🌸رجل من حجر🌸

By xxlatifa9

488K 36.9K 26.6K

🌸 عندما تتقاطع طرقنا مع أشخاص لم نقابلهم من قبل، يعيشون في عالم آخر غير عالمنا.. عالم مكسو بلون وردي من الخا... More

🌸مقدمة🌸
🌸الحلقة الأولى 🌸
🌸الحلقة الثانية🌸
🌸الحلقة الثالثة🌸
🌸الحلقة الرابعة🌸
🌸الحلقة الخامسة🌸
🌸الحلقة السادسة🌸
🌸الحلقة السابعة🌸
🌸الحلقة الثامنة🌸
🌸الحلقة التاسعة🌸
🌸الحلقة العاشرة🌸
🌸الحلقة الحادية عشر🌸
🌸الحلقة الثانية عشر🌸
🌸الحلقة الثالثة عشر🌸
🌸الحلقة الرابعة عشر🌸
🌸الحلقة الخامسة عشر🌸
🌸الحلقة السادسة عشر 🌸
🌸الحلقة السابعة عشر🌸
🌸الحلقة الثامنة عشر🌸
🌸الحلقة التاسعة عشر🌸
🌸الحلقة العشرون🌸
🌸الحلقة الواحدة والعشرون🌸
🌸الحلقة الثانية والعشرون🌸
🌸الحلقة الثالثة والعشرون🌸
🌸الحلقة الرابعة والعشرون🌸
🌸الحلقة الخامسة والعشرون🌸
🌸الحلقة السادسة والعشرون🌸
🌸الحلقة السابعة والعشرون🌸
🌸الحلقة الثامنة والعشرون🌸
🌸الحلقة التاسعة والعشرون🌸
🌸الحلقة الثلاثون🌸
🌸الحلقة الواحدة والثلاثون🌸
🌸الحلقة الثانية والثلاثون🌸
❤️
🌸الحلقة الثالثة والثلاثون🌸
🌸الحلقة الرابعة والثلاثون🌸
🌸 الحلقة الخامسة والثلاثون🌸
🌸الحلقة السادسة والثلاثون🌸
🌸الحلقة السابعة والثلاثون🌸
🌸الحلقة الثامنة والثلاثون🌸
Note 1
🌸الحلقة التاسعة والثلاثون🌸
🌸الحلقة الواحدة والأربعون🌸
🌸الحلقة الثانية والأربعون🌸
🌸الحلقة الثالثة والأربعون 🌸
🌸الحلقة الرابعة والأربعون🌸
🌸الحلقة الخامسة والأربعون 🌸
🌸الحلقة السادسة والأربعون🌸
🌸الحلقة السابعة والأربعون 🌸
🌸 الحلقة الثامنة والأربعون 🌸
🌸الحلقة التاسعة والأربعون🌸
🌸الحلقة الخمسون🌸
🌸الحلقة الواحدة والخمسون🌸

🌸الحلقة الأربعون🌸

8.9K 783 511
By xxlatifa9

لا تنسو النجمة يا حلوين 😍🌟


🌸

فتحت فمها بخفة وهي تحاول تشكيل إجابة منطقية للعاصفة التي بدت بوضوح أنها ستضربها من ملامح تايهيونغ، لكن عوضاً عن ذلك عقلها أرسل جملة أخرى إلى شفتيها شكلت عقدة غضب على جبينها : هل أخبرك سونغ دال؟! 

-- سونغ دال؟ - تايهيونغ أطلق ضحكة خشنة كأنه لا يصدق أذنيه - هل هو مستشار مغامراتك السخيفة الآن؟ 

-- آه.. - زفرة خرجت منها وهي تنهض من مكانها لتقف في وسط الغرفة بعيداً عنه بينما تتبعها عيناه بتركيز - إنها ليست "مغامرات سخيفة" و.. حقاً  آخر ما ينقصني الآن التشاجر معك!! 

تايهيونغ وقف على قدميه أيضاً ليشعرها بالرهبة حتى لو كان بعيداً، كان دائماً ما يشعرها بالرهبة عندما يقف هكذا بكتفين مشدودتين بينما تتقوس ذراعاه إلى جانبيه مثل وحش يوشك على الانقضاض : لنجعل حديثنا بسيطاً وقصيراً إذاً..هل تعرفين طبيعة المنطقة التي ذهبتِ إليها؟؟ 

ماي عقدت ذراعيها أمام صدرها : نعم.. إنها مليئة بالأحياء الفقيرة.. ليس شيئاً لم أعتد عليه! 

-- هل تمازحينني؟؟؟ - صوته المرتفع جعلها تجفل بينما تحتد ملامحه - هل تعرفين أن ذلك المكان بالذات يعتبر خلية لعصابات الشوارع؟ ربما تعتقدين أن لا أحد يعرفك.. ولكنك معي الآن!! أنت تظهرين أسبوعياً، وفي بعض المجلات الأخرى يومياً أمام الناس على لوحة الأخبار الساخنة.. هل تعتقدين حقاً أنك آمنة في ذهابك إلى مكان كذلك؟ 

-- لا تهذي.. - ماي سخرت وهي تبعد نظرها عنه - ليس كأنني أجريت أي ظهور مهم منذ الوقت الذي قدمتني فيه إلى العالم! 

-- بالنسبة للصحافة.. وفي ظل الشائعات التي بدأت تنتشر حول المشاكل في الشركة، هؤلاء الناس سيجدون قصة لكتابتها حول خروجك من المنزل، وحول نوع الثياب التي ترتدينها وكمية الأكسجين التي تستهلكينها في ستة ساعات!! 

عيون ماي كانت واسعة : أنت تبالغ كالعادة! 

-- لا تختبريني ماي!! - تايهيونغ قال من بين أسنانه - لقد أخبرتك بهدوء كم أنك لستِ آمنة.. لقد طلبت منك أن لا تخرجي دون إخباري.. هل تعتقدين أنني أشعر بالراحة بوجوب المحافظة على سلامتك معلقة حول عنقي؟! 

فغرت فمها : هل.. هل أنا عبء عليك؟ 

تايهيونغ لم ينتبه إلى صدمتها وهو يجيب : ماذا تعتقدين إذاً؟ إنني أحاول قدر الإمكان ابقائك والطفل قريبة وآمنة رغم هموم العمل المتراكمة.. هل تعتقدين أن فعل هذا سهل علي؟ 

-- ولكننا اتفقنا أن يكون لي بعض الوقت الخاص عندما بدأنا هذا كله!! ثم هل أنا الوحيدة التي تحتاج إلى حمايتها؟ 

-- نعم أنتِ الوحيدة، البقية قادرون على العناية بأنفسهم!! 

أشار إليها بغضب : وعليك نسيان فكرة التجول وحدك في أي وقت.. لا يجب أن تخرجي إلى أي مكان دون إخباري ودون مرافقة حارسين على الأقل! كيف ستشعرين لو أن شيئاً حدث للطفل؟؟ هل ستكونين قادرة على إيقاف رجال مدربين جيداً على القتل؟! 

شعرت بحلقها جافاً وبحاجة للجلوس، بسرعة سارت إلى الكنبة لتقول بعد فترة : ولكنني كنت برفقة حراسة.. 

تايهيونغ صرخ بها : تلك الحراسة لا تكفي للدخول إلى مناطق كتلك!! حتى في وضح النهار.. تلك المناطق ليست آمنة من الجرائم!! 

ماي كزت على أسنانها ودون وعي صرخت به : إذاً كيف تسمح لوالدتك بالبقاء في مكان كهذا؟!!! 

وضعت يدها على فمها عندما رأت الصدمة على ملامحه، عيونه اتسعت وحدق بها كأنها مخلوق فضائي، ماي الغبية.. أيتها الغبية.. رغبت بضرب رأسها في الحائط.. بدا بوضوح أنه عرف بذهابها إلى هناك ولكن لم يكن يعلم أنها ذهبت لرؤية والدته!! 

ملامح تايهيونغ أظلمت وشعرت كأن المكان أخذ يصغر بينما يصبح الهواء أثقل كأنه سيطبق عليها في أية لحظة، ببطء قال : إذاً.. هذا هو الأمر..!! أنتِ ذهبت لرؤية والدتي..؟ 

قبضته اشتدت وهو يتابع من بين أنفاسه : لا أصدق أنها وصلت إلى هذا الحد.. لا أصدق أنها استدرجتكِ إلى هناك!! 

-- أنا.. ما الذي تتحدث عنه؟! 

ماي قالت ويدها ارتفعت إلى عنقها كأنها تختنق : أنا.. لقد ذهبت إلى هناك.. من.. تلقاء نفسي!! 

شعرت بنظراته مثل سكاكين تنغرز في صدرها وهو يقول بصوت شديد البرودة يخفي تحته انفجاراً قريباً  : هل تمانعين إخباري عن السبب؟!! 

شفاهها انفتحت ببطء وقبل أن تكون قادرة على النطق بأي شيء، صوت أبواق سيارات ارتفعت في الخارج بقوة كأن هنالك حفلة اندلعت في حديقتهم فجأة .. تايهيونغ كان لا يزال ينظر إليها بحدة عندما دخلت الخادمة لتقول باحترام : سيدي.. لديك زوار.. 

تايهيونغ رفع يده يصرفها بنفاذ صبر دون أن يبعد نظره عن الفتاة الجالسة على الكنبة قبالته : دعيهم ينتظرون.. 

لكن الصوت الذي تبع كلماته تلك قاطع جريمة القتل التي كان يمارسها بعينيه، فالتفت لينظر حيث دخل نامجون وهو يحمل زجاجة كبيرة من الشراب ويقول بصخب : مرحباً.. مرحباً.. هل تحاول التصرف معي مثل ضيف جاء ليطلب منك بعض النقود يا ترى؟ أيها الوغد! 

تايهيونغ تمالك نفسه وراقبته ماي يحاول اخفاء الملامح التي كان يحملها ليقول وهو يبدو كأنه سينفجر : هيونغ.. ما الذي تفعله هنا؟ 

نامجون أطاح بيده على ظهر تايهيونغ في صفعة أصدرت صوتاً مؤثراً صدح في الغرفة وهو يقول : عن ماذا تتحدث؟ لقد جئت للزيارة بالطبع.. والاحتفال بعودتك.. 

تايهيونغ ضحك بغير مرح بينما ترتسم تكشيرة ضخمة على وجهه : الاحتفال بعودتي؟! كلا حقاً.. ما الذي تفعله هنا؟ 

نامجون أدار رأسه وهو يضع زجاجة الشراب على الطاولة : هيه.. نحن هنا.. هنا.. 

بدا كأنه يتحدث مع شخص ما في الخارج قبل أن يعيد اهتمامه إلى تايهيونغ : انه كما أقول.. لماذا تشكك بنواياي يا ترى؟ 

تايهيونغ ابتسم له : إذاً أنت هنا لأنك تريد الاحتفال بعودتي..؟ 

نامجون ابتسم له في المقابل : بالطبع؟

تايهيونغ عقد ذراعيه أمام صدره وأشار بيده مبتسماً : إذاً هل يمكنك أن تفسر لي لماذا لم يكن هنالك أية احتفالات عندما عدت من الولايات المتحدة بعد ستة أشهر؟ أو من الصين بعد ثلاثة أشهر؟ 

-- حسناً هذا لأن.. 

نامجون قال وهو يمد الحروف قبل أن يستدير ويشير إلى شخص وقف بباب الغرفة للتو : لأنه لم يكن هنالك أي من هذا.. أي أنت كنت وحدك! 

تايهيونغ رمقه بحاجبين مرفوعين : أنت حقاً وصلت إلى هذا الحد.. امرأة واحدة وانتهى أمرك! 

نامجون وكزه بذراعه وهو يقول بصوت منخفض : ماذا تعني بامرأة واحدة؟ إنها تتجاوز جميع النساء! 

تايهيونغ ضحك حقاً هذه المرة : كنت أعلم أن الأمر سينتهي هكذا منذ اللحظة التي تركتك فيها لتهتم بأمرها..! 

-- لطالما كنتَ وغداً! 

تايهيونغ ربت على كتف نامجون : ولكنني لم أتوقع أن يحدث بهذه السرعة..!! 

نامجون أجاب وهو يستدير مبتسماً : ليس هنالك فائدة من اضاعة الوقت أليس كذلك؟! 

جيني التي وقفت في الباب بشيء من التردد قالت مجيبة كلمات نامجون الأخيرة ظناً منها أنه يتحدث إليها : ماذا.. أوه أنا آسفة.. لقد دخلت إلى الباب الخاطئ دون أن أنتبه..هل تأخرتُ كثيراً؟ آه.. كيف حالك سيد كيم تايهيونغ؟ 

تايهيونغ أومأ برأسه وهو ينظر إلى نامجون بطرف عينه : بخير.. كيف هي الأمور معك؟ 

ابتسمت بأدب : بخير أيضاً.. لقد جئنا للزيارة بشكل مفاجئ هكذا.. كنا نأمل أن نتناول العشاء معاً ونحظى بليلة ممتعة.. هل لديكم أية خطط؟ 

-- ماذا؟ كلا تفضلي.. لا شيء من هذا القبيل! 

تايهيونغ أمسك بذراع نامجون وجذبه قريباً ليهمس : انظر هيونغ.. من الأفضل لك أن لا تذهب وتخبر الجميع أين أقيم اليوم.. أنا لا أريد أي زوار أو أي نوع من الحركة في هذا المكان وأنت تعلم السبب! 

نامجون الذي تحول للجدية فجأة همس في المقابل : أنا أعرف هذا بالفعل لا تقلق.. انها فقط.. لقد مرت ماي بيوم سيء.. حالة جدتها قد ساءت.. وصديقتها هي العائلة الوحيدة التي تمتلكها الآن..!! 

تايهيونغ زم شفتيه وهو يشد قبضته قبل أن يترك ذراع نامجون : نعم.. 

شعر بعدم الارتياح، لماذا لم تخبره أن حالة جدتها قد ساءت؟؟ 

ماي وقفت على قدميها وهي تراقب التهامس بين نامجون و تايهيونغ، لكن لحظة دخول جيني هي شعرت  بالإمتنان حقاً لظهورهم المفاجئ، في هذه اللحظة بالذات بينما توشك هي وتايهيونغ على الدخول في شجار رهيب قد تكون هي بشكل ما الجانب المخطئ فيه!! وهي غير قادرة تماماً على توقع نوع الحال الذي قد ينتهيان به.. عظامها كانت ترتجف داخل جسدها منذ لحظة والتأثير لا يزال موجوداً بلا شك بينما تمد يدها وتتمسك بالأريكة تاركة ابتسامة مجعدة لترتسم على وجهها : آه جيني.. نامجون اوبا .. أهلاً بكما! 

جيني أسرعت ناحيتها بمجرد سماعها لتلك الكلمات لتعانقها بقوة مما جعل تايهيونغ يقول بشيء من الاستغراب : هل تفعل الفتيات هذا دائماً بعد مرور ساعتين على رؤيتهم لبعضهن البعض؟ 

-- كلا.. - نامجون أجاب بتأمل- لقد تشاجرتا سابقاً.. أظن أن هذا هو السبب.. 

عقد تايهيونغ حاجبيه وهو يركز نظره على ملامح ماي المرتبكة : هل تشاجرتا؟ 

-- لا بأس جيني.. هذا يكفي.. 

ماي قالت وهي تكاد تختنق شاعرة بكتف جيني الحاد يضغط على حنجرتها : إنني أختنق! 

-- أنا آسفة.. آسفة.. آسفة!! ماذا علي أن أفعل كي أعبر عن مدى أسفي؟؟ 

جيني قالت ذلك بهمس صاخب جعل ماي تقول بصوت متقطع وهي تحاول ابعادها : ك.. كخطوة أولى.. يمكنك الاتجاه.. إلى المطبخ.. لوضع هذه الأكياس.. 

جيني افلتتها بتردد : حسناً بالطبع.. إذا كنا سنذهب معاً! 

ماي ألقت بنظرة خاطفة على تايهيونغ لتجده يقف عاقداً ذراعيه أمام صدره ويحدق فيها مباشرة مما جعلها تسحب جيني بسرعة : نعم هيا بنا!! 

ماي لم تكن قادرة على التركيز على ما تقوله جيني وهي تدخل المطبخ بسرعة وتبدأ بترتيب محتويات الأكياس بينما جيني تتحدث دون انقطاع دون أن تكون قادرة على التقاط كلمة من كلامها..!! 

-- صحيح ماي؟ 

رفعت رأسها مجفلة : ماذا؟ نعم بالطبع! 

جيني ابتسمت وقالت وهي تنظر إلى شخص خلفها : سنعد طعاماً ايطالياً إذاً! 

-- ما..؟ 

ماي فتحت فمها بصدمة كونها لم تكن تستمع حقاً، نظرت خلفها لتعلم إلى من كانت جيني تتحدث لتجد تايهيونغ يقف خلفها قريباً، عيناها توسعتا بخوف بيننا يميل ليهمس في أذنها : حديثنا لم ينتهي بعد!! 

بقيت تحدق في المكان الذي كان يقف فيه للتو حتى بعد خروجه عندما شعرت بجيني تدفعها قليلاً كأنها تحاول ايقاظها من سيل أفكارها بنبرة عابثة : أنتما تبدوان أكثر حميمية من ما توقعت!! 

ماي نظرت إليها، ثم بسخرية خفية ضحكت : نحن.. آه نعم.. نحن مقربان الآن.. 

-- هل هذا صحيح؟؟ 

جيني تساءلت بشهقة قبل أن تصفع نفسها بخفة : هذا يجعل الجهد الذي بذلته بلا فائدة.. يا لي من حمقاء!! لم أكن أعلم.. ولكن.. 

نظرت إلى ماي من الأعلى إلى الاسفل قبل أن تصفق بيديها وتقفز بخفة بينما يعتريها حماس مفاجئ : هل تقولين.. أنه يمكننا الخروج معاً كأزواجٍ الآن؟؟ 

كتمت صرختها وهي تعانق ماي بشدة : إنني سعيدة.. سعيدة جداً!!! 

ماي زفرت وهي تدفع وجه جيني الملتصق بوجهها بعيداً: توقفي حسناً؟! أنا لم أقل هذا أبداً!! 

جيني تراجعت وهي تهدأ قليلاً قبل أن تقول بحاجبين معقودين : أم أنكما في ذلك النوع من العلاقة..؟ هل.. هل تخليتِ أخيراً عن..؟ 

عيون ماي اتسعت : ما الذي تفكرين به بحق الجحيم؟!!! هل هذا هو كل ما يخطر على عقلك؟ هل يفعل الناس بهذا طول الوقت؟! 

جيني رمقتها ببراءة : أنا ونامجون فعلنا.. 

عيون ماي ازدادت اتساعاً وشحب وجهها بخفة بينما تستدير لتنظر إلى المقلاة، هزت رأسها كأنها تحاول نفض الفكرة من دماغها بينما تمر قشعريرة اشمئزاز في جسدها : لا تخبريني.. حقاً..لا أريد أن أسمع حول الأمر!! 

جيني قالت ببعض الغضب والكبرياء يرتفع في حركاتها : من قال أنني سأخبرك؟ إنها فقط رؤوس أقلام.. والآن لا تتهربي من الأمر.. إلى أي حد أصبحت أنت وكيم تايهيونغ قريبان بالضبط؟؟!!

ماي قالت بحيرة وهي تقلب بعض الخضار في المقلاة : مممم.. دعيني أرى..  

نظرت إلى جيني وقالت بحاجبين مرفوعين : هلا تبدأين بتقطيع تلك الخضار؟ 

جيني زفرت وهي تحضر المفرمة الخشبية وتقف ملاصقة لها قدر الإمكان : حسناً هل ستتحدثين الآن أم يجب أن أقوم بانتزاع لسانك من حلقك؟ 

ماي رمقتها بعبوس : حقاً؟ ظننت أنه يفترض بي أن أكون غاضبة على حماقتكِ هنا بينما تشعرين بالذنب وتحاولين استرضائي؟!! 

جيني وكزتها بكتفها قبل أن تقول بتعبير لئيم : لا شأن لي بكونك حمقاء وتسامحين بسرعة.. لقد تجاوزنا هذه المرحلة بالفعل.. والآن.. ت ح د ث ي!! 

تنهدت وأعادت اهتمامها إلى المقلاة : عن ماذا أتحدث بالضبط..؟ لم يحدث أي شيء مهم.. نحن فقط أصبحنا صديقين.. 

-- أنتِ تقولين صديقين.. ولكن أي نوعٍ من الأصدقاء؟ 

زفرت من أسئلة جيني المستفزة وقالت بحدة : الأصدقاء الذين يتناولون الطعام معاً، يلعبون ألعاب الفيديو، يشاهدون الأفلام، يذهبون إلى الحفلات ويعملون معاً!! ذلك النوع من الأصدقاء!! 

جيني رفعت حاجبيها : هل هذا كل شيء؟ - بشك تابعت- أنت متأكدة أن شيئاً آخر لم يحدث؟؟ تعلمين.. أشياء من ذلك.. النوع!! 

ماي حاولت السيطرة على ملامح وجهها وهي تبعد نظرها عن جيني : ما.. ما الذي تتحدثين عنه؟ بالطبع لم يحدث!! 

-- محاولة جيدة! 

جيني ضحكت وهي تميل لتشد طرف أذنها : ولكنك لا تنظرين إلي بيننا احمرت أذناك وعنقك بشكل مضحك..!! ما هو نوع الأشياء التي قمتما بفعلها يا ترى؟ ماي الخاصة بنا!! لقد كبرت أخيراً!! 

-- حسناً توقفي!! 

ماي قالت ذلك والحمرة بشكل لا إرادي تصعد إلى وجهها : نحن.. أعني.. ربما.. لقد.. هو.. فقط.. قبلني.. 

جيني لم تستطع امساك شهقتها وهي تضع يديها على كتفي ماي وتديرها لتنظر في وجهها : ماذا قلتِ؟؟؟!!! ماذا قلتِ؟؟؟ 

ماي غطت وجهها بيديها وهي تقول بشكل خافت كأنها ستبكي من الخجل : لا.. لا تكوني هكذا.. إنها.. لقد كانت..فقط ..بضعة.. ق.. قبل.. آت.. 

شعرت بأنها ستفقد طبلة أذنها عندما صرخت جيني : بضعة ماذا؟؟؟؟ أنت تقولين أنها لم تكن مرة واحدة فقط؟؟؟ أنتِ و مخمهمتننغمفمفمم..

ماي أسرعت لتطبق بيديها على فم جيني الضخم الذي بلا شك سيجعل كل من في المنزل يعرفون عن ماذا تتحدثان مما جعل بقية حديثها يخرج مكتوماً.. ماي قالت بهمس غاضب : توقفي.. هل تحاولين إخبار الجيران؟ 

جيني هزت رأسها نفياً مما جعل ماي تقول بتحذير : أخفضي صوتكِ وإلا..!

هزت رأسها بالايجاب هذه المرة وسارعت لتأخذ نفساً عميقاً عندما أبعدت ماي يديها أخيراً، فم جيني كان محمراً وهي تنظر مثل قطة مجنونة : ليس لديك جيران على أية حال.. ولكن.. لنعد إلى الأمر المهم.. 

يد ماي على كتفها كانت مؤلمة وهي تقول بتحذير مجدداً : تباً جيني.. أخفضي صوتكِ اللعين!

-- حسناً حسناً.. - جيني قالت وهي تنحني بشكل غريب بينما تهمس كأنها مريضة- هل هذا جيد؟؟ هل يجب علينا التحدث بهمس؟ 

ماي رفعت حاجبيها وأطفأت الموقد ملاحظة أن الخضار توشك على أن تحترق : كلا.. يمكننا التحدث مثل شخصين طبيعيين يقفان قرب بعضهما البعض وليس في القارة المجاورة.. هلّا تتابعين تقطيع الخضار اللعينة؟ نحن لن نتناول العشاء أبداً على هذه الحال!! 

جيني ضربت بيدها على حافة الرخام : هل هذا هو المهم الآن؟؟؟ إننا نناقش أمراً مصيرياً هنا!! بعد كل ما قلته.. أنت تسمين علاقتك بكيم تايهيونغ صداقة؟؟ هل أنتِ متأكدة أنكما لا تتواعدان؟ أنتِ لا تحاولين إخفاء الأمور عني أليس كذلك؟ 

ماي ابتسمت بغيظ : هل أنا أنتِ حتى أفعل ذلك؟ 

جيني احتجت : انظري.. 

-- كلا - قاطعها ماي بمرارة - سأخبرك.. أصدقاء هو ما أراد لنا هو أن نكون.. لقد قالها بنفسه.. 

-- ماذا بحق الجحيم يعتقد نفسه فاعلاً؟ - جيني قالت بغضب وهي تشد قبضتها - كيف يمكنه أن يتصرف بهذا الشكل معك ثم يخبركِ بأنكما صديقين؟؟ هل.. هل هو ربما.. أجبرك؟ 

ماي زفرت للمرة الألف وهي تلهي يديها بغسل اللحم : كلا.. هو لم يجبرني! لقد حدث الأمر فقط! 

-- ماذا تعنين بأنه حدث فقط؟؟ 

-- لقد حدث جيني.. - نفضت يديها واستدارت إلى صديقتها بابتسامة باردة- حدث هكذا فحسب.. أعتقد أنه لسبب وجدني جذابة.. لكنه لا يحمل أية مشاعر خاصة تجاهي.. 

جيني تراجعت وهي ترى الملامح المتألمة على وجه صديقتها : أنت.. تعنين مثل أصدقاء المنفعة؟ علاقة جسدية دون ارتباطات؟ 

-- ليس حقاً.. - ماي ابتسمت بشحوب - نحن لم نصل ولن نصل إلى ذلك الحد.. كل ما في الأمر.. أنني ساعدته على قتل مشاعر سلبية تأججت في وقت ما.. مثل إلهاء..!! 

-- هل.. - جيني بتردد قالت- هل أنتِ بخير مع ذلك؟ هل أنتِ..؟ 

ماي فهمت السؤال وضحكت : نعم جيني.. أنا لا أفهم كيف حدث الأمر أيضاً.. إنني واقعة في حبه.. وهذا هو الجزء السيء.. لأن كل شيء يترك أثراً مؤلماً بمعرفة أنه لا يبادلني هذا الشعور!!

جيني تنهدت ومدت يديها لتمررهما على ذراعي ماي مواسية: أنا آسفة.. لم يكن علي الاصرار على طرح الأسئلة.. 

-- لا بأس.. لقد كنت أحاول اخبارك بالفعل.. جيني.. - عضت شفتها قبل أن تتابع بصوت مخنوق- أنا أشعر بالضياع تماماً في هذه الفوضى.. قلبي يتوق إلى شيء مستحيل.. إن هذا الشعور يقتلني!! 

زمت جيني شفتيها وهي تهمس بلا بأس بينما تقاوم ماي الدموع التي أخذت تتراكم في مقلتيها، شاعرة بالخزي من دموعها.. لا يجب عليها أن تبكي.. لا يجب أن تكون امرأة ضعيفة!! لقد وعدت نفسها أن تكون أكثر قوة!! 

-- ما الذي يجري هنا؟ 

الصوت جعل الدم في عروق ماي يجف وهي تستدير معطية تايهيونغ ظهرها بينما تحاول تمالك الدموع ومسحها بسرعة.. ما الذي يفعله هنا؟؟ ما الذي يفعله؟ هل سمع ما قالته للتو؟؟ 

جيني كانت أول من استفاق من صدمة دخوله، وبشكل ما هي كانت قادرة على التحدث بشكل طبيعي رغم أنها لم تكن تشعر بالكثير من المودة تجاه كيم تايهيونغ بعد رؤية حالة صديقتها : اننا نقوم بالطبخ.. هل تحتاجون إلى شيء ما؟ 

تايهيونغ راقب هيئة ماي، ظهرها المتقوس أوحى له بشعور غير مريح، يده امتدت لتقدم أحد الأكياس بينما عيناه تتبعان حركة الفتاة المرتبكة  : لقد.. لقد بقي هذا الكيس في السيارة.. 

-- آه.. نعم شكراً لك.. 

جيني تناولت الكيس من يده ونظرت إلى محتواه قبل أن تقول بنبرة جافة عندما وجدته لا يزال واقفاً في مكانه : هل هنالك شيء آخر؟ 

تايهيونغ بدا كأنه أفاق من حالة شرود غريبة : نعم.. كلا.. ليس هنالك أي شيء..!! 

رفعت جيني حاجبيها وأخذت تطرق الأرض بقدمها بشيء من نفاذ الصبر : نعم..؟ 

مجدداً تايهيونغ نظر بتردد قبل أن يقول بصوت خشن : سوف.. سوف أعود إلى الصالة.. 

تحرك لخطوتين قبل أن يستدير مجدداً وهو يحك شعره : هل أنتما بحاجة للمساعدة؟ 

جيني ابتسمت ببرود وهي ترى نظراته تعود إلى ماي : كلا شكراً لك!! 

-- نعم.. إذاً.. سوف.. نكون في الصالة.. 

بمجرد مغادرة تايهيونغ جيني كزت على أسنانها : كم أرغب في تشويه وجهه الوسيم الآن..لكن مع قلة الرجال الوسيمين، هذا سيكون إسرافاً.. آه حقاً!! 

انتبهت إلى ماي التي وقعت على الأرض جالسة القرفصاء وهي تضم معدتها بذراعيها بقوة بينما ترتجف مثل ورقة في مهب الريح.. اتسعت عينا جيني و انحنت قربها بسرعة وهي تقول بذعر : هل أنتِ بخير؟؟ ما الذي حدث؟؟ 

ماي رفعت وجهاً شاحباً لتنظر في عيني صديقتها: لقد عرف.. لقد عرف أليس كذلك؟؟ لقد سمع..حديثنا.. 

جيني حاولت تذكر ملامح تايهيونغ.. هل بدا كأنه سمع؟ هو قد بدا متردداً وشارداً قليلاً، لكن ملامحه لم تتغير.. وبالنظر إلى حالة ماي.. هي لم ترغب بزيادة الأمر سوءاً.. قالت مهدئة : كلا.. لقد جاء متأخراً كما يبدو.. حتى ملامحه لم تتغير.. هو بالتأكيد لم يسمع.. هيا تمالكي نفسك.. 

ماي وقفت بارتجاف، شاعرة بركبتيها تهتزان تحتها، كانت بحاجة للجلوس.. كمية الشعور التي غمرتها كانت خانقة، بمساعدة جيني هي سارت إلى كرسي طاولة المطبخ لتجلس بعد أن غسلت وجهها.. جيني قدمت لها كأساً من الماء وجلست مقابلاً لها قائلة بهدوء : لا تفكري كثيراً.. إنك ترهقين ذاتك وتقتلين روحك بهذه الطريقة، ربما يجب أن تعيشي بخفة أكثر وأن تعطي اهتماماً أقل.. دعي روحك تتنفس!! 

ماي ضحكت بارتجاف : هل هذه دعاية للبشرة؟ عن ماذا تتحدثين؟ 

الجدية على وجه جيني كانت نادرة وهي تمسك بيد صديقتها وتقول ببطء : أنت تعلمين تماماً عن ماذا أتحدث! إنك تقتلين نفسك بتلك الهموم.. إنني مدركة بأن الأعباء التي تحملينها لن تتبخر فحسب هكذا، وربما هي ازدادت قليلاً، لكن التفكير بها طوال الوقت سوف يستنزف مشاعرك.. يجب أن تجدي سلامك الداخلي.. وتتركي الأمور لتحدث كما هي!! 

-- كيف أفعل شيئاً كهذا؟؟ كيف يمكنني أن لا أقلق؟ - ماي قالت بضعف- هنالك جدتي، دي وون مريض.. وهذه المشاعر التي أحملها تجاه كيم تايهيونغ!! كل هذا يجعلني أشعر كأنني أتسلق جبلاً وعراً مع ثلاثة مكعبات ضخمة من الأسمنت مربوطة بجسدي!!

-- هذه هي المشكلة.. يجب أن تعلمي أن الشعور بالقلق طوال الوقت لن يغير شيئاً، هل كانت جدتك ستسعد بمعرفة أنك تعيشين حياةً صعبة بسبب مرضها؟؟ هل تعتقدين أن رؤيتها لك بهذا الحال كانت لتريحها؟! 

هزت رأسها نفياً بينما تمتلئ عيناها بالدموع، جيني شدت على يدها وتابعت : أما دي وون.. من الطبيعي أن يمر بهذه الفترة، ربما لست خبيرة في هذه الأمور، ولكن.. ألا تحدث مع كل الأطفال؟؟ ربما يمكنك طلب مساعدة المربية.. عندما تشعرين بالإنهاك، وبأنك لا تستطيعين احتمال العبئ.. من الطبيعي أن تطلبي المساعدة!! هذا لا يعني أنك تهملينه أو لا تهتمين به كفاية، انه يعني أنك استنفذت طاقتك وبحاجة للراحة!! وهو أمر يحدث مع الجميع!!

ماي ابتسمت لسماع هذه الكلمات : هل هذه رفاهية كنت سأستطيع تحمل تكلفتها لو لم أكن أعمل لدى كيم تايهيونغ؟؟ 

-- كنا لنساعدك بسعة صدرٍ لو أنك طلبتِ ذلك!! لكنك كنتِ دوماً خائفة ومتباعدة!! - جيني أخذت نفساً عميقاً-هذا لا يهم الآن.. مادمت تعيشين هنا، لماذا يجب عليك تحمل المعاناة وحدك إذا توفرت لديك البدائل؟ إنه شيء طبيعي أن ترغبي ببعض الراحة.. أن تمنحي ذاتك القليل من الراحة!! لا يجب عليك الشعور بالذنب بسبب هذا!! 

ماي رمقتها بتردد : هل.. هل هذا ممكن حقاً؟ 

-- بالطبع!! - ابتسامة جيني كانت رقيقة ومهدئة، كأنها تخبر طفلاً أنه من الطبيعي له أن يلعب بدل أن يقلق على كسر صينيات والدته!! ماي كانت بلا شك تمثل هذا الطفل الخائف.. الطفل الذي حرم من الطمأنينة ومن جدار يستند عليه، أو شخص يخبره بأنه لا بأس بأن يرتكب الأخطاء.. لوقت طويل.. طويل!! 

جيني تابعت بهدوء : ربما هذا لن يزيل المشاكل التي تحملينها، ولكن تغييرك لطريقة التعامل مع الأمور ستخفف عنك، وستجعل من الأسهل الاحتمال عندما تسوء الأشياء.. ولا تنسي.. أنا هنا إلى جانبك دائماً صحيح؟ 

ماي ابتسمت في المقابل ثم تحولت ابتسامتها إلى ضحكة، هذا الحديث رغم أنه لم يغير أي شيء في الظاهر، إلا أنه نشر الكثير من الطمأنينة في أعماقها، وبشكل مفاجئ هي شعرت بأن روحها أصبحت أكثر خفة.. 

جيني فجأة صفعت ظهرها بشكل جعلها تجفل : نعم هذه هي الروح المطلوبة!! 

ماي كادت للحظة تختنق بأنفاسها بسبب الضربة المفاجئة، إلا أنها لم تكن غاضبة بل حاولت إعادة الضربة لجيني عندما تسللت رائحة مريبة إلى أنفها فجأة لتهمس بذعر : جيني.. 

جيني كانت مشغولة جداً في حماية نفسها من التعرض للضرب فلم تنتبه لتوقف ماي ولم تأبه بالإجابة على ندائها حتى سمعتها تصرخ حقاً : جيني!!! 

أبعدت يديها عن وجهها ببطء، وبعين واحدة مفتوحة قالت : لماذا تصرخين؟؟ 

-- أعتقد أننا أحرقنا اللحم!!! 

قفزت الاثنتان من مكانهما بذعر في محاولة لتدارك الوضع لكن الأمر كان قد تجاوز مرحلة الإنقاذ بالفعل.. الخضار كانت سوداء هشة تتفتت بمجرد لمسها، واللحم أصبح حكاية مختلفة..!! 

نظرت الاثنتان إلى بعضهما بعيون واسعة، جيني نقلت نظرها بين الطعام المحترق ثم أعادت نظرها إلى ماي لتهز كتفيها بهدوء: لا بأس.. لقد دفع نامجون ثمن اللحم.. ثم على الأقل نحن لم نقم بحرق المطبخ..!! 

-- أنتِ محقة.. - ماي قالت بحاجبين معقودين - من يهتم إذا كانت وجبة العشاء قد احترقت..؟ لماذا نقوم نحن بالطهي على أية حال؟ هل نحن جوارٍ أو شيء من هذا القبيل؟ 

-- أنتِ محقة أيضاً يا صديقتي.. أنهما غالباً يسترخيان في الخارج مع كؤوس من الشراب ويلعبان ألعاب الفيديو.. فليحترق الطعام! هذا تمييز واضح! 

-- مع ذلك.. - ماي قالت ببعض القلق - لقد احترق عشاؤنا.. أنا أشعر بالجوع فجأة حقاً، كيف سنحل الأمر؟ 

ارتخت كتفا جيني ونظرت إلى ما يفترض أن يكون بقايا وجبتهم، و للحظة غمرهما اليأس قبل أن تخطر لها فكرة : في الحقيقة أنا أعلم جيداً ما سنفعله!! 

ابتسامتها الواسعة لم تكن بريئة جداً ولسبب ما ماي شعرت بالريبة من هذه الإبتسامة : أنت لن توقعينا في مصيبة أخرى أليس كذلك؟ 

جيني ضحكت بخفة قبل أن تغمزها : فقط راقبي! 

ماي استدارت لتنظر بحاجبين معقودين إلى صديقتها التي نزعت روب المطبخ، فتحت زرين من قميصها وعدلت شعرها قبل أن تخرج أحمر الشفاه من حقيبتها لترسم شفتيها، ابتسمت لماي عندنا انتهت : هيا بنا! 

ماي سارت خلفها بتردد وبعض الذعر مما ستفعله وهي تراها تتمايل في الحذاء ذي الكعب المرتفع الذي ترتديه متجهة إلى الصالة.. حسناً بلا شك.. جيني لم تكن تنوي خيراً!! 

كلا نامجون و تايهيونغ رفعا نظرهما عند دخول جيني تتبعها ماي ببطء كأنها ترغب في الهرب، نامجون وضع يد اللعب وهو يقول بشيء من الحماس : هل الطعام جاهز؟ يمكنني اشتمام رائحته الجميلة بالفعل؟ 

عيون ماي اتسعت ورغماً عنها شخرت بخفة وهي تكتم ضحكتها، نامجون المسكين.. كان لطيفاً جداً.. وشعرت بالشفقة عليه!! إنه لا يستحق هذا!! 

انتبهت إلى نظرات تايهيونغ التي حطت عليها ودون وعي ارتجفت لحقيقة أنه غالباً قد سمعها تخبر جيني كم تحبه منذ وقت غير طويل! 

أعادت نظرها إلى جيني بسرعة لتكتم شهقتها عندما رأت الأخيرة تقترب من نامجون لتقول بدلال : نامجونيي! 

نامجون ذاته كان مصدوماً قليلاً وهو يراقبها تسير ناحيته بذلك الشكل، قبل أن تمد ذراعيها نحوه، هو بشيء من البلاهة قال : م.. ما الأمر؟ 

نامجون اعتدل في جلسته ومد ذراعه ليمسك بيدها ويجذبها لتجلس، لكن جيني عوضاً عن ذلك ألقت بنفسها لتلتصق به، حتى شكت ماي للحظة أنها تنوي الجلوس على ركبتيه مما جعلها تغمض عينيها بقوة!! 

جيني تنهدت ووضعت رأسها على كتف نامجون لتهمس : أنا حزينة.. حزينة جداً!! 

نامجون نظر حوله إلى ماي التي تبدو خجلة، و تايهيونغ الذي يرفع حاجبيه نصف مصدوم نصف منزعج : ح.. حقاً؟ - سعل ليجلي حنجرته- وما.. وما سبب ذلك؟ 

جيني رفعت رأسها قليلاً لتضرب أنفاسها عنقه بينما تتحدث بصوت حزين مغرٍ : الطعام.. ليس هنالك أي طعام!! 

نامجون رفع يده إلى ربطة عنقه ليرخيها قليلاً وهو يضحك دون وعي : الطعام.. نعم.. هذه مشكلة معقدة.. 

تايهيونغ رفع حاجبيه لرؤية الهيونغ الخاص به في هذه الحالة وعقد ذراعيه أمام صدره قبل أن يسأل : ماذا حدث للعشاء؟ 

نامجون بدا كأنه أفاق : آه نعم نعم.. العشاء.. ماذا حدث للعشاء؟! 

جيني أسدلت أهدابها وارتفع اصبعها ليتحرك على صدره بخفة : العشاء.. لا أريد تناول العشاء هنا.. لنخرج.. أريد الخروج معك في موعد.. نحن جميعاً. في موعد مزدوج.. - بصوت صغير ناعم أضافت - هل هذا ممكن؟ 

نامجون نظر إليها كأنه يرى مخلوقاً فضائياً بينما تتابع أصابعها العبث فوق قميصه، وبشيء من الضياع قال : ما هو؟ 

قربت وجهها منه لتهمس في أذنه : لنذهب في موعد.. جميعنا.. معاً..!! 

-- أنا.. - نامجون فك ماتبقى من ربطة عنقه - نعم.. لنذهب.. معاً أليس كذلك تايهيونغ؟؟ 

تايهيونغ قال باعتراض و بحاجبين معقودين : ولكن ماذا عن الطعام الذي قمتما بإعداده؟ 

-- آه نعم!! الطعام الذي قمنا بشرائه؟ 

نامجون بدا كأنه تذكر للتو، لكن جيني التي رمقت تايهيونغ بنظرة غاضبة قالت بهدوء : لقد احترق.. 

الصدمة بدت جلية على وجه نامجون : هل احترق؟؟ 

جيني هزت رأسها بخفة وهي تمط شفتيها للأمام كالأطفال وتقول مجدداً بصوت صغير : هل أنت غاضب لأنه احترق؟ 

-- أنا.. - نامجون قال بتوتر واتسعت عيناه وهي ترفرف بأهدابها ناحيته مثل طائر مكسور - أنا.. كلا بالطبع!! لماذا أغضب؟ أعني هذه فرصة أفضل أليس كذلك؟ لنخرج معاً جميعاً!! 

-- حقاً؟؟ - عيون جيني امتلأت بالسعادة مما جعل قلب نامجون يخفق وابتسامة تلقائية ترتسم على شفتيه وبشكل مفاجئ هي عانقته لتطبع قبلة على خده قائلة بدلال - شكراً لك عزيزي!! 

جيني نهضت بسرعة بينما وضع نامجون يده على خده وهو يبتسم بسعادة كالأبله، تايهيونغ رفع حاجبيه بصدمة وهو يرمق الهيونغ الخاص به يتصرف كالأحمق!! 

جيني غمزت لماي وهي تتجه ناحيتها بينما ابتسمت الأخيرة رافعة ابهامها بتقدير، جيني قالت هامسة : هيا لنستعد..!! 

ماي هزت رأسها موافقة وهي تستدير لتتبعها لكن قبضة تايهيونغ على ذراعها أوقفتها وهو يقول بشيء من التوبيخ : إلى أين تعتقدين نفسك ذاهبة؟ 

كلتا ماي وجيني نظرتا إلى قبضته على ذراع ماي قبل أن تعيد نظرها إليه ببرود : سأخرج مع جيني و نامجون اوبا؟ 

تايهيونغ ابتسم لها بغضب : حقاً؟ هلا نتحدث قليلاً على انفراد؟! 

دون انتظار موافقة منها هو جذبها معه إلى الغرفة الأخرى بشيء من القوة، ليغلق الباب ويقول مستديراً إليها : ماذا تعتقدين بأنك فاعلة؟ 

ماي نظرت إليه، عيونها التقت وفجأة أخذ قلبها يخفق بقوة، هل يكون قد سمع ما قالته لجيني؟؟ كان ينظر إليها بطريقة مختلفة، رغم غضبه و فظاظته، كان هنالك شيء في نظرته يشعرها بالحرارة، كأنه ينظر إلى أعماقها الآن، وهذا كان مخيفاً بقدر ما هو مثير!! 

ابتلعت رمقها وحاولت إبعاد تفكيرها عن الأمر لتقول وهي تركز نظرها على عنقه : لقد سمعتهما.. أنهما يريدان الخروج في موعد جماعي.. آه.. 

توقفت قليلاً عن الكلام وتابعت بصوت منخفض : آسفة.. لم أفكر في الأمر ولكن.. بالطبع هذا قد يكون غير مريحٍ لك.. نحن لسنا.. أعني لا نتواعد.. ولكنني أريد الذهاب.. لذلك.. إذا شئت، يمكنك البقاء وسآخذ سونغ.. أعني الحارس معي.. 

تايهيونغ تقدم منها مما جعلها تتراجع قليلاً وهو يقول بضحكة ساخرة : أنتِ تمزحين أليس كذلك؟ 

حاجباه ارتفعا وكأنها قالت أكثر شيء سخيف في الحياة : هل سأدعك تذهبين في موعد مزدوج مع أصدقائي والحارس؟ 

رفعت نظرها إليه، نارٌ سوداء كانت تحترق في عينيه وشعرت بدمائها تخفق في كل شعيرة دموية أسفل جلدها، ودون وعي منها، هالة السيطرة التي كانت تنبعث منه جعلت شيئاً في داخلها يتراجع، فانخفض صوتها تلقائياً لتقول ببطء : كلا.. أنا فقط.. لا أريد إزعاجك ..!! 

-- أنت تزعجينني بالفعل بتلاعبك هذا ماي..!! 

رأسها ارتخى إلى الأسفل بتلقائية لكنه تابع بقوة : انظري إلي! 

وجهها الذي كان قد انخفض سابقاً، ارتفع الآن ببطء و شعرت بالرهبة من الطريقة التي كان ينظر بها إليها : أنتِ لن تخرجي إلى أي مكان دون اعلامي هل تفهمين؟ 

عضت شفتها بخفة وهزت رأسها موافقة بينما تتعلق نظراتها بعينيه، لاحظت انخفاض نظرته للحظة قبل أن يتابع بصوت خشن : و.. أنت تعلمين أن لدينا حديث لم ينتهي بعد!! 

نظرت جانباً بينما يخفق قلبها بشدة من ذكر حديثهم السابق حول والدته، قالت بصوت مثير للشفقة: ن.. نعم.. ولكن.. هل يمكننا تأجيله؟ لقد حظيت بيوم سيء.. وأنا حقاً أرغب بالخروج الليلة! 

نظراته مرت عليها للحظة طويلة قبل أن تشعر به يتراجع أخيراً، أدار ظهره ورأت يده ترتفع لتمر في شعره موحية بالقلق الذي يشعر به : لا بأس.. ولكننا لن نؤجله لوقت طويل!! 


🌸🌸🌸🌸🌸🌸

-- أشعر بأنني سأصاب بسكتة قلبية!! 

ماي قالت ذلك و هي تجلس على سريرها، هاتفها بيدها بعدما انتهت من الحديث إلى المربية توصيها على العناية بدي وون، يدها موضوعة على قلبها الذي لا يزال يخفق بشدة من حديثها القصير مع تايهيونغ، وبشكل مدهش جيني كانت تدندن وهي تفتش في خزانتها بحماس لتقول أخيراً وهي تخرج حاملة عدة قطع بين يديها : هذه من آخر الصيحات!! لا أصدق أنك تملكين أثواباً كهذه في خزانتك!! آه ماي الخاصة بنا تغيرت حقاً!! 

ماي زفرت وبشيء من الغضب قالت : هل كنت تستمعين لما أقوله؟ 

-- نعم نعم بالطبع - جيني قالت بانشغال وهي تقف أمام المرآة وتجرب الأثواب أمام جسدها - والآن هيا لنبدأ الاستعداد.. نحن لا نملك الكثير من الوقت.. كيف يبدو هذا؟ هل يناسب بشرتي؟ 

-- جيني بحق الجحيم!! هل تعيرينني بعض الانتباه؟ إن القلق يتآكلني هنا!! 

جيني التفتت إليها بغضب : لماذا؟ لماذا يتآكلك القلق؟ لقد تحدثنا حول قلقك بالفعل والآن نحن سنخرج للاستمتاع!! هل يمكنك أن تشعري بالمرح قليلاً؟! 

-- كلا لا يمكنني!! - ماي صرخت بها بغضب - كيف يمكنني أن أتصرف بشكل عادي وهناك احتمالية تسعين بالمئة أن كيم تايهيونغ سمع اعترافي لك بأنني أحبه؟؟!! 

جيني توقفت وضيقت عينيها قليلاً متأملة صديقتها قبل أن تقول أخيراً : هل تعلمين ماي؟ أنتِ لديك مشكلة.. هل تعرفين ما هي تلك المشكلة؟ 

ماي رفعت حاجبيها : نعم.. ما هي؟ 

-- أنتِ سهلة الانقياد.. وهو يعلم ذلك.. 

ماي احتجت : أنا لست سهلة الانقياد! أنا أعترض دائماً.. 

جيني رمقتها ببرود : لو قمنا بالمقارنة بين المرات التي استسلمت فيها لإرادته وبين المرات التي اعترضتِ فيها.. أي واحدة ستأخذ الثقل الأكبر؟ 

نظرت بتأمل للحظة قبل أن تتحول ملامحها لشيء من الخيبة : حسناً.. امم.. هناك بعض الفرق.. 

جيني أشارت : بالضبط!! أعني بمجرد أن أراد كيم تايهيونغ الحديث معك، هو أمسك بذراعك وجذبك بعيداً فحسب.. هو حتى لم يحاول الأخذ بعين الاعتبار احتمالية ممانعتك..لقد فعل ما يشاء..!! وهذا يشعره بالأمان.. كونه قادراً على فعل ما يشاء.. 

ماي جعدت وجهها : هل لهذا الحديث هدف؟ لأنني لا أفهم ما تحاولين قوله.. 

جيني أخذت نفساً عميقاً : إننا نصل إلى هناك.. والآن.. لماذا تقلقين حول إذا كان سمع أو لم يسمع هه؟؟ ماذا لو كان قد سمع حقاً؟ أعني تباً له ولما يفكر به!! هل تخجلين من مشاعرك تجاهه؟؟ إذا كنت تخافين من ردة فعله عندما يعرف بمشاعرك فإن هذا يعني أنه لا يستحق تلك المشاعر!! 

ماي قالت بعينين ضيقتين : أعتقد أنني لا زلت لا أفهم ما تقصدينه! 

جيني تنهدت وهي تسحب علبة الزينة وتقترب من صديقتها مرجعة شعرها إلى الخلف قبل أن تبدأ بتزيينها : ما أقوله هو.. دعيه يعتقد ما يشاء.. مادمت لم تقولي ذلك في وجهه، حتى لو كان يعرف.. الكرة في ملعبه الآن.. ليس عليك الخجل من مشاعرك.. إنه هو من يجب أن يخجل من نفسه لتلاعبه بكِ!! الآن.. 

جيني ابتسمت بمكر : إنه دوركِ لتتلاعبي به!! 

عيون ماي اتسعت و فغرت فمها ببلاهة : كيف..؟ 

-- أنتِ بريئة جداً ولا تجيدين ألعاب الفتيات.. لذلك الليلة سوف تعبثين بأعصابه دون أخطاء، سوف تفعلين كل ما أنتِ حرة لفعله.. والأمر يعود له إذا أراد التحرك أم لا.. هذا سيثبت مقدار اهتمامه بكِ!! 

ماي زفرت بعصبية مما جعل جيني توبخهها : أنت تفسدين عملي! 

-- ولكنني لا زلت لا أفهم ما تحاولين قوله!! 

-- هل أصفعك الآن يا ترى؟ - جيني قالت بغضب - فقط توقفي عن التصرف مثل ربة منزل في الأربعين واتركي نفسك للحياة الليلة!! تصرفي مثل فتاة لعينة في الرابعة والعشرين من عمرها!! سوف ترتدين شيئاً مثيراً، وسوف نذهب للرقص، وسوف تتوقفين عن كونك سهلة الانقياد، سوف تقومين بما تشائين ولن تنتظري إذن كيم تايهيونغ حول كل شيء! وإذا لم يعجبه ذلك..؟ يمكنه أن يطفئ غضبه في مياه نهر الهان!! 

-- اممم.. أنت تقولين أنني يجب أن أتصرف مثل..؟ 

-- تصرفي مثل نفسك.. فقط دون أن تشعري بأنك مقيدة بمزاجه.. أعني بأي حق سوف يقيدك؟ - أمسكت بيد ماي ورفعتها-هل وضع خاتماً هنا؟ أم هل جثا على ركبتيه واعترف بحبه؟ 

ماي ضحكت بسخرية : لقد وضع خاتماً في الحقيقة.. خاتماً مزيفاً!! 

-- حسناً ولكننا سنذهب إلى مكان خاص.. ليس عليك وضع اعتبار للعمل بينكما.. هذا هو بالضبط ما يكون عليه.. عمل! 

ماي نظرت إلى يدها بتردد وهي تدع جيني تزين وجهها كما شاءت! 

الوقوف أمام المرآة بعد كل مرة تحصل على هذا القدر من التغيير كان يذهلها، لكن هذه المرة كانت مختلفة تماماً! 

كل شيء كان من اختيار جيني، جيني التي تعبر عن الجرأة في كل شيء.. وهذا كان واضحاً جداً في انسيابية ظلال العيون السوداء التي تركت اللون الفاتح في عيون ماي ليبرز بشكل ساحر، أحمر الشفاه القاتم الجريء وتلك الشامة البارزة على ذقنها، كل شيء كان يظهرها بشكل مختلف.. هيئة لم تجربها أبداً من قبل! 

الأسوأ كان الحذاء الأسود الجلدي ذي المقدمة الضيقة والكعب الرفيع الذي كانت متأكدة بأنه سيقتلها الليلة، ربما هي اعتادت قليلاً على الكعب المرتفع، ولكن ليس إلى هذا الحد! 

الثوب الذي اختارته جيني جعل ماي تذعر للحظة وهي تبحث في ذاكرتها عن سبب شرائها له!! 

حتى طلاء أظافرها كان اسوداً لامعاً كأنها ملاك آثم قادم من الجحيم!! 

هل ارتدت شيئاً قصيراً إلى هذا الحد من قبل؟ لم تكن قادرة على التذكر، ولكن الإجابة غالباً هي لا! 

بشكل عام، الثوب كان جريئاً جداً، ثوب يمكن لجيني فقط ارتداؤه وأن تبدو رائعة فيه، وهذا جعل ماي تشعر بشكل غير مريح طوال الوقت! 

بشكل مؤقت هي اطمأنت كونها تختفي خلف المعطف الثقيل الذي غطاها حتى ركبتيها، شعرها كان مرتباً على كتفيها مع تجعيدة صغيرة في أطرافه..

بما أن سهرتهم لم تكن رسمية جداً، لم تتوقع من تايهيونغ ارتداء بنطالٍ قماشي أسود مع قميص بنفس اللون دون ربطة عنق، مفتوح حتى منتصف صدره مع معطف ثقيل مزين بجواهر فضية حول كتفيه، و شعرت بأنفاسها تعلق في حلقها لوقت طويل وهي ترفع يدها تدلك عنقها، محاولة تمالك نفسها، كان ساحراً، و يفوح برائحة لذيذة ملأت أنفها حتى شعرت بالثمالة!! 

كان من الجيد أنه لم يستطيع رؤية ما ترتديه في تلك اللحظة، ولكن هما بلا شك كانا يرتديان ثياباً متوافقة وهذا أشعرها بشيء من التردد، هل كانت تبدو جيدة كفاية إلى جانبه؟؟ 

نامجون ابتسم عندما رآهما بينما عيناه تتعلقان بجيني : أنتما هنا أخيراً يا فتيات! لقد كنت قد بدأت بالقلق.. هيا بنا لنذهب..! 

ماي شعرت بنظرات تايهيونغ على وجهها وحاولت قدر الإمكان أن لا تحدق به، رغم أن كل ما كانت تود فعله هو أن تتأمله حتى تفيض مآقيها به!! 

شعرت به يمسك برسغها مما جعلها تنظر إليه بحاجبين معقودين : ليس عليك أن تسحبني.. أنا أعرف الطريق! 

تايهيونغ ابتسم بعيون ناعسة قبل أن يفلتها ويتراجع قليلاً ثم ينحني ويمد يده : إذاً هل يمكنني أن آخذ يدك آنسة لي؟ سوف أشعر بالأسف كرجل محترم إذا ما حدث لكِ أي شيء أثناء السير إلى السيارة.. 

ماي رفعت حاجبيها : امم.. في هذه الحالة.. 

مدت يدها لتضعها فوق كفه بغطرسة كأنها تقدم له معروفاً : بالطبع يمكنك محاولة التصرف كرجل نبيل سيد كيم.. رغم ندرة ذلك!

تايهيونغ ضحك بخفة، أخذت نفساً حاولت أن لا يبدو واضحاً عندما تلامست راحتيهما، ودون أن يبعد عينيه عن عينيها، كيم تايهيونغ رفع يدها إلى شفتيه ليطيع قبلة فوق عقد أصابعها مراقباً ارتعاشة أنفاسها بابتسامة مائلة : ياله من شرف.. آنستي! 

ماي حاولت تمالك نفسها ومحاربة رغبة قوية بأن ترفع يدها وتضغط على قلبها الذي أخذ يخفق بشكل جنوني، كي تحافظ على اتزانها.. ولكن ما الذي كان يحدث لتايهيونغ بحق الجحيم؟ هل يحاول قتلها؟؟!! 

بابتسامة ساحرة أخرى هو فتح لها باب السيارة الفخمة وهو يهمس : سوف نذهب في سيارتي بينما يذهب نامجون هيونغ مع رفيقته في سيارته.. للاحتياط.. هل تمانعين؟ 

رغبت أن تصرخ بأنها تمانع وبشدة، لأن بقاءها معه وحيدة كان يشعرها بخطر كبير، لكنها حاولت تمالك نفسها مجدداً لتقول بهدوء : كلا.. لا بأس. 

عندما صعد إلى جانبها، شعرت بنفسها تختنق مجدداً برائحة عطره، حاولت التركيز متسائلة.. هل كانت هي من ستستفزه أم أنها هي من تتعرض للاستفزاز؟ 

فجأة شعرت بيده تمتد لتمسك بيدها، برقة أصابعه تسللت بين أصابعها وارتاح ظهر يده على جلدها.. هل كان حقاً..؟ 

نظرت إليه بريبة ليبادلها النظر للحظة قبل أن يعيد اهتمامه إلى الطريق قائلاً بصوت واضح : إنه موعد أليس كذلك؟ 

-- أنت لست مضطراً للإمساك بيدي.. إنه ليس كأننا خارجان معاً، نحن رغبنا في الخروج وبالصدفة رافقنا هذان الاثنان.. مما جعلنا ننتهي معاً.. 

راقبت جانب وجهه منتظرة ردة فعل، لكن كل ماحصلت عليه كان ابتسامة مائلة قبل أن يعيد انتباهه إلى الطريق، شعره المصفف بشكل جانبي أضفى عليه مظهراً أكثر جاذبية مما جعل الأمر يزداد سوءاً!! 

-- ألا يمكنني أن أخرج في موعد مع صديقتي المفضلة مع ذلك؟ وأتصرف بلطف وكل شيء..؟ 

ماي ضحكت ضحكة شبه مختنقة و أبعدت نظرها عنه لتقول بمرارة : أنت تبدو مثل فتاة.. ولكن.. هل يمسك الأصدقاء بأيدي بعضهم؟ 

-- لا أعلم.. - قال ونظر إليها بشكل خاطف - هل يفعلون؟ 

لحظة صمت مرت قبل أن يتابع فجأة : هل يتحدثون إلى أمهات أصدقائهم دون علم يا ترى؟! 

عيونها اتسعت وسعلت فجأة مختنقة بلعابها، قبل أن تأخذ نفساً مهدئاً.. ببطء قالت، مدركة أنه ينتظر منها إجابة ما : أنظر.. حول هذا.. 

-- هل استدرجتكِ للذهاب لمقابلتها؟ لقد فعلت أليس كذلك؟ 

ماي فغرت فمها : ما الذي تتحدث عنه؟ لقد أخبرتك بالفعل أنني ذهبت إلى هناك بكامل إرادتي!! 

-- ماذا كان يدور في عقلك؟؟ لماذا قد تذهبين إلى مكان كذلك بمحض ارادتك؟!!! 

-- لا زال لدي هذا السؤال.. كيف تترك والدتك لتعيش في مكان مثل ذلك؟ 

تايهيونغ قال ببرود : لا بد أن لديها سبباً لتفعل.. شخصاً ما تلحق به كالعادة!! 

ماي أطلقت ضحكة مخنوقة وهي تفهم ما يلمح إليه : نعم هذا هو السبب الذي جعلني أذهب.. تصرفك بهذه الطريقة.. مثل شخص فاقد الشعور.. إنك لا تتصرف على سجيتك وتؤلم نفسك في الوقت ذاته!! 

الضحكة الساخرة التي أطلقها جعلتها تتابع بغضب : إنك تتصرف بانعدام انسانية لترضي شيئاً في داخلك، لكنك في نهاية اليوم لا تشعر بالرضا فتعود أدراجك لتلعق جروحك المتقيحة!! هذا هو ما جعلني أذهب!! لأنني كرهت رؤيتك تتصرف بذلك الشكل!! تتصرف كأنك لست انت! 

تايهيونغ ضحك مجدداً قبل أن يقول بصوت قاسٍ : مؤسف لك.. لأن ذلك كان أنا.. يمكنني أن أكون شخصاً كهذا.. هذا ما جعلتني عليه تلك المرأة! 

ماي هزت رأسها : لا تهذي..

-- هل أنا من أهذي؟ 

ماي قالت ببطء : ربما يجب عليك أن تتحدث إلى والدتك.. بدل أن تترك كل هذا الحقد يغلي في داخلك، ومن أجل ماذا؟ إن كرهك لها إلى هذا الحد لن يجعلك تشعر بشكل أفضل.. سوف يأكل داخلك!! ربما كان هنالك الكثير مما لا تعرفه عنها و ستفاجأ به!! 

رفع حاجبيه وبكل سخرية العالم قال وهو ينظر إليها : أنتِ تقولين أنني لا أعرف تلك المرأة؟ هل لا أعرفها؟ يبدو أنها أحسنت بعدم ايذائك هذه المرة، عوضاً عن ذلك هي قامت بغسل دماغك كلياً!! 

-- لا أحد غسل دماغي أو أي شيء من هذا القبيل!! - ماي قالت بغضب - والدتك قد عاشت حياةً سيئة وكل ما تتمناه هو حياة أفضل لك!! 

-- هل تتمنى لي حياة أفضل؟ - أغرق في الضحك بشكل مستفز قبل أن يسأل - أنا لست متأكداً بعد الطريقة التي عاملتني فيها في طفولتي إذا كانت تتمنى لي أية حياة على الإطلاق! ولكن.. دعينا نعود إلى الحاضر.. ما هو سببها في تعريضك الأذى؟ 

ماي عقدت حاجبيها : عن ماذا تتحدث؟ 

-- أنني أتحدث عن ما فعلته مينا!! - ابتسم لها ببرود - هل تعلمين أنه كان بسبب والدتي؟ بلا سبب هي تحاول ايذائي من خلال الأشخاص المحيطين بي.. وأنت تقولين أنها تريد لي الأفضل؟ رجاءاً لا تتحدثي في أمور لا تعرفين عنها أي شيء!! 

ماي قالت بلهفة : ولكنها قالت بأنها لم تتحدث إلى مينا، بل هي لم ترها منذ أشهر.. انها حتى لا تعرف بموتها!! لقد أخبرتني أن الشخص الوحيد الذي حدثته حولنا هي.. ايلينا..!! 

-- ايلينا.. - تايهيونغ سخر - ايلينا مجدداً هه؟ 

قلبت عينيها وحاولت السيطرة على أعصابها وهي تسأل : عن ماذا تتحدث؟ 

-- أنت لا تعرفين التاريخ بين والدتي وايلينا.. انها لم تحبها أبداً.. بدل أن تتمنى السعادة لولدها مع المرأة التي اختارها هي استمرت في الحديث عن المال.. اصطناع المشاكل والخلافات، زرع الكره.. الأذى.. لكنني لم أتخيل يوماً أن يصل بها الأمر للامتناع عن تقديم المساعدة لامرأة حامل.. بحفيدها!! 

رغم الألم الواضح في صوته، ماي ابتلعت غصتها وهي ترغب في صفعه لكونه يتألم من أجل شخص لا يستحق.. بصوت هادئ قالت : ربما أنت لم تعرف الحقيقة كاملة.. ربما هي رأت ما لم تستطع أنت رؤيته.. ربما هي علمت أن تلك المرأة لم تكن مناسبة..!! 

-- وهذا يجعلها تشارك في قتل طفل لم يولد هه؟ كما تمنت لو أنها فعلت بي دوماً..!! 

-- تايهيونغ.. 

ماي حاولت مقاطعته لكنه لم يسمح لها : كلا دعيني أكمل.. هل كان تركها لي أتلوى من الجوع لأيام جزء من أمنيتها لي بحياة أفضل؟ أم إخراجها لي من المنزل عندما تحضر زبائنها في ظروف يعز على المجرم ترك ضحيته فيها؟ أم ربما القاؤها لي بين أحضان زوجة أب لا تتمنى شيئاً أكثر من أن أختفي من هذه الحياة؟؟ ما الذي تعرفينه آنسة لي؟ 

ماي كانت تشعر بالاختناق بينما يتابع ضاحكاً : تفضلي.. ماذا أخبرتك أيضاً حول تضحياتها من أجلي؟ لماذا لم تسأليها.. هل كان محاولة ايذائها لكِ جزءاً من خط تضحياتها؟ 

ماي هزت رأسها بيأس : لقد أخبرتك أنها لم تفعل.. لماذا ستحاول ايذائي؟ أنا لست خطيبة حقيقية!! 

-- نعم ولكنها لا تعرف ذلك!! ربما لم تخبرك.. أن الشخص الذي نشر صورك في الجرائد وتسبب بالفضيحة كان.. هي؟ 

صورة والدة تايهيونغ الباكية والجاثية على ركبتيها عادت إلى عقل ماي بينما هي تشعر بالاختناق، كان هنالك حلقة مفقودة.. لا يمكن للمرأة أن تمثل ذلك القدر من الألم.. حتى بعد كل الأخطاء الاي ارتكبتها، ماي كانت تشعر في داخلها أن المرأة لم تكن تكذب.. قالت وهي ترفع يدها إلى عنقها : أنا لن أناقشك في ما تصدقه.. فقط.. أسألك أن تذهب لرؤيتها وتتحدث حول كل شيء بروية..كي توقف معاناتك.. كي تتوقف عن تعذيب نفسك بذلك الشكل! وربما.. ربما تجد أنك حقاً.. حكمت بشكل خاطئ!! 

-- حكمت بشكل خاطئ هه؟ - تايهيونغ قال بنبرة مؤلمة لشدة برودتها- أنا أفضل أن أبقى حكمي الخاطئ إذاً.. والآن بالنسبة إليك..فأنا لدي نصيحة صغيرة.. 

في تلك اللحظة السيارة توقفت عند إشارة حمراء، وارتجفت عندما التفت إليها بعيون تقدح شرراً مع انعكاس أضواء الشارع الباهتة على وجهه، بدا مرعباً تماماً وهو يقول بتحذير : لو كنت مكانك، فسوف أحتفظ بأنفي الصغير خارج مشاكل لا أعرف عمقها، وخارج قصص لا أعرف أساسها.. نصيحتي لكِ أن تبقى بعيدة عن شؤوني الخاصة التي لا تعنيكِ.. ابقى بعيدة عن ماضيّ.. وعن والدتي.. ابقى بعيدة.. لأنني عندها لن أتوانى في التسبب بالأذى.. حتى لو كان لكِ.. ماي!! - توقف للحظة قبل أن يتابع ببرودة- لقد شاركتك الكثير من المعلومات، أخبرتك الكثير عني.. دعوتك للدخول فماذا؟ ظننتِ أنك اصبحتِ تملكين حقاً في تسيير أموري؟ لا تجعليني أندم على اعطائك فرصة!! 

ماي رفت بعينها، نبرته القاسية كانت مؤذية بحد ذاتها، وهذا التهديد الذي ألقاه في وجهها، الطريقة التي يتحدث بها كانت جارحة، كان يعرف جيداً كيف يؤذيها في الوقت المناسب، كيف يجعلها تكره حتى الذكرى الجميلة التي عاشاها!! رغماً عنها الدموع ارتفعت إلى عينيها، وهو رأى ذلك، لكن نظرته القاسية لم تتغير.. ورغم انطلاق أبواق السيارات هو بقي يحدق فيها، بتلك النظرة المجنونة.. دون أن يحاول التحرك، ينظر في عينيها كأنه يحاول قتلها، هذا لم يكن الشخص الذي أحبته بلا شك.. هذا لم يكن الشخص الذي تعرفه!! هذا لم يكن شخصاً تريد حتى الاقتراب منه! 

أخيراً هي ابتسمت، بشفاه مرتجفة بينما تسيطر على دموعها كي لا تنهمر : لا بأس.. سوف ألتزم بمكاني من الآن فصاعداً..سيد كيم! 

عندها فقط، وبعدما قطعت اتصال نظراتهما بأن أدرات وجهها بعيداً عن سواد عينيه المحترقتين، هو أطلق تنهيدة قبل أن يحرك السيارة لينطلق! 

عندما توقفوا أخيراً أمام المطعم الذي حجزه نامجون، هي لم تنتظر ليفتح لها الباب.. لم تشعر بأنها قادرة على النظر في وجهه، أو السير قربه، أو البقاء معه أكثر في هذه المساحة الضيقة!! احتاجت للابتعاد حتى تستطيع التنفس.. وقفت على قدميها في الهواء البارد، جيني ونامجون كانا قد تقدماهما بالفعل بسبب توقف تايهيونغ عند الإشارة، ورغم فقدانها لرغبتها بأي شيء بعد، هي دفعت نفسها لتسير باتجاه باب المطعم الضخم، قدمها تعثرت قليلاً وتشنجت لشعورها بيد على ذراعها تساعدها، لكن جسدها استرخى عندما رأت أنه كانت واحداً من بوابي المطعم، الشاب قال بقلق متسائلاً:هل أنتً بخير سيدتي؟ 

-- بخير شكراً لك.. 

ابتسمت له بتصنع قبل أن توازن نفسها وتتابع سيرها إلى الداخل دون أن تنتظر كيم تايهيونغ.. تركت موظف الاستقبال يأخذ معطفها قبل أن تسأل عن الطاولة التي قاموا بحجزها.. 

الموظف ساعدها في الوصول إلى الطاولة لتجد جيني و نامجون يجلسان مقابل بعضهما البعض مع ابتسامات حمقاء مرتسمة على وجهيهما بينما يتبادلان الحديث بصوت خافت، و أيديهما متشابكة فوق الطاولة! 

ماي شعرت بالسخط كونها ستضطر إلى الجلوس مقابل تايهيونغ في هذه الحالة، وشعرت بالسخط أكثر على جيني لتسببها في هذا الموعد!! 

جلست قرب جيني بهدوء وهي تعض لسانها عن الصراخ غير راغبة في التسبب بفضيحة بينما قال نامجون الذي رفع رأسه وأجفل قليلاً لظهورها المفاجئ : ماي!! لقد تأخرتما.. 

-- نعم لقد كان هنالك حادث على الطريق.. 

ماي قالت ذلك ببرود وهي تقرب مقعدها، نامجون عقد حاجبيه وقال بدهشة: حقاً؟ ولكنني لم أرى أي حادث!! 

-- نعم.. لقد حدث بعد تجاوزكما التفرع الأخير.. 

-- كم هذا مؤسف!! كيف كان الأمر؟ 

-- لا أعلم.. لقد تجاوزنا بسرعة. 

ماي أجابت بذلك بهدوء مثل رجل آلي، متجنبة أية تفاصيل كأنها تحاول إنهاء المحادثة لتخلد إلى صمتها، هي لم تكن تكذب.. لقد كان هنالك حادث بالفعل.. لكنه لم يكن سبب تأخرهما.. 

-- آه.. حسناً.. ها هو تايهيونغ.. هل نطلب إذاً؟ 

نامجون قال ذلك و للحظة هو بدا كأنه يتحدث إلى نفسه، جيني مالت لتهمس في أذن صديقتها : ما الذي يحدث؟ هل خطتنا تعمل؟ لأنني شبه متأكدة أن كيم تايهيونغ يكاد يلتهمك بنظراته.. عليك رؤية النظرة التي كان يرميك لها وهو يسير خلفك منذ لحظة! يبدو أن الثوب يعمل بشكل جيد.. 

ماي أبقت نظراتها منخفضة، شاعرة برغبة في الضحك في الوقت ذاته على كلام جيني، أي ثوب وأي هراء في الجحيم؟ 

-- لقد تشاجرنا.. 

ماي قالت ذلك و بصوت مخنوق تابعت : أنا لا أرغب بالنظر في وجهه حتى! 

جيني كتمت شهقتها : هل تشاجرتما حقاً..؟ ما الذي حدث؟؟ 

-- أخبرك لاحقاً.. ربما.. - ماي قالت بوعد قصير ربما لن تفي به أبداً - أنا أشعر كالجحيم الآن.. يجب عليك مساعدتي في النسيان هذه الليلة.. 

-- حسناً.. أنا جيدة في هذا على الأقل! 

جيني قالت ذلك وهي تنفض يديها بينما يأخذ النادل طلباتهم.. 

ماي لم ترفع رأسها أبداً، ولم تحاول المشاركة في الحديث عدا عن بعض همسات تبادلتها مع جيني، والتي لحسن الحظ ساعدتها في تجنب الدخول إلى أي حديث مشترك مع تايهيونغ.. جيني كانت قادرة على رؤية الطريقة التي استمر فيها بالنظر إلى ماي طوال الوجبة، وبشكل خارق هي كانت قادرة على المحافظة على لسانها من توبيخه وشتمه ..

نامجون كان قادراً على ملاحظة أن الموعد المزعوم تحول إلى عشاء كئيب لسبب ما، لكنه لم يفهم ما هو هذا السبب بالضبط!! 

مع ذلك هو قال وهو يرفع كأسه بعد أن رفع النادل الأطباق : ها قد انتهى عشاؤنا، ماذا تريدون فعله الآن؟ 

ماي وجيني تبادلتا النظر، لحسن الحظ هذا كان أسوأ عشاء تناولته ماي في حياتها، والراحة والجوع اللذان شعرت بهما بعد حديثها مع جيني سابقاً اختفيا الآن تماماً.. لكنها كانت تشعر بالخفة على الأقل، هزت رأسها لجيني موافقة بينما أعلنت الأخيرة بصوت مرتفع : الرقص!! لنذهب للرقص.. نحن نرغب في الرقص! 

نامجون رفع حاجبيه بشيء من الدهشة : الرقص.. هنا؟ 

نظر حوله بتساؤل مما جعل جيني تضحك : كلا أيها السخيف.. بل نريد الذهاب إلى نادٍ ليلي.. نحن بحاجة إلى شيء مجنون.. هل تعرف مكاناً جيداً؟ 

تايهيونغ و نامجون تبادلا النظر قبل أن يقول الأخير بتردد : أنا أعرف مكاناً ولكن.. 

-- رائع.. 

ماي كانت هي من تحدثت هذه المرة وهي تقف على قدميها بثقة تاركة نظراتها تسبح في الهواء : هيا بنا.. لنذهب! 

المدهش في الأمر كان أن النادي المنشود لم يكن بعيداً عن المطعم الذي تناولوا فيه عشائهم مما وفر الكثير من الوقت، المكان كان فاخراً وواسعاً بالنسبة النوادي التي اعتادت جيني ارتيادها، الأضواء الخافتة والملونة فيه جعلته يبدو أكثر حميمية من المطعم ذي الأضواء المشرقة ، استقبلهم نادل على الباب بابتسامة أوضحت أن تايهيونغ ونامجون كانا معروفان هنا جيداً، أم أن المكان ملك لهما أيضاً؟ 

لم يكن الجواب مهماً بينما يقول النادل باحترام : الطاولة المعتادة سيدي؟ 

ساروا جميعاً إلى قسم الأشخاص المهمين، حيث الطاولات منخفضة قليلاً، والمقاعد جلدية دائرية مما جعل ماي تنتظر حتى جلس الجميع لتجلس على طرف المقعد، وينتهي بها الأمر مجدداً مقابل تايهيونغ.. 

لم يمضِ وقت طويل على وجودهم حتى طلب الرجال بعض المشروبات بينما رفضت ماي أي عرض حول ذلك.. رغم رغبتها في هذه اللحظة بالشراب ونسيان كل شيء كما يفعل الجميع، لكنها كانت تعلم أن جسدها لا يعمل كالجميع وستفقد وعيها حالاً، وهي لم تكن تنوي بأي شكل أن تضيع الليلة سدى!! 

في تلك اللحظة مجموعة اقتربت من طاولتهم، بدا أنهم يعرفون كل من كيم نامجون وكيم تايهيونغ بشكل جيد وانخرطوا في حديث ممل عن فلم ما تموله الشركة لإحدى عارضاتها.. لم تعر ماي الحديث الذي بدا مملاً ومبتذلاً لأذنيها اهتماماً، حتى سمعت اسم ايلينا يذكر في الوسط وارتبط كل شيء ببعضه البعض..العارضة والفيلم الذي تموله الشركة، أضحى واضحاً من هي.. شعرت بالاشمئزاز وهي تفقد رغبتها حتى في فهم السبب الذي يجعل كيم تايهيونغ يبذل الكثير من أجل ايلينا، يصدقها عوضاً عن والدته حتى!! الأمر كان مريباً ومقززاً، هل كان متعلقاً بها إلى هذا الحد؟ ألا يملك أي احترام لذاته؟ أم هو فعل الحب يا ترى؟ ولكن أي يذهب كيم تايهيونغ ذو القلب المتحجر في ذلك الوقت؟ أم أنه لا يحسن الظهور سوى لها؟!! 

لبعض الوقت هي احتملت الجلوس هناك، والاستماع لذلك الحديث حتى بدأت تشعر بالاختناق، لكن جيني قررت في تلك اللحظة التصرف مثل ملاك لتقول وهي تدفعها لتنهض : سوف نتجه نحن إلى البار.. تابعوا حديثكم! 

نامجون اعترض وهو يشير بيده : لستِ بحاجة إلى ذلك!! يمكننا الطلب هنا…

-- كلا .. - جيني ابتسمت له ابتسامة عابثة - أنا أحب الأمزجة الخاصة..!! 

غمزت له بعينها قبل أن تسحب ماي معها وهي تقول : ولكن بالطبع.. بعض الصودا لكِ أنتِ.. 

-- شكراً لكِ.. 

ماي ابتسمت بسخرية وهي تقف مستندة إلى البار مراقبة جيني تأمر الساقي بصنع مزيج ما لها، شاكرة لأنها ليست وحدها معها وإلا لوقعت في ورطة بسبب عادات جيني الفظيعة في الشرب!! 

أخذت تدندن وهي تنقل عينيها إلى الراقصين الذين يتمايلون في الوسط تحت الأضواء المتحركة والأنغام الحادة الصادحة وهذا جعلها تشعر نوعاً ما برغبة في الرقص وهي تهز ساقها بخفة، شعرها كان يتمايل والثوب يرسم جسدها بشكل مذهل، فلم يكن من الغريب أن تجتذب نصف دزينة من الرجال، لكن واحداً منهم كان أكثر جرأة وهو يستند إلى جانبها ويحتسي كأسه : هل فقد الرجال عيونهم هنا يا ترى؟ 

ماي نظرت إليه من فوق كتفها بتساؤل قبل أن تمرر نظراتها إلى نطاق أوسع، هل كان هذا الرجل يتحدث إليها أم أنها تتخيل؟؟ 

الرجل تابع بابتسامة وهو يرفع كأسه لها : كيف يمكن لفتاة بهذا الجمال أن تترك وحيدة؟ 

الرجل لم يكن سيء المنظر بحد ذاته، وشعرت بشيء من التسلية في أسلوبه، ابتسمت له بهدوء : أنا لست وحدي.. لقد جئت مع أصدقائي.. 

استدارت تبحث عن جيني لكن الأخيرة كانت قد اختفت بالفعل.. تنهدت وهي تعيد اهتمامها للرجل : إنهم هناك! 

استدارت لتشير إلى الطاولة التي كانت عليها سابقاً عندما رأتها، بشحمها ولحمها، وشعرت بشيء مثل طعنة في صدرها، ايلينا.. ايلينا بنفسها كانت هناك.. تجلس إلى جانب تايهيونغ، إحدى ساقيها موضوعة فوق الأخرى بينما وجهها يبتسم بوضوح..

ماي نظرت وشعور كامل من الوحدة ينفجر في داخلها مثل موجة أغرقت مشاعرها، تايهيونغ يعرف مع من يتعامل بلطف.. ومع من يتصرف كوغد!! 

ماي كزت على أسنانها وانزلت يدها وهي تعيد اهتمامها إلى الرجل الذي قال متسائلاً : أين هم؟ 

ماي هزت رأسها بنفي وابتسمت له ابتسامة واسعة : لا تهتم.. أنا معك الآن!! 

الرجل بادلها الابتسامة وهو يميل قربها ليهمس : إذاً.. هل يمكنني تقديم شراب للآنسة الساحرة؟ 

-- يمكنك.. - ماي قالت وتابعت بجدية - ولكن ما دام لا يحتوي شيئاً مو الكحول! 

الرجل ابتسم بدهشة : أنت تمزحين أليس كذلك؟ 

هزت رأسها نافية : على الإطلاق! أنا لا يمكن احتمال هذه الأشياء.. حتى بكميات صغيرة.. 

-- لا يصدق!! 

الرجل ضحك ورفعت ماي ذراعيها : هكذا هو الأمر.. ما لم ترغب بانتهاء ليلتنا قبل أن تبدأ فمن الأفضل أن تترك الكحول بعيدة عني قدر الإمكان.. ولكنني راقصة مذهلة مع ذلك! 

قالت مادحة نفسها وهي تحرك خصرها بخفة جعلت الرجل يضحك مجدداً : بالطبع سنرقص كثيراً ولكن أولاً.. أنت لطيفة جداً وأنا أشعر بالسوء لعدم قدرتك على الاستمتاع بالشراب.. يجب أن أقدم لك شيئاً ما.. 

ماي احتجت بعدم صبر : ولكنني قد أخبرتك.. 

-- لا تقلقي - قال مطمئناً - انه عصير عادي، خالٍ من الكحول تماماً، ولكنه يعطي التأثير ذاته على المراهقين والأطفال.. ربما يفيدك هذا! لتعيشي قليلاً دون قلق!! 

كان دور ماي بالضحك وهو يتحدث مع النادل الذي هز رأسه بتفهم قبل أن يقدم لها كأساً مع محاليل ملونة في داخله، قشة كبيرة ملونة والكثير من قطع الفواكة!! رفعته إلى أنفها لتشمه لتتفاجأ برائحة لذيذة تتبعث منه دون أي تداخلات غريبة!! 

نظرت إلى الرجل بطرف عينها لتجده يهز رأسه مشجعاً، بسرعة وضعت القشة في فمها لتشرب العصير اللذيذ براحة!! 

-- انه جيد.. - قالت متمايلة قليلاً وهي تحدق إلى الكأس الفارغ - انه لذيذ.. ولكنني.. غالباً لا يجب أن أطلب المزيد.. أليس كذلك؟ 

الرجل هز رأسه موافقاً : لشخص ذي قدرة تحمل ضعيفة مثلك، فأنا أنصحك بأن لا تفعلي..! 

-- آه ماذا الآن؟ - ماي قالت بغضب غير واع قبل أن تتذكر شيئاً وتبتسم بسعادة - آه صحيح.. لنرقص!! 

ماي كانت تستدير عندما شعرت بشخص يمسك بذراعها ليوقفها في مكانها، رفعت رأسها لتنظر لتتفاجأ بتايهيونغ يرمقها بغضب قبل أن يهمس من بين أسنانه : ماذا تفعلين؟ 

عيونها بردت وشدت ذراعها منه بقوة، غضبها لا يزال يحترق داخل صدرها قالت بنبرة كره : لا تلمسني مرة أخرى، ولا تتحدث إلي أبداً..! 

-- ماي.. 

ندائه المحذر قوطع بصوت الرجل الذي لم تكن ماي تعرف اسمه حتى والذي قال بهدوء : هاي انها معي..!! 

تايهيونغ كشر عن أسنانه بغضب : هذا ما تعتقده أيها المغفل! 

ماي رمقته بنظرة مؤنبة كأنها تأمره بأن يغرب، وفي تلك اللحظة بالذات ايلينا ظهرت من الخلف لتتمسك بذراعه!! ايلينا رمتها بنظرة من الأعلى إلى الأسفل جعلت راحة ماي تحكها وهي ترغب في توجيه ضربات عنيفه للمرأة الحقيرة، لكن ايلينا لم تحاول التحدث معها، بل وضعت يدها على صدر تايهيونغ قائلة بنزق : إلى أين تذهب؟ لا زال لدينا الكثير لنتحدث عنه!!
ماي ابتسمت بسخرية وهي تنظر في عينيه: نعم.. لماذا لا تهتم بالأمور المهمة أولاً؟ يبدو بأنك مشغول جداً..

لم تنتظر إجابة منه، كانت بحاجة للابتعاد قبل أن ترتكب جريمة، تابعت طريقها نحو حلبة الرقص..
الرجل قال بفضول وهو يلتفت لينظر ناحية تايهيونغ مجدداً قبل أن يسألها بفضول : هل تعرفين ذلك الرجل؟
ماي ضحكت بخفة : قليلاً فقط، هل تعرفه أنت؟ الرجل عقد حاجبيه وهو يفكر: انه يبدو مألوفاً..!
ضحكت مجدداً وهي تريح يديها على كتفيه : نعم.. هذا ما ظننته أيضاً في لقائنا الأول..
الرجل فتح فمه ليقول شيئاً، لكنها جذبته فحسب وهي تقول بحماس غريب : لنرقص!!
مهما كان ما وضعه ذلك الرجل في عصيرها، فهو يجعلها تشعر بشكل أفضل، بشكل جنوني قليلاً.. ولكن أفضل!! 
انها اعتادت أن تكره الاقتراب من الرجال، وتشعر برغبة في الهرب عندما يلمسها أي منهم، لكنها لسبب ما لم تشعر بهذا الآن، كأن تلك العقدة انحلت في داخلها بشكل سحري!!

الأغنية الأولى كانت هادئة، وتركت ماي الرجل يحتضن خصرها بينما تميل على صدره قائلة بضياع : هذا ممل جداً.. نحن بحاجة إلى شيء حماسي.. لماذا أمتلك حظاً سيئاً يا ترى؟ 

الرجل ربت على خدها وبلطف قال : لا تقلقي.. يمكننا إصلاح هذا! 

ماي ابتسمت له وهي تميل رأسها مثل طفلة : ألست لطيفاً جداً؟ الآن بعد التركيز.. أنت أيضاً تبدو مألوفاً قليلاً!! 

-- حقاً؟ - الرجل ابتسم لها - هذا مؤسف ولكن أعتقد أنك تتحدثين عن شخص آخر، لأنني بالتأكيد كنت لأتذكر لو أنني قابلت امرأة بجمالك في مكان ما!! 

ماي ضحكت وهي تربت على صدره : أنت تجيد استخدام كلماتك أليس كذلك؟ 

قبل أن يجيب، الموسيقى تغيرت فجأة إلى موسيقى أكثر عنفاً وحماساً مما جعلها تشهق بسعادة قبل أن تفلته وتنطلق لترقص وحدها في الوسط، جيني انضمت إليها بعد وقت قصير وانفجرت ماي ضاحكة وهي تقوم بحركات لم تتخيل أن تقوم بها يوماً..!!

 لساعات.. لساعات هي رقصت ملئ قلبها، حتى شعرت بجسدها يتحرر من كل تلك المشاعر القاتلة التي كانت تقيده، كانت مندمجة للغاية، متفاعلة للغاية، حتى أنها أصبحت قادرة على التحرك حسب اللحن، والتمايل بشكل مثير بينما يتطاير شعرها حولها!! 

كان قد مر كثير من الوقت على وجودها في ساحة الرقص، وقت رقصت فيه مع الكثير من الناس الذين لا تعرفهم، والذين جاؤوا لتمتيع أنفسهم، مثلها تماماً..!! 

في وسط ذلك كله، الموسيقى توقفت للحظة كي يتم تبديلها إلى نوع مختلف، فتوقفت هي أيضاً لتلتقط أنفاسها.. لم تنتبه إلى أن الساحة بدأت تخلو من الناس ببطء، حتى بقيت واقفة هناك وحدها، عيونها امتدت لتنظر أمامها، ولسبب ما حطت على رجل واحد، كان يجلس إلى طاولة مقابلة لها تماماً، يحدق فيها كأنه يحاول حل نظرية فيزيائية صعبة، نظراتهما تلاقت، وجهه كان مظلماً، بالكاد مفهوماً، ورأت عيناه تسيطران على كيانها.. كان ينظر إليها بقوة، نظرات ثقيلة، محدقة، نظرات سيطرت عليها بشكل ما..!!
وهذا جعلها تشعر، بشيء من الاثارة يتفجر في داخلها، كرغبة جامحة في فعل شيء سيء!!
ببطء استدارت، لتعطيه ظهرها، بينما ارتفعت يداها لتجمعا شعرها المجعد إلى الأعلى فوق رأسها، لتظهر بوضوح انحناءة عنقها الرقيقة، قبل أن تستدير مجدداً لتنظر إليه، عيونهما تشابكت مجدداً، وافلتت شعرها ببطء، لينسدل كالستار خلفها، بينما تستعد للرقص دون خجل..!!
تمنت أن يراقب جيداً هذا العرض الذي نوت تقديمه له، بشكل خاص!!
لم تعلم ما الذي كان يجعلها هكذا.. من أين امتلكت الجرأة لتتصرف بهذا الشكل، هل كان العصير الذي تناولته؟ هل كانت أفكارها المبعثرة؟ هل كانت مشاعرها المحطمة؟ ما الذي كان يجعلها شبه ثملة الآن؟ لم تستطع أن تحدد.. لكنها شعرت بالموسيقى المثيرة الهادئة تبتلعها وهي تصدح من خلفها فجأة لتبتلع جسدها، مثل هالة من الطاقة!! 

عيونها قتمت وهي لا تزال تحدق في عيني الرجل الذي تحبه، والذي كان ينظر إليها في المقابل، ينظر إليها بشدة.. أكثر من اللازم!! 

أخذت نفساً عميقاً وجمعت شعرها لتزيحه جانباً، مسدلة أهدابها قبل أن تستدير و تعطي ظهرها لكيم تايهيونغ مرة أخرى، لتفعل أول شيء خطر في بالها، تقدم له مقدمة صغيرة لعرضها ..!! 

انحنت ببطء كأنها تنوي ملامسة قدميها لكنها عوضاً عن ذلك تمايلت وارتفعت مجدداً بينما تنفض شعرها ليتطاير مثل شلال من السحر تحت الأضواء الخافتة، أدارت رأسها جانبياً لتنظر إلى تايهيونغ من فوق كتفها، بينما ترتفع يدها إلى علاقة ثوبها لتنزلها ببطء جعل جميع من يراقبها يشهق، بينما نظراتها هي مركزة عليه، شفاهها افترت قبل أن تعيد نظرها إلى الأمام ، بعيداً عنه..كأنها تتجاهل وجوده للحظة، تتجاهل تلك الهالة السوداء التي كانت تتسرب منه إليها..
الأمر كان كأنهما الشخصان الوحيدان في المكان، وبينهما ممر براق من الأضواء، والكثير الكثير من المشاعر..!!
هو جالس على كرسيه يتأملها ملئ جفنيه، بينما تحاول هي.. ما الذي تحاول فعله بالضبط؟ لم تعرف.. لكن غريزتها الداخلية كانت تدفعها لتقوم بما تقوم به!
ببطء ساحر تابعت رقصتها متمايلة، متنقلة بين حركات رقيقة خفيفة، وحركات جريئة مثيرة، دون أن تدرك أن حشداً من المشاهدين تجمع لمراقبتها، ودون أن تنتبه إلى الوقت.. حتى شعرت بشخص يمسك بذراعها فجأة بخفة، ويجذبها على ذراعه ليميل رأسها إلى الأسفل بينما تظهر تقويسة عنقها بوضوح ورأسها يقع إلى الخلف، لينتشر شعرها مجدداً حتى كاد يلامس الأرضية، بينما تمسك يده الأخرى بساقها ليثبتها!! 

لم تعلم من كان يراقصها بالضبط، ولم تهتم حقاً وهو يرفعها مجدداً لتقف على قدميها قبل أن يديرها عدة دورات مثل أميرة، في حركة ختامية، ثم يمسك بخصرها ويحملها بخفة ليضعها على طاولة لم ترها من قبل، ولم تعرف كيف وصلت إلى منتصف حلبة الرقص!! 

الموسيقى تغيرت فوراً، و مجدداً إلى شيء حماسي راقص جعل الجميع يتسللون إلى الساحة مجدداً بينما تتغير حركاتها هي إلى حركات سريعة جريئة وجنونية، في حين وقف عدة أشخاص يراقبونها حول الطاولة! 

كانت تفقد نفسها في وسط الموسيقى، دون أن تفكر أنها لو كانت في حالتها الطبيعية وأخبرها شخص ما أنها قامت بما قامت به الآن مثل راقصات الملاهي لما كانت قادرة على التصديق و لشتمته!

للحظة عيناها عادتا إلى تايهيونغ الذي كان يمسك كأساً بيده، يقبض عليه بقوة حتى ابيضت عقد أصابعه، بينما يجلس متكئاً إلى الخلف مباعداً بين ساقيه وذقنه مستند على يده الأخرى، يراقبها بملامح سوداء، وإلى جانبه تجلس تلك الايلينا تتحدث.. دون انقطاع و دون أن تكون قادرة أيضاً، على إبعاد انتباه عن الفتاة التي ترقص على بعد عدة خطوات منهم..!!

ماي تابعت ما تفعله وهي تشعر بنفسها تنسى من يكون تايهيونغ للحظة، متأكدة بأن شيئاً قد أصابها!!
فجأة شعرت بشخص يلمس ساقها بشكل خاطئ واتسعت عيناها، اليد كانت تتسلل على ساقها إلى الأعلى لتترك شعورياً بالغثيان في معدتها، لم تكن حتى في وعيها للدفاع عن نفسها عندما بشكل تلقائي التفتت لتنظر إلى تايهيونغ.. ووجدته وقد بردت ملامحه بينما تحولت عيناه إلى نظرات قاتلة، النظرة التي ألقاها ناحيته كانت كافية، ثم.. رأته.. تايهيونغ يقف ويلقى بكأسه ليتحطم على الأرض، رفيقته تصرخ به قائلة شيئاً ما ويداها تتمسكان بذراعيه ، لكنه لم يعرها اهتماماً، بل سار باتجاه ماي التي بدت كأنها تنتظره ايضاً، لسبب ما!! 

لكن ما فعله كان شيئاً مختلفاً، هي شعرت بالشخص الذي يحاول لمسها يتمادى في وقاحته، ثم الشيء التالي كان تايهيونغ وهو يلكمه ليقع على الأرض قبل أن يسحبه رجال الأمن بعيداً مثل كيس من البطاطا..!! 

تايهيونغ وقف ينظر إليها، شعره لا يزال مثالياً ومرتباً، وأنفاسه منتظمة كأن لا شيء يمكنه أن يؤثر به!! 

كان قريباً جداً، أمامها، ولم يحتج إلى الحديث، لأن عيناه كانتا تأمرانها!! كأنها نسيت غضبها السابق، حبست أنفاسها و ببطء مثير هي اقتربت منه، وجهها مال فوق وجهه، نظراتهما كانت ثقيلة ومتصلة مثل حبل من الفولاذ لا يمكن قطعه، وهي بخفة، كأنها تخشى أن تتعثر، إنحنت نحوه لتعطي عينيه نظرة شاملة على بشرة عنقها وكتفيها الرقيقتين المكشوفتين والتي التمعت ببضعة قطرات من العرق ، يداها امتدتا لتستريحا على كتفيه، بينما يقع شعرها حولهما ، كأنها تحيطه بتعويذتها الخاصة ، يداه القويتان كانتا مستعدتان لها، كفاه أحاطتا بخصرها بقبضة قوية نشرت الدفئ في أعماقها ، بينما تشتد عضلات ذراعيه، و للحظة هي ظنت أنه سيحملها إلى الأرض، لكنه عوضاً عن ذلك أدارها، بينما تنسل يده الأخرى أسفل ركبتيها لينتهي بها الحال بين ذراعيه! 

رائحته اللذيذة المألوفة احتضنتها، عقلها فارغ جداً، شهقة خرجت منها بخفة عندما شعرت بنفسها محمولة عن الأرض فجأة مثل أميرة هاربة تم امساكها للتو، وقبل أن تجد كلمة لتقولها،أنفاسه الدافئة ضربت وجهها بينما تأسرها عيناه دور رحمة و سمعته يهمس بصوت خشن ملىء بكل أنواع المشاعر من بين أسنانه المطبقة : ماذا أفعل بكِ يا امرأة؟ أنتِ.. حقاً.. شيئاً ما!! إلى أي حد تعتقدين أنني قادر على الإحتمال؟! كيف تجيدين.. إثارة جنوني هكذا؟؟!! 

🌸

ENJOY 💕

حابة احكيلكم ان هاد الشابتر تقريباً ١٠ آلاف كلمة يعني عن شابترين!!
وتقريباً متت وأنا اكتب فيه لحتى خلصته، فرح تلاقو أخطاء املائية كثير اكيد لاني نمت وانا بكتب 😂😂
بس ما فيي حيل أراجعه لاني انتهيت 😭😭✌🏻
ويمكن أعدل عليه برضو وأضيف اشياء بعدين  

المهم رأيكم؟؟
ولو سمحتو استفيدو من كلام جيني كويس 😂
وماني مسامحة الي ماتحط فوووت ها🌚💔

Continue Reading

You'll Also Like

1M 40.5K 41
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
1.1M 73K 106
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...
688K 30.4K 39
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
1.4M 129K 37
في وسط دهليز معتم يولد شخصًا قاتم قوي جبارً بارد يوجد بداخل قلبهُ شرارةًُ مُنيرة هل ستصبح الشرارة نارًا تحرق الجميع أم ستبرد وتنطفئ ماذا لو تلون الأ...