الفصل الثالث

206 2 0
                                    

لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد , وهو على كل شيء قدير
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله .
____

أيها النسيان ..
أعطني يدك
كي أسيرَ في مدن الذكرى معك
نضَجَ الفراق
على شفتيَّ أزهرت قُبَلُ الوداع
لك قطافي
يا نسيانُ هبني قُبلتَك
..
يا واهب السلوان
قلبي من ذكراه عار
معطفي أنت
في عزّ افتقاري
يا سيّد الإياب
افترقَ الأحباب
مُواربُ الأبواب قلبي
كل فراقٍ وانت انتظاري *

*أحلام مستغانمي .
___.

الرياض .
الخامسة عصرا .

حجرة مظلمة، شبه باردة.. هادئة جدا.
يقطع ذلك الهدوء صوت جميل وحنون، يبعث فيه الطمأنينة.
إنه صوت والدته.. تقرأ القرآن بصوت خاشع وهادئ.
فتح عينيه ببطء وحمد الله أن كانت الإضاءة خافتة ولم تزعجه.
فهو لا يتحمل الضوء الساطع والقوي إطلاقا، استيقظ لتوه.
حتى أنه لا يعلم كيف نام ومتى.
حاول أن يلتفت إلى والدته، ولكنه تألم في عنقه بشدة.. وأطلق صرخة متأوهة غير عالية.

رأى والدته وهي تقف بسرعة وتقترب منه بعد أن وضعت الهاتف الذي كانت تقرأ منه على الأريكة.
- بسم الله عليك هادي، إيش فيك؟
استغرب حين استوعب أنه في المستشفى، خاصة حين رآها بالعباءة:
- مــ مــ مــ أدري، أ أ أ أنا ليش هنا؟
أمسكت بكفه قائلة بحنان:
- سويت حادث يا هادي، إيش اللي يوجعك؟
أشار إلى عنقه، لا يريد التحدث.
يشعر بالتعب، أكثر حين علم عن الحادث وتذكره.
- كيف صار الحادث؟ ليش ما كنت مركز؟ كنت طالع من عند الدكتور أعتقد.
هز رأسه بإيجاب، وكشر بملامحه حين شعر بالألم مجددا.. خاصة في رأسه ورقبته.
- أ أ أبي جوالي.

نظرت إليه بصمت لبعض الوقت قبل أن تخرج الهاتف بتردد وتعطيه.
لا تريده أن يعتاد على الكتابة على الهاتف.
إنه يستسلم ويودع صوته.
كلما اعتاد على الكتابة، كلما ازدادت تأتأته.
لمَ لا يصر؟ لمَ لا يتحدى نفسه وظروفه ويعود كما كان، قويا لا يهاب شيئا؟
ما الذي أصابك؟
أعلم أن فقدك عظيم، وأن صدمتك كانت كبيرة.
لم تختلف عن صدمتي وحزني، ولكنك ضعفت واستسلمت بسهولة يا بُني.
هذا ما لم أتوقعه منك، ولم أتخيله (أبدا).
أين هادي؟ ابني الذي عهدته ...!
لا ليس من يستلقي أمامي، مصابا.. يمد هاتفه إليّ بيد مرتجفة.. وأصابع مرتعشة.
أخذته منه بعد أن مسحت دمعة كادت تنزل وتجرح خدها، لتقرأ ما كتبه أثناء شرودها للتو (رحت للعيادة اللي كلمني عنها خالي، لكن انتهى الوقت وما قدرت أدخل عند الطبيب، بس أخذت موعد ثاني).
أعادت إليه الهاتف وابتسمت:
- كويس أجل، أهم شيء ترجع مثل قبل يا هادي، سألتك إيش اللي شغل بالك وسويت الحادث.
أعاد إليها الهاتف بعد دقيقة (بعد ما طلعت من العيادة فجأة وأنا بالطريق تضايقت بقوة مدري إيش السبب.. وتذكرت أبوي، وصار الحادث من دون ما أحس، بس الحمد لله هذا أنا قدامك ما فيني إلا العافية).

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Where stories live. Discover now