الفصل السابع: الناي

1.4K 202 45
                                    

(فصل معدل)

أثناء انتظارهم، قرر براين استغلال الفرصة للتقرب من ماريا أكثر، والتي صارت على علم بمشاعره الواضحة جدا، لكنها لم تأبه بشأنها.

لأنها كانت القرصانة الوحيدة وسط رجال الطاقم فقد صارت الصلابة جزءًا من شخصيتها، تعلّمت المكر والخداع على سطح السفينة وكيف تجعل الرجل خاتما حول إصبعها.

ومن حسن حظ براين أنه التقى بها بعدما قررت التوبة عن القرصنة والسرقة، وإلا لقامت بتجريده من ممتلكاته وإرساله لمنزله حافي القدمين وبسراويله الداخلية فقط.

من جهة أخرى الطبيب لم ينجذب في حياته لفتاة بنفس الطريقة التي انجذب بها نحو ماريا. صار فجأة مؤدبا في حديثه، ذكيا ويحاول إعطاء انطباع وصورة جيدة عنه.. بينما الوحيد الذي يدري عن شخصيته الزبالة ويليام، كان متكئا على الحائط يناظر براين بملل أثناء انتظاره عودة يوداليت.

وهذا الذي ينتظره والذي من المفروض أن يكون بالحمام، كان في الواقع يسير على الرصيف باتجاه الحيّ الذي يعيش فيه. أو بالأحرى، الذي اعتاد العيش فيه قبل أن توافق ماريا على عرض الأمير.

لم يكن لديه مال لاستقلال الحافلة، فاضطر للمشي لأكثر من ساعة. بين الحين والآخر يتساءل هل سيتعرض للتوبيخ عندما يكتشفون غيابه، وكلّما تذكّر أمر ويليام تعتريه رغبة طارئة بالهرب فورا لمكان بعيد.

'لو كان لدي مكان كهذا لما عدت... لكن ماريا..'، لا يمكنه تركه خلفها بكل بساطة. وبقي على تلك الحال مندمجا وسط أفكاره حتى وصل وجهته المقصودة.

أمام باب المجمّع السكني وقف، كان مكسورا، تحيط المدخل شرائط تنذر وتحذّر من الدخول.

رمى الفتى بالتحذيرات عرض الحائط ودخل على كل حال، بعدما مزّق بعض الشرائط لإفساح المجال له بالطبع.

ظن الروائح كريهة أو الأطراف البشرية ستكون أول ما يستقبله، لكنه تفاجأ بالمبنى نظيفاً! ولا لطخة دم صادفته في طريقه عبر الدرج.

"المرمّمون قاموا بعمل جيد في تنظيف المكان"، حدّث نفسه بصوت هامس أثناء صعوده الدّرج.

عادة ستُصلَح الشقق ثم ستُقدّم للبيع أو الإيجار من جديد، وبالتفكير في ذلك أشفق يوداليت على هؤلاء المحظوظين الذين سينتهي بهم المطاف بالعيش في مجمع سكني احتضن بين جدرانه مجزرة دموية.

أخذ منه الوصول للطابق العشرين وقتا، عادة كان المصعد ليساعده على اختصار الوقت والمسافة، لكنه كان قلقا من أن تكون الوحوش قد عبثت ببعض أسلاك. وخشية من أن يعلق به أو يسقط ويقتله، فضّل الصعود عبر السلالم رغم الشعور المقلق الذي تمنحه.

كان الاختيار الأكثر أمانا، صحيح أنه أخذ منه وقتا، لكنه في النهاية وصل إلى شقته بسلام. وهناك تبيّن له أن المرممين لم يبلغوها بإصلاحاتهم بعد..

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن