أنا متأكد من أنكِ ستصبحين بطلة رائعة، سيطيل شعركِ مجددا لا تقلقي، وأنا متأكد من أنه سيصبح رائعا بأي طول كان''

كانت تلك القصة التي احتاجت ان تتذكرها وأن يخبرها أحدهم بها؛ لتواسيها بفقدانها لشعرها.

ملحمة أندارياWhere stories live. Discover now