الفصل الثامن عشر

127 2 0
                                    

واشنطن ..

- وهل سنجلس هكذا مكتوفي الأيدي ؟
قالتها جيليان بتذمر , وجهها محمر من شدة الإنفعال والغضب , ليأتيها الرد بصوت ناعم وهادي , تنبههم من شرودهم بسبب ما حلّ بهم من حزن وصدمة :
- في الواقع ستجلسين مكتوفة الأيدي ممددة الأرجل , لا أظن أنك ستتمكنين من فعل شيء وأنتِ هكذا .
التفتت إليها بغضب :
- يا لظرافتك , أنا لا أدري مالذي فعلته بحياتي حتى أقابل فتيات غريبات الأطوار مثلك أنتِ والحقيرة الأخرى أليس .
عقدت لورنا حاجبيها وهي تجيبها بسخرية وحدة في ذات الوقت :
- رجاء لا تقارنيني بتلك الــ أليس , أنا على الأقل كنت رفيقة أختك في الشدة قبل الرخاء .
تأففت جيليان وهي تدير وجهها وتشتمها في داخلها , ثم التفتت إليها مرة أخرى بقوة تهاجمها :
- حقا ؟ إذا لماذا كانت هي كبش الفداء دونك ؟
صمتت لورنا قليلا , ثم ردت بهدوء :
- لأنها كانت الرأس المدبر لكل ما حصل , وعلى ما أعتقد .. أليس كانت مصرة لأخذها لأنها تعلم عن ذلك المكان أكثر مني , يعني إن وصلت جوليا إلى الشرطة وأعلمتهم بالأمر واستطاعت أن تنقل التفاصيل , سيكون ذلك المكان اسطورة من الأساطير خلال عدة أيام مقبلة .
عضت جيليان شفتها بغضب وهي تهز رجلها , وتشعر بضغطها يرتفع أكثر كل ما سمعت شيء عن أليس , التي لم ترتح إليها منذ البداية , قبل أن ترد قاطعها زياد :
- حسنا جيليان , هذا ليس الوقت المناسب لحرب الإناث , وأنتِ يا لورنا .. ألستِ أنتِ أيضا ربما تتمكنين من إخبار الشرطة ؟ أعني .. الأمر رغم كل شيء يبدوا غريبا , لمَ قد تتركك حرة طليقة وتأخذ جوليا ؟ هل تعرفين شيئا آخر ؟

صمتت لورنا وكأنها تفكر وتحاول إيجاد شيء في عقلها :
- لا , ولكن .. ما أتذكره هو أن جوليا أخذت بعض الأوراق والملفات الطبية قبل هروبنا , أعني .. ربما رأوا ذلك من خلال الكاميرات , وأرادوا تلك التقارير , ربما .
عقد زياد حاجبيه :
- هل تعلمين عن فحوى تلك الملفات والتقارير ؟
- لا مطلقا , لم أهتم .
ضحكت جيليان بقهر :
- طبعا , كان الهروب هو كل ما يهمك .
صرخت لورنا وهي تنظر إليها :
- يا إلهي , هل يمكنك السكوت للحظة ؟ ما أدراك أنتِ عن كل ما واجهناه سويا أنا وجوليا ؟ لا تعلمين شيئا , نعم فكرت في الهروب , ولكننا كنا معا حتى آخر لحظة , لا تعلمين كم شعرت بالغضب حين ترجت أليس وجعلتها تتركني , كنت أريد الإكمال معها إلا أنها أبت , شعرت بالوحدة الفظيعة حين اختفت من أمام ناظري , والآن تأتين أنتِ لتلوميني ..!
صمتت جيليان من هجومها المباغت والغير متوقع , وفتحت فمها تنوي الرد .. إلا أن لسانها كان خاليا من أي كلمة مناسبة , لتغلقه وتزم شفتيها .. وتوليها وجهها .
تبكي بصمت .
غير قادرة على السيطرة على نفسها أكثر .
منذ أن سمعت بالخبر من زياد , أصابها حزن عظيم .
إلا أنها كتمت في نفسها الألم والعبرات إحتراما لزياد وصدمته .
ولكنها لم تعد تستطيع .
كل ما وقعت عيناه على لورنا , تمنت لو أنها جوليا .
تظن أنها ( جيليان ) السبب في كل ما حصل لتلك المسكينة .
لو بحثت أكثر , لما ضاعت بهذه الطريقة المفجعة .

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Where stories live. Discover now