Lady Casanova.

Bởi Tullipxx

75.5K 6.7K 6K

ما أجمَل مِن أن تَعشق شخصًا إلى حَدِ المَـوتِ؟ ▪كُل الحِقوق محفوظَة®. ▪السَيدة كازانوڤا [ رِوايَـة - لِويس تَ... Xem Thêm

السَيدة كازانوڤا.
الأوَل|سَيدة القَطيع
الثانِي|لَيلة في مَهبِ الرَيحِ
الثالِث|في عَصرِ الأزماتِ
الرابِع|رَبيع إيلڤان
الخامِس|خارِج عَن المألوفِ
السادِس|لِقاء مَع حَبة كَرز
السابِع|تُحفة فنِية غاضِبة
الثامِن|سِحر حُورِيات البَرِ
التاسِع|زِفافٌ ريفِيٌ
العاشِر|سِياسة الحُبِ
الحادِي عَشر|حُمى مُصيبة للقُلوبِ
الثانِي عَشر|سَليلة بالَوم
الثالِث عَشر|الوَجه الآخر للعُملةِ
الرابِع عَشر|الخَيط الرَفيع
الخامِس عَشر|مَع الدَقةِ العاشِرة
السادِس عَشر|حالَة زواج
السابِع عَشر|حيلَة آفروديتِي
الثامِن عَشر|القِط والفأر
التاسِع عَشر|امرأة العَصر
العِشرون|موعِد على العَشاءِ
الواحِد والعِشرون|أعادَة إحِياء الماضِي
الثانِي والعِشرون|أسرَى حَرب الذَكرياتِ
الثالِث والعِشرون|جِدال بَين شظايا مُجتمع
الرابِع والعِشرون|الأُم العَقيم
الخامِس والعِشرون|الحَياة دائِرة مُغلقة
السادِس والعِشرون|سِر الوَشاحِ الأزرَق
السابِع والعِشرون|رَومِيو وچولِيَت
الثامِن والعِشرون|قَبل غُروبِ الشَمسِ
التاسِع والعِشرون|الشُموع السَوداء
الواحِد والثلاثون|الرجُل الآخر
الثانِي والثلاثون|حَواء الضِلع الأعوَج
الثالِث والثلاثون|مِكيالا العَدل والرجُل
الرابِع والثلاثون|عَرين لِوجورَيا
الخامِس والثلاثون|قلبُ قدِيس وحَياة آثِم
السادِس والثلاثون|غُربال وغِربان
السابِع والثلاثون|آخِر عَربة بقَطارِ الأوهامِ
الثامِن والثلاثون|أُمسِية على قَدمٍ وساق
التاسِع والثلاثون|عِرق ليلِيث
الأربَعون|حَلوى أم خُدعة؟
الواحِد والأربَعون|أُمنِية مَع وقفِ التَنفيذِ
الثانِي والأربَعون|حَفل على شَرفِ بِروتوس
الثالِث والأربَعون|قَوس وسَهم
الرابِع والأربَعون|تَرنيمة مِزمار المَوتِ
الخامِس والأربَعون|فَن العَودةِ للواقَعِ
السادِس والأربَعون|نَعيم مُزيف
السابِع والأربَعون|جُنون أرستُقراطِي
الثامِن والأربَعون|بوصلَة ومِرساة
التاسِع والأربَعون|ساعَة رَملِية مَكسورة
الخَمسون|الكَأس الأخَير
نِهاية السَيدة كازانوڤا.

الثلاثون|بَين الحُبِ وغَريزةِ التملُكِ

1.1K 99 116
Bởi Tullipxx

طابَ مزاجُه المُتعكِر برائَحةِ الشَايِ الفَواحة مِن أركانِ المَقهى الهادِئ بتِلك الساعَة المُبكِرة. سمَع نظيرَه يشكُر النادِل الَذي تَرك قَدحي الشايِ الساخِنة أمامَهما، قُبيل أن يلتَفِت ليُحدِق بوجهِه المَشدود ببَسمةٍ مُتمددةٍ.

"مِن المؤكَدِ بأنَ لِقاءَي بكَ كانَ مفاجِئًا، سَيد سيجرِيد."بادَر چوزِيف لافَجود القَول بهَدوءٍ نزَل على آذانِ هارَولد بتمقُتٍ. لَعق ذو العَقائِد المَلفوفةِ جانِب شِفَته وهَمهم بخُفوتٍ كبَت بِه شَزره مِن ذلِك اللِقاء.

"أنا أعلَم بأنَه لم تسنَح لَنا الفُرصة لنتَعرف بشَكلٍ لائقٍ بالمَرةِ الأخيرَة. ولكِن كَما تعلَم كنتُ متشوِق جدًا لرَؤيةِ أُسرتِي مِن جَديدٍ..ولأكُن صادِقًا معكَ، تفاجئتُ بوجودِ رجُلٍ ما مَع زوجتِي بمَنزِلنا."

إنزَعج هارَولد بمكانِه، لم تقَع بَسمة چوزِيف البَشوشة الَتي حوَت بعضًا مِن الرَيبةِ. لم يكُن اللَورد اليافِع مرتاحًا تمامًا لتِلك الدَعوة المُباغِتة، خصيصًا بَعد ما سَمعه عن ذلِك الرجُل وما أقتَرفه بحَقِ المَرأةِ الَتي يُحِبها.

وملَك الجَراءة كَي يدعوَها بزوجتِه.

تظاهَر هارَولد بتفقُدِ ساعَته، قَبل أن يرمُق چوزِيف مَعقود الحاجَبينِ. "للآسفِ أنا مُرتبِط بمَوعدٍ ما، سَيد لافَجود. لنَتطرق لمَا تُريد الحَديث بِه سريعًا لَو سَمحت."

لقَد أرادَ إنهاءَ ذلِك الموقِف السَخيف وحَسب.

"سَيد سيجرِيد. سأسألكَ بكُل صَراحةٍ ووَضوحٍ وأتَمنى أن تُجيبنِي بذاتِ الطَريقةِ.."رَفع چوزِيف قَدحه عن شِفَتيه، وبنَظرةٍ ثاقَبةٍ حاصَره. "ما الَذي بينكَ وبَين زوجتِي؟"

تحَشرج نَفس هارَولد بحلقِه. حاوَل عَدم إظهارِ إمتقاعَه وهو يَهِز كِتفَيه بلُطفٍ وهَدوءٍ. "لا شَيء يجمَعنِي بالسَيدةِ مارشِييل سَوى عِلاقة صَداقةٍ مُحترمةٍ."

رشَف مِن شايّه على مَضضٍ باخِسًا ما إعتَراه مِن ضَيقٍ مِن ذلِك الحَديثِ، فلَم يحِق لأحدٍ أن يتدَخل بعلاقتِه بوَيندِي أيًا كانَت هويتَه..يكفِيه بأنَه متورِط بدَعوةِ الشاي مَع زوجِها المَزعوم.

"إنَنا نتحَدث بصَراحةٍ هُنا، سَيد سيجرِيد..لِذا كُن صادِقًا مَعي."إستَهجن چوزِيف ببَسمةٍ رامَيةٍ بغَضها هارَولد الَذي رمَقه بفَتورٍ. "لا تَملِك ضَدي آمرًا كَي أكذِب عليكَ، سَيد لافَجود."

"حسنًا، لا تنفَعِل. هذهِ مُجرد مُناقشة وأنا لستُ هنا لإتهامِكَ بآمرٍ ما. أنا فَقط أَريد أن أعلَم بأي شَيءٍ ورَطت زوجتَي نفسَها وطِفلي بِه آثناء رَحيلِي.."تَرك چوزِيف قَدحه جانِبًا، وكمَن رتَب حديثَه مسبقًا كانَ يسرِد بسَلاسةٍ.

"كَما علِمتَ حتمًا، سَيد سيجرِيد. أنا بَحار لِذا قَد أغيبَ للكَثيرِ من الوَقتِ ويجعَلني ذلِك بعيدًا عن أُسرتِي الصَغيرة. ولكِن حينَما أعودَ وأتفاجَئ بمُرافقةِ زوجَتي لرجُلٍ آخرٍ بسُمعتِك..فهَذا يدفَعني للتَحري عن الآمر وإنقاذَها مِما اوقَعت نفسَها بِه. إنكَ رجُل، سَيدِي. وتعلَم جيدًا توابِع أن تُرافِق امرأةٌ ما رجلًا ما غَير زوجِها البَعيد. وأنتَ حتمًا لَا توَد أن تَسوء سُمعة زوجَتِي بسَبب حُمى غرامِية جَمعتها بلَوردٍ يافَعٍ وطائشٍ يتنَقل مِن امرأةٍ لأُخرى كُل موسمٍ، وبالكادِ يتذَكرهن جميعًا."

إحتَقن وَجه هارَولد مَع كُل كلمةٍ وَضعيةٍ لمَح بِها ذلِك الرجُل أمامَه. هو لَم يكُن يلومَه هو على آمرٍ، بل كانَ يعيب بسُمعةِ زوجتِه بكُل صَراحةٍ ووَضوحٍ جَعل دماءَه تغلَي بكَيدٍ.

"لا تتلاعَب مَعي الآن بذلِك الشَكل الوَقور! أنا أعرِف مَن تَكون وماذا فَعلت بويندِي وكَيف جعلَتها تُهدِر سنواتَ حياتِها بسَببِك! لا تجرؤ حَتى على الحديثِ عَنها بهذهِ الطَريقةِ وأنتَ الخَسيس هُنا!"

"أنا لَم أُرافِق امرأة على زَوجتِي، سَيد سيجرِيد."

كَم رغَب بلكمِه بشَدةٍ دون وَضع أي إعتبارٍ لمكانتِه أو مظهرِه العامِ. كانَت بسمَة چوزِيف مُستفِزة لحَواسِه جدًا وإن كبَح غيظَه بجُهدٍ.

"إنَها لَيست زوجَتك! أنتَ حتى لَم تُوثِق زواجَكما!"

"حاذِر مِن قولِك الآن، سَيدِي. هَل تَقول بأنَ ويندِي قَد أنجَبت مِني دون زَواجٍ؟ هذهِ تُهمة خَطيرة لامرأةٍ ما. أرجَو ألا تصِل لأحدَهم."

خرَس هارَولد أمامَ عبارتِه بدَهشةٍ. كَيف يمتلِك تِلك القُدرة الماكِرة على تَحويرِ الحديثِ لإفسادِ صَورة ويندِي ببَساطةٍ؟ كَيف يأتِي ليتلاعَب بالموقِف فتَكون هِى المُلامة بكُل شيءٍ ولَن يُناقِشه أحَد؟

وكأنَ الناسُ تنتظِر أن تسمَع عن قولٍ واحدٍ يمِس امرأةً ما وهو إستَغل ذلِك الآمر لصالِحه.

زَفر ذو الخُصلات المَعقودةِ بقَوةٍ، وأنزَل عيونَه المُشتعِلة بحَنقٍ لكَفِيه المُتشابِكَين. كانَ علَيه أن يحسِب كلماتَه قبل قولِها بجوفِ ذلِك الثُعبان الماثِل أمامَه..الَذي يَبدو بأنَه لم يهتَم بعلاقتِه بويندِي قَدر ما إهتَم بتدميرِ حياتَها وحَسب.

"أنا أُحِبها."

"وأنا أملِكَها."
كَم أن سَماع ذلِك كانَ مباغِتًا. بدَى لِسانُ هارَولد مَعقودًا بصَدمةٍ مِن تِلك النَظرة المُتسلِطة والمُتملِكة بعَينِ نظيرِه. لم يقُل بأنَه يُحِبها، لم يقُل بأنَها أُم إبنِه..بَل إعتَبرها مِلكَية لَه وحَسب!

"وأنا لا أُحِب أن يقترِب أحدَهم مِن مُمتلكاتِي. لِذا إبقَى بعيدًا عَنها، سَيد سيجرِيد..لسَلامتِك."وكَزه چوزِيف ببَسمةٍ لاذَعةٍ أخيرَةٍ قبل أن ينهَض منصرِفًا عَن كيانِ هارَولد المُتجمِد كالصَفيحِ مستنكِرًا ما سمَعه لِلتو.

لطالَما علَم كَيف يعتبِر الجَميع النِساء مِلكَية رجالِها..ولكِنه لَم يحتَك بأحدَهم مسبقًا. بَل والأدَهى بأنَه كانَ في مُساومةٍ سَخيفةٍ لم يكُن لَها أي مكانٍ على امرأةٍ لا حَق لأي شخصٍ بأن يُساوِم علَيها!

يالَّه مِن مَوقفٍ.

كانَت رِياح ظَهيرةٍ متأخَرةٍ تَجوب آفاقَ إيلڤان المَلبدة ببَهوتٍ فلَم تخترِق لَها شمسًا عفِيةً. كانَ عَقرب الساعَة الكَبيرة يسبِل الدَقة الرابِعة بصَياحٍ جَلجل بآرجاءِ البَيتِ الهادَئ الَذي كانَ وكرًا لشَبحِ الحُزنِ.

تفَقدت سيڤين فَطيرة الفَراولةِ الَتي إستَجمعت حوافَها أسفَل النَيرانِ قَبل أن تعتدِل تارِكة مَئزر المَطبخِ جانِبًا وتتَوجه للخارِج مُنصِتة لرَفرفةِ فُروع الشَجرِ تتراقَص بشَجنٍ مَع الرَياحِ الصابَيةِ.

رَغم بأنَها لم تكُن بشَخصٍ صَباحيٍ إلا بأنَها لَا تستطيع الخُلود للنَومِ حينَما يضرَب القَلق قلبَها. تِلك اللَيلة السابِقة كانَت حزينَة جدًا علَى الجَميعِ..ولدَهشتِها فلَم يهدَئ لَها بالًا حَتى خلَد لِوي إلى النومِ أخيرًا.

هِى كانَت علَيمة دومًا بحَقيقةِ مشاعِرها،كانَت تتفَهمها تمامًا مَهما كانَت مُعقدة أو مُتقلِبة، ولكِن تِلك الآوانِ الأخيرة أمسَت تختبِر الكَثير مِن المَشاعِر الغَريبةِ الَتي لم تُفسِرها.

لَم تلبَث أن تمَوضعت فَوق مقعدِها بكَتابِها حَتى تَيبست بطَرقٍ للبابِ مندفَعٍ رَغم خفوتِه أدهَشها. تحَركت صوبَه بعَجلةٍ ماثلَت لَهفة الطارِق الَذي وارَى وجهَه بوَشاحٍ بُنيٍ سُرعان ما كَشف عن ملامِح ناعِمة مُنكمِشة بنَحيبٍ مَطموسٍ فاجَئها.

"إيزابِيل!"ذُهِلت سيڤين لمَظهرِ الفَتاة اليافَعة الَتي تغَير شكلَها تمامًا عن آخِر لَيلة رأتَها بِها، لَيلة زفافِها الرَيفي المَليئة بالذَكرياتِ. وجهُها قَد إمتُقِع ونَحل بلُطفٍ مفشِيًا عُسر ما تمُر بِه مِن وَضعٍ ما.

"..هَل أنتِ على ما يُرام؟"

"لَا..لَا..أنا آسِفة. لم يكُن هُناك سَواكِ أمامَي."إهتَزت كلِمات المُراهِقة الباكَية ليرتَفِع مَنسوب حَيرة سيڤين الَتي لم تؤخِر خبرًا بإغلاقِ البابِ وقَيادتها نَحو حُجرةِ المَعيشةِ الَتي ضمَت تلجلُج اللَحظةِ المُفاجِئ.

إتخَذ الآمر مِن إيزابِيل عِدة دَقائِق حَتى تهدَأ، إستَغرقها الكَثير مِن أكوابِ الماءِ والقَليل مِن الشَهقاتِ الَتي سمَعتها سيڤين كُلها بصَمتٍ تارِكة لَها المَجال حَتى تسمَح لنفسِها بالإجابةِ عن ما خلَقته مِن أسئلةٍ بذَهنِها.

"لقَد حاولتُ، حاولتُ إتباعَ نصائحَكِ كثيرًا ولكِنَني فشلتُ."كانَت بِداية غَير مُبشِرة توَجست مِنها الشَقراء. "حينَما علِمتُ بوجودكِ بالبَلدةِ كنتُ أريد المَجئ إليكِ منذ اليَوم الأوَل، ولكِنه لم يكُن يسمَح لِي بالخُروج. لم يكُن يسمَح لِي بأي شَيءٍ."

"ما الَذي فعلَه زوجُكِ مَعكِ، إيزابِيل؟ يُمكنكِ أن تُخبرٍينني."رمَقتها سيڤين بتحسُسٍ شَديدٍ، بدَى الآمر أكثَر وطأة مِما توَقعت..لقَد قرأت ذلِك في عيونِها المُنكسِرة.

نظرَة تمتَعت هِى بِها منذُ زمنٍ طويلٍ.

"لقَد أهانَني. لقَد ضَربنِي. لقَد عامَلنِي كالحُثالةِ. هو لَم يترُك شيئًا لم يفعَله تحَت بندِ بأنَه زوجَي ويحِق لَه فعل ما يروَق لَه. لقَد صمِدتُ وتحملتُ كُل المُدة السابِقة. أقوَل بأنَه يُحِبني، بأنَني المُخطِئة، بأنَه عصَبِي وأنا أستَفِزه، ولكِن..ولكِن أنا لَم أعُد أتحَمل، سَيدة بالَوم!"اجهَشت إيزابِيل بالبُكاءِ مجددًا لتختنِق كلماتُها بحلقِها المُتحشرِج.

كمَن يُعيد عجَلة الزمنِ رأت سيڤين نفسَها بذاتِ الموقِف، مُراهِقة خائِفة مُرتعِدة مِن وحشٍ كاسَرٍ يُلقي دومًا بنتاجِ أفعالِه علَيها. ولكِن إيزابِيل ملَكت مَن تلجَئ لَه دون أهلِها، سيڤين لم يُسعِفها أحدهُم.

"حينَما أخبرتُ أبِي..حدَثه مَرة، مَرتين. وكانَ هِنري يَعِده بأنَه سيتَغير، بأنَه سيُسيطِر على غضبِه وإنفعالِه..ولكِن ذلِك الوَعد لَا يصمُد لساعاتٍ قليلةٍ حَتى يكسَره. أبِي لا حيلَة أمامَه..وكذلِك أنا.."

أبٌ قلِيل الحَيلة، زوجٌ عدِيم الضَمير، فَتاة ضائِعة بالقَدمينِ. ثُلاثِية مُقيتة أشعَلت بصدرِها نيرانًا مُتشرسةً لم تُفكِر حَتى بإطفاءِها. منذُ أعوامٍ كانَت تتَمنى لَو كانَ هناك من يُعزِز موقَفها أمامَ والِدها وزوجِها..وخَيب الجَميع آمالَها.

"إستغَليتُ ذهابَه لتفقُد الحَقل وتسللتُ مِن البيتِ الَذي حجَزني فِيه لأيامٍ. كنتُ سأذهَب إلى أبِي ولكِنه سيعلَم بأنَني هُناك على الفَورِ..فلَم أجَد غيرُكِ أمامَي. أنا آسِفة لإزعاجكِ، سَيدة بالَوم، ولكِن أنا خائِفة..حقًا.."

وهِى لَن تفعَل المَثل.

"أنا لا أعلَم ما الَذي أصابَه! لقَد كانَ يُحِبني كثيرًا،لقَد قالَ ذلِك..ولكِن فجأة تَحول ذلِك الحُب لقَسوةٍ..لم يعُد حبًا، بل غَدى..جحيمًا.."

"الحُب وَحده لا يُنقِذ العِلاقاتَ مِن الإنهَيارِ."

كمَن يضَع جندِيًا واحِدًا بمواجَهةِ جيشًا مِن الأزماتِ والمَشاكِل والتَعقيداتِ مَدى الحَياةِ، فإن لم يكَن هناكَ ما يُنقِذ ذلِك الحُب مِن الهَزيمةِ..لَن ينتصِر أبدًا.

شَدت سيڤين فكَيها بحَدةٍ وهِى تستَئذِنها للَحظةٍ ناهِضة بعَقلٍ دارَ بحَزمٍ. اخمَدت نيرانَ الفُرنِ بطَريقِها لجَذبِ أحدَ أوشِحَتها الداكِنة كَي تربَطه حَول رأسِها وترسِم عبوسًا شزِرًا حَول وجهِها وهِى تقَف على بابِ الحُجرةِ بعيونٍ حاسَمةٍ.

"تعالَي معَي، إيزابِيل."

"إلَى أينَ، سَيدة بالَوم؟"تحَيرت الفَتاة مِن ملامِح المَرأةِ الَتي قسَت بشَدةٍ، ونهَضت على أقدامِها ببُطيءٍ ماحَية بكاءَها المُتخاذِل عن وجهِها بلُطفٍ.

"إلى بَيتِ والدَكِ."
فَر الَدم مِن وَجهِ إيزابِيل الَذي إحتَجت برأسِها كثيرًا وبعُيونٍ دامَعةٍ ترَجتها. "لَا لَا. هِنري سيَكون هُناك وسَيكون غاضِبًا جِدًا لخُروجِي دون علمِه..لا تُعيدينِي إلى هُناك..أرجَوكِ.."

"لا تَخافِ، إيزابِيل. أنا لَن أترُككِ."
إبتَسمت سيڤين بطَمأنينةٍ سَعت لقَلبِ المُراهقةِ بضَعفٍ. كانَت الرَهبة تملَؤها وواضِحة جدًا بخُطواتِها المُتباطِئة على عَكسِ خُطواتِ الشَقراءِ الَتي كانَت حازِمة وعاقِدة العَزمِ طَول الدَربِ نَحو حُقولِ اللَيمونِ والبُرتقالِ.

لم تكُن المرأة أبدًا تابِعة لرجُلٍ ما، وحتمًا لَيست بجارَيةٍ لَه. هِى لم تكُن مُطالبة يومًا بتحمُل مِزاجَياته أو إنفعالاتِه تَحت مُسمى الحُبِ أو إلقاءِ اللَوم علَيها. فالإهانَة مَرة تُدرِج بعدَها ألف مَرة. ومَن سكَتت مَرة..ستَسكت للأبدِ.

وسيڤين رُبما سكَتت لنفسِها مَرة..ولكِنها لَن تفعَل مجددًا.

وَقفت أمامَ بابِ المُزارِع والتِر مارڤِن بوَجهٍ مُتجهمٍ طارِقة إياهَ بعَزمٍ شاعِرة بإرتَباكِ إيزابِيل خَلفها مِما جَعلها تُقوِي مِن تَجعيدِ جبينِها الحادِ، والرجُل المُتلوِع يُجيب طَرقتها بوَجهٍ قلقٍ سُرعان ما فُرِج بسُرورٍ.

"سَيدة بالَوم؟"إندَهش السَيد مارڤِن مِن ولوجِها قَبل إبنتِه الَتي لحَقت بِها بتَرددٍ. كانَت خَضراوَتا الشَقراء مُشحذة بجَدالٍ ووَعيدٍ كانَت على أهبةِ الإستعدادِ لبَثقِه دون تَفكيرٍ.

"..أعتَذِر للمَجِئ فجأةً، سَيد مارڤِن. ولكِنَني هُنا لإيصالِ إيزابِيل، إنَها بِخَير."فسَرت بهُدوءٍ جادٍ مُراقِبة الفَتاة تَختبِئ بعَناقِ والدِها العَميقِ قُبيل أن تخشَن نظراتُها مَع أوَل ظهورٍ لزوجِها المَزعومِ من حُجرةِ المَعيشةِ الصَغيرةِ.

"إيزابِيل."كانَ غاضِبًا، ولكِن لَيس بقَدرِها. كانَت خطواتُه سريعَة مُتقِدة نَحو المُراهقةِ الَتي إضطَربت قُبيل أن تجُرها سيڤين خلفَها رامِقة إياه بصَرامةٍ. "قِف بمكانِك ولا تقترِب خُطوة مِنها، سَيد چولَين."

"مَع إحترامِي لكِ، سَيدة بالَوم. ولكِن ما بَيني وبَين زوجَتِي لا يخُص أحَد."تبَجح بغَلٍ كادَ يثَقب إيزابِيل الَتي إحتَمت بتَوترٍ بَها، والجَو بأكملِه يتذَبذب بكَهرباءٍ غير حَميدةٍ.

"لقَد لجَئت إلِيّ إيزابِيل حينَما طفَح كيلِها مِن أفعالِك الدَنيئةِ بَعدما وثَقت هِى وأباها فِيكَ وأنتَ تعامَلت مَع تِلك الثِقة كحَقٍ مُكتسبٍ تستغِله كَي تَدهس كرامَتها أسفَل أقدامِكَ."

"سَيدة بالَوم، للمَرةِ الأخيرَة أنا أطلُب منكِ أن تبتعدِ عَن طريقِي قَبل أن أفقِد أعصابَي."

"فلتَفقِدها."ثبَتت بمكانِها بنَظرةٍ مُتحدية. كانَت آتِية لوَضعِ حدٍ لذلِك التطاوَل الَذي يحدُث لفَتاةٍ شاهَدتها تكبَر منذُ سنواتٍ، لفَتاةٍ تزَوجت أسفَل عيونِها،لفَتاةٍ لجَئت لَها بلَحظةِ يأسٍ.

بدَى وقوفُها الجَرِئ بوجهِه مفاجِئًا لَه، ليَكبح غضبَه بمَضضٍ بتَنهيدةٍ عميقةٍ متحلِيًا بهُدوءٍ مُزيفٍ. "أنا أعتَذِر، سَيدتِي. ولكِن أنتِ لا تفهَمِ الوَضع بشكلٍ جَيدٍ، لقَد كنتُ قلِقًا على إيزابِيل وحَسب، فهِى خَرجت بدونِ عَلمي."

"أنا لستُ هنا لأبرِر خُروج إيزابِيل بدَون إذنِكَ، سَيد چولِين. بَل أنا هُنا لأُوضِح لكَ بَعض الآمورِ.."شَقت نَظرة قاسَية عيونَها القاتِمة، وهِى ترمُق الشابَ المُتبرِم بتَنبيهٍ.

"لقَد تعدَيت حدودكَ بٍلا وجهِ حقٍ على إيزابِيل وأبيِها، ودَعنِي أُخبِرك بأن ذلِك غَير مقبَول. تِلك الأُسرة بمَثابةِ أُسرة لِي..وأنا حقًا أكرَه أن يلحَق أي شَخصٍ وَضيعٍ الأذَى بأُسرتِي."

"أنا لَم أفعَل شيئ..-"

"لقَد أهنَّت كرامَة إيزابِيل وكسَرت بالقَسمِ الَذي قطَعته على مَسمعٍ من الجَميعِ لَيلة زفافِكما. لقَد أرَتنِي آثار ضَربِك المُتكرِر لَها وقالَت لِي عَن وعودِك الَتي نكَثتها بعدمِ فعل هَذا مِن جَديد."

تزَمت وَجه هِنري بحَنقٍ، منزِلًا عَيونه عن نَظراتِ الشَقراءِ الساحِقة ببُطيءٍ. "أعتَرِف بأنَني أفقِد أعصابَي ببَعضِ الأحيانِ. هِى تعلَم بأنَني مُندفِع وساعاتٌ لا يُمكِنني التحكُم بغَضبِي. أنا لا أتعَمد ضَربها أو إلحاق الأذَى بِها."

"ماذا لَو بمَرةٍ فَقدت إيزابِيل أعصابَها وألحَقت بكَ الأذَى؟ هَل ستَتحملها؟"

"وهَل ستَجرؤ؟"تهَكم هِنري بسَخطٍ قابلَته سيڤين بغَضبٍ مُتفجرٍ بالكادِ كبَحته بجوفِها. "كَما تجَرأت! كَما هِى مُطالبة بتحمُل إنفعالاتَك أنتَ كذلِك مُطالب! هِى أيضًا تمُر بأيامٍ سَيئةٍ كَما تَفعل تمامًا!"

"أنا زوجُها! يُمكِنني فَعل ما أشاءَ بِها!"

"أنتَ لَا تملِكَها!"نَهت بكُل حَزمٍ شاعِرة بإرتَجاجِ خَلاياهَا بإغتَياظٍ دَوى بقَلبِها المُتظاهِر. نَفس الإجاباتِ. نَفس المَوقِف. نَفس التَفكير. وكأنَ السَنوات لم تمُر..وها هِى تُجادِل من جديدٍ ضَد فكرِ مُجتمعٍ ازدواجِي.

"هِى زَوجتِي ومِن حَقِي علَيها أن تحتَرِمني ولا تكسَر آوامَري. وإن فَعلت فيجِب أن تُعاقب لهَذا ولا أحَد يستَطيع أن يلَومنِي على ذلِك، سَيدة بالَوم."تحاذَق هِنري. تِلك كانَت البِطاقة الرابِحة..فهو بنَظرِ الناسِ لَيس مخطِئًا حينَما يَهين زوجَته بحجةِ مُعاقبتِها.

وكأنَها كالحَيوانِ تُروض لتُهمش بكَيانِ الرجُل وتسلُطِه.

شزَر وَجه سيڤين بضَيقِ ذَرعٍ. مثَلت أمامَ الشابِ المُتبجِح بكُل ثَباتٍ، بنَظراتِها الثاقِبة واجَهت نظراتَه المُتمقِطة بقُبحٍ وعقَدت حاجِبَيها بإستَبدادٍ.

"أنا لستُ بامرأةٍ طَيبةٍ أو ذاتَ قلبًا مسالِمًا، سَيد چولِين.
رُبما لَن يلومكَ أحَد إن تعدَيت على زوجتِكَ وقد يَبدو بطولِيًا ورجولِيًا جدًا بنظرِ البَعضِ، ولكِنكَ حتمًا ستُعاقب إذا سَمعوا بأنكَ قَد مدَدت يدكَ لتَسرِق غرضًا ثمينًا جدًا مِن مَنزلِي..ولَن يهتَموا إن كانَ ذلِك حقيقيًا أم لَا. قَد تَكون قوِيًا بمواجهةِ إيزابِيل وذلِك يُعطيكَ بعض الجَراءةِ، ولكِن صَدِقني..أنا أعلَم مَن هُم أقوَى والَلذين لن تصمُد أمامَهم كثيرًا. لِذا حاذِر مِن تِلك اللَحظةِ من أفعالِك، لأنَني إذا سمِعتُ مرة أُخرى بأنكَ قد تعدَيت حدودكَ علَيها أو على والِدها..لَن أكونَ الشَخص الَذي سيتحَدث إليكَ بهذا الهُدوءِ."

كانَ حديثُها واضِحًا جدًا ونبرتُها مكشَوفة للمسامِع المُتأهِب مِنها والمُستنكِر. جَعد هِنري وجهَه بإستَهجانٍ، وغزَت نظرَة باغِضة عيونَه المُنكمِشة. "هَل تُهدِدينني،سَيدة بالَوم؟

"أجَل."

إرتَد وَجه هِنري بجَوابِها الصَريح الَذي أبلَعه لِسانَه بتَوجسٍ. كانَت سيڤين جادَة بكُل كلمةٍ نطَقتها وما كانَت لتَتردد ثانَية واحِدة إن إضطَرت لتنفيذِ تهديدَها الواضِح. فإن كانَ يعتقِد بأنَه القَوي فهِى تعلَم مَن هِم أقوَى، ولِكُل بَطشٍ أبطَش.

هِى لم تكُن امرأة صالِحَة أو ذاتَ لِسانًا طليقًا عبثًا. كانَت ترمَي الحَديث وهِى تقصِد كُل حرفٍ فَيه وتعقِد النَية لفَعلِ ما يَلزم حينَ يتطلَب الآمر. لم تكُن سيڤين مِن النوعِ العَطوفِ، بَل كانت تؤمِن بأن الظُلم لا يقمَعه سِوى الظُلم.

ورَغم كُرهِها لذلِك، إلا بأنَه كانَ قانونًا فُرِض علَيها مِن مُجتمعٍ رأى بأنَها لَيست إلا جِنسًا لا يتَمتع بحُريةِ الكَرامة،الكَيان، والحَياة..كَما منَحها للرَجالِ اللَذين أستَغلوا ذلِك لتَدميرِ كُل ما يُخالِف عقيدَتهم الذُكورِية.

ولكِن إن كانَت هِى المَنافِسة الوَحيدة لَهم، فليكُن إذن.

لم يكُن الغُروب ببَعيدٍ عَن إحتلالِ سَماء إيلڤانِ كَي يُخيم على زُرقتِها الباهِتة بقُرمزيتِه الدافَئةِ مدِسًا لمسَة وَنسٍ بقُلوبٍ إنصاعَت لهَمِها. كانَ دُخان التَبغِ المَحروقِ يُحيطه بلَوحةٍ شَجنةٍ ماثَلت الآجواء الرَيفية الَتي طوَقته وهو يَجلِس على سَلالِم عَتبة البَيتِ المَفتوحِ بسَكينةٍ.

لم يعلَم لِوي كَم إستَغرق بالنومِ فعلًا،لم يعلَم ما إن كانَ قَد نامَ حقًا أم كانَ مُغلق العَينين وحَسب. لقَد كانَت أكثَر غفوةً قلِقة حظَى بِها في حَياتِه،غَفوة عبَث بِها عقلَه الدَميم وقلبُه التَعيس فكانَ في حالةٍ مُضطربةٍ غَير مُريحةٍ.

علَّه كانَ يحاوِل الهُروب مِن واقعٍ طارَده حَتى بأحلامِه الكَئيبةِ. فلَم يكُن مصدِقًا ما حدَث حقًا، في لَحظةٍ كانَ واقِعًا بوَضعٍ شاعَريٍ دَب له قلبُه بوَلعٍ وهَيامٍ، وباللَحظةِ التالِية كانَت روحُه ترتَج بكُل ما أَوتت مِن قوةٍ بإنهَزامٍ وإنفَطارٍ.

كرَه عَجلة القَدرِ المُتقلِبة كثيرًا.

"لا تكُن حزينًا."
رمَش. بتِلك اللَكنةِ الإنجلَيزيةِ الناعِمة خُطِف إنتباهَه لشَقراءٍ وَقفت على مَقربةٍ بوَشاحِها القاتِم الَذي حلَق حَول رأسِها بلَطفٍ كبَسمتِها الَتي نثَرت كُل يأسِه كبَتلاتِ هندباءٍ هاوَيةٍ.

"لستُ كذلِك."إبتَسم بتكلُفٍ لم يخدَعها، رَيثما يُتابِع خطواتَها الَتي قنَصت المَسافة بينهُما حَتى جاوَرته دون التَفكيرِ أو القَلق بمّا سيفعَله غُبار السَلالِم بثَيابِها، بَل جلَست بكُل راحَةٍ تسلَلت إلَيه.

"..أينَ كُنتِ؟ لم أجَدكِ حينَما إستَيقظت."

"كنتُ أقوَم بآمرٍ وجَب علِيَّ فعلَه، لا تهتَم. أخبَرنِي، هَل نِمتَ جيدًا؟"طالَعته بإهتَمامٍ، فذابَ للَحظةٍ. علَ الآمر لم يكُن بكَبيرٍ بنَظرِها، ولكِن أن تُحافِظ على مادَةِ الحديثِ الخاصَة بِه مَهما حاوَل هو تَغييرها، وأن تُناظِره بعيونٍ قلقةٍ صادَقةٍ..كانَ بشَيءٍ مُهمٍ جدًا له.

"أجَل، نوعًا ما. كانَت ليلَة طَويلة بجَميعِ الأحَوالِ."نفَث خَيط دُخانٍ مِن سيجارَتِه كمَن يُنفِس عَن تعاستِه بحَرقِها. إستَمع إلى تَنهيدتِها العَميقةِ مُعقبة بلَمسةِ يدِها الَتي أحاطَت يُسراه برَقةٍ ضَمته.

"لقَد كنتُ أُفكِر، رُبما يُجدر بِنا قَضاء بَعض الأيامِ هُنا."إقتَرحت سيڤين بسَكينةٍ نزَلت علَى قلبِه، لامِحًا بصرَها يستقِر على جانَبِ وجهِه الَذي تصدَر للأمامِ قامِعًا إنطفاءَه بزُرقةِ عَينيه.

"لَا أستَطيع. لَا أُريد."نَبس هامِسًا بمَرارةٍ. رُبما كانَ يتحَجج أمامَ نفسِه بأنَه مُلتزِم بموعدٍ مَع زَين هارَون قبل نهايةِ الإسبوعِ رَغم إرسالِه لَه بخَطابِ إعتَذارٍ، ولكِنه كانَ يعلَم بأنَه يهرَب مِن تِلك الوَحشة الَتي إحتَلت نَعيم الرَيف فجأةً.

وكأنَ كُل سِحر الطَبيعةِ نضَب وسادَ الشَجن ينَوح همًا.

"بَل تَحتاج إلى ذلِك! لا يُمكِنك العَودة إلى لَندن بتِلك الحالَة،عَزيزِي. إنكَ بحاجةٍ لبَضعةِ أيامٍ هادَئةٍ."أقَرت الشَقراء بحَزمٍ، فسُرعان ما تَبدد لحَيرةٍ مَع تهدُم ملامِحه ببَسمةٍ لم ينتصِر بمُحاولاتِ ردعَ ظهورِها.

"..ما الآمر؟"

"لقَد دَعوتنِي بعَزيزِي."فسَر، ورَفع غَرته عالِيًا مَع تمسيدِ الرَياحِ على شَعرِه المُرفرِف، شاعِرًا بجَسدِها يقترِب حَتى إتكَئت ضَد كتفِه سارِقة ياقَوتِتي عيونِه إلَيها ببَسمتِها الخَلابةِ. "ألستَ كذلِك؟"

كانَ صوتُها منخفِضًا جِدًا، سلسَل شَغب رأسِه بنُعومتِه.

"وقعُها غرِيب، ولكِن لَطيف."لم تقَع بسمَته هذهِ المَرةِ. كانَ ممتنًا بوجودِها مَعه في ذلِك الوَقت، لا يَستطِع أن يتخَيل كَيف كانَ سيَكون حالَه لو حدَث كل ذلِك وهو وحيدًا.

بِلا أي شَخصٍ يُسانِده.

إقشَعر ليَدِها الَتي شارَكت النَسيم بتَدليلِ وجهِه بلُطفٍ، ونفَذت نظراتَها اللَينةِ الجادَةِ إلى جفونِه الضَيقةِ بهَدوءٍ. "أنا لستُ جيدة بالمَواساةِ، فساعَدنِي قليلًا. أنا لا أُريدك أن تَكون حزينًا."

"أنا لستُ حزينًا. لِماذا لا تُريدِ تَصديق ذلِك؟"وكَيف قَد يَكون حزينًا مَع مُحاولاتِها اللَحوحةِ عَكس طبيعتِها المَلولةِ في التَرفيهِ عَنه بكَلماتِها ونظراتِها؟ كانَ ذلِك كافِيًا لَه كَي يتخَطى خَسارَته الرَهيبة.

"ولستَ سعيدًا كذلِك. أخبِرني، حينَما كنتَ بفَرنسا..ماذا كنتَ تفعَل إن شعَرت بالحُزنِ؟"رمَقته بنَظرةٍ مُتطلعةٍ. كانَت مُتلهِفة ومُلِحة بكَسرِ غَلاف الأستَياءِ عَنه..وما كانَ ليُهدِر فُرصة الحُصول على ذلِك النُوع مِن الإهتمامِ منها.

"القَراءةِ، الإستَماع لبَعضِ الموسيقَى، البَحث عن شَخصٍ أتحَدث مَعه. لا شَيء مُميز حقًا."أرقَص رأسَه بخَفةٍ مصرِحًا،لم تكُن أيامَه ببارِيس مُفعمة بالبَهجةِ الَتي كانَت تتخَيلها نفسُه العاطَفيةِ تمامًا..فما فائِدة التواجُد بمَدينةِ الحُبِ بدون شَخصٍ لتُشارِكه ذلِك؟

ضمَت سيڤين شِفَتيها ببَسمةٍ صَغيرةٍ ويدُها تَنبسِط أسفَل ذقنِه كَي تُفسِح مجالًا لقُبلةٍ لَطيفةٍ لثَمتها على عَظمةِ وجنتِه البارِزة، مُدغدِغة إياه بنَفسٍ رَقيقٍ. "دَع الآمر لِي. الآن أنتَ بحاجةٍ لبَعضِ الطَعامِ كَي نُذهِب ذلِك الشَحوب عن وجهِك."

إبتَسم. سلَّم لَها نهوضَه وإقتَياده لداخِل البَيتِ الدافَئ الَذي بعَث بِه ونسًا وحبًا لطَيفين عانَقا قلبَه المُحبط. لقَد كانَت تتعامَل مع الموقِف بالطَريقةِ الَتي كانَ يحتاجَها فعلًا، وكانَ ممتنًا لذلِك.

"إنتَظِرني هُنا."
اجلَسته الشَقراء على أحَدى مقاعَدِ طاوَلةِ الطَعامِ قُبيل أن تتوَجه للمَطبخِ بشَبحِ بَسمة صَغيرة على مَحياها. هِى لم تملِك فكرَة مِن أين نبَع ذلِك الشُعور بالإهتمامِ فجأةً..تِلك المُعاملة الحَنونةِ اللَطيفة لم تكَن يومًا مِن سَجيتِها.

رُبما كانَ شعورًا بالمَسئوليةِ، رُبما كانَ حفاظًا مبالغًا بِه على وعدِها الأخيرِ لألبِرت بعَدم جعلَ لِوي يندَم على قرارِ إختَيارِها وإعطاءَه الأسبابَ الكافِية كَي يَكون سعيدًا بِه.

أو رُبما كانَ بسَببٍ آخرٍ لم تجرَؤ حتى على وضعِه بالإحتمالاتِ. كُل ما فكَرت بِه هو كَيفية نَعش حَيويته مِن جديدٍ أيًا كانَ دافِعها لفعلِ ذلك.

في تِلك الساعَة مِن الغسقِ كانَت السَكينة راسَية بآرجاءِ بيت ليڤَرِنت، فلَم يُعكِر صَفو السَيدة الكَبيرة الَتي جلَست لتُحِيك وَشاحها الصَوفِي إلا جَرس البابِ الَذي قرَنت على آثرِه حاجَبيها بإستَغرابٍ.

فكانَت ساعَة غَير مُناسبةٍ تمامًا لتَلقِي أي ضَيوفٍ.

"مَن الطارِق، أوليڤِر؟"وقَفت على عتبةِ بابِ حَجرة المَعيشة مُتسائِلة، ليَتنحى الخادِم بعيدًا كاشِفًا عَن وجهٍ مألوفٍ وبَسمة داهَية جعلَت ملامِحها تنفرِج بتَعجبٍ. "سَيد بالَوم!"

"يومٌ سعِيدٌ، سَيدة ليڤَرِنت."تقَدم نايِل بالَوم إلى البَيتِ بلا إذَنٍ، رافِعًا قبَعته ومتجرِدًا مِن مِعطفه أسفَل نظراتِها الحائِرة. "أعتَذِر لقُدومِي بَلا موعدٍ مُسبقٍ، ولكِنني كنتُ بالجَوارِ وفكرتُ بالمَرورِ لإلقاءِ التَحية. هَل لِوي وسيڤين مَوجودان؟"

شدَت السَيدة فَكِيها بحَزمٍ. إستِقبال أشخاصٍ من عائلةِ بالَوم لم يكُن بتاتًا آمرًا مرحبًا بِه لَها، ولكِنها علَمت بأنَ رَفض لقاءِه أو زَيارته سيَكون بفَعلٍ غَير نبيلٍ خالَي مِن اللباقةِ تمامًا.

"أخشَى بأنهُما فِي إيلڤان منذُ لَيلتِين، سَيد بالَوم."

"آه. ذلِك مؤسِف."عبَّر نايِل بِلا إسقاطِ بَسمته، بَل إتَسعت وهو يُناوِل أوليڤر معطَفه وقُبعته بنَظرةٍ بَشوشةٍ ألقاهَا للسَيدةِ. "ومَع ذلِك، هَل تُمانِعين إستِقبالَي لقَدحٍ من الشايِ، سَيدتِي العَزيزة؟"

كانَت تُمانِع،فلا الوَقت كانَ ملائِمًا ولا ملَكت السَيدة رغبَة بإستَضافةِ فردًا مِن عائلةِ بالَوم، ولكِن الطَبيب لم يترُك لَها خَيار الإعتراضِ حَتى. آمَرت أوليڤِر بجَلبِ عَربة الشاي، وقادَت الرجُل اليافِع إلى الحُجرةِ بوجهٍ مُتخشبٍ.

"لَيس مِن الجَيدِ مِنهُما تَرككِ وَحيدة بالبَيتِ، سَيدتِي."توَسد نايِل مِقعَده براحَةٍ رامِقًا المرأة الَتي إستَندت على عُكازِها بجَلستِها بكُلِ وَقارٍ، ولَوت رأسَها برَتابةٍ. "أنا لستُ وَحيدة، سَيد بالَوم. فمَعى أوليڤِر وخادِمة إبنَةِ عمِك."

هَز نايِل رأسَه بإستَيعابٍ، قَبل أن يَبتسِم بلُطفٍ متلائَمٍ.
"مِن اللَطيفِ أن يذهَبا بعُطلةٍ صَغيرةٍ سويًا بالرَيفِ، يَبدو بأنَ عِلاقة سيڤين بلِوي تَسير بشَكلٍ جيدٍ."

رَفعت السَيدة إليزابِيث جَفونها بشَزرٍ فاتَرٍ كرَدٍ على تعليقِه مُعطِية إياه إيحاءً لعدمِ صَحة ذلِك تمامًا. لَيس في نظرِها على كُل حالٍ.

"إن إبنَة عمِكَ لها طِباع صَعبة، سَيد بالَوم. إنَنا نُعاني كثيرًا لكَبحِ جموحَها وحَجم تصرَفاتها الغَريبة كَي لا تخرُج عَن السَيطرةِ وتُسبِب لَنا أي إحراجٍ."أقَرت السَيدة ببَرودٍ، لتتفاجَئ بإيماءةِ نايِل المُؤيدة بآسفٍ.

"أتفِق معكِ، سَيدتي. لطالَما كانَت سيڤين تُحِب أن تبدُ مختلِفة ومُميزة. تتَباهى بجمالِها وثَقافتها الَتي إكتَسبتها بمَحضِ الصُدفة، وتَعشق الإعتِقاد بأنَها لَيست كأي امرأةٍ أُخرى..رَغم بِأنَني لا أفهَم ما قَد يعيب بذَلِك."

رُدت السَيدة الكَبيرة بدَهشةٍ.
كمَن يسمَع لِسان صَدقٍ يوافَقها أخيرًا بعدَما أَحيطت بأصَواتٍ كسَرت العاداتَ والتقاليدَ الَتي نَشئ الجَميع علَيها. وقَد شهَد شاهِدٌ مِن أهلِها!

"ما لا أفهَمه هو كَيف ترَكتها عائِلتكُم لتَكون على هَذا النَحوِ المُخجِل! لِماذا لم يتدَخل أحدٌ ليُقوِمها ويُخبِرها بأن أفعالَها لا تُناسِب امرأة مُحترمة مِن عائلةٍ عَريقةٍ كعائلةِ بالَوم؟"

كانَت قد وجَدت فرصتُها لاستنكارِ كُل ما ترتكِبه الشَقراء مِن أفعالٍ لَئيمةٍ بنظرِها مَع أحدٍ يعلَمها جيدًا. تَنهد نايِل بعُمقٍ شَديدٍ وزَم شِفَتيه معبِرًا عَن أستَياءِه وعدم رِضاه بمألِ إبنةِ عمِه الغائِبة.

"لم يكُن ذلِك حالَها دومًا، سَيدتِي العَزيزة. لقَد كانَ والِدُها إنجلَيزيًا متشدِدًا ويحكُمها جيدًا، ولكِن بمُجرد موتِه وجَدتها سيڤين الفُرصة لفعلِ كُل ما مُنِعت عَنه. لقَد حاوَلت العائِلة كثيرًا ردعَها، ولكِن كُل محاولاتِنا راحَت سُدى بسَببِ ما إكتَسبته مِن تمرُدٍ وجُحودٍ."

رمَق نايِل نظرَة الإرهافِ الَتي إستَوطنت عيونَ السَيدةِ الَتي نسَت تمامًا عدم تفضيلِها لأفرادِ عائِلة بالَوم وأنصَتت لكَلماتِه بتأييدٍ شَديدٍ، وإبتَسم بخَفةٍ ملتقِطًا قَدح الشاي مِن أوليڤِر.

"..كُنا نعتقِد بأنَ الزَواج قَد يُساعِدها وسيَجعلها تتوَقف عن أفعالِها المُتهوِرة غَير المَقبولةِ، ولكِنها كانَت تنتقِل مِن زوجٍ لآخرٍ دون تعلُم أي شَيءٍ..بَل تزداد سوءً بكُلِ زيجةٍ. لكِن لَدي آملًا كبيرًا بأن تِلك المَرة ستَكون مُختلِفة. فعائِلة ليڤَرِنت ذاتَ سمعَة عَريقة ونَظيفة، ومَع وجودكِ يا سَيدتِي..أنا أظُن بأن سيڤين سينصَلِح حالَها أخيرًا وتَنسى كُل ما تُردِده من تُراهاتٍ عن كيانِ المرأةِ المُستقِل وتَساوِييها مَع الرجُلِ وذلِك الكَلام الفارِغ!"

إنتَقلت نظرَة التهكُمِ مِن عيونِ نايِل إلى السَيدةِ الَتي هَزت رأسَها بوَجومٍ ولمَس الأستَهجان لِسانَها. "لَا يبدُ بأن ذلِك سيحدُث مع عِناد إبنةِ عمِك الكَبير،كَما أنَها تَستغِل حُب لِوي لَها وعدم رغبتِه بإزعاجِها كَي تتابِع تصرفاتَها الساذِجة."

"كَما أخبَرونا قديمًا، سَيدتِي. قَسوة النارِ تُذيب الحَديد.
أنتِ العَليمة بالموقفِ. ولِوي لَن يفهَم كَيف يجِب أن تَكون الزَوجة الصالِحة مَع حياتِه في فَرنسا كَما سمِعت فلَقد تآثر بالعاداتِ الفرنسيةِ المُنافِية لَنا. إنهُم هناك يَقولون بالحُريةِ المُطلقة! ماذا يَعني هَذا؟"

كمَن يبُخ سمَه بِلا توَقفٍ إستَولى على ثغراتِ السَيدةِ الإنجلَيزيةِ الصارِمة بأفكارِه الَتي توافَقت مَع مبادِئها جيدًا، فرأى بَسمتها الصَغيرة الَتي لم يتلقَها أبدًا..وهزَت عنقَها بلُطفٍ.

"يَبدو بأنكَ الشَخص الوَحيد العاقِل بالعائلةِ، سَيد بالَوم."

علَت زَاوية شِفاه نايِل ببَسمةٍ بطَنت لئمًا ودهاءً ستَرها قدحَ الشايِ الَذي إرتَشف مِنه بإرتَخاءٍ والوَضع حولَهما تجوبَه الألفة والوَئامِ.

لطالَما علَّم لِسانُه ما يَقول كَي يكسَب أي شَخصٍ لصالِحه.

طُلوع اللَيلِ كانَ شجِيًا بطُيورٍ مُحلقةٍ بسَماءِ إيلڤان المُتفحِم بزُرقةٍ مَنجميةٍ ترَكت آثرًا بديعًا. لم تكُن المُدة الزَمنية الضَئيلة مِن الغُروبِ لتِلك الساعَةِ مِن الأُمسيةِ بمَشغولةٍ بالكَثيرِ، ولكِنه تمَكن مِن قمعِ أستَياءه لبَعضِ الوَقتِ.

وَقف بأرَضِ حُجرتِه بسَكينةٍ والشَمعة المُحترقة تُظلِل علَى كيانِ وَردةِ اللَيلكِ الَتي مكَثت بَين أساريرِه شَبه ذابِلة أسفَل آنفِه الَذي استَنشق عبيرَها، وإبتَسم بآسَرٍ.

لم يسأل أبدًا سَبب منحَ الشَقراء تِلك الوَردة الحَمراء لَه فجأةً بَين الحَديثِ، لَيس وكأنَه لم يقَع بحُبِ حركَتها العَفويةِ وهِى تُقدِمها بدَونِ قولٍ أو تَفسيرٍ ما..ولكِنه لطالَما رأى خيطًا وثيقًا بَين الوَرودِ ومَشاعِر القَلبِ الدَفينةِ الَتي لا تعبُر اللِسان.

علَّه كانَ يرتفِع بسَقفِ آمالِه وحَسب، وإن لَم يرَ ضرًا في ذلِك. فمَا الأجمَل مِن أن تَكون واقِعة بحُبِه قلبًا وقالِبًا ولكِن شَخصيتها الغَريبة تُعاند وحَسب؟

فتَح أحَد كُتبِه الَتي لم يُخرِجها مِن حقيبتِه، وتَرك الوَردة تتدَثر بَين صَفحاتِه حَتى تذبَل خالِقة ذَكرى فاتِنة تُخلد للأبدِ. رُبما واحِدًا مِن الأشياءِ الَتي يُحرج مِن مُشاركتِها مَع أحدٍ هو تقدسِيه للأغراضِ الصَغيرةِ كتِلك..فطالَما رأهَا تحمِل جزءً مِن حُبٍ غَير منطوقٍ.

طُرِق بابَ الحُجرةِ المَفتوحِ كَي يُغلِق الكتابَ بسُرعةٍ ويَلتفِت للَقاءِ إبتسامَتها العَذبةِ الَتي اكملَت طلَتها المَسائية الَتي خطَفته. كانَت بذلِك الثَوب الفِضفاض الَذي قَرر الإنزِلاق عَن أحَد كِتفيها مبرِزًا تَرقوتها المُختبِئة بشَعرِها الَذي سدَلته بعدَما عقَدت بَعض خصلِه للخَلفِ بلُطفٍ بلَع بِه لعابَه ولهًا.

"هَل تفعَل شيئًا ما أم مُتفرِغ لِي؟"صاغَت سؤالَها بهَدوءٍ راقَص أوتارَه. ليَهِبها جوابَه النافِي بخُفوتٍ تارِكًا يدَه تصعَد لتَشتبِك بخاصَتِها المَمدودةِ كَي يرسِما طَريقهما للطابَقِ السُفلي حيثُ قادَته لحُجرةِ المَعيشةِ ذاتَ الجَو اللَيلي الساحَر.

كانَت إحدَى النوافِذ العَريضةِ مَفتوحة على وَسعِها كَي يتسَلل قَرير القَمرِ الأبَيض بهَميسِ المَساءِ الَذي تلَحن مَع مَعزوفةٍ لعَبت مِن الجَرامافونِ المُتهاوِد كقَلبِه الَذي طرَب للَمسةِ كَفيها على ظهرِه حَتى تعانَقت آنفاسُها مع عُنقِه بدَفئٍ.

"لستُ جيدة بتِلك الأشياءِ تمامًا. ولكِن أنتَ وأنا والقَمر. لا شَيء مُميز حقًا."إقتَبست جملَته بالأخَيرِ بإنخَفاضٍ جعلَه يَسترخِي مَع تمسيدِها الَذي سعَى لإذابةِ كُل ثليجِ حُزنِه، وإبتَسم.

"هذهِ مَعزوفة رومِيو وچولِيَت."صَرح بوَتيرةٍ مُماثلةٍ متابِعًا ظِلَها الَذي إلتَف حولَه حَتى سقَطت زَرقاوَتيه بمروجِ عيونِها المُتنفِسة بهَيامٍ مُشاغبٍ. "إن كُنا نُريد قَضاء أُمسِية لَطيفة سوِيًا، فعلَينا أن نَفعل ذلِك بطَريقةٍ صَحيحةٍ. ألَيس كذَلِك؟"

عجبًا، كَم كانَت ساحِرَة.

ذَعن ليَدِها التي قادَته نَحو النافَذةِ ليجلِس على إطارِها الفَسيح كَما أشارَت، شاعِرًا بنَسيمِ اللَيلِ يُداعب ظهرَه الَذي دُفِع كَي يلتصِق بالجانَبِ الأيمنِ تلبَية للمستِها، قَبل أن تتوَجه نَحو المَشربِ الصَغير مُلتقِطة زُجاجة النَبيذِ الأحمَر مجاوِرةً بكأسَينِ ترَكتهما على حافةِ الإطارِ الخارِجية بهدوءٍ.

كانَ مفاجِئًا لَه إنضمامَها لَه لتَستنِد على الجانَبِ الأيسَر للإطارِ كَي تُقيم ساقَيها المَعقودتين لجَهتِه براحَةٍ. لم تكُن بوَضعيةٍ قَد تتخِذها أي امرأةٍ مَع أي شخصٍ كانَ، لم تكُن بثَيابٍ قَد تَجلِس بها أي سَيدةٍ أمامَ أي عينٍ كانَت.

ولكِن مجددًا..سيڤين بالَوم لَيست كأي أحدٍ قَط.

"والآن، كُل ما علَينا فِعله هو الإستِمتاعَ بذلِك."إبتَسمت، مادَة لَه أحَد الكأسَينِ حيثُ جرَت فِيه لَذعة النَبيذِ الأحمَرِ الَتي لمَست لِسانَه المُرتبِك الَذي لم يجِد تمامًا ما قَد يبدَر عن حديثٍ ما.

لقَد كانَ سيئًا بفَتحِ حوارًا ما.

"لِماذا تَبدو متوتِرًا؟"علَقت بصَوتٍ ضاحَكٍ بَعد ثوانٍ مُلاحِظة عيونَه الفارَة بعيدًا، فرَفع كِتفَيه بلُطفٍ نافِيًا. "لستُ كذلِك. إن هَذا جَديد بالنَسبةِ لي فحَسب."

كانَ ذلِك غريبًا علَيه.
وَضعت سيڤين كأسَها جانِبًا ومالَت إلَيه لتضُم قبضَته الخاوَية بأساريرِها حَتى نالَت إنتباهَ عيونِه اللامِعة. "إنَه كذلِك لِي أيضًا. ولكِن اللَيلة هِى لَيلتك أنتَ، وإن لم ترغَب بالحَديثِ..لا تَفعل. عليكَ أن تَكن مسترخِيًا ومستمتِعًا وحَسب، حسنًا؟"

"حسنًا."كالمَشدوهِ هَز رأسَه بطَوعٍ دفَع بشِفَتيها للإمتَدادِ برَضى بَينما تتراجَع للخَلفِ مُكمِلة إحتَساء نبيذَها بتلذُذٍ شارَكهما بِه الهَواء العَليل لدَقائِق راقَص فِيها نَغمات اللَحنِ المُنبعِث.

"لقَد إنتَهيت مِن قَراءةِ رَوميو وچولِيَت تِلك الظَهيرةِ."صَرحت الشَقراء عَقب مُدةٍ كانَت قد أنهَت بِها كأسَها الثانِي، فأستَعاد لِوي زَرقاوَتيه مِن القَمرِ صوبَ وجهَها الَذي إستَكان بتِلك النَظرةِ الناعَمة الَتي تَخلِبه.

"هَل أعجَبتكِ؟"

"هَل تُريد الصَراحة؟"
أومأ بإيجابٍ، تارِكًا إياهَا تُعبِئ كأسَه مِن جديدٍ بَينما تُكرمِش جفونَها بإعراضٍ. "هذهِ آسوء رِواية قَد أقرأها على الإطلاقِ."

أُخِذ بدَهشةٍ. لا أحَد قالَ يومًا على تِلك الرَوايةِ بسوءٍ قَط، هو لم يكُن يستمِع على أيةِ حالٍ. لقَد كانَت واحِدة مِن أكثَر الرَواياتِ شاعَرية وكمالًا بنظرِه..ولم يتصَور أبدًا بأنَها ستَرها نَقيض ذلِك.

"لِماذا؟"

"لأنَ الحُب لَيس كُل ما تَدور حَوله حَياة الإنسانِ! ونَظرية الوَقوع بالحُبِ من أولِ نظرة هذهِ ساذِجة، لا أحَد يُغرم بصَدقٍ بشَخصٍ ما منذُ اللَحظةِ الأولى، ولا أحَد سيقتِل نفسَه بسبيلِ أي شخصٍ كانَ. تِلك القِصة جمَعت ما بَين الفِكر الرَجعي والخُرافِي والتَعيس بآنٍ واحدٍ."

كانَ هذا أغرَب نقدًا سمَعه على الإطلاقِ لرَوايةٍ عاطَفيةٍ.
هِى لم تنظُر إلى الجانَبِ الشاعَري كَما فَعل، لم تهتَم بقَيمةِ الحُبِ الَذي جمَع بين رومِيو وچولِيَت..بَل فنَّدتها كناقَدٍ صارَمٍ نظَر لتِلك المَلحمة كخُرافةٍ!

"إن عَدم ثَقتكِ في الآخرينِ، في العالَمِ، وحَتى في نفسكِ، جَعلت مسألة الوقوع بحُبِ أحدَهم مسألة صَعبة جِدًا بالنَسبةِ لَكِ."تلَفظ بهَدوءٍ. شَعرت وكأنَه يثأر لقَصتِه المُفضلةِ على الإطلاقِ بجَدالِها، فإبتَسمت بخَفةٍ. "أنا أثِق في نَفسِي."

سُر بوَترِ المُناورةِ الَذي تغَنى بعيونِها..هِى لم تنزعِج أو تقلِب ميزانَ الوَضعِ لصَراحتِه الَتي قد تَبدو كمُهاجمةٍ لأي امرأةٍ أُخرى. لقَد كانَ مستمتِعًا بذلِك الحَديث الَذي تجرُه إلَيه بكُل سلاسةٍ.

"لا أعتَقِد بأنَه سيَوجد قِصة حُبٍ أحزَن مِن هذهِ. أن تَكون نِهاية ذلِك الحُب هو المَوت، كانَ هذا أكثَر ما كرَهته بالرَوايةِ. مليئة بالحُزنِ، مليئة بالتَعاسةِ. لا أظُنِني سأوَد أن أعَش قِصة حُبٍ مثلَها أبدًا."

راقَب ملامِحَها تهبَط خَلف كأسِها الَذي فقَد رقَمه، وحطَم شِفَته السُفلِية بأسنانِه بلُطفٍ. كانَ يعلَم بأنَه لن يحظَ أبدًا بتِلك القَصة الشاعَرية في عَقلِه، ورُبما لم يكُن يتمنَى الحُصول على نَهايةٍ كهذهِ أبدًا، ولكِنه أرادَ قِصَته الخاصَة.

"أن تَموت وذلِك الحُب لايزَل كامِنًا أفضَل مِن أن تعِش مَدى الحَياةِ عالِمًا بأنَه سيذبَل يومًا ما."وقَعت حدَقتاه لكأسِه الخاوَي بإحَباطٍ وُلِد. كانَ أكبَر مخاوِفه هو إختفاء كُل الحُبِ من حَياتِه، أن يُصبِح عالَمه بارِدًا خالِيًا مِن المَشاعِر.

كانَ ذلِك كالكَابوسِ لَه.

انزَلت الشَقراء كأسَها الفارِغ جانِبًا، وبتِلك النَظرةِ الساهَمةِ الَتي إحتَلت عَينيها محَت تِلك المَسافة بينهُما حَتى أمسَت عيونَهما على مُستوى مُتقاربٍ سمَح ليَدِها بالتَمايلِ على جَسرِ صدرِه بهَيامٍ.

"هَل ستتَوقف عن حُبِي يومًا؟"
نفَذت إلى زَرقاوِتيه بنَظرةٍ مُتلهفةٍ، لم تكُن بوَعِيها المُتزِن كَي تَقهر نَبرة التَوجسِ بعميقِ صوتِها. كانَت مُعجبة بشُعورِ أن يُحِبها أحدهُم، أن يتقَبلها كَما هِى مَهما كانَ ذلِك صعبًا.

ولم تكُن مُستعِدة لفَقدانِه قَط.
"لا أعتَقد هَذا."هَمس نفِيًا. ذابَ أمامَ لمستِها لثَناياه الَتي تلَوعت بنَسيمِ اللَيلِ مَع حرارتِها المُداعِبة كَي يهَوى بحالةِ ذعنٍ تامةٍ جعلَته تواقًا للمَزيدِ والمَزيدِ.

ببَسمةٍ صَغيرةٍ فُتِن. بِسَنا قمرٍ ناعَمٍ عبَّر شعرَها المُرفرِف خُطِف. بهَيئةِ الإلَهة الرَومانية الَتي لم تخفَق بتاتًا بسَحرِه كانَ ثمِلًا بكُل طيةٍ بَها، يختلِسها بنَظراتِه الظَمأةِ حَتى رَست فَوق شِفَتيها بسَكينةٍ.

"هَل الآمر مُرهِق؟"سألَته فجأةً مقاطِعَة ضَياعه بِها، ليَنتبِه لتأمُلِها هِى بَه حَتى غدَت خَضراوِيتها مُضائة بتِلك النَظرةِ المَفتونةِ الَتي لم يرَها مسبقًا، وإستَجمع بعثَرته بصُعوبةٍ.

"ما هُو؟"

"أن تَكون بذلِك الجَمالِ."
تكَبل لسانَه بحَياءٍ. لمَعت الدَهشة بعَينيه مِن هسيسِها المُغازِل،نظرتِها الهائِمة، ونبرتِها الَتي طرَقت قلبَه بكُلِ عذوبةٍ خَر لَها صريعًا ولهانًا.

هَو لم يسمَع أحدهُم يتغَزل بِه بتِلك الصَراحةِ، وبالطَبعِ لم يتَوقع أن يسمَعها هِى تَقول ذلِك بكُل وَضوحٍ ولَسانٍ سَكيرٍ جعلَها تُفشِي بمّا كَن بذهنِها دون تَرددٍ. كَم كانَ ذلِك لطيفًا.

"أعتَقِد بأنَني أُفضِلكِ وأنتِ ثَملة."إبتَسم، واضِعًا كِلتا يَديه حَول جسدِها الَذي إستَند فَوق صَدرِه حَتى كادَ يقَع بشَباكِ قُبلتِها الدافَئةِ، وشاعِرًا بآنامِلها تَجوب عُروق عنقِه النابِضة بدَلالٍ.

"أنا لستُ ثمِلة، بَل مُنتشِية. ولكُن لا أعلَم هَل أنا مُنتشِية بالنَبيذِ أم بعَينيك."بكُل إنسَيابٍ كانَت كلماتُها ترقُص فَوق ساحةِ قلبِه المُغرم. كمَعزوفةِ حُبٍ عَتيقةٍ كانَت نبضاتُه تتلَحن أسفَل يدِها الَتي إستشَعرت كُل خفقةٍ بسَلامٍ، وإبتَسمت.

"هَل تعلَم؟ لقَد كانَت تواتِيني نَوباتِي مَرة على الأقلِ كُل إسبوعٍ. ولكِن منذُ زواجِنا، لم تنتابَني سِوى نَوبتين وحَسب. يَبدو بأن لكَ تآثيرًا جيدًا علِيَّ."

"سعيدٌ بأنَه واضِح."
كانَت تنتقِل مِن حديثٍ لآخرٍ دون حَتى أن يستعِب ذلِك. كانَت تأخُذه مِن موجةٍ لتالَيةٍ بكُل ثمالةٍ إنصاعَ لها وترَكها تقودَه لأي شيءٍ كانَ. لقَد كان هُو وهِى والقَمر وحَسب.

وقَد كانَ كُل شيءٍ مُميزٍ حقًا.

"لقَد إكتشفتُ بأنَني لَم أمنحكَ شيئًا ما عِند زواجِنا، كَما أعطَيتنِي أنت ذلِك الخاتِم."صَرحت بخُفوتٍ كادَ لا يلتقِطه مَع هيامِه بتَفاصيلِ الموقفِ، فهَز رأسَه برفقٍ. "أنا لَا أُريد شيئًا."

"ولكِن أنا أُريد ذلِك."أصَّرت بعُقدةِ حاجَبٍ بَسيطةٍ، وإبتَعدت بخُمولٍ دَب بِها تارِكة الحُجرة لوَقتٍ إنزَعج فِيه لإفتقادِه لحَرارتِها الَتي أجَجت كُل طيةٍ بَه، حَتى عادَت مجددًا كَي تُباشِر وَضعيتها الَتي ما حالَ بينهُما أي إنشٍ قَط.

بَسطت قِلادَة فِضَية بهَلالٍ تدَلى مِنها بَين أساريرِه، فطالَع الغَرض القَديم بحَيرةٍ قُبيل أن ينتقِل لعَينيها الساهِمَتين بتَساؤلٍ. "ما هذهِ؟"

"هَذا شيئًا أُريدك أن تُحافِظ علَيه للأبدِ، لأنَه عزيزًا جِدًا لِي، ولم أتخَيل يومًا بإنَني قَد أمنَحه لشَخصٍ ما."تَنهدت بلُطفٍ،كانَت نظراتُها للقَلادةِ مُلِمة بحُزنٍ سُرعان ما تحَول لتَرجٍ مُعاندٍ نَحو عَينيه.

"تِلك القَلادةِ كانَت هدِية مِن عَمةِ أوَل زوجًا لِي. كانَت غَريبة، غَير مألوفةٍ..كانَت الشَخص الوَحيد الَذي وقَف بصَفِي وحاوَلت بكُل الطُرقِ حمايَتي مِن كُل ما كنتُ أتعَرض لَه. بالتَفكيرِ بالآمرِ..أعتَقِد بأنَها كانَت عرابَتي الَذي وَهبتنِي درسًا لن أنسَه. أعطَتنِي هذهِ بآخرِ مرةٍ تقابلَنا،بجَنازةِ زَوجِي آنذاكَ. قالَت هذهِ قَلادة آرتمِيس، رَمز الحُريةِ والإستِقلال. قالَت بأنَ أتعامَل معهَا وكأنَها قَلبي، وكأنَها حُريتِي، وكأنَها رمزًا لكَيانِي المُستقِل الَذي لن يحصُل علَيه أي شخصٍ آخرٍ. غرِيب قليلًا، صحَيح؟"

شَعر لِوي بيَدِها تنغلِق على خاصَتِه بقَوةٍ كَي تمكُث القِلادَة بعَناقِهما الحارِ كوَثاقِ عيونِهما المَتينِ الَذي نسَجته. "اللَيلة أنا أمنَحها لكَ بعد الكَثيرِ من الوَقتِ. أمنحكَ قلبَي، حُريتي، وثِقَتي، تمامًا كَما منَحتك نَفسي مِن قبلٍ. فهَل يُمكِنك أن تُبقِيها بآمانٍ؟"

كانَت تطلُب مِنه الحِفاظَ على قَلبِها، حُريتِها، كَيانها وثِقَتها بتِلك اللَحظةِ. شيءٌ لم يتصَور بأنَه قد يسمَعها تَقوله أو تفعَله أبدًا. أومأ مِرارًا كمَن يؤكِد جوابَه الَذي دفَع ببَسمتِها لشَفتِيها، بَينما يُمرِر القَلادة عَبر رأسِه ويضُم الهِلال بَين يدِه متطلِعًا.

"مَن هِى آرتمِيس؟"لم يستَطِع مَنع نفسَه مِن السَؤالِ، لتَعتدِل سيڤين بهَزةِ رأسٍ مُبتسمةٍ تارِكة نفسَها بين ذراعَيه بإستَرخاءٍ مَس أطرافَها.

"إنَها إلَهة يونانَية، قَيل بأنَها لم تتزَوج أبدًا لرَفضِها قُيود الرجُل على المرأةِ. وكانَت تُقدِس جسدَها وعُذريتَها كثيرًا ورأتَهما شيئًا لا يجِب أن يُدنس. إنَها فَريدة."

إستَمتع بكُل كلمةٍ قالَتها رَغم تعجُبِه مِنها. كانَت تؤمِن بالكَثيرِ من الأشياءِ الغَريبةِ والجَريئة، فلَو سمَعتها إحدَى سيداتِ المَدينةِ للَقبتها بغَريبةِ الأطوارِ..ولكِن عَل ذلِك ما مَيزها عَن الأُخرياتِ، إيمانَها بأشياءٍ لا يؤمِن بِها أحدٌ أبدًا.

"إنَها مَثلكِ."هَمس. راوَغت آنامِلُه وجهَها الشاحِب على ضَياءِ القمرِ المُنعكِس علَيهما، فكانَ كوَنيسٍ ثالَثٍ تَوج تِلك الأُمسِية الفَريدة الَذي حفَرت آثرَها بفَؤادِه المَفتونِ.

"أجَل، ولكِنَني كسرتُ العَهـد."
إرتَفعت سيڤين على ساعَدِها لتأخُذ نظرَة أعمَق لعُيونِه الَتي إستَغنت عَن همساتِ حُزنِها، وبدَفعةٍ صَغيرةٍ وَفقه إبتَسمت مُطلِقة حرارَتها كَي تُشاغِبه بكُل وَلهٍ سَطى على حواسِها الثَملةِ.

"قَبِلني."طلَبت بنُعومةٍ، بصَوتٍ تاهَ ببحرِ الهَوى المُتموِج بإضطَرابٍ. شَعرت بَيدِه تُعانِق جانِب وجهِها بخَفةٍ، وبطَواعيةٍ لقولِها مالَ حَتى تجَسمت شِفَتيهما سوِيًا لتَغرقا بعَناقِ بعضَيهما البَعض بكُل حَرارةٍ، بكُل إنسَجامٍ، وبكُل شَغفٍ.

ولكِن عَل ما جَعل قلبُه يخفَق بغَرامٍ..بأنَها لم تفلِت يدَه لثانَيةٍ واحَدةٍ.

**
الهِلال رَمز مِن رُموز الإلَهة اليونانِية آرتمِيس إلَهة البَرية والصَيد والعَذراء الأبدِية والَتي عُرِف عَنها الجَمال والإيمانَ بالحُرية والإستِقلال ورَفض قُيود الزَواجِ للمرأةِ وتَقديس عُذرِيتها. ( الهِلال هُنا يرمُز للعُذرِية ).

Đọc tiếp

Bạn Cũng Sẽ Thích

10.6K 605 24
توقفَت عقاربُ ساعتي عن الدوران، إنطفئَت شموعي، وجفَّ حِبري، وبدأت رسائلي تتراكمُ فوقَ بعضِها البعض، والزمنُ يمُّر ويتقلَّب ويُشكلّنا معهُ مع الوَقت ع...
1.9K 127 10
فنّان موهوب يعيش صراعات نفسية بعد تلقيه لصدمة عمره، يحارب عراقيل حياته مستعينا بفنّه و وظيفته المتواضعة. تجمعه الصدف بفتاة من عائلة نبلاء لتقع هي في...
1.5K 119 3
عندما يكون حُبًا غريبًا، مُتطفلًا ومُفاجئًا. كالمرض يدخُل لخلاياهُم. لكنهُ ممنوع، لكنهُ مُحرم، لكنه خطيئة. عندما تُحِب من لا يجِب أن تُحبه، بشكلٍ مُف...
66.8K 8.5K 39
-شَارلوت راقِصة باليه قدّمت لِوظيفة فيّ قَصر هُوفام لِتكتشِف لاحِقاً أنْ احفاد هوفام هُم أُمراء الخطايّا السَبّع المُمِيتة. -أُمراء الخطايا السبع، نُ...