الفصل السابع والتسعون: تلك الشمس تسطع في العاصفة.

2.1K 269 889
                                    

أنواع الكوليبس وأوصافها تختلف باختلاف المناطق حيث تعيش. وكلَّما بعُدت عن الحضارة، تجد أحجامها أضخم.. والعكس صحيح.

وهذا الشيء الذي لم يفهمه يوداليت فيما يراه أمامه، هو وجاي حوصرا من طرف هياكل عظمية تضاعفهما حجما، خضراء اللون بسبب ما يلف عظامها من نباتات مُعلّقة وعفن مًخضرّ قديم.. جحور عينيها الفارغة كأنها ثقب أسود لا قعر له، تبتلع الضوء حين يُسَلَّطُ عليها فلا ينير شيءُ سوادها. وبالنظر لهذه المواصفات، استنتج يوداليت شيئا واحدا، "...كوليبس غابوي".

"ما الذي تفعله هنا؟!"، همس جاي أثناء تربّصِه بالوحوش حوله. عددها كان خمسة، وإسقاطها قد يتطلَّب بعض القوة والكثير من السّرعة! إذ عليه إنهاء أمرها جميعا في آن واحد تفاديا لخطر أن تقرر إحداها استغلال انشغاله وتهاجم يوداليت.

انشغل جاي بالتفكير في كيف يستطيع اسقاطها دفعة واحدة دون إثارة ضجّة كبيرة، عكس يوداليت الذي كان ما يزال يتساءل عن سبب ظهور هذا النوع من الكوليبس بمنطقة كهذه.

ثم انتبه بعد برهة لشيء أهم، "جاي.. إنها لا تُهاجم.."

بعد إشارته للأمر بدأت الغرابة تحيط الموقف في نظر جاي أيضا، الكوليبس عُرِفت بعدوانيتها اتجاه كل المخلوقات منذ أمد طويل، لحظة تستشعر وجود فريستها تهجم قبل أن تتعرَّف على ما هيّتها وقبل أن تميّزها. حقيقة أنها تنظر بمحاجر عيونها الفارغة صوبهما، لا يمكن أن تعني إلا معرفتها بوجودهما.. فلماذا لا تهجُم؟

توقفت الرياح عن الهبوب، سكن الليل فجأة كأن الحياة غادرت كل ما بباطن ظلمته. زحف شعور بالخطر إليهما وتعلّق بجرأتهما مزعزعا إياها، فاستقامت نهايات شعر جسديهما وغطاهما العرق البارد.. شيء مجهول يحدث في المكان، وهما لا يعرفانه، لكنهما يعلمان أنهما على وشك مواجهته...

وزاد الموقف غموضا وخطرا لحظة بدأ أحد الكوليبس الخمسة بصكّ أسنانه مثلما يفعل الانسان المرتعش من البرد! ثم ما لبث أن انضم له الأربعة المتبقين من رفاقه.

أصوات الصكّ وطقطقة العظام والأسنان أحاطتهما وزادت ارتباكهما، كلاهما لم يفهما ما يحصل وما إذا كان عليهما أن يعتبرا هذه علامة خطر أم لا، يوداليت بدوره لم يفهم السبب خلف هذه الحركة الغريبة، وهو من قضى وقتا أكثر من أي انسان آخر مع الكوليبس!

وكلما تساءل بينه وبين نفسه عما يحصل، يعود لأول سؤال فكّر فيه، 'ماذا تفعل الكوليبس الغابوية هنا أصلا؟! مكانها في الغابة! يستحيل أن تُفضِّل العيش أو التجول في منطقة مقفرة كهذه-...'

ثم تذكّر شيئا كان غائبا عنه بعدما أطال التفكير في موضوع الغابة... ألم تصبح مرتعا للماحقين؟ أولم يصادف هناك ماحقا أحمرا أصبح بمثابة الكابوس له..؟ هذا الماحق بالضبط لم يكن في الغابة قبلا، لو كان كذلك لاستشعر يوداليت وجوده. ما يعني أن ظهوره جديد، وبعد انتهاء فاجعة الرحلة المدرسية بالضبط...

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن