الفصل الرابع

Start from the beginning
                                    

نظر زياد إلى الجميع ثم قال:
- ما الأمر؟ ما هذا الموضوع الضروري الذي جعلتِني آتي من أجله؟
اقترب من ألين دون أن يشعر وأمسك بكفها، كأنه خاف عليها من هذه المرأة.
التي وقفت وهي تبتسم حين فهمت مقصده:
- إذا هل أنت من خطف قلب ابنتي؟
قطب حاجبيه بانزعاج، ما بال الجميع؟
لمَ يتصرفوا بغرابة؟
التفت إلى جيليان حين قالت:
- اجلس يا زياد، سنشرح لك كل شيء.
تنهد بضيق واتجه إلى احدى الأرائك ليجلس عليها وهو ممسك بكف ألين المستغربة وتراود عقلها العديد من التساؤلات البريئة.
جلست بجانب أبيها تنظر إلى الإنسانة الجديدة التي لم تتعرف عليها بعد.
والأخرى لم تحرك عينيها من على حفيدتها.
اقتربت جيليان من ألين، لتمسك بيدها:
- تعالي معي إلى حجرتي يا صغيرة.
شد زياد على كفها:
- ستبقى معي.
ابتسمت جيليان بتوتر:
- آآ لا أريدها أن تسمع ما ستقوله أمي، لن أؤذيها.

أغمض عيناه بقلة صبر، لا يدري لماذا يشعر بعدم الراحة:
- حسنا، أعيديها بعد قليل.
ذهبت ألين برفقة جيليان، ليأخذ ما قدمه لِيام.. ثم التفت إلى والدة جوليا الصامتة بتساؤل.
تحدثت هي بنبرة متزنة، رغم الحزن الذي احتل قلبها، ومعالم الضيق التي ارتسمت على وجهها، وسردت له جميع ما حصل.. منذ أن أتت إليها جيليان برفقة لِيام بعد عودتهما من رحلة العبادة، حتى الأمس.
صمتت قليلا، لتكمل بنبرة منخفضة:
- لا تعلم كم سُعِدت حين قالت الراهبة أنه بالفعل كانت لديهم فتاة اسمها جوليا، ولكنها حطمت قلبي تماما.. حين قالت إنها غادرت منذ شهرين، بل هربت، حبيبتي المسكينة، لا أعلم أينها الآن.
عمّ الصمت أرجاء المجلس، إلا من صوت نحيب كاثرين التي تبكي بصوت خافت.
استغربت بعد ذلك هي ولِيام من ردة فعل زياد الغير متوقعة ...!

________

الماضي...

يفتح هادي هاتفه بملل من المحاضرات الجامعية.
دخل إلى أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ليتفاجأ بتحديث جديد لرؤى، قبل عدة ساعات.
عقد حاجبيه، منذ متى وهي تضع صورة أو أي شيء آخر ليراه الأخرين؟
حسنا هذا مثير للاهتمام.
ضغط على القصة، وفتحها ليقف بصدمة وعيناه تتسعان.
ماذا كتبت؟ إنها دعوة لأبيها بالشفاء العاجل ...!
ماذا حصل له؟
التقط ما سقط منه على الأرض، ثم ركض خارجا من مبنى الجامعة.
ركب سيارته التي اشتراها قبل عدة أشهر، واتصل بها.
لم ترد، أعاد الاتصال مرات عديدة.. ولكنها لا ترد على الإطلاق.
اتصل بإخوتها الأخرين بعد ذلك، جميع الخطوط مشغولة ...!
تسارعت دقات قلبه، وأغمض عيناه يهدئ نفسه.
ثم قاد سيارته نحو منزلهم.

أوقفها بعد ربع ساعة أمام المنزل، ثم نزل مسرعا ليطرق الباب بقوة، بعد أن رن الجرس مرات عديدة أيضا.
فتحت له رؤى الباب وتفاجأت به:
- هادي!
دخل وأقفل الباب وراءه، ثم نظر إليها:
- من متى أتصل فيك ليه ما تردين؟
- شكلي نسيت جوالي على الصامت، ليش عسى ماشر؟
تحدث بسرعة وهو يشعر أنه على حافة الجنون من شدة خوفه على أبيه:
- عسى ماشر؟ أنا المفروض أسألك، أبوي وش فيه؟
أشاحت بنظرها عنه لتقول وهي تتكتف:
- في المستشفى من أمس، جاته جلطة.
اتسعت عيناه بصدمة:
- وش تقولين؟ جلطة ...!
- إيه، حاليا بالعناية المركزة.
قال بصوت عالِ أقرب للصراخ:
- وأنا وين؟ ليش ما تعلموني؟ أعرف بالغلط من سنابك، ثم يوم أتصل فيكم ما حد يرد علي!
نظرت إليه بحدة:
- كلنا انصدمنا وانشغلنا بمصايبنا يا هادي، لا تقعد تصارخ هنا وتلومنا.. إنت ما تعرف شيء.

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Where stories live. Discover now