" بتحبها يا روقة ؟"

بعض الأسئلة منطقية جدا ....نمطية جدا......فى نمطيتها يولد الأختلاف ....فى نمطيتها يوجد الأهتمام

بعض الأسئلة كالأسلحة النووية محرمة دوليا ....تمتلك مفاتيحها الدول العظمى وتستتر خلفها دول صغرى تتصنع العظمة

وفى العتمانية لا يوجد من يجروء على أن يلقى سؤالا كهذا  .........

شدد قبضته على الهاتف وأجاب بثقة وأنف مرتفع إنتصارا على كل ما مضى وكل ما هو آت

" أه.... بحبها ....متقدريش تشوفيها وما تحبيهاش "

هل أكمل جملته ليبرر لنفسه خيانته .......لا يعرف

هزت الأخرى راسها بتفهم " بنت مين يا طارق أعرفها "

- " زينب ....بنت عمى سمرا لو تعرفيها ...........

الأجابة جاءته  بنبرة أستنكار واضحة
" سمرا ....بتاعت الارض ....مين فى العتمانية ما يعرفهاش ...ديه كبيرة ...لا كبيرة بجد يا حبيبى ...أنت أمك حتى مكنتش حملت فيك وديه كانت كبيرة"

كررت كبيرة ثلاث مرات وبعد أن أنهت جملتها لم تتوقف عن قول "كبيرة "

تتذكرها جيدا ....الآن تذكرتها بوضوح ....كانت صبيحة تحكى عنها .... الفتاة الصغيرة فى بيت العتمانى التى سترث خمسة عشر فدانا

كانت هى فى الثلاثين مات عنها زوجها وتركها فقيرة معدمة .....لديها صعوبة فى السير من أثر "شلل أطفال " أصابها نتيجة وباء أطاح بالقرية عندما كانت صغيرة و داء بالقلب جعل من حركتها ومجهودها أقل من الطبيعى.....عادت إلى البيت ذى الغرفة  الواحدة من الطوب الذى كان لوالدها المقعد ولم يكن لهم مصدر للرزق سوى عمل صبيحة التى أستجارت بزوجة العمدة فقبلت أن تعمل لديها .....
أصولهم الغجرية كانت تشكل صعوبة و أهل القرية ينظر لهم نظرة دونية
لا أرض لهم ولا مال يعيشون رحالة متنقلين من مكان لأخر بلا جذور تربطهم بأرض والكثير من الصفات التى تجعل الكل يتشكك فيهم "كالسرقة " ومع هذا قبلت زوجة العمدة أن تحمل صبيحة بالدار ....

صبيحة ذات السبعة عشر عاما ......الزهرة التى تفتحت لتجد نفسها فى بركة موحلة .......ذات الوجه الجميل والجسد الغض قبل أن تبتلعها دار العتامنة ....قبل أن تقع فى مصيدة الكبار ....قبل أن يحرقوا روحها و يشوهوا قلبها

رد طارق ساخطا " هى أصغر منى ....طول عمرها عايشة فى حضن أمها وأبوها ، ما شفتش لا جوع ولا مرض ولا نامت على رصيف ولا الى رايح والى جاى بيعايرها بأصلها ....

قاطعته منال " ليه بتفتح الى كان يا طارق ....عايز تكلم أمك "

الأجابة جاءت قاطعة " سلام دلوقتى عندى شغل هحاول أتصل بيكى قريب"

سمعت صوت أنقطاع الأتصال و عينيها بدأتا تذرفان دمعا  مهما أخبرها طارق مرارا أنه يسامحها وأنها لا دخل لها بما عاشه لايمكن لها أبدا ان تسامح نفسها ....
كانت تظن أن وجود طارق مع صبيحة سيكون صمام الامان ....عندما رفضت أن تأخذه منها ظنت أن أختها ستختار أبنها....
من يظن أن امرأة قد تترك ولدها لرجل غريب وترحل

زفير الروح (الجزء الثاني من أنين الروح) Where stories live. Discover now