الفصل الثامن

160 5 0
                                    


الماضي .

في حجرة لجين ..
حيث كانت ترتدي ملابسها , ثم تضع بعض المكياج الذي قد يخفي ملامحها الجميلة أكثر مما يظهرها .
انهت زينتها بإرتداء الإكسسوارات الخفيفة البسيطة كما تحب .
نظرت إلى نفسها نظرة أخيرة .
بنطال جينز ضيق يصل إلى الكاحل , الذي زينته بخلخال فضي لامع .
سترة ضيقة باللون الأبيض , تكشف نصف بطنها .
انحنت أخيرا لتربط حبل حذاءها الفاتح .
خرجت إلى الصالة بعد أن ارتدت عباءتها , طرحتها على كتفيها , الهاتف بيدها مع الحقيبة الصغيرة .
قطبت أمها حاجبيها وهي تنظر إليها من رأسها حتى أخمص قدميها :
- على وين ؟
ردت ببرود :
- طالعة مع فهد .
تعجب الجميع , لم يكملا حتى أسبوع واحد منذ أن عقدا قرانهما , هل حقا تريد الخروج معه ؟ وهذا مظهرها ؟
وقفت رؤى تنظر إليها بحدة , ولكن حياة أمسكت بكفها لتمنعها قائلة بهدوء :
- خليها يا رؤى , خليها تسوي اللي براسها خلاص صار زوجها , وأنا ما عاد فيني حيل أجادلها .
شعرت لجين بالألم وهي تسمع رد أمها , ولكنها تجاهلت ذلك وهي تدير وجهها لتخرج من الصالة تمثل اللامبالاة .
في حين نظرت نجود إلى رؤى والأخرى فعلت المثل , ثم تنهدت مغمضة عيناها تحاول السيطرة على غضبها .

لجين , وضعت طرحتها على رأسها بإهمال , ثم توجهت ناحية سيارة فهد المتوقفة أمام منزلهم .
ترددت قبل أن تمد يدها وتفتح الباب , ودقات قلبها تتسارع .
عرفته قبل عدة سنوات , كالشخص الذي أُعجبت به كثيرا .
كمراهقة ربما , ولا زالت مراهقة .. ولكنها نضجت أكثر .
وأصبحت أعقل مما كانت عليه في السابق .
أفكارها مختلفة تماما عن ذلك الوقت حين كانت تبلغ الرابعة عشر , وهو الخامسة والعشرون .
لم تره أبدا بعد أن حصلت تلك الجريمة التي اُتّهم فيها ..!
أوااه ..!
هل كانت معجبة بوسامته ؟
لأنها ما إن ركبت بجانبه والتفتت تنظر إليه حتى اتسعت عيناها بصدمة .

فهد ليس فهد ..!
ليس ذلك الشاب الطويل الأسمر , ذو الجسد الرياضي الملفت , صاحب الغمازتين الفاتنين , واللحية الخفيفة المرتبة .
من أمامها شخص آخر , بشع جدا , بنظرها على الأقل .
أو لإختلاف مظهره عن السابق .
هالات سوداء غامقة تحيط بعينيه .
وجهه نحيل جدا , خالِ من أي شيء يوحي بأنه رجل في الثلاثين من عمره , كاللحية مثلا والشارب .
جسده الرياضي ما عاد مثل ما كان , بل أصبح نحيلا جدا .
رائحة الدخان تملأ السيارة , حتى شعرت بدوار خفيف .
ابتسم لها فهد :
- إيش فيك تطالعيني كذا ؟ مشتاقة لي ؟
انتبهت من شرودها لتبعد عينيها عنها وتزدرد ريقها بتوتر , ثم تقول بهدوء وإبتسامة مصطنعة :
- من زمان ما شفتك , متغير حيل .
أمسك بكفها ليرد بنبرة تعبر عن حبه لها :
- وأنا بعد ما شفتك من زمان , كبرتي واحلويتي أكثر .
أنهى عبارته ورفع كفها يقبلها برومانسية , جعلت القشعريرة تسري بجسدها .
ابتلعت ريقها مرة أخرى , وسحبت كفها ببطء :
- شكرا .
قطّب فهد حاجبيه بإنزعاج , حين شعر بأنها تنفر منه .
هل تفكر بأخيها ؟ تشك به مثل الجميع ؟
ألم يكفيها تبرئة القاضي ؟
إذاً لماذا وافقت عليه ؟
لا بأس , أصبحت زوجته الآن , ستكون لديه فرصة لكسبها في صفه تماما , فرصة لتغيير نظرتها تجاهه , بل نظرة الجميع .
لكم أسعدته بموافقتها ..!
بعد إتيان رائد إليه , علِم أنها تحدت الجميع من أجله .
استغرب نعم , وكثيرا .
كان يتوقع منها الرفض , بعد كل ما حصل .. ومع تلك الحزازيات الباقية بين العائلتين .
إلا أنها صدمته كثيرا , وأسعدته أكثر .
لا يعرف حتى كيف تجرأ وطلبها من عمه الراحل .

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Where stories live. Discover now