٢٦

346 14 1
                                    

فى العتمانية ....مازالنا فى الحاضر

تقطع الطريق هرولة ، علامات أظافر ولدها محفورة على وجهها ، أصبح عقلها فارغ كأنما أستخلصوه من داخلها وتركوها جمجمة من عظام فارغه لم يعد لحياتها معنى وقد تفتت كصخره ....أنوار قوية أضاءت ظلام الليل وكانت لحظة حقيقة تلك التى أدرك عقلها أن السيارة ستصطدم بها

جثة ملقاه على الطريق مفتوحة العينين و الدماء تتصبب من أنفها و فمها

هكذا كتبت النهاية لصباح الحداد ....أو صبيحة

........................

قبل ستة عشر عاما فى العتمانية

هناك قبل سنوات قليلة .....

لحظة فى عمر هذه الأرض الأقدم من التاريخ والموجودة منذ الأزل

رن الجرس وأنطلق التلاميذ إلى بيوتهم فى تلك اللحظة التى تنفجر المدراس بمن فيها ، مطلقة سراح من أسرتهم بداخلها لساعات

الأسر كلمة قوية فى باطنها ، عميقة الأثر على مدركها لا تليق أبدا و المدرسة التى تفتح أبوابها للطلبة وأهليهم الذين يأتونها طوعا وليس كرها

ولكن هل كل ما تفعله بطواعية أنت حر فيه ؟

وما علاقة الحرية والطواعية بطارق العتمانى المستند الآن على الحائط الخلفى لدورات المائية التى قررت إدارة االمدرسة بناءها فى مقابل القصر لتكون مخصصة للطلاب بعد أن أزالوا الحديقة الغناء فى المقدمة وأستبدلوها بأرض رملية و شبكتين لحراسة المرمى فى كل أقصى .

دورات المياه التى كان طارق يسند ظهره على حائطها الخلفى لمدرسة ثانوية للمراهقين من فصيلة ذكور البشر هى واحدة من أسوء المشاهد التى قد تمر على الإنسان فى حياته لا ينافسها سوى المذابح الجماعية للمغول  بينما كان يجلس على حجر فى مقابله "جورج " و أحمد يجلس على هذا المقعد الذى فقد الأجزاء التى يستند عليها للكتابة و الظهر وبقيت خشبة واحدة للجلوس فى المنتصف ،لا ينقصه سوى الناى الذى كانت تطالب به فيروز لتغنى فى العراء فالغنى سر الوجود فيبدوا أنهم أكتشفوا طريقة جديدة للتكيف مع المكان بل واعتباره مقرهم أيضا

ميزة أخرى تعتبر من أسرار هذه المرحلة فى عمر ذكور البشر هى أنهم لا يستطيعون بأى حال الأحتفاظ بالأسرار طويلا عن بعضهم وخاصة إذا كان هذا السر

هو زواج صديقهم المقرب "طارق " من المعلمة السمراء الجميلة .

أى نعم طارق أخبرها يوم جلبها من التصحيح أنه لا يعلم سوى عرفة الشماس ولكن عندما سأله جورج وأحمد بنظرة ثابتة وهم من حضروا الزفاف وعلموا فيه القصة التى دفعت بصديقهم "الأول على المدرسة "الى هذا الزواج فى هذه  السن الصغيرة وعلمهم بعد ذلك أن هذه المعلمة هى ابنة عمه لم يكن صعب عليهم أبدا أن يشكوا بأن هذه الصغيرة الحجم و التى تنظر إلى الأرض بأستمرار ولا تجلس إلا وحيدة منعزلة هى تلك التى تم التخلى عنها يوم زفافها وعندما واجهوا طارق بما وصلوا  أتهمهم بالغباء لأخذهم كل هذه المدة ليفهموا شيئا بديهيا مثل هذا وكأن على رأسها موضوعة ورقة مكتوب عليها

زفير الروح (الجزء الثاني من أنين الروح) Where stories live. Discover now