الفصل السادس والثمانون: غضب.

2.4K 267 364
                                    

بين القواعد العسكرية الأربعة داخل مملكة إيجيس، القاعدة الشرقية كانت المسؤولة عن حراسة المجال البري، وذلك ما كان يحتاجه ويليام.

عن المعقل لم تكن القاعدة تبعُد بمسافة كبيرة. عندما علت شمس الظهيرة كبد السماء، كان ويليام قد صار داخل القاعدة بالفعل. أمام أجهزة المسح واقفا، ذراعه فوق الأخرى أمام صدره، وفي صمت وذهن غائب يحدّق بالشاشات وما يظهر عليها من بيانات.

القاعة ضخمة، ولكل عامل مكتب خاص به وعمل هو مكلّف بإنهائه، لكن بسبب حضور شخصية ذات منصب كبير في الدولة، وليس أي منصب، بل ولي العهد بشحمه ولحمه! فليس غريبا أن العاملين شُغِلوا عن أداء مهامهم باختلاسهم النظر بين الفينة والأخرى نحو الأمير.

"انتهى مسح الطبقة الأرضية على عمق أربعة أميال، لم أجد شيئا...هل أستمر؟"

سأل آيلان الجالس أمام أحد أجهزة المسح، لم يتلقى جوابا فالتفت هو وأخته الجالسة بجانبه صوب الأمير خلفهما.

نظراته ما تزال مُعلَّقَة على الشاشة، ولأنه بدى شاردا، تبادل الأخوان نظرة في تردد، وتساءلا بلغة العيون ما إذا كان من اللائق النداء من جديد أم لا.

"اِنزل للأربعين".

تحدث ويليام فجأة، وآيلان بثّ إليه نظرات مستغربة، "أربعون ميلا؟ كيف!"

أخته لكزته بمرفقها، وبإيماءة نفي سريعة من رأسها نهرته عن الاعتراض. إن أراد الأمير منهما فحص قعر المحيط حتى، فمن هما ليعترضا!

لكن آيلان لم يكن مقتنعا بالتنفيذ، خصوصا أن النزول لذاك العمق لن يكون بالسهولة على آلاتهم رغم التقدّم التقني! ناهيك عن كونه سيأخذ وقتا طويلا جدا...

ويليام نظر لآيلان وفهم تردّده، فتنهّد ووضع يده على كتفه مفسّرا، "ارتفاع الخسف في العاصمة بلغ أكثر ميل واحد. لكن عندما توغلنا نزولا أسفل الأرض، وقبل مصادفتنا لملكة الأفاعي، أنا متأكد أننا عبرنا أميالا كثيرة، ما يُقارب السبعة. وبدى لي أنه حيث كنا هو المُرتفع، وأن أنفاقا أخرى تؤدي إلى عمق أكبر... "

قبل أن يصل ويليام المغزى مما قاله، سأله آيلان بنبرة محتجّة، "لكن يا صاحب السمو، وصلنا أربعة أميال في المسح، ولا أثر لممرات في جوف الأرض بعد! ماذا يحدث؟"

لقد أخطآ باعتقادهما أن ويليام كان شاردا وسط العمل، الحقيقة أنه كان يفكّر، يجمع كل ما في حوزته من دلائل ويربطها بغية الظَّفر باستنتاج. لذلك عن كل سؤال كان يملك جوابا مُعدًّا، "اعتمادا على ما عشناه ورأيناه أسفل العاصمة، فلابد أن الأنفاق ليست مستقيمة البناء، إنما مُقعّرة نحو باطن الأرض. يوجد المدخل والمخرج القريبان من السطح، ثم تميل الطريق نحو العمق بعدها".

كانت لديه وجهة نظر، ومن خلالها استنتجت آميريل خطة أخرى، "لم لا نجرّب المسح في مناطق أخرى إذن؟ واضح أنه لو كان هناك نفق أسفل مدينتنا، فهو على عمق سحيق إذن، وبالتالي لا مداخل أو مخارج عندنا".

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن