أحزنته الكلمة و ضربت روحه فى معقلها ....أن يكون قد رأى دمعته أحد ولكن الخانق أكثر أن يكون أثار شفقة  الفتى ....
رفع رأسه وزجر بعصبية " أنا مش جدك يا ود "
رأى حينها الفتى يرتبك ، نزل أكثر وقرب نفسه منه مرددا بخوف
" أنت زعلان منى يا جدى ....أنت مش عارفنى أنا ياسين ....ابن طارق ابنك وزينب ...لحظة بتنادوها سمرا "
كلمات الفتى سقطت ثلجا على قلب الرجل المشتعل ......أراح ظهره ولم يهتم بدمعته التى سقطت بعدها فهى بدارها ، يده المرتعشة أكتسبت قوة دفع بها ياسين فى كتفه
وهتف بغضب لا يتناسب والعصافير التى تغرد بداخله
" صوتك  متلجلج ليه .....مجولتش ليا إنك جاعد من زمان ، فين أبوك واكل ناسه ما بيصليش   "
أجاب ياسين شاعرا بذنب لم يعرف ما هو
"بابا وأخواتى فى بيتنا ....أنا وماما ونور نمنا فى البيت الكبير ...صحيت متأخر وملحتقش أجى معاك فماما قالتى روح ألحقه ، أنا أسف قولت للعم خليل إلى بيوصلك أنه يروح وأنا هرجع معاك "
أستشاط غضبا وأمسك بيد ياسين يستند عليه ليقف و بعد أن استقام أحاط رقبة الفتى مقربا إياه إليه شبه محتضنا
" ماما وبابا ...ناوى تفضحنى يا ياسين يجولوا  الواد بيتكلم زى البنته ....اشخط كده وأنت بتتكلم كأنك هتأكل الى جدامك ، يرتجع على طول ....الراجل صوت  يهز الجبل وصدر تخاف البندقية منيه  ومتأسفش يا ابن سمرا طالما معاك الحق متأسفش ليفتكر الناس أنك مكسور "
هز ياسين رأسه بنعم فمرر العتمانى يده على وجه الولد ورأسه 
" طار النوم من عينى ....نجول لأمك بجا تجيبلنا رغفين شمشى و هعملك شاى صعيدى أبوك ما يعرفش يعمله و تحكيلى بجا عملت إيه فى بلاد الأجانب "
قبل العتمانى رأس ياسين وسأله
" ريحة شعرك  حلوة جوى "
فرد يا سين بفرحه " ده كريم ....هجيبهولك يا جدى لو عجبك هخلى طارق يجبلك "
أثار الكلام ضحك العتمانى
" هو الدهان ده  بتاع  أبوك  يا ياسين ....أهو ذنب ناس بتخلصوا ناس يا ولدى "
ضحك ياسين بصوت عالى وهو يساعد جده على خط عتبة المسجد
" كان بيأخد حاجتك وأحنا بنأخد حاجته ....مش عارف بيدايق ليه بقى "
أجابه العتمانى و أنفاسه تتعالى " أبوك برانى ما بيأخدش حاجة من حد لو عايز أديله حاجة أجعد أزعج جبلها بسبوع عشان يرضى يأخدها حجاش إلا العطور مزاج فيها ...لما أعوز أشترى أجوله يجبلى معاه ...... "
قطع ذكرى العتمانى صوت حسن وهو يمر عليه سريعا
" أزيك يا حج .....الجو هنا حر ....يا خليل تعال خد العتمانى يقعد جوه فى التكيف "
.....................................
ألقى حسن أوامره  ومر من جانب والده دون أن يسمع رد ....يشغل عقله الكثير من الأمور .... أطلع طارق على أوراق الشحنة الجديدة التى سيتسلمها من ميناء الأسكندرية بعد غد فأخبره أن الأوراق سليمة و أخبره أيضا بأمر التوسيعات التى يفكر أن يضيفها إلى قائمة أعماله هذا العام وأيضا الترشح لمجلس الشعب وعلى عكس رأى ماجد الذى يدفعه دفعا لهذا الأمر جاء طارق برأى لم يتوقعه ، أخبره أنه من الأفضل ألا يتنازل عن العمودية لتبقى كما كانت دوما فى بيت"  العتمانى "
لم يتوقع هذا ، أن يغلب طارق ورث العتامنة على مصلحة العمل الشخصية مبررا أنهم لا حاجة له بمقعد فى مجلس الشعب سيضعه تحت الأضواء وما يقدمونه الآن للعتامنة من باب أنهم أهل  كرم ، بعد وصوله لمجلس الشعب سيصبح فرضا وواجبا لزام عمله ، سيضعهم فى دائرة المحاسبة ، خاتما كلامه بأكثر جمله لم يكن يتوقع أبدا أن تخرج من فم طارق
" لو سبت كرسى العمودية يا حسن أبوك هيزعل عليه  مش مستاهلة تزعل الحج "
توقف حسن للحظات وهو على السلمة الأخيرة المفضية للممر ونظر للعتمانى الذى يمسك الرجل بيده يساعده على الدخول و الكلمة ترن فى رأسه "مش مستاهلة تزعل الحج "

زفير الروح (الجزء الثاني من أنين الروح) Where stories live. Discover now