١١

389 13 0
                                    

كل الأيام الغير عادية بدايتها عادية

اليوم الجمعة ........
لا تحتاج تقويما لتعرف اليوم  يكفى صوت أدهم وهو يرتل " سورة الكهف "  مع نسمات الصبح الأولى ....صوته قادم من عالم أخر ...أبعد مما تنظر وأقرب من نفس محتبس بصدرك
لا جمعة دون فتية ناموا قرونا وبعثوا ليعلموا أن لابقاء لحاكم ولا محكوم .....ولا أبدية لظالم ولا مظلوم ......
قرونا تمر يوم أو بعض وتبعث كما كانت حالك أول مرة ، تتغير شكل الأرض ومن عليها ، تتفتت ممالك وتسقط أساطير و تبقى الأرض كما هى ...تنظر للمتصارعين عليها  وتضحك تعلم أنها ستواريهم قريبا ....قريبا جدا الجميع سيكونون بين ثناياها

لا جمعة دون رحلة موسى عليه السلام ....دون هجرته إلى المجهول ... .من النصف الذى نراه واقعا أمامنا إلى ما لا يصل إلى إدراكنا .....

دون تواضع نبى من أولى العزم لرجل أتاه الله علما ....ليبقى العلم هدف وغاية وطريقة تترك أهلك وأرضك وتسعى خلفه بنفس راضية وقلب شغوف ..........
لا جمعة دون أن تعلم أنك لا تدرى كل شىء ......أن ما تراه لا يعكس الحقيقة المطلقة وما تعتقده شرا قد يكون خيرا خالصا  ولا خير أبقى من عمل صالح ...........

الباب الذى فتحه ليستطيع أن يسمع أدهم بوضوح لم يعد كافيا ...أراد الأقتراب أكثر فشعر به الفتى الذى رفع رأسه فأشار له طارق أن يكمل ، ظل منصتا حتى صدق أدهم ...
أرسل له قبلة فى الهواء فردها له الفتى ......
.
تجاوزه طارق و قلبه مشحون بعاطفة ، لم يرغب فى الكلام  ، فى لحظات تضيع الكلمات هيبة الصمت وتقتل العزلة بسلاح البواح .....

نسمات الصباح الخفيفة تصبح أحيانا أثقل من جبال إذا كان القلب مهموم ، زينب بالأمس كانت لا تطاق ، حاول أن يحصل منها على وعد بعدم البحث خلف أمر زواجه ولم يستطع ، ذهب معها الى المدرسة وكانت جيدة فى الواقع أحسن مما تخيل بمراحل ولكنهم فى طريق الذهاب والعودة تشاجروا ألف مرة .......
طوال اليوم هى فى صراخ دائم مع الأولاد والفتاة التى لا يمتلك سواها بلا أى سبب وأحيانا لأسباب تافهة جدا ، وقبل أن تنام تشاجرت معه بسبب الخلاط الذى نسى أمره تماما وذهبت لتنام فى غرفة الضيوف .....سيبيع هذا السرير و يتخلص من هذه الغرفة قبل أن تصبح ملاذها !!!!

إبتسامة أرتسمت على وجهه وهو يميل جزعه  يمتلىء  من الخضرة تحته فتذكرها ، تذكرها وسط الزرع  قبل أعوام طوال كأنها حلما
تنورة المدرسة الكحلى وقميصها اللبنى ...لا ترتدى الحقيبة كالبشر بل تحتضنها ، مدرستها الثانوية كانت فى طريق مدرسته الإعدادية
فى تلك الأيام كان يكرهها ، الآن ليس متأكدا أن هذا تماما ما كان يشعر به ولكنها كانت الشخص الوحيد الذى يرغب أن يكون مثله ...كانت الشخص الوحيد الحاقد عليه
لطالما أمتلكت ما طمح دوما إليه.....
الابتسامة التى لا تفارقها ....قدرتها على الكلام فى كل وقت كأن الكلام سيل لا ينقطع....
الجميع يحبها والكل أصدقاؤها ، العتماتى يعتبرها خليلة ، يحضرها بالأسم لتتحدث معه يسألها عن الأنساب ، قصص وأبطال العرب .

زفير الروح (الجزء الثاني من أنين الروح) Where stories live. Discover now