الثامنة

365 10 1
                                    

الفصل الثامن

قبل أكثر من ستة عشر عاما بالعتمانية

مناخ مصر حر جاف صيفا  .....أما مناخ الصعيد م حار لاهب جهنمى النشأة صيفا
ولأننا فى الشتاء فالمناخ هناك خاص جدا ...دافىء وحميمى جدا

يقف فى طابور أمام إحدى كبائن التليفون المنتشرة حاليا فى كل مكان ....نظر مرة أخرى للبطاقة  الخضراء  بين يديه وعلى غير العادة أنتهى من سبقه سريعا وتقدم هو ....
خطوة جعلته بداخل الكبينة ...جدرانها الحديدية تعطيك الخصوصية وإن كنت لا تستطيع التخلص من إحساس أنك تتحدث فى الشارع وأن هناك فى الخلف طابور كل شخص منهم يعتقد أن مكالمته أهم بكثير من مكالمتك ولديه قناعة خاصة أنك كلمة " ألو " التى ألقيتها للتو قد استمرت ألف عام

شىء خاص بمصر يجعل الطوابير عقاب جماعى  كمعلم رأى تلميذا قد اخطأ فقرر معاقبة الفصل كله ......

ضغطت أصابعه بسرعة على أرقام يحفظها وجاءه الرد أيضا سريعا
" ألو ...مين معايا "

- " أنا طارق يا منال "

أستطاع أن يخمن الأبتسامة التى ارتسمت على وجهها وكذلك صوتها العذب
" خالتو يا ولد ....ايه منال ديه بلعب معاك فى الشارع ولا أنت بقى أكمنك بقيت بتبعتلى فلوس يبقى خلاص أتساوت الروس"

رغم أنها نطقت الكلمات بسعادة إلا أن وقعها عليه لم يكن كذلك فقد شعر بحزن مخافة أن تكون فعلا قد فهمت الأمر على هذا النحو فردد بصوت خافت " هى وصلت "

صوتها العالى الضاحك أجاب بفرح حقيقى " أه يا حبابيى ..إن شاء الله يخليك ليا يا روقة يارب ....ايه يا حبيبى الغيبة الطويلة ديه مبتكلمنيش ليه "

رد طارق والسعادة كأنها طائر يطير بجناحيه  فوق رأسه " أنا اتجوزت "

ضحكة مجللة جاءت من الجانب الأخر أفهمته أن خالته لم تصدقه فأجاب مكررا
" والله العظيم أتجوزت "

الضحكة الرنانة بترتت وهى تستوعب ما يقال على الجانب الاخر ....تتذكر متى ولد طارق تشعر كأنه ولد بالأمس

كم عمره ليتزوج ؟....أضاءت رأسها بيوم ميلاده وتذكرت سنته فأخرجت أصابعها لتعد عليها السنوات بصوت واطى وصل إلى طارق بقايا همس فسألها
" بتكلمى حد "
لتجيب بدهشة بعد أن توصلت بسرعة مخيفة إلى عمره
" 18 يا طارق ....أنت عندك  18 سنة ....صغير أوى يا حبيبى على الجواز ، ليه عملت فى نفسك كده ولا أبوك غصبك "

لم يتوقع ردة فعلها ان تكون مخيبة للأمال هكذا ...من قال أن العمر أرقام ...توضع بجوار بعضها وكلما كبر رقمك عظم قدرك وأصبحت قادرا على تحمل أعباء الحياة ....هل العمر وحده من يقوى ظهرك ؟....ظهره قد أنكسر قبل أوانه من حموله ما حمل عليه سنوات ....

كان متحمس ....نعم أستطاعت أقتناص الفرحة  المستترة كعذراء خلف كلماته  فنطقت بما أنتظره

زفير الروح (الجزء الثاني من أنين الروح) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن