Crossings Into The Abyss | مع...

By -red_moon-

53.3K 3.1K 2.8K

#Wattys 2016 winner نَفَحاتٌ من ماضٍ عتيق تتجدد المكاره ويعلو الألم ، سفوحٌ لجبالٍ تمرغتْ بالدِماء وشلالاتٌ م... More

الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون ~ ماقبل الاخير
الفصل السادس والعشرون ~ والاخير
عودة

الفصل الثاني والعشرون

838 78 81
By -red_moon-

( حربي أنا )


سكونٌ يغلف المكان بنواحيه بينما عقله اللاواعي غارق في عتمة الحلم ، وكمن سحب خيطاً رقيقاً ببطء متمهل بدأ يتيقظ هو تدريجياً حتى هبط للواقع مديراً بقزحيتيه هنا وهناك في تشتت إنمحى وتبادل مع الإستنكار لسماعه أصوات همهمات وحركة غير مألوفة فيما يقبع خارجاً عن غرفته المظلمة .

تقلب في سريره ونهض كالملدوغ يمشي بخطى متسارعة نحو الباب شبه المنغلق ويخرج رأسه فاحصاً المكان بتوجس ، رأى في يمناه مصابيح الصالة المخملية تلقي بأنوارها على ما قابلها من أثاث فيما باقي الممر غارق في الظلام .

سمح لنفسه بالسير ودس نفسه مسنداً رأسه على الجدار محاولاً إستراق السمع وإدراك شيء من حديث الرجلين يرتعش من شعور مبطن بالخوف زاد حين لم يلتقط صوت ابيه يتخلل نقاشهما الخافت ليطمئن هو ، ما كان يسمعه مبهم يأتيه من طرف واحد فقط يعلو صوته بنفاذ صبر ويخفضه حين يتلقى التأنيب ..

سرعان ما سأل احد المتحدثين بصوت غليظ وواضح : " اخر سؤال ! ما علاقتك بالفقيد أليكساندر ؟ "

إرتعدت يداه القابضتان على الجدار وترنح متسع العينين يداهمهم بظهوره الذي ألجمهما تماماً .. ما يراه لم يكن ليصدقه عقله أبداً ولم يظن يوماً انه سيعايشه ، ضابط ملأ الشيب رأسه يقف بجوار باب الخروج بملابس شرطة دافئة وثقيلة يخط في مفكرته بعصبية قابله ليونيد جالساً على الاريكة منقبض الملامح وشاحباً كمن رأى شبح موته .

تملكتهما صدمة من وجوده بالأخص ليونيد الذي نهض وتهادى في مشيه نحوه يحاول أن يعرف حجم ما سمع من ملمحه فلم يجد سوى إمارات التشكيك الخائف ... صد عنه إيفان حين بلغه وذهب بخطى مرتجفة نحو ذاك الشرطي الذي عقد حاجبيه في وجه من يقابله مطأطأ الرأس بأسى : " أعد ما قلت ! " .

نظر بقزحيتيه هنا وهناك على الأرضية دون أن يجرؤ على رفع رأسه في وجه إيفان الذي كان على مشارف الدخول في نوبة هلع يتلفت ناظراً لهما بأعين مبحرة في الدموع التي شوشت رؤيته وأغشتها .

: " أين هو ؟ " سأل بهمس بالغ الخفوت يهز كتفيّ ليونيد الثابت ومغمض العينين حتى لا يرى إيفان ما تترجمانه من أسف . توسعت عيناه أكثر وقد صدمته الحقيقة التي زلزلت قلبه بشكل غير مباشر أحس بصدره يحترق وأنفاسه تنكتم فلم يخرجها سوى بشهقة ألم تبعتها دمعة وقعت على وجنته اليسرى يتركهم راكضاً لغرفة أبيه ليفتحها متخبطاً ببصره في أركانها بجنون .

فقط لم يبدو كل شيء بهذا الذبول ؟ لم أحس بالخوار و بأنه هناك من يقبض على قلبه بقوة ليؤكد ما كان إحساسه ينفيه ؟ ، حين تقدم ودخل يمشي بفكر تائه ليمعن في سرير أبيه المرتب حيث الشيء الوحيد الذي عاد من أليكساندر ووضع هناك هو مسدسه دخاني الرائحة والساعة التي أهداها له إيفان في ميلاده . متوقفةٌ عقاربها كأنما تعلن إنتهاء دوران حياة صاحبها متكسرة الزجاج عالقة بدماء حديثة العهد .

~~~~~~

صباحاً ..

وككل حادث خارج عن المألوف بالنسبة لبلد متشدد الأمن كموسكو تم تناقل خبر الإنفجار يوم أمس في المنشأة الحكومية القديمة ليقابل بالسخط من السكان الجاهلين أنه كان نقطة تحول في حياة أحدهم . سرعان ما تم تدعيمه بصور أليكساندر وعنونته بخبر إختفاء مبعوث الأمن القومي لكيان سلاف الشرقية بعد الكارثة .

جرت مهمات البحث بين ركام المنشأة لإستخراج جثة أليكساندر مراراً وتكراراً الصدمة كانت حين لم يعثروا على جثةٍ هامدة واحدة هناك ! لا للعدو والمشتبه بهم ولا جسد الفقيد آرلوف . هذا الأمر أصاب فين بالإنهيار حين إستيقظ في سيارة الإسعاف وعرف منهم أنه كان وحيداً حين تلقى الضربة ينفون عليه محاولاته في إقناعهم أن أليكساندر كان موجوداً بعد الإنفجار بالداخل يلفض أخر أنفاسه بين يديه .

جن جنونه وقتها وحسبه الجميع يهذي إلا أنهم صدقوه حين وجدوا أثاراً له كسلاحه وساعته التي توسطت بقعة دم كبيرة تم فحصها في المختبر ليتبين أنه دمه هو. ففي النهاية قرروا المهلة لعائلته بأنها ستكون أسبوعاً فقط سيبحثون في كل المستشفيات والمنازل المقابلة وحتى ثلاجات الموتى .

: " أعتقد أنني حصلت على نصف الصورة الأن "

همس الضابط ماسداً رأسه بكفته الممتلئة يسترجع إجابات العملاء المشاركين في المهمة والذين خرج أخر فرد منهم الأن ليتركه وحده مع ديمتري ذابل الملامح ليقول بعدها الضابط مرتباً الأحداث ببطء : " أولاً كما علمت أنه ترك جميع الرجال وأنت من ضمنهم مكتفياً بفردين إثنين .. هما زيد وفين اللذان شهدا أنه دخل وحده قبيل دقائق معدودة من الإنفجار " .

أومأ له ديمتري موافقاً ما قال وما تم دعمه بكلام الجميع ليعاود الخوض في الجزء المبهم من الحادثة : " فين ماكولي وجده محترقاً في الداخل وجزم أن الحياة كانت به قبل أن يفقد هو وعيه جراء صدمةٍ ما ولكن ؟ الإطفاء أقسموا أنهم لم يجدوا سوى فين فاقد الوعي بالداخل حين دخلوا للإنقاذ ! " .

انتهى من حديثه وزفر بقوة ليزيد عليه ديمتري مائلاً بجسده ناحية مكتبه : " أولئك الافراد الذين يتبعون المنظومة غير الشرعية أيضاً لم يكونوا موجودين لم نجد منهم مصابين أو موتى هذا فقط يجعلني أشك في شيء واحد- " .

نظر له الضابط بإستفهام يحثه على الكلام فهمس ديمتري بخفوت : " فخ ؟ " .

عقد حاجبيه في حين أضاف ديمتري مغطياً فمه بكفه بتشكيك : " ولحد الان لا نعرف هل آرلوف ضحية ؟ أم جاني ! " .

~~~~~~

إتخذ لنفسه مجلساً بداخل الزنزانة الغارقة في ديجور من الظلمة . يفرق بين ساقيه ويسند مرفقيه على ركبتيه يقتص من القماشة التي بيده بمقص ضخم زاماً شفتيه لا يداهم الصمت سوى صوت إحتكاك الشفرين وتمزق اجزاء القماش الذي يبدو مقتطعاً من ملبس أحدهم .

لم يكن وحده فقط بل حوت الزنزانة كياناً مستتراً أخر مجرداً من قميصه ومقيداً تلمع حبات العرق العالقة في بشرته السمراء اسفل إضاءة المكان المصفرة والرديئة ، يلهث بتعب ويغمض عينيه ليرفع رأسه مصوباً نظراته الحاقدة على مجالسه هناك .

: " إنتهيت ! " قال ببسمة شامتة ورمى بقايا القماش في وجهه لينهض وتستبين قامته الطويلة تلك حين بدأ يحوم حوله عاقداً ذراعيه خلف ظهره بإنتظاره أن ينطق بشيء .

: " تعرف تماماً أسئلتي ولازلت لحد الان انتظر الجواب " توقف عن اللف وقال له بثبات ينحني ويشد على كتفيه متجنباً أن تقع على جراحه وتلك الفجوة الملفوفة بقماش معقم في كتفه الايسر .

: " ماذا كنت تفعل مع رفيقك في الغاب ؟ " .

زمجر المعني وتمتم له مراراً بهذيان أنه سيندم ليتركه بجفاء ممانعاً نفسه بصعوبة عن ضربه . تنبه لعينيه المظلمتين بغضب مستعر فهمس جالساً على أمشاط قدميه : " تستمر بإعطائي هذا الشعور بكوني الظالم والطاغية هنا يا رافا ! إسمك ظريف بالمناسبة " .

إبتسم إبتسامة جانبية ونفث في إستهزاء من ما قال يرفع رأسه بخمول وإرهاق بعد التعذيب الذي لاقاه : " لا حاجة لتكرار سرد نفس الاسباب مجدداً ، إسمع ! لن تجد فائدة مني صدقني ".

إستقام فيرناندو ولكمة ليدير وجهه لجهة أخرى وقد إستفزه سجينه مجدداً يهتف فيه : " نحن لم ولن ننتهي " .

لم يلتفت رافا نحوه بل بزق دمائه وعلق بصره على الجدار الإسفلتي ليمسك به فيرناند مجدداً من فكيه بقوة ويوجهه نحوه ليقابل ملامح وجهه المنقبضة بغضب مكبوت : " يمكنني أخذك الان للإسكان الجديد بأخر المدينة هناك حيث يقطن كل من فقد بيته وأجعلك تجلس أمام إمرأة ثلاثينية بجانبها طفلين تفضل بسؤالها عندها كيف خسرت زوجها ولماذا ذهب هو بالإساس ليحاربكم ؟ " .

دفع رأسه للخلف بقوة ليصطدم بالكرسي ونهض يقول صاكاً على أسنانه : " أو سنذهب معاً لمسنة مكلومة الدمعة على رمشها طول الوقت ... تعال معي لتسألها كيف خسرت فلذة كبدها وقرتها ؟ " .

إستدار بعدها ومشى يخرج سلاحه ويشحذه متمتماً : " كل ذلك بسببكم كل تلك الخسائر والجراح التي لا تندمل ، أما زلت تعتقد فينا أننا الشر الأعظم ؟ " .

كان رافا ليتحدث بإنفعال فتح فمه لتخرج فقط أنفاس حارة ليقف تعبه حائلاً بينه وبين المناضرة العقيمة التي سيقدم عليها الان ولكن إضافة إلى صوته الذي خرج كالفحيح لضمئه وحاجة جسده المستميتة للراحة دخل جندي بسرعة وحيا فيرناندو بإحترام يحادثه بعدها خافضاً رأسه بإستدعاء القيادة له .

زفر فيرناند وأومأ موافقاً يعيد سلاحه في مكانه ويتفحص الزنزانة قبل خروجه وتركه لرافا يلهث هناك ويسند رأسه للخلف في محاولة لإغتنام هذا الوقت القليل بالراحة قبل أن يعودوا له مجدداً .

~~~~~~

بعد يومين ..

لم يحتج لطرق الباب حين وصل بمحاذاته لأنه يعرف تماماً بأنه لن يلقى أي جواب ، فتحه وولج للداخل يلمح في معالم المكان بغير مقدرة على النظر في من كان هناك .

ظل صامتاً لفترة ينظم نفسه فيها حتى تشجع ولمح في السرير الذي شغله إيفان جالساً ومستنداً على مقدمته يطأطأ برأسه ويمسح على سير ساعةٍ جافةٌ بقع الدم فيها تخفي خصلات شعره الشقراء ملامح وجهه ،يجاوره مارك الذي إتخذ من الحائط أمامه مرتكزاً لأنظاره الجامدة .

جلس على كرسي قريب من السرير وسمح لنفسه أن يشاطرهما الصمت الكئيب في غرفةٍ غائبٌ صاحبها ، يتذكر اليومين الاخيرين وكل ما حصل فيها من أحداث وما واجهه إيفان حتى وصل به الأمر لحالة شبيهة بالخرس ينخلع عنها بعنف حين يأتي ذكر موت والده .

وقتها كان ينفعل ويصيح بجنون منقطع النظير حين يحاول أحدهم مبادرة الحديث معه فلم يتمكن ليونيد من توضيح أي شيء له حتى قام بنفسه غير مسلم برحيل أليكساندر يقول لهم بشحوب كمن يهذي بكابوس طوال الوقت أنه لازال يتنفس ولازال معهم على هذه الأرض .

أما مارك فقد فعل خلاف ذلك في أول يوم عصيب عليهم جميعاً حين زف له ليونيد تفاصيل الحادثة كان ثابت الملامح إهتزت مقلتاه في البداية وهو ينصت له ولكنه بعدها أومأ له وحجز نفسه في غرفته يذرف الدموع بصمت غير مستوعب أنه خسر أباً ثاني له غير أن الألم لم يدم ، نهض مارك بنفسه وخرج جامد الملامح لا يشغله شيء سوى صديقه الذي يحتاج إليه الأن كما كان هو عندما فقد نيكولاي .

أخرجه من قوقعة أفكاره سماعه لهمس بصوت مبحوح : " إختفى بعد الإنفجار... " .

وجه بصره بسرعة ناحية إيفان مع مارك الذي مال إليه بقلق ليعاود إيفان الحديث من جديد مجعداً ذقنه ومقلتيه تهتزان بلمعان عكس صورة الساعة الدامية في زرقتها النقية : " هل كان يتألم ؟ " .

: " الموت مؤلم " ردد له ليونيد ليقابله برفع رأسه زاجراً إياه بشراسةٍ عما قال : " هو لم يمت ! " .

إتسعت عيناه بدهشة من هذا الشاب وإحساسه الذي تشبث به في قوة عجيبة ، قوة لم تسمح له بالبقاء أسيراً لليأس طوال الوقت وهذا ما جعله يتفائل للقادم ويبتسم حين أحس أنه الوقت الأنسب لوضع النقاط على الحروف وفرز أوراق الحقيقة عليه وعلى مارك .

خرج دون أن يضيف شيئاً بهرولة لم تعنهم مطلقاً ، إقترب منه مارك أكثر وغطى كفه المرتعشة في إضطراب براحة يسراه مجاهداً ليرسم تلك البسمة الصديقة كي يطمئنه ويوصل له أنه معه ويشاطره ذات الإحساس .

لم تطل وحدتهما فها هو ذا ليونيد يقتحم الغرفة بمشاعر العزيمة التي بدت هالتها غريبة بالنسبة لهما يستنكران عليه تلك الأوراق المطوية في ظروفٍ بحرص . هذه المرة شاركهما الجلوس على سرير أليكساندر واضعاً أغراضه أمام إيفان يتنهد ململماً أنفاسه يبحث عن طريقة لبدء النقاش معهما حتى قال : " اعتقد بأنه حان الوقت لأضعكما داخل الحدث منفذاً وصية أليكساندر حين عهد إلي بهذه الرسائل المكتوبة خصيصاً لكما " .

حين وجد العجب في مارك والتيه يعتلي معالم وجه إيفان زفر ورفع صوته في قوة : " إنظرا ! أنا لا أعرف إن كان أليكس صاحب أفضع خطة وضعت بالتاريخ حياً الأن أم لا ، ولكن عليكما رغم كل شيء أن تفخرا به وكثيراً أيضاً حين فقط تعلمان الحكاية كاملة ... أليكساندر قدم تضحية عظيمة لهذا البلد ولكن لا أحد يدرك ذلك لحد الان " .

توسعت عينا مارك فيما إيفان اخفى قسمات وجهه الشاحبة يطأطأ برأسه مسترجعاً أخر جلسة له مع والده حين وعده باسماً بتوضيح لكل ما كان يجهله ولكن ! لم يكن يتصور الامر سيأتيه بهذه الطريقة أن تجيب أحرفه عليه لا هو ... عقد حاجبيه ضابطاً نفسه وقبل زجاج الساعة ببطء وينزلها ليسحب الظروف من عند ليو ويشاركه مارك في تقليبها .

يفتحانها من حيث ما كانت مرتبة بالترقيم لينتقلا بعدها لداخل الصورة ومن بداية حكايا المعاناة حين وجد أليكساندر نفسه على أطلال الموت محاصراً بالخيارات حتى لحظة الصفر ...

{ حربي أنا }

~~~~~~

سماعه لخطوات ثقيلة يتردد صداها في الممر الخالي خارجاً جعلت منه يترك عمله ويدفع بكرسيه للخلف مشبكاً أصابع يديه ببعضها في إنتظار لزائره . دون أن يُطرق الباب دخل من كان بالخلف مداهماً عزلته يضيق عينيه ماسحاً معالم الغرفة فلم يجد ضالته .

: " بماذا أخدمك سيرجي ؟ " .

أجفل ونظر ناحية ألفريد بإستفهام سرعان ما أخفاه وغمغم رافعاً حاجبه : " أردت الحديث مع رئيسك المجنون " .

أصدر صوتاً يدل على تفهمه وعاد يسند يديه على مكتبه المحشور بين خزانات كبيرة مردداً له : " هو منشغل كثيراً هذه الفترة لن تجده هنا إلا بالنادر " .

قلب عينيه بضجر وتقدم نحوه ليجلس على الكرسي المقابل صامتاً يراقب عمله بهدوء ، كان ألفريد ينظر لشروده وبصره المعلق في نقطة غير معلومة بين حين وحين يلاحظ بعض الحروق في يده اليسرى التي رفعها واخذ يخدش في باطنها بإبهامه بملل فلم يهمه أن يسأل عن سببها بل همس معيداً النظر في كومة أوراقه : " ألاحظ في الاونة الاخيرة أنه أصبح يهملك " .

إستفاق من سهوته ورفع حاجبيه في عجب من حديثه حتى ردد بسؤال : " ستيفين ؟ " .

رمى قلمه وأراح ظهره على كرسيه قائلاً بلهجة متراخية : " ومن غيره ؟ هو لم يعد يعاملك كأول مرة ككنزه العظيم وبنفس التطلعات الباهرة " .

: " وكأن إهتمامه يعنيني بشيء ! اريده الان لأجل فحص تقنياته اللعينة " قال ليلاحظ ألفريد أخيراً تلك العروق الحمراء الرقيقة التي تبرز في عينيه ليسأل بإهتمام : " هل تأذيت منها ؟ " .

لم يرد عليه لبرهة بل مكث يهز قدميه بنفاذ صبر ونفث مستقيماً في نية الخروج قائلاً وهو يمسح على شعره : " أبلغني حين يصل سأكون بالجوار " .

راقبه بحنق وهو يخرج عنه غير معجب بتسلطه الدائم على من حوله ولكنه لم يحبذ تجاهل مطلبه تفادياً للمشاكل فهو في النهاية سيرجي ! الشاب الذي عامله رؤسائه كالكريستالة معلقين عليه أمالاً جمة في ظن أنه مستقبل المنظمة الجديد.

~~~~~~

« يعني وصول كلماتي الان لمتناول يديك اني ما عدت أتخذ بجوارك موقفاً وأن الرجل الذي كنت في ظله غادرك بعيداً ولربما للسماء ، أسف لخيبتك ولكل نكسة رأس لك ... واسف لمارك الذي يتجرع من كأس الفقد مراراً ... واسف على رحيل لم أرده تاركاً إياكما ببلد الغربة .

لكن فيكما فخري وبكما ! سأطبع بصمة لسلام يرجوه الجميع . لا أحسن إنتقاء الكلمات التي ستعيد بناء قوتكما من جديد لذا كل عزائي أنه بطرح الحقيقة سألقى منكما السماح ... فلتغفرا لي » .

تجعدت الورقة بيديه من شدة قبضه عليها ولمّ يعلم لم ولكن وقع كلمات والده هذه قتلت كل أمل لديه كان يحاول أن يبثه في نفسه ويكفف دموعه هامساً بأنه سيعود ، مارك الذي رفع بصره عن الورقة المكتوبة بخط أليكساندر المميز أمسك به وشجعه على الإكمال بعزم : " أنا معك " أومأ له وأخفض رأسه ينتقل لسطور الحقيقة الكاملة عائشاً عبر الأحرف تلك الملحمة النفسية التي شهدها والده وحصلت من وراء ظهره دون أن يدري ينقبض صدره في ألم من تراكم الصدمات عليه حتى فقد أنفاسه تحتقن عيناه شاعراً بنار تتقد في جواه ..

« قرار السفر كان لذيذاً والعمل الذي أقدمت عليه وجدت فيه فرصة جديدة لتصحيح تقصيري وإعلاء راية بلدي في فخر ، وقتها ظننت أن بداية حياة أخرى وبتطلعات مختلفة ستسير على ما يرام ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..

لم أعلم عندها انني حركت شيئاً بداخل النفوس الخبيثة التي نهشت في ذاتي وكامل حياتي ولم أعلم ان الخطر ركب معنا في رحلتنا وتلحف تحت غطاء بارد من خفاء وعبث ...

أنت يا إيفان كنت شرارة الحرب الثانية !..

نعم على حساب لفظك لأخر أنفاسك ستتحول لذريعة قيام الثوار مجدداً وسيعاد تدوير الاحقاد وتبدأ مجزرة جديدة ... ذهبت تصوراتهم وقتها للأخبار كل ما سينشر عن حادث إغتيال إبن الرجل الذي جاء ليكون رابط الوصل بين بلده وموسكو في سبيل تخليص الإتحاد من خطر مميت ضريبته إزهاق كثير من الارواح ...في ذلك الوقت حين علمت بالأمر أدركت كم كنت مغفلاً نظرت للملذات ولم أحسب حساب النتائج كنت إيجابياً ومتفائلاً لدرجة تثير الشفقة بعدما لقيته من إنسكارات أوصلتني لهذه الحال .

علمت بعدها أن الموت رفع يده عنك فقد إستفاقوا ولم يجدوا مصلحة لهم في هذه المعركة ، كانوا أرواحاً دنيئة تلهث وراء المنصب ارادوا أن يشغلوا أكبر قدر ممكن من مساحة الدولة ويكون لهم بصمة في جميع مراكزها خلف ستار الواجب لذا سبيل حصولهم على الرفقة وتقويتهم كان سيأتيهم مني أنا ! .

كنت طريدة سهلة انهكوها بالضغط ، هددوني فيك انت ومارك وهددوني في بلدي عندها فقط ادركت ان لا علاقة لأي مخلوقٍ كان في قضيتي إنها حربي أنا بدأها قراري وسأنهيها بنفسي بالطريقة الصحيحة وما انتما مقدمان عليه ليس سوى إمتداد لخطة الإبادة .



أنا بالفعل كونت النهاية لكل هذا بغض النظر إن كنت ميتاً فيها أو حي »..







يتبع....

~~~~

السلام عليكم ..

كيف كان الفصل >< ؟

اسئلة لأجيب عليها بشأن اي نقطة غير مفهومة ؟

حمدا لله بقيت ثلاثة فصول للنهاية ♥

#اي إنتقاد ؟ صدقوني سأسعد بالملاحظات والتعتيب علي ..

دمتم في حفظ المولى

"معذرة إن وجدت الاخطاء " .

Continue Reading

You'll Also Like

7M 577K 54
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...
388K 16.2K 41
قصه حقيقيه حدثت في عام ٢٠١٧ فتاهً مسيحيه في احداى الايام تقع بيد رجل مجرم هل ياترى ماذا سيحدث معا الابطال مختلفين...!!!
154K 12K 37
-كم على المرء أن يفقد ليحصل على ما يريد؟ -حياته بأكملها. تصنيف: خوارق بدأت في:- 15/أكتوبر/2018 انتهت في:- 2/مارس/2020 الفرع الأول للرواية الرئيسية |...
12.5K 1K 18
عالمنا ملئ بالنفاق والإتهامات الكاذبة ، ومهما توالت الأحداث وتغيرت فسيبقى المذنب مذنباً حتى لو كان في أعين الناس بريئا! تجرنا الأحداث إلى فتاةٍ انتقل...