سهام الانتقام

By batolalifouda

89.6K 3.3K 216

بنت عمها قتل أبوها وأمها وأخوها ودخلها مستشفى المجانين لما كان عندها ٨ سنين وفضل حابسها جوة المستشفى لحد من ب... More

اقتباس
اقتباس (٢)
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر

الفصل العشرون والأخير

4.9K 205 42
By batolalifouda

أخذ أمير رنا وشريف وذهبوا إلى أحد المتنزهات بعدما خرجوا من المستشفى ، جلسوا على إحدى الطاولات لتهتف رنا بسعادة:

-"أنا مبسوطة جدا أننا خرجنا دلوقتي ، الجو حلو أوي النهاردة".

أكد كلامها بابتسامة وهو يتأملها بحب لم يندثر رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على زواجهما:

-"عندك حق الجو فعلا حلو ، عارفة إيه أحلى حاجة فيه؟"

-"إيه؟"

سألته ليأتيها بجواب جعل قلبها يبتهج بشدة:

-"وجودك أنتِ وشريف معايا".

ابتسمت رنا بشدة وهي تهتف بعذوبة:

-"ربنا ميحرمنيش منكم وتفضلوا دايما نعمة في حياتي".

في تلك اللحظة أصدر هاتف أمير رنينا باسم سعاد ليجيب أمير بسرعة:

-"ازيك يا ماما عاملة إيه؟ أنا كنت ناوي أكلمك أول ما أرجع البيت".

أخبرته سعاد بما حدث لياسمين ليهب واقفا على الفور يلملم مفاتيحه وحافظة نقوده الموضوعين على الطاولة وهو يقول:

-"طيب اهدي يا ماما ومتخافيش ، أنا جاي حالا".

أغلق الهاتف لتسأله رنا مستغربة تبدل حاله بهذا الشكل الغريب:

-"في إيه يا أمير؟! هي طنط سعاد حصلها حاجة؟"

-"في عربية خبطت ياسمين وأنا لازم أروح دلوقتي المستشفى ، أنا هتصل بالسواق عشان يجي ياخدك ويروحك أنتِ وشريف".

نهضت رنا هي الأخرى وحملت شريف وهي تهتف بحسم:

-"سواق وبيت إيه!! أنا هاجي معاك المستشفى ومش هروح البيت قبل ما أطمن على ياسمين وأتأكد أنها بقت كويسة".

▪▪▪▪▪▪▪▪

حضرت سيارة الإسعاف وأخذوا جثة عاطف تحت أنظار سهام التي كانت تتابعهم وهي تردف بداخلها:

-"شوفت أخرتك عاملة إزاي يا عاطف؟ نفسي أعرف إحساسك عامل إزاي دلوقتي وأنت واقف قدام ربنا ومفيش أي حاجة كويسة عملتها في حياتك عشان تقابله بيها".

رمق عبد الرحمن جثة عاطف التي يحملها المسعفون ليربت وائل على كتفه:

-"أنت عملت الصح يا عبد الرحمن وكنت بتأدي واجبك".

نظر له عبد الرحمن بطرف عينيه هاتفا بوجوم:

-"كنت عايز أشوفه وهو بيتذل في السجن وفي المحكمة ، هو كده مات وارتاح من الإحساس اللي كان هيعيشه وهو لابس البدلة الحمراء ومستني يوم إعدامه".

-"وحد الله يا عبد الرحمن ومتنساش أن عذاب ربنا هيكون أشد وأقوى من أي عذاب كان ممكن يشوفه في الدنيا ، ربنا أكيد له حكمة في موت عاطف بالشكل ده".

حديث وائل كان كالمسكن لألم عبد الرحمن الذي استغفر كثيرا على سوء ظنه في حكمة المولى عز وجل.

مر بعض الوقت وغادرت قوات الشرطة المنزل وتركوا سهام تخبر أيتن عن علاقتها برامي وأنه يكون هو نفسه شقيقها أسر.

ابتسمت أيتن بعدما أخبرتها سهام بالحلقة المفقودة من قصتها وعلمت حينها أن سهام أصبحت أخيرا تثق بها بشكل كامل.

▪▪▪▪▪▪▪▪

في المستشفى

استيقظت ياسمين وبدأت تصرخ وتقول:

-"بابا هيقتل شهد!!"

حاولت سعاد تهدئتها حتى وصل الطبيب وحقنها بإبرة مهدئة ، خرج الجميع من عندها وتركوها ترتاح.

تساءلت سعاد بدهشة بعدما رأت حالة ياسمين:

-"هو إيه اللي حصل لشهد عشان ياسمين تنفعل بالشكل ده؟!"

همس رامي بنبرة مترددة وهو يراقب قلق سعاد على حالة ياسمين:

-"أنا عرفت قبل ما أنتِ تتصلي بيا أن شهد اتخطفت بس ملحقتش أعرف التفاصيل".

قلبت عينيها بحيرة:

-"وياسمين عرفت منين؟! وإيه دخل عاطف في الموضوع؟!"

أجلى صوته محاولا التهرب من هذا الموضوع لأنه لا يعرف عنه أي شيء ولا يريد أن يتحدث دون أن يكون لديه معرفة كافية:

كل دا أنا معرفهوش المهم خليكِ مع ياسمين وأنا هروح أعرف ، وهسأل مرام يمكن تكون عارفة حاجة".

هنا نظرت له سعاد بصدمة قائلة:

-"مرام!!"

نظر لها رامي وأردف:

-"أيوة مرام ، أنا هفهمك كل حاجة".

جلس معها وأخذ يقص عليها كل ما حدث وكيف علم أن سهام هي نفسها شقيقته مرام وماذا حل بها في السنوات الماضية.

▪▪▪▪▪▪▪

قام عبد الرحمن بتسليم الفلاشة إلى جهات الشرطة ليشرعوا بالتحرك والقبض على كل المتورطين في شبكة تجارة المخدرات التي كان يوجد بها عاطف ،
وما هي إلا ساعات حتى انتشر خبر وفاة عاطف الشناوي وقد تصدر الخبر الصحف بعنوان ( رجل الأعمال الراحل عاطف الشناوي رئيس مجموعة الشناوي للإنشاء متورط في قضايا تهريب مخدرات)

انتشر الخبر بسرعه البرق في كل الصحف والمجلات والسوشيال ميديا والقنوات الإخبارية.

كانت سهام جالسة في فيلا عاطف مستمتعة بكل ما يحدث وكيف أصبحت سمعته مدمرة وفي تلك اللحظة دخل رامي ومعه سعاد إلى الفيلا.

جلس رامي أمام شقيقته وهو يسألها:

-"إيه اللي حصل وعاطف مات إزاي؟! وإيه حكاية خطف شهد وإيه علاقة عاطف بالموضوع ده؟!"

نظرت له سهام قائلة بنبرة متألمة لما حدث لتلك المسكينة شهد:

-"أنا هفهمك وهشرحلك كل حاجة".

قصت عليه سهام كل ما حدث لتتدخل سعاد قائلة بنبرة قوية يملؤها اليقين:

-"فعلا لكل ظالم نهاية والله يمهل ولا يهمل ، المهم يا بنتي أنتِ ليه مقولتليش أنك عايشة؟! ليه خبيتي عليا؟!"

نظرت سهام إلي رامي وقالت:

-"البركة فيه هو قالك كل حاجة".

ابتسمت سعاد بعطف وربتت بحنو على كف سهام الأيمن:

-"المهم يا حبيبتي انسي الماضي الحزين اللي فات وافتحي صفحة جديدة ، أنتِ لسة صغيرة والحياة لسة قدامك".

ابتسمت سهام على الرغم من تقاطر الدموع من عينيها بسبب هذا الماضي المؤلم الذي يعكر صفو حياتها إلا أنها أردفت بحماس:

-"تسلمي يا طنط على النصيحة وأوعدك أني هحاول أعمل بيها إن شاء الله".

▪▪▪▪▪▪▪

خرجت ياسمين من المستشفى بعد مرور ستة أسابيع ، واستوعبت حقيقة والدها المُرة ، وأيضا لم يكن من السهل على أمير أن يتقبل الحقيقة رغم أنه كان يشك بها قبل تلك الفضيحة.

مرت تلك الفترة بصعوبة على الجميع ومن بينهم سهام فهي على الرغم من أنها انتصرت إلا أنها أخذت تلوم نفسها على الأشياء الفظيعة التي كانت ستقوم بها لولا تدخل رامي ووجوده في حياتها.

تُرى ما الذي كان سيحدث لو لم يكن رامي متواجد في حياتها ومنعها من أن تقتل ياسمين وأي شخص برئ؟

أعادت سهام باقي أملاك عاطف وسجلتهم باسم أمير وياسمين رغم معرفتها أنهم لن يأخذوها ولم تأخذ إلا حصتها وحصة شقيقها من ميراث والدهما الذي نهبه عاطف في الماضي.

لم تكن سهام تشعر بالراحة فهي كلما تذكرت أن يداها كانت ستكون ملوثة بدماء شخص برئ تلوم نفسها علي تلك الوسيلة التي استخدمتها.

لم تستطع النوم لعده أيام بسبب الكوابيس التي تراودها وأيضا لأنها تشعر بالندم على قتل مصطفى أحمد بتلك الطريقة الوحشية.

انتابها شعور بالتخبط والحيرة فهي لا تعرف هل تلوم نفسها أم تلوم الظروف التي حولتها إلى وحش لا يعرف الرحمة؟

صدق الشاعر عندما قال:(فمن نظر إلى الدنيا بحكمة ناقد وجد أنها بين الأنام تقامر)

أيقنت سهام أن الحياة ما هي إلا وهم وأنها ارتكبت أخطاء كثيرة وفهمت أنه مهما كان السبب فإن الغاية لا تبرر الوسيلة ، وأن الله أعطاها فرصة أخرى لتكفر عن أخطاءها.

بعد وقت طويل قضته في التفكير أخذت قرار بالرحيل إلى مكان أخر للتكفير عن خطاياها بعيدا عن البشر وجاذبية الدنيا الكاذبة.

مرت أيام وسهام تزور الأزهر يومياً لتتعلم القرآن والحديث وعلوم الدين ، وقررت أن تأخذ رأي جميع أفراد العائلة في زواج من شقيقها من ياسمين التي ظل بجوارها حتى تجاوزت تلك الأزمة التي تسببت بها حقيقة والدها المخزية.

في المساء

كان يجلس جميع أفراد العائلة على العشاء لتأخذ سهام قرارها وتتحدث بما يجيش في صدرها:

-"بصراحة يا طنط سعاد أنا عايزة أفاتحك في موضوع مهم جدا".

تركت سعاد الشوكة ونظرت لها بإنصات وتركيز وهي تقول:

-"خير يا حبيبتي ، اتفضلي قولي إيه هو الموضوع ده".

نظرت سهام إلى شقيقها الذي أخفض رأسه حرجا بعدما فهم ما سترمي إليه بحديثها:

-"أنا عايزة أطلب إيد ياسمين لرامي أخويا".

نظرت سعاد إلى رامي الذي استمع إلى طلب شقيقته بشجن ثم رمقت سهام بابتسامة وهي تهتف بنبرة محبة:

-"أنا ربيت رامي وعارفاه كويس جدا ومش هلاقي أحسن منه لياسمين بنتي".

نظرت سهام إلي ياسمين التي كانت تخفض رأسها خجلا وتلعب بالملعقة في طبقها دون أن تصدر أي انفعال أو ردة فعل وكأنهم يتحدثون عن فتاة أخرى غيرها لا يربطها بها أي صلة:

-"إيه رأيك في الكلام ده يا ياسمين؟"

حمحمت وهي تردف بهدوء:

-"اللي تشوفوه".

نهضت ياسمين وذهبت إلى غرفتها لأنها كانت تشعر أنها ستنفجر من فرطِ الخجل ، لحق بها أمير ليتحدث معها ويعرف رأيها في هذا الموضوع الذي فتحته سهام أثناء جلوسهم على المائدة:

-"أنتِ موافقة فعلا على جوازك من رامي؟"

لاحظ صمتها فحاوط كتفها يضمها إليه وهو يقول بهدوء بعد تنهيدة طويلة:

-"لو أنتِ مش موافقة وبتعملي كدا عشان خاطر ماما قوليلي وأنا هحل الموضوع ده من غير ما يكون في أي مشاكل".

هزت ياسمين رأسها نافية تصورات شقيقها وهي تقول بهدوء:

-"أنا موافقة يا أمير ، ربنا ميحرمنيش منك أبداً".

دني منها ليجلس على الأريكة بجوارها وهو يمسد على خصلات شعرها بحنو هاتفا بفرحة شعر بها بعدما لمح تلك اللمعة السعيدة التي تظهر داخل عينيها وهي تعلن موافقتها:

-"ألف مبروك وربنا يسعدك يا حبيبتي".

عقد رامي وياسمين خطبتهما خلال أيام وحاولت سهام جاهدة أن تعجل في موعد الزفاف واتفقوا في النهاية أن يجعلوا فترة الخطبة سنة حتى يتثنى لياسمين إنهاء جامعتها دون أن يكون لديها أي مسؤوليات أخرى قد تقف أمام دراستها.

-"أنا أسفة جدا أني اتسرعت وزعقت معاك في اليوم إياه ، أنا كنت مغيبة ومخدوعة في أبويا ومكنتش فاهمة أنك بتخبي عني حقيقة الموت أرحم ألف مرة من التعايش معاها".

هتفت ياسمين بتلك العبارات وهي تنظر إلى رامي بتوتر شديد ليشدد الأخير على كفيها وهو يهتف بحنو تخلله بعض القلق بسبب نظرة الحزن التي تستوطن عينيها:

-"الموضوع ده فات عليه أكتر من أربع شهور ، إيه اللي فكرك بيه دلوقتي؟!"

ردت عليه ياسمين بصوت خافت تخبئ وراءه ضعفا وانكسارا اختلج أوصالها منذ ذلك اليوم الذي سمعت به والدها وهو يأمر رجاله بقتل صديقتها الوحيدة:

-"أنا مش نسيته عشان أرجع أفتكره ، صدقني ده مش بإيدي ، أنا حقيقي مش قادرة أنسى ، أنا كل يوم لما بجي أنام بشوف الكوابيس دي في منامي وبشوف نظرة شهد ليا وهي بتقولي أبوكِ كان عايز يقتلني".

ارتجفت مقلتيها وهي تتابع بصوت مرتجف:

-"أنا لحد دلوقتي مشوفتش شهد من بعد اللي حصل لأني مقدرش أحط عيني في عينها بعد كل اللي جرى".

شعر رامي بالحزن لأجلها وقرر أن ينفذ هذا الأمر الذي ظل يفكر فيه طيلة الأسبوع الماضي فهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستخرج ياسمين من حالة اليأس التي تشعر بها.

▪▪▪▪▪▪▪▪

ضحك عبد الرحمن بصوت مجلجل وهو يقول:

-"سمعيني كده أنتِ قولتي إيه يا حبيبتي؟!"

رفع حاجبه الأيسر باستنكار وهو يشير إلى صورة هذا الفستان الفاضح من وجهة نظره:

-"بقى أنتِ عايزة تلبسي البتاعة دي في الفرح؟! هو في حد قالك أنك متجوزة إريال الدش بتاعكم!!"

انفجرت شهد في نوبة من الضحك بعدما رأت تعبيرات وجهه الرافضة والمستنكرة لهذا الفستان فقد صدق بسهولة أنها تريد أن ترتدي هذا الفستان بالفعل والأمر كله لم يكن سوى مزحة فعلتها به حتى ترى ردة فعله.

-"معنى كده أن ده كله كان مقلب!!"

لفظ عبد الرحمن تلك الجملة وهو يتطلع إلى ضحكها الهستيري لتومأ شهد قائلة:

-"أنا مش مستوعبة أنك صدقت أني عايزة ألبس الفستان ده فعلا في الفرح!!"

نظر عبد الرحمن إلى ابتسامتها ومزاجها الهادئ ليقرر أن يستغل الفرصة ويفاتحها في هذا الموضوع الذي ظل يراوده ليومين:

-"رامي خطيب ياسمين كلمني وعايزك تتقابلي أنتِ وياسمين مع بعض".

ابتسمت شهد بسعادة وهي تقول:

-"ده بجد!! أنا بقالي كتير بحاول أتصل بالغبية دي عشان أفهمها أني مش زعلانة منها ، عايزة أقولها أني عارفة كويس أنها ملهاش ذنب في كل اللي حصل".

-"تمام ، أنا هتصل برامي وأتفق معاه على معاد تتقابلي فيه أنتِ وياسمين".

اتصل عبد الرحمن برامي واتفقا على موعد مناسب ، أخذ رامي ياسمين إلى المتنزه وتركها متحججا بإجرائه لمكالمة هاتفية لتأتي شهد من خلف ياسمين وتقف أمامها وهي تقول:

-"هتفضلي هربانة منِّي لحد إمتى؟!"

أخفضت ياسمين بصرها أرضا وهي تشعر بالخجل والإحراج لتلتقط شهد يدها المرتجفة وتربت عليها وهي تردف بنبرة تأكيدية:

-"أنا مش هزعل منك بسبب حاجة أنتِ معملتهاش ، احنا طول عمرنا أصحاب يا ياسمين وأنا عمري ما هحملك أبدا ذنب مش ذنبك ، أنا عارفة كويس أنك أنتِ كمان كنتِ ضحية زي ما أنا كمان كنت ضحية".

بكت ياسمين بشدة لتقترب منها شهد وتحتضنها ، تمتمت ياسمين من بين دموعها:

-"أنا مش مستوعبة أني فضلت عايشة حياتي كلها جوة وهم ، أنا جوايا إحساس فظيع أوي بالقهر مش قادرة أوصفه".

نظرت لها شهد وهتفت بصوت يبث الدعم في نفس صديقتها المتألمة:

-"كل حاجة هتعدي وهتكون أحسن ، حطي في دماغك دايما أنك ملكيش ذنب في أي حاجة من اللي أبوكِ عملها وصدقيني الوقت هيكون كفيل أنه يخليكِ تنسي".

ابتسمت ياسمين بعدما رأت صديقتها تبتسم لها بتشجيع ومر الوقت وتحسنت حالة ياسمين النفسية بسبب دعم شهد المستمر لها والذي وصل إلى اتفاقهما على أن يجعلا عقد قرانهما في يوم واحد.

مر العام سريعا وأتى يوم الزفاف الذي انتظره الجميع بفارغ الصبر.

أنهى المأذون مراسم عقد القران رامي وياسمين ، وشهد وعبد الرحمن لتتعالي الأغاريد من جانب سعاد وفاطمة.

رأت سهام فاطمة فاقتربت منها وهي تبتسم وشكرتها على مساعدتها لها في الماضي فهي يعود لها الفضل بعد الله في كونها حية الآن.

اقتنعت سهام أن رامي لا يحتاجها في هذا الوقت لتستغل انشغال الجميع وترحل تاركة خلفها حفل الزفاف.

انسحبت سهام ولم تترك خلفها سوى ورقة صغيرة تتأسف بها عن رحيلها دون وداع واعدة إياهم أنها ستعود في وقت قريب.

عادت سهام بعد فترة غياب استمرت لبضعة أشهر برفقة طفلة صغيرة يتيمة أسمتها أروى ورحب بها جميع أفراد العائلة.

قامت سهام بإعادة الأموال الخاصة بطارق وعالية إليهما بعدما راجعت نفسها وفكرت كثيرا ورأت أن هذا هو الأمر الصحيح وأنها كان يجب أن تقدم على هذه الخطوة منذ وقت طويل.

بعد مرور خمس سنوات

كانت سهام تزور المسجد النبوي أثناء أدائها لمراسم الحج التي عادت بعدما أنهتها إلى أرض الوطن لتستقبلها أيتن في المطار ومعها الصغيرة أروى التي ابتسمت وهي تركض نحو سهام تحتضنها:

-"وحشتيني أوي يا ماما".

ملست سهام على وجنتي الصغيرة وقالت:

-"أنتِ أكتر يا قلبي".

اقتربت منها أيتن ورحبت بها ثم سألتها وهي تسير برفقتها نحو مدخل المطار:

-"أنتِ ليه مقولتيش لحد من العيلة أنك راجعة النهاردة؟!"

-"حبيت أعملها مفاجأة".

خرجت سهام من المطار برفقة أيتن وأروى وذهبوا إلى المنزل ، وبعد بضع ساعات قامت أيتن بإبلاغ جميع أفراد العائلة عن وصول سهام ليحضروا على الفور.

هتف رامي بعتاب وهو يعانق شقيقته:

-"ينفع كده ، مش كنت تقولي أنك جاية!!"

وجهت ياسمين العتاب نفسه إلى سهام لتهتف الأخيرة بابتسامة صافية:

-"محبتش أتعبكم معايا ، المهم طمنيني أنتِ عاملة إيه دلوقتي والدكتور قالك هتولدي إمتى؟ وفين ألاء؟!"

تحسست ياسمين بطنها بسعادة وهي تخبرها:

-"الدكتور قالي أني هولد كمان أسبوع ، وبالنسبة لألاء فهي كانت في بيت أمير وهو قال أنه هيجيبها وهو جاي".

في تلك الأثناء دلف أمير ورنا بصحبة ابنهما شريف ، وبرفقتهما أيضا ألاء ابنة ياسمين ورامي.

رحبا أمير ورنا بسهام ليتقدم نحوها شريف ويسألها عن أروى فأعطته الإجابة التي لم ترضيه أبدا:

-"أروى نايمة فوق ، أنا هقوم أشوفها وأصحيها".

ظهر الحزن على وجه ألاء فهي لا تحب أن تلعب أروى معها هي وشريف ، حضرت سهام بعد قليل ومعها أروى لتردف رنا ببسمة:

عاملة إيه يا رورو؟"

-"كويسة الحمد لله يا طنط رنا".

تقدم شريف نحو سهام هاتفا بنبرة جادة لا تتناسب مع سنه الصغير الذي لم يتجاوز الثامنة:

-"أنا هاخد أروى ونلعب برة في الجنينة".

ابتسمت سهام على طريقته في الحديث فهو يفاجئها باستمرار بنضجه المبكر:

-"ماشي يا حبيبي".

خرج كلا من شريف وأروى إلى الحديقة ولحقت بهما ألاء ليعم صمت هادئ للحظات قبل أن ترفع سهام وجهها وتسأل ياسمين عن أحوال شهد فهي لم ترها منذ فترة طويلة لتتنهد ياسمين وهي تجيب:

-"كويسة بس ولادها فارس وفاطمة مطلعين عينها ، أنتِ عارفاهم بقى وعارفة شقاوتهم".

نظرت أيتن في ساعتها قبل أن تنهض من كرسيها وتستأذن منهم لتغادر:

-"أنا مضطرة أمشي دلوقتي لأن زمان فريدة طلعت عين أحمد وأنتم كلكم عارفين أن خلقه ضيق ومعندوش طولة بال على الأطفال".

ابتسمت سهام بتفهم وقالت:

-"تمام يا أيتن ، توصلي بالسلامة".

ظل الجميع يتبادلون أطراف الحديث بعد انصراف أيتن في وسط ملئ بالمرح والضحك وكانت سهام تبتسم من قلبها فهي قد تخلصت أخيرا من نار الانتقام وأصبح لديها عائلة يسودها الحب والوئام.

-تمت بحمد الله-

Continue Reading

You'll Also Like

488K 24.3K 31
ذهبت في رحلة ظنت أنها ستنجني من ورائها مالاً كثيراً لكن فجأة وجدت نفسها أسيرة في أرضه بين شعبه حيث لا وجود ولا أمان لذوات البشرة البيضاء ،أسروها...
11.2K 1K 69
ننطلق نحو اهدافنا.. نجتاز الطريق.. نتعثر احيانا، نسقط احيانا.. لكننا نصل.. مايهون الصعاب.. هو الرفقة.. الجزء الأول ( حكاية حياة ) بداءت بتاريخ 19/أكت...
1.9K 119 22
( قصة قصيرة ) أحياناً لا نختار و لكننا نظن ذلك ! لا نعرف ما وراء الاختيار ... هل سنندم عليه أم لا . و انت مخير إما أن تختار أو تختار !!!! ( لأنه لا...