الفصل الثامن : الشخص الذي لا يفهم.

3.6K 370 301
                                    

على الرصيف كان ويليام يمشي برفقة يوداليت. لتفادي أي نوع من الإزعاج اضطر الأمير لوضع قبعة زرقاء على رأسه وارتداء نظارات دائرية مزيفه، كلاهما مدعومان بسحر الأوهام، ما يشوّش عن ملامحه ويغيّر لون شعره.


لقد كانت هذه الأدوات بحوزته سابقا، نزعها مؤقتا لأجل لقاء يوداليت في شقته فقط. لكن الآن بعدما خرجا للشارع، فهو مجبر على العودة لارتدائها.

في طريقهما اختلس نظرة نحو يوداليت الصامت، الفتى كان شارد الذهن لا ينظر لشيء غير الفراغ أمامه، وفي يده لازال يحمل الناي المحترق.

بداية عجز ويليام عن تحديد ماهية هذا الشيء الذي يتشبث به يوداليت، لكن بعد التدقيق أكثر استطاع تمييزه وعرف أنه نفسه الناي كان يلازم الأصغر طوال الوقت في أولدروين.

ففهم ويليام أخيرا سبب تصرفات يوداليت وشروده الطويل.. لقد احترق نايه العزيز وتحطم...

لكنه لم يجرؤ على مواساته، لأنه يعلم جيدا أن يوداليت لن يقبل منه هو بالأخص تربيتة على الكتف. ففضل أن يلتزم الصمت ويركز على الطريق أمامه، متخليا بذلك عن رغبته في سؤال واستجواب الأصغر.

واستمرّا على تلك الحال حتى وصلا وجهتهما، ألا وهي الحي الذي يقطن به الأمير. شارع راقي لأصحاب الطبقة النبيلة، هادئ بفضل بعده عن مركز المدينة.

المساحات الخضراء الشاسعة تفصل بين كل منزل وآخر، إضافة لأسوار تحيطها لزيادة الخصوصية حفظا.
لا يقطن هنا عادة سوى الوزراء وفاحشي الثراء ممن تم التأكد من هوياتهم وسجلاتهم الإجرامية، فليس لأيا كان القدرة على شراء منزل باعتماد المال فقط.

إنه شارع حيث يوجد منزل ولي عهد المملكة! بالطبع دخوله ليس أمرا بسيطا، ولا حتى الخروج منه. إنه محصّن بكل طريقة ممكنة!

عند مدخل الحي يقف حارسان آليان مسلّحان، إضافة لفارس من رتبة خاصّة يترأّسهما.

وبمجرّد انتباههم لقدوم الأمير، أفسح ثلاثتهم الطريق سريعا وفُتِحت البوابة آليا. وما بلغهم ويليام حتى كانت طريق عبوره فارغة من العوائق هو وضيفه، والحرّاس واقفون باستقامة ومستعدون لتحيتهما.

"تذكّره، ستصلك سجلاته في وقت لاحق. حتى ذاك الحين مصرّح له بالدخول والخروج وقتما يشاء-..."

توقّف ويليام مؤقتا ليوصي الفارس المسؤول، لكن بعد أن رمق يوداليت بنظرة كأنه تذكّر شيئا، غيّر أقاويله فجأة، "...في الواقع، احرص على منعه من الخروج انطلاقا من السادسة مساء إل حلول السابعة صباحا"

بعد سماع ذلك، قطب يوداليت حاجبيه مستنكرا. لماذا يتم فرض التجول عليه فجأة وسجنه في المنزل ليلا، وهو أكثر الأوقات المحببة له للتجول تكون الدقائق التي تسبق انتصاف الليل!

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن