*الحلقة السادسة وعشرون*

4.2K 158 4
                                    

*بسم الله الرحمن الرحيم*
*‏************الحلقة السادسة وعشرون************
أحيانًا تشعُر وكأنك بغيبوبة ما.. غيبوبة جعلتك تعيش بالظلام دون أن تشعُر وكأن أحدهُم قد أغلق الأضواء على حين غرة ولكن وللعجب بهذا الظلام أنت تسير وكأن شئ لم يحدُث كيف تمكنت من السير بالظلام دون أن تشعُر.. أن تعيش وتتعايش بهِ دون أن تشعُر.. كيف يُمكِن أن تكون الحياة قاسية بهذا الشكل.. كيف يُمكِن أن تنعدم الرحمة من قلوب بعض البشر.. ما المغزى أن نشعُر بالألم مرتان مُتتاليتان.. ما المغزى من أن نعيش الوجع مرة أُخرى بنفس الصورة ولكن الأهم كيف سيكون أثر الصدمة التالية على نفوسنا..؟! كيف سيكون أثر أكتشاف غبائنا اللامتناهي على نفوسنا..؟! سنرى.....
وصلت سالين إلى المشفى وهمست قائلة:- وصلنا ياچنان..
ترجلت چنان من السيارة وأنتظرت سالين تُغلقها ولكنها تجمدت أرضًا بصدمة وهي تتطلع إلى الأمام تكاد لا تستوعب ماتراه عينيها همست قائلة بذهول:- عمو كارم..!!
أنتهت سالين من أغلاق السيارة وكانت قد أقتربت منها عندما وصل إلى مسامعها همستها فهمست قائلة بعدم فهم:- نعم..!! بتقولي أيه..!!
چنان بعجلة وهي تُشير إلى نُقطة ما:- عمو كارم صاحب بابا، أنا لسة شايفاه داخل المبنى دة..
تحركت حتى تذهب خلفُه ولكن سالين أوقفتها بجدية قائلة:- أستني ياچنان المبنى دة مهجور ومحدش بيدخلُه وبعدين صاحب باباكي لو هنا هيدخُل المستشفى ع طول أيه اللي هيدخلُه المبنى دة..
چنان بأصرار:- أنا مُتأكدة أن هو ودخل المبنى دة سالين..
ركضت نحو ذلك المبنى القديم وسالين تلحق بها دون فهم فوقفت چنان أمام البوابة تتطلع بها لتأتي سالين من خلفها قائلة بسُخرية:- مش قولتلك دة مبنى مهجور ومقفول من سنين..
أبتعدت چنان قليلًا عن البوابة لتراها سالين مفتوحة بالفعل مما يعني أن هُناك من قام بفتحها ودلف إلى الداخل على الرغم من الخوف الذي يعتري چنان إلا أنها تُريد أن تتأكد من صحة مارأتُه ف كانت على وشك التحرُك إلى الداخل ولكن اوقفتها سالين قائلة بتوتر:- چنان أنتِ أكيد بيتهيألك، يلا نرجع ولو صاحب باباكي موجود ف مصر أكيد هيتواصل معاكي..
چنان بأصرار أكبر:- أنتِ مش فاهمة أنا عايزة أتأكد من أيه الموضوع أكبر من اللي وصلك..
نظرت سالين لها بتعجُب وهي مازالت لا تفهم شئ مما يحدُث ولكن كُل ما تُريدُه أن لا تتورط چنان في كارثة ما.. فتحت الأخيرة الباب بهدوء ودلفت تتبعها سالين وهي تتمنى أن يمُر اليوم بسلام دون كوارث أستمرتا الفتاتان بالسير بين رُدهات ذلك المبنى الذي يبدوا وكأنهُ يُشبِه المقبرة بالإضافة أن رائحتُه كريهة للغاية ويُحيط الغُبار بهِ من كُل أتجاه كان يحتوي على بعض الأثاث القديم الهالك وبعض أسرة المشفى القديمة همست چنان بخوف:- سالين أنتِ دخلتي هنا قبل كدة..!!
أومأت لها سالين بـ لا وأستكملا سيرهُما وكلتاهُما لديها مخاوفها فجأة صدح صوت حديث بعض الأشخاص أقتربتا من إحدى الغُرف ولكن قبل أن تقتحم چنان الغُرفة بتهور سحبتها سالين من معصمها وأختبئتا خلف كومة من الأغراض وشاهدا ما يحدُث بتلك الغُرفة من خلال فتحة من بين هذه الكومة همست سالين بخفوت وغيظ:- أنتِ غبية هو أحنا نعرف أيه اللي جوة عشان ندخُل عليهم كدة..
شعرت چنان بمدى غبائها ولكن صدح صوت زلزلهُما وهو يهتف قائلًا:- أزاي تجيلي المُستشفى يعني لو حد شافك دلوقتي هيحصل أيه فينا..
هتف كارم ببرود:- الله..!! مالك ياخليل إنا رجُل أعمال وجاي بلدي ف مشروع طبي كبير وهشارك المُستشفى بتاعتك بشركة الأدوية بتاعتي..
خليل بغيظ:- هو مش أنت لسة مقولتش أنها بتاعتك وقولت هتستنى سنة على وفاة رامي ومراتُه عشان محدش يشُك فيك..
هتف كارم بلؤم:- أيوة بس أنا أتأكدت أن عيالهُم مش هيفكروا يرجعوا أنجلترا تاني ويتأكدوا من حاجة ف مش لازم أستنى سنة، شهر بالكتير وهعلن أن أسهُم الشركة بقت بتاعتي..
خليل بتعجُب:- وأنت أيه اللي مخليك مُتأكد أوي كدة أن عيالُه مبقوش خطر عليك..
صمت للحظات ثُم أكمل حديثُه بنبرة ساخرة قائلًا:- دة مش بعيد يشكوا أنك خلصت من أبوهُم وأمهُم ويدوروا وراك ويعرفوا أنك اللي قتلتهُم ياكارم..
أنتفض جسد الفتاتان وأنطلقت شهقة عالية من بين شفتي چنان فوضعت سالين كفها على فمها وهمست قائلة بأرتعاش:- ششششش أسكُتي ياچنان هتفضحينا..
ولكن كان قد سبق السيف العزل ووصلت شهقة چنان إلى مسامع كارم الذي أنتفض على أثر الصوت ونهض من مكانُه ينظُر حولُه بتفحص فهتف خليل بتعجب:- أيه اللي حصل..!! مالك..!!
أشار كارم لهُ بالصمت وتحرك خارج الغُرفة وبمُجرد أن أصبح خارجها لمح فتاتان تركُضان بأخر الرُدهة صرخ بوجه خليل قائلًا:- مين دول..!!
صاح خليل بغضب:- مفيش غيرها أكيد اللي أسمها سالين دي..
أخرج كارم هاتفُه وضغط على عدة أرقام ثُم وضع الهاتف على أذنُه وصرخ بغضب عاصف قائلًا:- في بنتين هيخرجوا من المُستشفى دلوقتي هتهوملي بأي تمن..
على الجانب الأخر كانت سالين تفتح الباب الحديدي بيد واليد الأُخرى تمسك بها چنان التي تبكي وتحتل الصدمة والألم ملامحها فصرخت بها قائلة:- چنان فوقي شوية لازم نخرُج من هنا حالًا..
وصلت بها إلى السيارة وأجلستها ثُم جلست هي الأُخرى وتولت القيادة وبمُجرد أن خرجت من البوابة حتى أنفجرت چنان في بُكاء وصراخ هيستيري فهتفت سالين حتى تهدأها قائلة:- چنان مُمكِن تهدي، أنا عارفة الصدمة صعبة بس أرجوكي فوقي دلوقتي..
لمحت سالين سيارتان أُخريتان تتبعاها أدركت على الفور مايحدُث فحاولت أن تُراوغهُما حتى تهرب ولكن أصطدمت بها إحداهُما من الخلف لتصرُخ چنان بجزع:- هيعملوا فينا أيه هيموتونا صح..!!
لم تتجيبها سالين وهي مُستمرة بما تفعلُه وهو الهروب من هؤلاء الشياطين وفكرت أن تتصل بعمار ولكنها تذكرت مُكالمتهُما الأخيرة لذلك همست بينها وبين نفسها بأصرار:- أنا هقدر أحل مشاكلي لوحدي مش محتاجاه..
بعد عدة دقائق حاولت بهُم سالين أن تصمُد وتهرب ولكن لا مفر ألتقطت هاتفها وبأصابع مُرتعشة هاتفت عمار ولم تكد تمُر ثواني حتى أجاب الأتصال فصرخت قائلة ببُكاء ورُعب:- عمار ألحقني، في ناس ورايا بالعربيات..
وقبل أن تسمع صوتُه كانت تتلقى صدمة أقوى أردتها إلى الأمام فسقط الهاتف من يدها وصدح صوت صراخهُما بعد أن أصطدمت بسيارتهُما سيارة أُخرى من أحد الجوانب لتنقلب بهُما السيارة مرتان مُتتاليتان ثُم تتوقف ويتوقف كُل شئ حولهُما شعرت سالين بالألم يغزوا جميع جسدها فنظرت نحو چنان لتجدها فاقدة للوعي وقبل أن تاخُذ خطوة كان هُناك من يسحبها إلى الخارج حاولت سالين أن تُقاوم رغم الألم ولكنها تلقت ضربة على رأسها افقدتها الوعي وأخر شئ صدح بعقلها صوت عمار قائلًا:- أنتِ دايمًا بتزودي همي..
*********************************************
=لا طبعًا ياسامر يستحيل أعمل اللي بتقولُه دة..
كانت هذه بتول التي تتحدث مع سامر بالهاتف وهي تشتعل من الغيظ بسبب حديثُه كيف يطلُب منها أن تأتي إلى منزلُه حتى يجلس معها بمفردهُما كم مرة أخبرتُه أنهُ لا يصح أن تذهب إلى منزل شاب أعزب غريب عنها.. هتف سامر بحُزن مُصطنع:- بقا كدة يابتول بقولك تعبان وعايز أشوفك وحاسس إني هموت تقومي تعملي كدة وتقوليلي مُستحيل..
تأففت بتول بينها وبين نفسها وهذا الموقف ذكرها بموقف مُشابه ولكن ردات الفعل مُختلفة قليلًا بل كثيرًا.. شردت في ذاكرة من ماضي ولى وتتمنى أن تعود.....
<< FlasH BacK>>
شعرت بالضجر من الجلوس بمفردها لذلك حملت اغراضها الدراسية وقررت أن تذهب إلى صهيب حتى يدرس معها على الرغم من أنها لا تُحب الدراسة إلا أنها قررت أن تجتهد اليوم وصلت إلى منزلُه ودقت جرس الباب ليفتح لها صهيب فتتخطاه وتدلف إلى المنزل وتتوجه إلى غرفة الصالون ذهب خلفها وهمس قائلًا بتعجب:- بتول..!! بتعملي أيه هنا..!!
نظرت له قائلة بمشاكسة:- من أمتى بتسألني السؤال دة، أنا أجي وقت ماأحب على فكرة..
أبتسم بهدوء قائلًا:- أنا عارف بس أستغربت أنك جاية ومفيش حد هنا..
نهضت من مكانها قائلة بأستغراب:- أيه دة أمال هما فين..!!
صهيب وهو يقترب منها بهدوء:- أوس مع صحابه وسالين خرجت مع بابا وماما..
أطرقت برأسها قليلًا فأستكمل حديثه قائلًا بتساؤل:- ايه الكتب دي أنتِ جاية تذاكري ولا أيه..؟!
بتول بنبرة طفولية رقيقة:- أيوة كان في درس مش فهماه ف الماث ف جيت عشان تشرحهولي..
نظر حوله وأدرك أن الجلوس بمفردهما لا يصح لذلك هتف قائلًا بجدية:- طب تعالي نقعد ف الجنينة..
أجابت بسذاجة:- ليه انا بحب القاعدة هنا وبرة شمس..
تنحنح بحرج قائلًا:- أحم، لا خلينا نقعد برة ولما حد يجي نبقا ندخل..
فهمت على الفور مقصده فأشتعلت وجنتيها بخجل وتوجهت معه إلى الخارج وهي تتحاشى نظراته لها بأستحياء......
<< BacK>>
عاد من شرودها على صوت سامر قائلًا:- بتول أنتِ معايا، روحتي فين..
أجابت بأنتباه:- ها لا معاك ياسامر..
سامر بتعب مصطنع:- بتول أنا حاسس أني تعبان أوي ومحتاجك..
بتول بتوتر جم:- سامر لو سمحت أنت هتبقا كويس بلاش تقلقني عليك..
سامر بمسكنة ولؤم:- ولما أنتِ قلقانة عليا كدة مش تيجي تشوفيني يابتول يعني لو مُت دلوقتي ذنبي ف رقبتك..
شهقت بخضة قائلة:- بعد الشر عليك ياسامر متقولش كدة لو سمحت..
أستبد من سامر الغضب وخشى أن تفشل خطته في أستدراجها إلى منزله لذلك هتف قائلًا بعصبية:- بصي يابتول لو أنتِ واثقة فيا هتيجي مش هتقولي لا وأنا بقولك تعبان وحاسس أني بموت وبرضه مش عاوزة تيجي يبقا المسألة مسألة ثقة بقا صح، أنتِ لو مجتيش يابتول يبقا بتثبتيلي أنك مش بتحبيني..
أغلق الهاتف في وجهها دون أن يستمع إلى ردها وهو متأكد من أنها ستأتي وبعد مرور مايقارب الساعتان كان التفكير أستبد من بتول وقد أعماها شيطانها عن التفكير الصحيح لذلك قررت أن تذهب إلى منزل سامر لتطمئن عليه وترحل بعد عدة دقائق وينتهي الأمر.. خرجت من منزلها وهي تشعر بقبضة تعتصر قلبها وتدميه تشعر بأن اليوم لن يمر بسلام وبينما هي تسير بأتجاه السيارة التي ستُقلها توقفت وهي تفكر مرة أُخرى وجسدها ينتفض بخوف وتوتر حسمت قرارها وأستقلت السيارة وهي ترغب لو تنفجر في البكاء لا تعلم لما توافق على هذه المهزلة من البداية التي تحدث وتجعلها تخالف ما ترتبت عليه أهي رغبة في التحرر من حب صهيب أم رغبة في الأنتقام منه ومن نفسها وتريد أن تحطم أخر أمل لها بالأقتراب منه بذهابها إلى شقة سامر.. تريد أن تشعر أن صهيب لم يعد يشكل فارقًا بحياتها.. تريد أن تكتسب ثقة سامر وتبرهن له حبها ولكن هل يوجد هذا الحب حقًا أم أنه مجرد وهم فرضه علينا العقل حتى نهرب من ألم أخر..
مر الوقت سريعًا ولم تشعر سوى بالسائق وهو يخبرها أنهما أمام العنوان المطلوب ترددت في الترجل من السيارة تنظر حولها بضياع شديد وخوف وعندما لاحظت نظرات الأرتياب الموجهة لها من السائق ترجلت من السيارة على مضض وتوقفت أمام البناية تقدم قدم وتؤخر الأخرى حتى قررت الصعود لا تعلم كيف وجدت نفسها أمام شقة سامر وضربات قلبهت تتعالى بصخب مؤلم ومخيف هناك حدس بداخلها ينبأها أن اليوم سيكون هلاكها لذلك قررت التراجع ولكن قبل ان تفعل وجدت سامر يفتح باب شقته بأبتسامة واسعة شعرت بأنها تمقتها وهتف قائلًا بلهفة حقيقية لأنها هنا كما أراد:- بتول حبيبتي مش مصدق أنك جيتي..
لم تبتسم حتى أنتفاضة جسدها ورعب نظراتها تعبر عن حالتها وقد ألتقط هو هذا سريعًا لم يرد أن يمنحها فرصة للهرب ألتقط كفها وسحبها إلى المنزل بحركة خاطفة شهقت برعب عندما وجدت نفسها محاصرة بينه وبين الباب وشبه بأحضانه لم يرد أن يوترها أكثر حتى لا ترحل فيفشل مخططه أبتعد عنها بمسافة لا بأس بها وهمس قائلًا بسعادة:- أنا مش مصدق أنك وثقتي فيا وجيتي ياحبيبتي..
حاولت أن تسيطر على خوفها مفكرة بمنتهى السذاجة أنه بعيد عنها بمسافة مناسبة ولن يؤذيها هو سامر حبيبها بالتأكيد لن يفعل أبتسمت له بهدوء ظاهري ولم تطيب فهتف هو بمرح:- هروح اجيب حاجة نشربها وهاجي أدخلي ياحبي دة بيتك..
أطمأنت كثيرًا بأبتعاده وخطت عدة خطوات بالشقة حتى وجدت أريكة فجلست عليها بأنتظاره وهي تفرك أصابعها بتوتر لحظات وعاد سامر أعطاها كوب عصير وجلس على نفس الأريكة ولكن بعيدًا عنها دون أن يلمسها مما جعلها تتوتر أكثر مر أكثر من نصف ساعة كان سامر يتحدث بعدة أمور عادية محاولًا أبعاد حالة التوتر عنها وبالفعل بدأت تهدأ قليلًا حتى ساد بينهما صمت لعدة دقائق فشعرت به بقترب منها تحفزت كل هلاياها وعلى حين غرة ألتقط كفها وأنحنى مقبلًا أياه بشفتيه انتفضت واقفة بفزع وذعر نهض قائلًا بلؤم:- أهدي ياحبيبتي أنا يستحيل آذيكي..
همست قائلة برعب تجلى على ملامحها:- أنا.. أنا لازم أمشي..
وقبل ان تتحرك كان قد سحبها إلى أحضانه معيقًا حركتها قائلًا بنبرة تفوح بها الرغبة أستشعرتها للتو:- على فين ياقلبي هو أحنا لسة عملنا حاجة..
صرخت برعب لا تستطيع السيطرة عليه وهي تجاهد لأبعاده عنها:- سامر أبعد عني مينفعش كدة..
لم يعبأ بحديثها وهو يحاول تقبيلها وهي مستمرة بالمقاومة لم تجد مفر من الصراخ ولكنه ألقاها على الأريكو وأعتلاها سمعت صوت تمزيق ملابسها فصرخت بقهر وهي تشعر بأنه هلاكها بحق.. ستنتهي حياتها الآن على يد ذلك الحقير حاولت أن تقاوم أكثر ولكن ماذا بيدها جسدها ضعيف على مقاومة هذا الذي لا يتزحزح كالجبال أغمضت عينيها برعب ومازالت تصرخ وتقاوم ولكن فجأة دام الصمت وتوقف كل شئ حولها وأسوأ كوابيسها يتحقق الآن........
*********************************************
" قصر رحيم "
نائمة كما هي بفراشها منذ ذلك اليوم الذي عرض عليها الزواج به وهي لم تراه لم تعرف اية خبر عنه أحتجزت نفسها برغبتها في الأبتعاد عنه لا تصدق إلى الآن أنه طلب منها الزواج.. زهور فتاة الليل التي كانت تعمل بملهى ليلي حديثه عن حياتها الماضية لا يزال يزلزل عقلها كان صادق بدرجة مؤلمة يخبرها بمنتهى الصراحة أن ماضيها يؤلم رجولته ويذبحها وأنهما سيعانان سويًا وان الحياة ببدايتها لن تكون سهلة بينهما ثم يصدمها بتصريح غير مباشر عن مشاعره نحوها.. هى لا تستطيع أن تظلمه معها فهو يستحق الأفضل.. أفضل منها بكل شئ بينما هي لا شئ.. كلما حاولت أن تغفو تترائى صورته أمامها بكل موقف حدث بينهما حتى الآن لا تصدق أن ذلك الرجل الرائع الشهم الوسيم سيتزوجها هي لا والف لا لن يحدث هذا لن تدمر حياته معها فيكرهها في المستقبل....
كانت غارقة في بحر أفكارها ولم تشعر بهذه اليد الحنونة التي تربت على رأسها وشعرها أنتفضت بفزع ولكن همست السيدة رحمة بهدوء:- بسم الله الرحمن الرحيم، أهدي يابنتي دي أنا..
أستسلمت زهور لحنان أصابعها وهدأت فهمست قائلة بحنو يشوبه بعض الأمل:- رحيم عايز يشوفك ويتكلم معاكي وأنتِ بقالك كتير مخرجتيش من أوضتك وهو مديكي فرصة لحد ماتهدي..
أرتعش جسدها فور ذكر أسمه ياأللهي لقد وقعت بعشقه ولكنها لن تسمح له بالتورط معها يجب أن تبتعد عنه أنتبهت على صوت السيدة رحمة وهي تهتف قائلة بحزم:- بصي بقا أنا معايا رسالة ليكي منه وأمري لله بيقولك لو منزلتيش دلوقتي وأتكلمتي معاه زي البني أدمين هيطلعلك هو، ف أنا هنزل وياريت ألاقيكي ورايا..
رحلت السيدة رحمة وتركتها تتخبط في مشاعرها وحيرتها.. ترغب في رؤيته وسماع صوته بشدة حتى تروي شوقها له.. هل تنزل حتى تقابله وتتحدث معه أم تتمسك بأبتعادها عنه وهل إذا تحدثت معه ماذا ستقول له لقد أخبرته بقرارها تلك المرة حتى لو لم يقتنع به ولكنها ليس لديها حديث أخر وإذا تمسكت برأيها ولم تنزل هل سيأتي لها هو كما أخبرتها السيدة رحمة لا هي لا تريده ان يبث هجومه عليها فيوترها ستذهب هي إليه وتخبره قرارها الذي أخبرته أياه من قبل فهي لن تتراجع ثم ستذهب من هذا القصر وينتهي الأمر بسلام.....
نهضت من فراشها بروح فاقدة للحياة ثم أرتدت ملابسها وخرجت من غرفتها وهي تعيد ترتيب كلماتها التي ستخبره أياها وترحل مبتعدة عن حياته للأبد ليرتاح كلاهما.. وقفت أمام باب غرفة مكتبه تأخذ نفس عميق ثم طرقت الباب وصلها صوته الهادئ العميق مثير بداخلها قشعريرة لذيذة وأطمئنان دلفت إلى الغرفة ثم اغلقت الباب خلفها ونظراتها مثبتة أرضًا لم تجروء على النظر إليه ووقفت أمامه وهو مازال جالسًا على مكتبه يتأملها بشوق شديد لم يكن يدري أنه يكنه لها ياأللهي الأيام الماضية كانت كالجحيم بالنسبة إليه لا يعلم متى تسللت إلى قلبه بهذه الطريقة وإلى هذه الدرجة تألم من دونها لذلك لن يجعلها تبتعد عنه هو يدرك ذلك جيدًا ماتفكر به ولن يسمح لها بالأبتعاد نهض من عندما طال الصمت وعينيه لم تتزحزح عنها توقف بجانبها وهمس قائلًا بحنو:- زهور..
أغمضت عينيها بأستمتاع أثر نطقه لأسمها وبداخلها يتألم من فكرة أبتعادها عنه ولكن ما باليد حيلة فتحت عينيها بمجرد أن شعرت بأنفاسه الساخنة تلفح جانب عنقها فألتفتت له نصف ألتفاتة لتجده قد أقترب منها بخطورة كادت أن تبتعد ولكنه قبض على معصمها وثبتها بمكانها ثم همس قائلًا بخفوت:- كويس إنك نزلتي بمزاجك..
نظرت له بحزن ثم همست قائلة بنبرة جاهدت أن تخرج ثابتة:- أنا نزلت عشان أقولك أن قراري زي ماهو، وكمان أقولك اني همشي مبقاش ينفع أقعد هنا ومتشكرة عشان كل اللي أنت عملته عشاني لحد دلوقتي يارحيم بيه..
ضغطت على كلمة " بيه " لتشعره بالفرق الشاسع بينهما ولكن لصدمتها لم تتغيير ملامحه أو تهتز بعد حديثها بل أنفرجت شفتيه في ابتسامة ساخرة تعبر عن عدم أهتمامه بكل ماتفوهت به ألجمها من الصدمة عندما هتف قائلًا بتساؤل جاد:- هو أنتِ معترضة عليا ليه عشان شخصي ولا حاجة تانية..
أتسعت عينيها بعدم تصديق ماهذا السؤال ترجمت كل ماتفكر به وهمست قائلة ببلاهة:- هو مين اللي المفروض يعترض ع شخص مين..
تألم قلبه لحالها هي تقلل من قيمة نفسها وتعتبرها لا شئ وهو عليه أن يجعلها تتخطى هذا الحاجز سحبها من معصمها نحو اقرب أريكة ثم اجلسها وجلس بجانبها وأحتضن كفهت ثم همس قائلًا بنبرة جادة عميقة ولكنها مست قلبها:- زهور انتِ ليه بتقللي من نفسك..
أجابت بألم:- لأني استحق كدة، أنا مستحقش أي حاجة غير أني افضل لوحدي لحد ماأموت..
أنتفض أثر كلمتها الأخيرة وهو يتخيل عدم وجودها بحياته عدم أستنشاقه نفس الهواء الذي تستنشقه حاوط وجهها بين كفيه وبدأ بمسح عبراتها التي سالت على وجنتيها بحنو وهمس قائلًا بحب بالغ:- لو ربنا شايف أنك تستحقي الموت مكنش زمانك عايشة ومعايا دلوقتي..
انتبهت كل حواسها لحديثه لتجده يستكمله بنفس النبرة:- زهور ربنا مش بيعمل حاجة وحشة ف حد، اللي أنتِ فيه دة أختبار عايزك تلجأيلو وتشتكي ليه همومك، أكيد كنتِ بعيد عنه أوي ف حب يبتليكي جايز فشلتي ف الأختبار بس مع ذلك مسابكيش، كان ممكن تفضلي ف المكان دة وتغرقي في الذنوب أكتر بس ربنا نجاكي وحطني ف طريقك..
هتفت قائلة بتلقائية وشهقة بكاء:- طب ليه متقولش إني ابتلاء ليك أنت وهضرك ولازم أبعد عنك..
ضحك بقوة على جملتها وهتف قائلًا من بين ضحكاته:- هو أنتِ أبتلاء أة بس أحلى أبتلاء والله..
توردت وجنتيها أسفل أصابعه بصورة مغرية ولكنه سيطر على نفسه بصعوبة وأبعد يديه عن وجهها الساخن وهتف قائلًا بصوت أجش:- فرصة التوبة بتيجي كتير بس قليلين اللي بيتمسكوا بيها وانتِ من الناس دي..
همست قائلة بشرود:- يعني تفتكر ممكن ربنا يغفرلي ويسامحني..
أجابها بتأكيد:- طبعًا ربنا غفور رحيم وطول مافيكي نفس وعايزة تتوبي توبي، طب تفتكري ليه ربنا حطنا ف طريق بعض..
زهور بخفوت:- ليه..!!
رحيم بأبتسامة حنونة:- عشان أنا أكون الحبل اللي يسحبك لطريق التوبة وتكوني أنتِ نصي التاني اللي يكمل معايا حياتي ويونس وحدتي بعد كل سنين الوحدة دي..
حزنت على نبرته التي يتخللها الألم رغمًا عنه وأستشعرته هي فهمست قائلة بحنو:- هو أنت لوحدك من زمان..
على الرغم من انه لا يحب أن يحكي عن ألامه لأحد ولكنه قرر أستغلال تلك النقطة لصالحه وهمس قائلًا بحزن طفولي مصطنع:- ممم اهلي ماتوا من زمان وسابوني في القصر دة لوحدي وحيد مليش قرايب وحاسس أني هموت وأنا لوحدي..
هتف قائلًا بلهفة وعفوية:- لا متقولش كدة بعد الشر عليك أنا مش هسيبك..
أبتسم بداخله بأنتصار وماذا يريد أكثر من ذلك ها هو ربح النقطة الأولى معها وسيعمل على أزالة الحواجز والعقبات بينهما حتى تكون أخيرًا بين احضانه........
*********************************************
دلفت إلى حديقة المنزل بعد يوم شاق قضاه في وضع اللمسات النهائية على مشروعه الذي يقضي معظم يومه بالعمل عليه مع عماله ولكن اليوم كان متعب على غير العادي هو لا يواجه ضغط جسدي فحسب بل ونفسي أيضًا.. وجودها معه بنفس المنزل لا يجعله مرتاحًا يريد ان يتزوجها.. يريدها بين احضانه.. جسده يضم جسدها فتشتعل الحرارة بسجديهما معًا.. يستيقظ صباحًا على رؤية ملامح وجهها البهي فيغرق للمرة التي لا يعلم عددها بعشقها اصبح يقضي معظم يومه بالخارج حتى لا يصطدم بها ويحدث ما لايحمد عقابه وهي بمنزل أهلها وهو الضيف هنا ولكنها لا ترحمه بل يومًا عن يوم تزداد شقاوة تشاكسه بكافة الطرق الممكنة أحيانًا تتفوه بحديث احمق تجعله يرغب في أقتلاع خصلاته من جذورها ورغة أخرى ملحة في تقبيل تلك الشفاه الوردية التي تثير بداخله مشاعر لم يختبرها من قبل ولكنه يصبر نفسه بأنه أيام معدودة وسينهي المشروع ثم يتزوجها.. عاد من بحر افكاره وهو على وشك الاصطدام بها توقف أمامها ورمش عدة مرات ثم تحولت ملامحه إلى أخرى بلهاء وهو يراها ترتدي إحدى تلك العباءات التي تفقده لبه وتجعله يرغب بها أكثر.. كانت عبائة تشبه القفطان المغربي بلون أخضر داكن يماثل حقول الزرع ف عينيها وبالطبع الكحل الأسود العربي الذي يزين عينيها وخصلات شعرها السوداء الطويلة حرة دومًا كعاداتها طال الصمت بينهما فهمست هي بتعجب:- مالك ياايهم شكلك ماشي سرحان ووشك مرهق أوي..!!
أجابها بنبرة تشتعل عشقًا لها ورغبة بها:- تعبان أوي أوي..
فزعت أريج وهتفت قائلة:- بجد..!! طب حاسس ب ايه أجيب دكتور..
أستشعر قلقها فلم يرغب في أن يقلقها أكثر لذلك غمزها بوقاحة قائلًا بمزاح:- هاتيلي مأذون ياحبيبتي..
لم تستوعب حديثه في البداية ولكن عندما وصلها معناه الوقح اشتعلت وجنتيها بخجل أذابه وهتفت بغضب تداري به خجلها:- والله أنت معندكش دم خضيتني عليك وليك نفس تهزر..
أبتسم بأتساع قائلًا:- مين قال أني بهزر ماهو لما تفضلي تحلوي كدة كل يوم وانتِ قدامي ومش حلالي يبقا من حقي أطلب مأذون..
لم تحتمل أكثر فصرخت قائلة بتذمر:- أيهم والله لو مابطلت كلامك دة مش هكلمك تاني خالص..
ذاب بتلك النبرة الطفولية التي تتحدث بها فأدرك خطورة وجودها معه الآن كاد أن يخبرها بأن ترحل من أمامه ولكنها فجرت قنبلتها قائلة بهدوء مرح:- شكلك جاي جعان ف بما أن محدش هنا هتكرم واتعطف وأحضرلك الغدا بنفسي..
أنتبه إلى عدم وجود أحد معهما فهتف قائلًا بذهول:- ليه هما راحوا فين..!!
هتفت أريج بهدوء غير مدركة لبعثرة مشاعره:- واحد صاحب جدي عزم العيلة كلها علر عقيقة حفيده وانا كنت ف الجامعة بشوف بخلص شوية حاجات وجيت ملاقتش حد..
أستشعر وجود خطر ما طالما هو معها بمفردهما وهو يخشى عليها من نفسه حتى ويخشى أن تغريه الأجواء فيفقد سيطرته على نفسه فيرعبها منه لا لن يسقط ف فخ الشيطان ويرتكب ذلك الخطأ عاد بعدة خطوات إلى الخلف قائلًا بصوتًا أجش:- أنا أفتكرت مشواره مهم ولازم اعمله..
رحل وتركها تنظر لأثره بصدمة من تحوله المفاجئ بالنسبة لها.........
*********************************************
مخزن قديم على أطراف المدينة لم يستخدم منذ زمن ولكن قد حان وقته الآن أقتحم المكان عدة رجال بينهم رجلان يحملان چنان وساليم وكلتاهما فاقدات للوعي لا يشعران بشئ من حولهما منذ أن قام رجال كارم بتعقبهما وبعد ان انقلبت بهما السيارة فأمر الأخير رجاله باختطافهما والذهاب بهما إلى ذلك المستودع حتى يرى ماذا سيفعل بهما وبتلك الكارثة التي حلت عليه فهو لم يكن يرغب في قتل سالين الان حتى لا يصطدم مع الحكومة المصرية ولكن على مايبدوا أن سالين قد حفرت قبرها بيدها كما يقولون ومعها چنان ابنه رامي الذي قتله حتى ينعم بماله وشركاته ولكن أبنائه قد وجد أحدهما بطريقه لذلك سيكون عليه التصرف سريعًا حتى يعود إلى أنجلترا دون أثارت شكوك وتساؤلات حوله هتف أحد الرجال قائلًا بنبرة خشنة:- أرموهم هنا واربطوهم كويس لاحسن يصحوا ويهربوا..
نفذ الرجلان الحديث بطاعة فأخرج هو هاتفه وطلب رقم كارم وحين اتاه الرد هتف قائلًا بجدية:- أيوة ياباشا البنتين معانا بس أغمر عليهم من الحادثة، لا اتطمن هما عايشين ومفيش حاجة خطيرة ومستنين أوامر سعادتك..
أستمع إلى تعليمات الطرف الثاني بصمت والتي تحدد مصير هاتان البريئتان.....
**********************يُتبع**********************
الفصل الجديد أهو يارب يعجبكم.. 😍💙
#أنتِ_لي
#أية_صبري

&quot; أنتِ لي &quot; الجزء الثاني من &lt;&lt; آسر الحياة &gt;&gt; مُكتملة.. Where stories live. Discover now