الفصل العشرون

162 2 0
                                    

الماضي ..

منذ أن أتاه إتصالها مساء الأمس , لم يغمض عيناه .
يفكر .. فيما ستقوله .
وماذا بحوزتها بالضبط .
هل يعقل وأن تكون مدركة إلى ذلك الحد ؟
تعرف عن الأمر كثيرا ؟
هل ستساعده في حل تلك القضية بسرعة .
الأمر مزعج .. مزعج جدا .
زين بالنسبة له أخ , قبل أن يكون صديق استعان به في جميع القضايا الخاصة بمؤسسة والده مهما كانت بسيطة .
والتي نجح بها كلها .
لقد كان يبذل كل ما لديه من جهد , ليساعد زين .
الرجل الذي لم يجد منه سوى الخير , لا شيء سوى الخير .
ولكن ..
هذه المرة الأولى التي يستعين فيها بقضية كهذه ..!
يقحمه في خصوصيات عائلته .
لذا ..
الأمر مربك تماما .
عليه أن يكسب القضية وينجح في فك كل ذلك الغموض فيها .
ما يزعجه أيضا .
أن أخت زين التي خرجت من العدم , تريد المساعدة ..!
يا للجنون .
ثم إنها أيضا , تبدوا واثقة من نفسها تماما .
وهذا لا يعجبه , إطلاقا .
كيف لفتاة أن تواجهه بهذا القدر من الجرأة والثقة ؟
فزع وأسقط القلم من يده حين صرخ به زميلا له :
- يا حمار من متى أناديك , خير ليش سرحان كذا ؟
قذف فواز القلم نحوه ليتأوه الآخر بعد أن أصابه في أنفه :
- وش تبي خرعتني .
- أناديك من أول ما تسمع , المهم .. بما إنك فاضي وأنا مليت من هالملفات ومن هالقضية اللي بتشيب شعر راسي ….
قاطعه فواز بملل :
- اخلص اختصر لا تقص قصة حياتك .
نظر إليه الآخر عابسا ملامحه :
- لا إله إلا الله وش فيك معصب طيب , قوم نروح نتقهوى بمكان رايق .
- مكان رايق في الرياض بهالوقت من الظهر إنت ووجهك , ماني رايح .
بذهول :
- والله فيك شيء , ترى باقي أربع ساعات على الظهر و ………
قاطعه مرة أخرى :
- روح روح في أحد بيجيني بعد شوي .
خرج زميله تاركا إياه بحالته الغريبة .
ظل يعمل ويدون ما يريد بملل , حتى سمع صوت طرقات الباب الرقيقة .
رفع رأسه لتقابل عيناه عيناها البراقتان .
نهض ودار حول مكتبه حتى وقف عند الأرائك الجانبية :
- تفضلي .
- السلام عليكم .
- وعليكم السلام , تفضلي .
أشار على أريكة مفردة لتجلس عليها , وهو جلس على الطويلة بعيدا عنها قليلا , ليسألها بهدوء :
- ودك تشربين شيء ؟
- لا مشكور , بقول اللي عندي وبمشي بسرعة .
نظر إليها بهدوء :
- ليتك جيتي مع أخوك زين , ما أحب أستقبل في مكتبي بنت لوحدها .

نظرت إليه بعينين متسعتين وغاضبتين :
- يعني جاية أسوي شيء غلط ؟ أساسا المبنى بأكملها مختلطة .. بنتين ورجال واحد جا الغلط عليّ أنا .
رد بهدوء استفزها :
- اهدأي لا تصارخين .
- ما صارخت .
رمقها بنظرة حادة :
- برضوا كان أفضل لو جيتي مع زين .
- زين ما يدري بجيتي , لو درى بيذبحني .. عشان كذا لا تعلمه لو سمحت .
نظر إليها بإستغراب :
- وليش ؟
تنهدت ميسم بضيق :
- ما راح تفهم , بس تكفى مثل ما قلت .. زين لا يدري الله يسعدك .
ضحك بغير تصديق , ثم مد يده نحوها كأنه يطلب شيء .
سألته ميسم بغرابة :
- نعم ؟
- الدليل .
- أي دليل ؟
عقد حاجبيه بحدة :
- اللي تبين تعطيني إياه من أمس .
- فهمتني غلط يا اخوي , أنا جاية أتابع .. وعلى حسب اللي سويته أنا بتصرف , ولا ما عندي شيء ثاني .
غضب فواز , ليمسك أعلى أنفه ويضغط عليه وهو يستغفر , ثم قال بهدوء عكس غضبه :
- تمام .. أنا سمعت كلامك وأخذت صور تشريح الجثة من المستشفى .. فعلا , القاتل ماهو أعسر .. مو متأكد , بس بعد ما شفت الصور حسيت إن القاتل ……….
قاطعته بهدوء :
- مو شخص واحد ..!
اتسعت عيناه بذهول , وظل يحدق إليها بدهشة لبعض الوقت .. ليسألها متلعثما :
- كيف عرفتِ ؟
تجاهلت سؤاله ونظراته :
- ممكن توريني الصور ؟
يجيبها :
- بس انتِ شفتيها قبل , ولا شلون عرفتي .. قصدي , حتى لو كان عندك علم وقرأتِ عن هالمواضيع , مستحيل تعرفين إلا إذا شفتِ الصور أو ……..
قاطعته مرة أخرى :
- والله ما شفتها .
بغرابة شديدة :
- أجل شلون ؟ أنا وأنا محقق ما عرفت .. خليت واحد خبير يشوفها وهو بعد أخذ وقت عشان يفهم الصور .
صمت قليلا ليسأل بصدمة :
- لا يكون …………..
بحدة :
- لا تقفز لأي إحتمال عشان ما أقفز من هالشباك وأفكني من هالدنيا , عطني الصور لو سمحت .
صمت ودهشته تكبر أكثر , ثم وقف يهز رأسه بعدم تصديق .
اتجه نحو مكتبه وأخرج الصور من درج كان مقفلا بالمفتاح .
مد المظروف إليها .
لتفتحه وتخرج الصور .
جلس يتأملها دون وعي .
أناملها التي تخرج الصور بشكل لطيف وغريب بذات الوقت .
عيناها ذات الرموش الطويلة , والتي اتسعتا وهي تشاهد الصور .
ضاقتا قليلا حين قالت بصوت منخفض :
- يا الله , وش هذا .
زفرت بصوت مسموع وهي تعيد الصور داخل المظروف :
- مو بشر , حشى مو بشر .

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Место, где живут истории. Откройте их для себя