١٢. هل أنا ابنكِ البيولوجي؟

84 15 3
                                    

"أَوجس، أَوجس، أَوجِس" صاحت به مرارا وتكرارا، لكنه لم يستجب لها. كان واقفا أمام الجدار المكسور بلا حراك صامتا، اقتربت منه وهزته "أَوجس ما خطبك؟ لم أنت واقف هنا؟ ألم أقل أن المكان ممنوع؟"

التفت إليها، رافعا رأسه، وقبل أن ينطق بكلمة، أتى صوت والده من الخلف صارخا ''الولدان لقد هربا!"

صاحت بتعابير متفاجئة''ماذا؟!''

بعصبية وبنفاذ صبر "أقول لكِ هربا، جهودنا كل تلك السنين، سيكونون غاضبين، وإن تم الإمساك بنا سنقتل"

أصبحت هادئة للغاية وهي تراه يركض في الأرجاء كالمجنون، من الواضح تماما أن الرجل فقد عقله.

"لماذا قتلتها يا أمي؟ لقد أخبرتني أنكِ فقط ستجعلينها تضيع طريق المنزل وترسلينها إلى اتجاه المدينة، لماذا إذا قتلتها؟"

حدقت إلى عينيه، عرفت في تلك اللحظة أنه شهد كل شيء، أنه رآهما يهربان لكنه لم يفعل شيئا.

"لقد رأيتهما بالصدفة يتحدثان، أمي أنا أستطيع قراءة لغة الشفاه، لقد قال آدم، أنه من المستحيل أن تكونا والدينا جميعا. هل ذلك صحيح؟"

ألقت نظرة فاحصة على ابنها، جسديا هو أقوى من بقية إخوته، عقليا كان دائما شخصا ذكيا، يعرف تماما أين مصلحته، وأيضا مصلحة الجميع. اكتشفت أنه أخبرها بما كانت تنوي عمته إيز فعله؛ لأنه ظن أن ذلك لا يصب في صالح الجميع، قد يكون قاسيا، ويتفوه بكلمات جارحة، لكن ذلك سلوك يمكن تعديله، ورغم قسوة كلماته، توجد هناك طيبة مخفية داخل قلبه.

تعرف ذلك تماما، لقد كان في البدء قاسيا على آدم؛ لكن الملامة لا تقع عليه، هي من كانت تقسو عليه كثيرا، لقد ظن أَوجس الصغير أن ذلك الفعل طبيعي؛ لأن الكبار من كانوا يقومون به، ما زال صغيرا وبريئا "أَوجس يمكن إنقاذه، أَوجس يمكنه حمايته" هذا ما قالته لنفسها.

قاطع أفكارها صوت خفيض متردد "هل أنا ابنك البيولوجي؟" كانت نبرة خائفة من الجواب، وبنفس الوقت يريد أن يطمئن قلبه.

ربتت على رأسه وابتسمت له قائلة "نعم، أنت ابني البيولوجي"

عانقته قائلة "ماذا ستفعل إن تم سؤالك من قتل العمة؟"

"اشهد دائما على الحق ولو كان المخطئ أقرب الناس إليك. ألم تقولي ذلك لي؟''

"رائع، أنت تتذكر كلماتي. أيضا .." واقتربت منه "أريدك أن تكون لطيفا ولا تتفوه بكلمات جارحة، أمكِ لم تنهك حين كنت تشمت وتتشمت، أمك مخطئة، تذكر يا بني الكلمات سهام قاتلة"

"لم تخبرينني بذلك الآن؟"

تبسمت بحزن وقالت "أمك في آخر لحظة تحاول تصحيح أخطائها"

ثم قامت بالهمس في أذنه كلمات جعلت عينيه تتفتحان على مصراعيها من هول ما سمعه "هل ذلك صحيح؟"

"لا تخبر أحدا، وتذكر المكان جيدا، حتى تعودا حين تكبرا"

"لكن أمي.."

قاطعه صافرات إنذار من كل مكان، هنا جفلت أمه، وخافت ونظرت إليه وقالت "اخرج بسرعة من تلك الفتحة" وبخوف عليه صاحت "أسرع!"

وركضت بسرعة ناحية غرف نوم البقية الذين استيقظوا في فزع، كانت خائفة عليهم أيضا، لم يكونوا أبنائها الحقيقين، لكنها من أخذتهم صغارا وأرضعتهم وربتهم، وعلمتهم كل شيء، كان في داخلها مقدار من الحب لهم كأبنائها الحقيقين أحبتهم.

"أسرعوا واخرجوا من فتحة الجهة الغربية، أسرعوا قبل أن ينهدم المكان فوق رؤوسكم"

وكانت محقة، صافرات الإنذار تلك كانت بسبب أن زوجها قام بتفعيل زر الإنفجار الذاتي، عشرة دقائق من بدء الصافرات وسنهدم المكان. خرج الجميع بسلام لكنها لا تراه، لا ترى زوجها في أي مكان "هل يفكر بالموت هنا؟'' مستحيل إن كان أحد في هذه الحياة يحب حياته فهو زوجها.

لكن الأوان قد فات، لقد بدأت سلسلة عديدة من الإنفجارات بالبدء، لم تمهل نفسها وقتا ودخلت في تلك الحفرة الضيقة، لقد كانت محظوظة بنحافتها المفرطة بسبب فقدان الشهية الذي كان يسببه الضغط الشديد عليها.

كانت صامتة وهي تسير أمامهم وسط حيرتهم وخوفهم، كانت تعرف بالذي يتسائلون عنه ''ما الذي حدث لمنزلنا؟ هل هاجمتنا الوحوش؟'' توقفوا أمام كادر من الشرطة، أخذت نفسا عميقا وقالت بحزمها المعهود أمامهم معترفة ''أنا إيريم، خاطفة الرضع قبل ثلاثة عشر عاما''

ملحمة أندارياWhere stories live. Discover now