اقتباس (٢)

6.1K 161 12
                                    

دلفت رنا إلى حجرة الصالون لتتفاجأ بوجود فتاة شابة تجلس أمام عاطف وتضحك بشدة ، أشار عاطف إلى رنا عندما رآها:

-"تعالي يا رنا اقعدي واتعرفي على هند ضرتك المستقبلية".

تراجعت رنا خطوتين للخلف هاتفة باستنكار:

-"هي مين دي اللي هتبقى ضرتي؟! أنت أكيد بتهزر يا بابا!!"

رمقها عاطف باستخفاف أصابها بالقهر وهو ينطق:

-"وهو أنتِ تعرفي عني أني بهزر!! أنا بتكلم بجد ، أمير لازم يتجوز عشان يجيب ولاد لأنه مش غبي عشان يفضل قاعد طول عمره جنب أرض بور ومستنيها تطلع زرع".

حاولت الاعتراض ليرتفع صوته بقوة:

-"ابني هيتجوز هند ، لو مش عاجبك الوضع تقدري تخرجي من حياته وتشوفي أي واحد تاني يقبل يعيش معاكِ من غير خلفة".

تطلعت رنا إلى وجه حماها وإلى ملامح تلك الفتاة التي تنظر لها بشماتة ثم خرجت من الحجرة وصعدت إلى غرفتها.

ارتمت رنا فوق الفراش تبكي كما لم تبكِ من قبل وشعرت بقلبها يكاد ينفجر بداخلها من شدة العذاب الذي تشعر به في تلك اللحظة.

دلف أمير إلى الغرفة وتعجب عندما رأى زوجته تتسطح على الفراش في ذلك الوقت.

اقترب منها وملس على رأسها وهو يقول:

-"رنا أنتِ كويسة؟!"

أزاحت بيدها تلك العبرات العالقة بين أهدابها ثم التفتت له وهتفت بهدوء بينما قلبها يتمزق من الداخل:

-"أيوة أنا كويسة ، أنا حبيت أنام شوية وأريح نفسي".

لاحظ أمير احمرار عينيها ووجنتيها اللذان يؤكدان له أنه كانت تبكي بشدة ليهمس متسائلا بنبرة قلقة:

-"أنتِ كنتِ بتعيطي يا رنا؟!"

أجابته رنا سريعاً وهي تتجنب النظر إليه وابتلعت الغصة التي تشكلت في حلقها فهي غير قادرة على النطق بحرف واحد:

-"مفيش حاجة يا أمير ، أنا كويسة ومش مضايقة من أي حاجة".

-"وبعدين معاكِ يا رنا ، ما تقولي إيه اللي مضايقك وفهميني إيه اللي حصل بالظبط؟"

نهضت رنا من الفراش وأمسكته من ياقة قميصه وهي تصرخ بعنف وكأنها فقدت عقلها:

-"بطل كدب بقى ، أنا عرفت الحقيقة كلها وعرفت أنك اتفقت مع أبوك وناوي تتجوز عليا".

نظر إلى ملامحها الباكية بضيق قبل أن يشرح وجهة نظره:

-"بصي يا رنا لوضعنا ، احنا متجوزين بقالنا سنتين ومخلفناش لحد دلوقتي والمشكلة دي من عندك أنتِ ، بابا بصراحة عنده حق ، أنا لازم أتجوز واحدة تانية عشان تخلف وأنا شايف أن "هند" بنت كويسة جدا".

اقترب منها ووضع يده على كتفها مستكملا في حديثه الذي مزق قلبها:

-"أنا لازم أتجوز هند يا رنا وإلا مش هيكون عندي أولاد طول حياتي وده لأنك مفيش أمل أنكِ تخلفي في يوم من الأيام".

اشتعل الغضب بداخلها فور سماعها كلماته تلك وزمجرت بشراسة من بين أسنانها وهي لا تزال قابضة بيدها على مقدمة قميصه:

-"يعني أنا السبب في أنك عايز تتجوز عشان مبخلفش؟! أنت واحد كداب لأن لو فارق معاك موضوع الخلفة كنت اتجوزت من الأول ، واضح كده أن في حاجة بينك وبين البنت دي".

دفعها بعيدا عنه باشمئزاز وكأنها خرقة بالية وقبض على ذراعها بقسوة جاذباً إياها نحوه وصاح بانفعال:

-"أنتِ كلامك مظبوط ، أنا فعلا بحب هند وهتجوزها ، بابا كان عنده حب من الأول لما رفض جوازي منك بس أنا اللي غبي وأصريت على موقفي وفي الأخر ادبست فيكِ ، واحدة متخلفة وغبية وكمان مبتخلفيش ومش مهتمية بنفسك ، إيه اللي يخليني أكمل حياتي معاكِ؟!"

أبعدته عنها وكفكفت دموعها وهتفت بصوت جاهدت حتى يبدو ثابتا غير متأثرا بالإهانات التي ألقاها في وجهها قبل قليل:

-"طيب بما أنك قرفان منِّي أوي كده طلقني ورح اتجوز ست الحسن والجمال بتاعتك".

-"أنتِ طالق".

وهكذا أتاها الجواب الذي لم تتوقعه أبدا وكأنه كان يريدها أن تطلب منه هذا الطلب حتى يتخلص منها.

خرج أمير من الغرفة وتركها تبكي بمرارة فهي كانت تتوقع منه أن يعترض على طلبها ويتشبث بها ولكنه ابتعد عنها وتخلص منها وكأنها وباء قاتل سيقضي عليه إذا ظل بجواره.

نظرت إلى السكين الذي يوجد في طبق الفاكهة الموضوع على الكومود ثم اقتربت منه وانتشلته ، وغرسته في معدتها.

شعرت بألم شديد وهي تتطلع إلى الدماء الغزيرة التي تخرج من بطنها ولكنها لم تكترث فكل ما كانت تريده في تلك اللحظة هو أن تتخلص من حياتها.

سهام الانتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن