الفصل الثالث

3.9K 173 7
                                    

كانت "سهام" تقف في غرفتها الخاصة وتنظر إلى حائط الصور ... أمسكت بثلاثة من الصور وأردفت بحقد:

-"الدور دلوقتي عليكم أنتم التلاتة".

تركت صورتان وظلت ممسكة بواحدة وتابعت بمكر:

-"بس أنا هبتدي بيكِ أنتِ الأول ، لأنك بصراحة عزيزة عليا أوي ، وأنا مش مضطرة أعمل حاجة لأن بلاويكِ كتير ، وكل اللي لازم أعمله هو أني أكشف البلاوي اللي أنتِ بتعمليها".

أمسكت هاتفها واتصلت بأيتن وقالت:

-"عملتِ إيه في موضوع تحية؟"

ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتي أيتن قبل أن تجيب:

-"كل حاجة تمام ... الراجل اللي أنا مكلفاه يراقبها صورها وهي متلبسة ومستني أوامرك عشان يبلغ البوليس ... دلوقتي أنا جاهزة ومستنية أوامرك عشان أحرق الكارت رقم واحد".

ابتسمت سهام وهي تكور صورة تلك الحية التي عذبتها كثيرا وهتفت بجمود:

-"احرقي الكارت يا أيتن".

أنهت المكالمة وغادرت قصرها ، واستقلت سيارتها متوجهة إلى شركتها ... كان الطريق مزدحما إلى حد كبير وأزعجها هذا الأمر كثيرا ومر بعض الوقت وسهام لا تزال منتظرة ... وقف بجانب سيارتها طفل صغير يبدو من مظهره أنه في العاشرة من عمره ثم تحدث بصوت هادئ وهو يناولها بعضا من أكاليل الفل:

-"اشتري مني يا هانم وربنا إن شاء الله هيكرمك ... على فكرة ده أحلى فل هتلاقيه في مصر كلها ... خدي مني واديهم للي بتحبيهم عشان يفرحوا".

تألمت سهام كثيرا فقد لمس كلام هذا الطفل وترا حساسا لديها وأردفت بنبرة حزينة:

-"طب لو أنا معنديش حد بحبه أعمل إيه؟"

ابتسم الصغير ببراءة وقال:

-"خديهم ليكِ وحطيهم في عربيتك وكده أنتِ هتفرحي ، وماما هي كمان هتفرح لما أرجعلها وأنا معايا فلوس".

حزنت سهام كثيرا بعدما سمعت ما قاله الصغير ولم تتردد قبل أن تقول بحزم:

-"تعالى اركب جنبي ووديني عند مامتك".

تردد الصغير في البداية ولاحظت سهام ذلك فهتفت بجدية:
-"اركب ومتخافش".

صعد الصغير إلى السيارة بجانب سهام ... شرعت سهام في القيادة ، وأخذ الصغير يوجهها حتي وصلوا إلي الحي الذي يقع به منزله ... لم تستطيع سهام أن تكمل سيرها بالسيارة بسبب قذارة الطريق ، فخرجت من السيارة برفقة الصغير وأخذت تسير وراءه حتي وصلت إلى أحد المباني القديمة ... التفت لها الصغير وقال:

-"ده يبقى بيتي أنا وماما وأخواتي".

دلفت سهام إلى المنزل وأخذت تنظر حولها ... كانت جدران المنزل قذرة ومشققة والسقف أيضا مشقق ويتساقط منه بعض الأتربة ... نظرت إلى أسرة الصغير الذين كانوا يجلسون أرضا ويفترشون بعض الأغطية القديمة ... انتبهت لها الأم فأخبرتها سهام بهويتها وتحدثت معها وعلمت بأنها أرملة وليس لديها مال كافي لتنفق على أسرتها ... اقترحت عليها سهام بأن تنتقل هي وأطفالها إلى شقة جديدة تقع في المبنى السكني الذي أسسته مؤخرا ... لم تصدق الأم ما سمعته من سهام واعتقدت بأنها تسخر منهت ولكن نبرة سهام الجادة في الحديث جعلتها تتأكد بأنها لا تمزح معها ... عرضت عليها سهام أيضا بأن تعمل في الكافتريا الملحقة بشركتها ... نظرت لها الأم بامتنان حقيقي وانحدرت دموع الفرح على وجنتيها وقالت:

سهام الانتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن