أنتي لي *الحلقة الثانية*

9.1K 263 2
                                    

صباح الخير ..
انا زعلت جداً من التفاعل بتاع الحلقة اللي فاتت ومع ذلك هنزلها عشان الناس اللي بتتابع وبتطلب الحلقات لكن مش هعمل معاد محدد للحلقة انا ممكن انزل كل يوم حلقة لو لاقيت تفاعل يعني وقت ماالتفاعل يتظبط هحدد معاد الحلقات وبتمني الحلقة دي تعجبكم .. ♥️

*بسم الله الرحمن الرحيم*
*****************الحلقة الثانية******************
سقطت تلك الشقراء ارضاً وهي تبكي بهلع من هول ماتواجه الآن هل توفت والدتها ووالدها ؟! ألن تراهم مرة آخري ؟! ماتوا وتركوها هي واخيها في هذه الحياة بلا سند وبلا اهل .. ماتوا وتركوها هي واخيها في هذه البلد الاجنبية الغريبة عنهم بلا امان .. مالذي سيحدث لهم الآن ؟! لقد اصبحوا بلا اهل ف السند الحقيقي بهذه الحياة هم الأهل .. يجلس بجانبها اخيها الذي يصغرها بعامان ينظر اليها بحزن ممزوج بصدمة وآلم وأعين دامعة لاتقوي علي أطلاق سراح دموعها خوفاً من لحظة ضعف ليست بوقتها الآن فهو أصبح مصدر الامان لشقيقته وعليه ان يحميها ويكون سندها الحقيقي ولا يخذلها فالاختبار صعب وعليه التحمل من أجلها كان يقف امامهم رجل اربعيني قد غزا الشيب خصيلات شعره يطالعهم بحزن وشفقة علي حال هؤلاء الشباب وما آلت اليه أمورهم ولا يعلم كيف سيخبرهم بالاخبار التالية تنحنح قائلاً بهدوء حزين :- يا ولاد انا عايزكم تهدوا شوية عشان اقدر اكمل كلامي ..
نظر اليه ريان بضعف رغماً عنه قائلاً :- هو لسة في اخبار تانية غير دي ..
اومئ له ثم اكمل حديثه قائلاً بجدية :- للاسف ياولاد الاخبار وحشة جداً رامي وچيرمين كانوا داخلين علي صفقة كبيرة جداً بأسم المجموعة كلها ومع الاسف الصفقة فشلت وخسرنا كل حاجة حتي البيت اللي انتوا فيه دة وكل ممتلكاتهم كانوا رهن للبنك بضمان الصفقة ولازم تخلوا البيت دة ف خلال كام ساعة بس ..
نظروا اليه بصدمة أكبر أي دمار هذا الذي حل عليهم هل هذه لعنة ما حلن علي عائلتهم دون سابق انذار لقد انقلب الحال للنقيض تماماً بين ليلة وضحاها لقد كانوا ليلة البارحة أسرة سعيدة هادئة ولكن صدق من قال دوام الحال من المحال هتتفت چنان بصوت مبحوح آثر البكاء :- حضرتك بتقول ايه ياعمو كارم اكيد بابي ومامي معملوش كدة احنا عمرنا ماسمعنا عن مشاكل او ازمة سيولة ف الشركة ..
اجابها قائلاً بحزن :- انتي بتشكي فيا ياچنان يابنتي بعد العمر دة كله علي العموم انا كنت عامل حسابي ومعايا كل الاوراق اللي تثبت صحة كلامي ..
اخرج من حقيبته عدة ملفات واعطاهم لها فهتفت قائلة بحرج :- انا اسفة ياعمو كارم مش قصدي حضرتك اكيد مقدر موقفي ..
كارم بهدوء :- اكيد يابنتي ربنا يعلم انا كنت بحب باباكي قد ايه دة احنا عشرة عمر ..
عادت الي بكائها مجدداً فور ذكر سيرة والدها الحبيب الراحل فهتف ريان بحزن وهو يربت عليها حتي تهدأ :- اهدي ياچينو خلينا نفكر هنعمل ايه دلوقتي ..
هتف كارم بهدوء :- انا هاخدكم تعيشوا معايا ياولاد ..
رفعت چنان انظارها اليه قائلة بحزن :- شكراً ياعمو كارم بس احنا مش هينفع نعيش مع حضرتك ..
ريان بتساؤل :- طب هنعمل ايه ؟!
چنان بحيرة :- مش عارفة ومش قادرة افكر ..
اجابهم كارم بجدية :- ايه رأيكم تروحوا تعيشوا ف مصر ..
ريان وچنان بصدمة :- مصر !!
كارم بهدوء :- ايوة مصر انتوا اكيد عارفين ان والدتكم ليها عيلة هناك ..
چنان بتوتر :- بس احنا عمرنا مااتواصلنا معاهم ولا كان في اي علاقات مابينا ..
كارم بحنو :- طب وفيها ايه يابنتي الناس بتبان وقت الشدة ودول اهلكم مهماً كان هتعملوا ايه يعني ..
نظرت الي شقيقها قائلة بحيرة :- انت ايه رأيك ياريان ..
ريان بحزن :- اللي تشوفيه صح انتي ياچنان انا معاكي فيه ..
نظرت الي كارم قائلة بتردد :- اوكي ياعمو كارم احنا هننزل مصر بس بعد اذنك متكلمش حد من اهلنا دول وتقولهم ان احنا جاين لاننا محتاجين كام يوم بس نرتب امورنا ونستوعب اللي بيحصل دة ..
نهض كارم قائلاً بجدية :- تمام هسيبكم ترتبوا حاجتكم علي مااحضر ترتيبات السفر ..
وبعد مرور عدة ساعات كان كارم يودعهم بالمطار وبعد ان اقلعت الطائرة اختفي وجهه الحنون ليحل محله وجه آخر خبيث بملامح شيطانية تعبر عن نواياه الخبيثة مثله ثم هتف قائلاً بشر :- اووووف اخيراً خلصت من سي رامي وعياله وبقت كل حاجة بتاعتي انا .. بس انا لازم اعمل الواجب مع عيالك كمان يارامي ..
اخرج هاتفه وقام بالاتصال برقم مصري حتي آتاه الرد فهتف قائلاً بخبث :- الو سيادة اللوا آسر ..
اسر بهدوء :- ايوة انا مين معايا ..
كارم بلؤم :- انا فاعل خير حبيت ابلغك بس ان رامي وچيرمين ماتوا وولادهم جاين علي مصر اول طيارة لو حابب تنتقم منهم عشان اللي عملته امهم فيك زمان هما بقوا تحت امرك وادعيلي ..
اغلق معه الهاتف وضحك ضحكة مقيتة مثله وقد صدق من قال " ليس كل من يضحك بوجهك يحبک فأصحاب النفوس المريضة لا يوجد اكثر منهم .. " بعد مرور عدة ساعات طويلة وصلت الطائرة الي الاراضي المصرية معلنة عن وصول شقيقان لايعلمان عن معارك الحياة شئ عاشوا عمرهم بأكمله برفاهية ولم يتجرعوا مرارة الفراق والفقد والشقاء يوماً وقد ظنوا بسذاجتهم ان الحياة دائما بيضاء وقد تناسوا ان الغالب بحياتنا هو اللون الاسود ولم يدركوا ان باللحظة التي وطأت قدميهم ارض القاهرة بدأت مرحلة جديدة تماماً عليهم وإن تلك المرحلة ستغيير الكثير بشخصية كلاً منهم وستكون تجربة تكشف لهم عن كلاً من جانبين الحياة الابيض والاسود توقفت چنان بجانب شقيقها امام بوابة المطار ينظران الي كل ماحولهم برهبة ولايعرفان ماذا سيفعلان الآن او الي اين سيتوجهان هتف ريان قائلاً بحيرة :- ها هنعمل ايه دلوقتي ياچنان ..
اجابته بخوف :- مش عارفة ياريان بس اعتقد انه ممكن ناخد تاكسي لاي اوتيل وبعدين نفكر هنعمل ايه ..
ريان بتساؤل :- هو انتي مخلتيش عمو كارم يكلم اهل ماما علي طول ليه ؟!
تنهدت بتعب قائلة :- عشان احنا منعرفهومش ولا يعرفونا هندخل بقا عليهم دلوقتي نقولهم ايه احنا ولاد چيرمين اللي بقالكم سنين متعرفوش عنها حاجة ولا تعرف عنكم حاجة ..
ريان بتفكير :- معاكي حق فعلاً مش حلوة ..
چنان بجدية :- اسمعني كويس ياريان احنا الفلوس اللي معانا مش هتكفي قعادنا كتير ف الفندق احنا هنروح اي فندق نريح النهاردة وبكرة ننزل ندوار علي اي شقة ونرتب حياتنا بسرعة لحد مانشوف هنكلم اهل مامي نقولهم ايه ..
اجابها قائلاً بهدوء :- صح يلا بينا نشوف هنعمل ايه ....
*********************************************
" ڤيلا آسر "
كانت حياة تجلس ببهو المنزل تتحدث بالهاتف مع اية التي هتفت قائلة بمرح لايفارقها بالرغم من سنوات عمرها وانجابها لاثنان من الاولاد :- بس قوليلي يايويا هو آسر مقالكيش برضه علي ترتيبات حفلة عيد جوازكم زي كل سنة ولا ايه ..
حياة بضحك ودلع :- وهو من امتي آسر بيقولي علي حاجة زي دي انتي عارفة هو بيحب يخليهالي مفاجأة ..
أية بخبث :- ايوة بقا ولعانة معاكي ياقلبي ..
حياة بمرح :- اهو قرك دة هتولع فيا مش معايا ..
انفجرت اية في الضحك بشدة بعد جملة حياة وشاركتها الاخيرة الضحك فبعد كل هذه السنوات وبعد كل مامروا به من آلام بحياتهم إلا ان بالنهاية استقرت الحياة وهدأت عاصفة هذه الجيل لتبدأ عاصفة من نوع آخر بين ابطالنا الجدد هتفت حياة قائلة بتساؤل :- هي ندي فين صحيح من اول اليوم ..
اية بحزن :- النهاردة سنوية باباها واكيد مع جاسم في المقابر ..
حياة بحزن مماثل :- الله يرحمه مفيش ولا سنة ندي نسيت فيه السنوية بتاعت باباها تعيش وتفتكر ..
اية بشفقة :- حقيقي صعبانة عليا اوي ياحياة كانت متعلقة ب باباها جداً ومقدرش انسي لما مات كانت عاملة ازاي لولا جاسم مسبهاش كان زمانها عملت ف نفسها حاجة ..
حياة بدموع :- حبيبتي بعد الشر عليها الحمدالله ان ربنا عوضها بجاسم وولادها اكيد مالين عليها حياتها دلوقتي بس برضه مفيش حاجة هتعوض الاب والام ابداً ..
اية بذهول وضحك :- حياة انتي برضه مبطلتيش العادة دي لسة دمعتك قريبة كدة يابت ..
انفجرت حياة ف البكاء قائلة بطفولة وكأنها ليست اماً لثلاث أبناء :- اة لسة فيا الخصلة دي واسر مش موجود عشان يسكتني ..
انفجرت اية بالضحك مرة آخري علي طفولة صديقتها التي لم تندثر حتي الآن بالرغم من كبر سنهم ومرور السنوات التي علي مايبدوا انها لم تتغيير من قلوبهم الصافية شئ فهتفت حياة بغيظ وهي تمسح دموعها :- انتي بتضحكي علي ايه يااية ..
اجابتها بضحك :- بضحك علي هبلك ياروحي ..
وقبل ان تجيبها حياة رآت آسر يدلف الي المنزل واقترب منها بصمت وجلس بجانبها بهدوء علي غير العادة دون ان يشاكسها او يغازلها حتي فهتفت حياة سريعاً قائلة :- اقفلي يااية دلوقتي اسر رجع بدري هشوفه واكلمك ..
اقتربت منه ثم حاوطت وجهه بين كفيها قائلة بلهفة وهي تتفحصه بعيناها :- ايه ياحبيبي اللي رجعك بدري كدة انت تعبان او فيك حاجة ..
لا يعلم كيف تشعر بآلامه ولكنه حقاً يحمد الله كل ثانية علي وجودها بحياته نظر اليها بآلم ناتج عن تذكره ماضي لعين يتمني محوه من ذاكرته ولكنه يعود كل مرة يفرض وجوده عليه رغماً عنه فموت چيرمين اعادوا سنوات كثيرة الي الوراء وهو يتذكر مافعله بحياة بسببها وبسبب ماضيه اللعين وكيف ان بمجرد ان سامحته حياة لم يهتم بأمر چيرمين واكتفي بخبر زواجها ثم خبر هجرتها مع زوجها بعد موت والدتها ثم آتي موت والدته السيدة رجاء التي كانت همزة الوصل بينهم والي هنا لم يهتم ان يعرف اخبارها بعد ذلك وأدرك خطأه الآن بالرغم مافعلته به بالماضي وان حياته كانت علي وشك ان تتدمر تماماً بسبب اتحادها مع هذا عابدين الا انه كان يجب عليه السؤال عنها كل فترة من باب الواجب علي الاقل فهي مهماً كانت أبنة عمته وحتي لو اخطأت لقد ندمت واعتذرت وتغييرت والله غفوراً رحيم هتفت حياة بفزع وهي تري هذا الآلم البادي علي وجهه ولم تراه عليه منذ سنوات :- آسر حرام عليك طمني مالك انت تعبان ..
اجابها بضعف لايظهر سوي امامها هي فقط :- حياة .. احضنيني ..
وقبل ان ينهي جملته كانت تنقض علي احضانه وتلف ذراعيها حول رقتبه مربتة علي ظهره بحنو وكأنها تخبره دون حديث انها ملجأه وامانه بهذه الحياة وستظل تربت عليه وتحتضنه هكذا كلما شعر بالآلم بينما هو تشبث بها وكأنها طوق نجاته من الغرق في بحر ماضيه المؤلم بعد فترة اصطحبته حياة معها نحو غرفتهم ثم اجلسته علي طرف الفراش وجلست بجانبها وهي تملس علي ذراعه بحنو قائلة :- احكيلي مالك ياحبيبي ايه اللي رجعك للحالة دي ..
تنهد بآلم قائلاً :- چيرمين وجوزها عملوا حادثة وماتوا ..
صرخت حياة بفزع قائلة :- لا إله الا الله اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها ..
اكمل حديثه بنفس النبرة :- ومش بس كدة دة انا كمان عرفت ان هما خسروا كل فلوسهم والبنك برة حجز علي كل حاجة بيملكوها وطردوا ولادهم من البيت ونزلوا النهاردة علي مصر وبعت حد يسأل ف المطار وفعلاً دخلوا مصر بس معرفش راحوا فين .. انا وحش اوي ياحياة ..
حياة بصدمة :- لا حول ولا قوة الا بالله ليه بتقول كدة بس ياحبيبي ..
آسر بحزن :- عشان انا مسألتش علي چيرمين من ساعت اللي حصل زمان حتي لما عمتي ماتت مروحتش العزا بتاعها بالرغم من انك اتحايلتي عليا كتير وقطعت كل علاقاتي بيهم واكتفيت بأنك سامحتيني ونسيت ان هي كمان غلطت وطلبت السماح وانا رفضت اسامح ولو كنت سامحتها وسألت عليها مرة حتي ف السنة كان زمان دلوقتي ولادها لجأوا ليا علي طول اول ماحصل اللي حصل لكن اكيد چيرمين محكتش ليهم عني خوفاً مني صح .. انتي متخيلة ياحياة يعني ايه ولد وبنت ميعرفوش حاجة ف مصر ينزلوها اول مرة من غير فلوس ولا اهل ولا حاجة تسندهم ف البلد دي ..
ضمت رأسه الي صدرها قائلة بحزن علي حاله :- ياحبيبي هون علي نفسك مش كدة هو انت كنت تعرف يعني ان كل دة هيحصل وكمان اللي مريت بيه وقتها كان صعب جداً علي اي حد انه يستحمله ونحمد ربنا ان بالرغم من كل دة انت مطلعتش مريض نفسي ولا انسان مش سوي ومش انك بعدت ومبقتش بتسأل عليهم انك وحش حبيبي انت كنت خارج من مشاكل كتير ونفسياك كانت تعبانة ف كنت محتاج ترتاح من كل دة وبعد كدة اتلهينا ف الولاد وحياتنا وهي كمان اكيد اتلهت ف حياتها وولادها مع جوزها متشيلش نفسك هم فوق طاقتك ياآسر انت مش غلطان ياحبيبي ..
آسر بشرود :- انا حاسس ان الولاد دول ف خطر ..
نظرت اليه بتساؤل قلقل فأخبرها بتلك المكالمة وانهي حديثه قائلاً بقلق :- نبرة الغل اللي كانت ف صوت الراجل اللي كلمني دة وهو بيقولي انتقم من امهم فيهم حسستني قد ايه هو بيكرهم وخليتني اشك ان موت چيرمين مدبر واكيد العيال دي ف خطر واللي محيرني اكتر ازاي الراجل دة عرف باللي حصل زمان معني كدة انه بيكرهم وبيتمني ليهم الشر من بدري بقا ..
حياة بخوف وحيرة :- طب وهتعمل ايه يااسر ..
آسر بشرود :- مش عارف بس اكيد هقلب عليهم مصر كلها لحد مالاقيهم واخليهم يجوا يعيشوا معايا هنا ..
نظر اليها سريعاً قائلاً بتردد :- حياة انتي اكيد م هتضايقي لو عيال چيرمين جوم عاشوا معانا هنا ..
اجابته سريعاً بلهفة :- لا طبعاً ربنا يعلم اني سامحت چيرمين من زمان دة ربنا بيسامح يبقا انا مش هسامح وربنا يرحمها ويغفرلها ..
حاوط وجهها بين كفيه قائلاً بنبرة عميقة يخصها بها وحدها :- حياة ..
اجابته بنبرة لا تقل جمال عن نبرته وعيناه التي تشبه القطط تلتمع بحب لهذا الرجل الذي امامها الآن :- عيون وقلب حياة ..
آسر بهمس قريب من شفتيها :- انا بعشقک ..
التهم شفتيها وغاب معها بعالم خاص بهم وحدهم وهو بكل مرة يدرك أنه لا ملجأ له إلا بين أحضانها ......
*********************************************
" منزل علي علوان "
أسنيقظ ذلك الوسيم من نومه وهو يشعر بآلم يكاد يفتک رأسه لنصفين وكيف لا بعد هذا الكابوس الذي اشعره انه علي وشک مفارقة الحياة من شدة أختناقه دوماً ما يري فتاة تشع نوراً وبهاءً غير طبيعي بملامح غير واضحة لعيناه ولكنه يستشعر بكائها ثم يستمع الي صوتها وهي تنادي عليه لتستنجد به لايستطيع ان ينسي نبرة صوتها الرقيقة وهي تهتف قائلة ببكاء :- أياس الحقني متسبنيش ..
وكلما اقترب منها كلما هي ابتعدت ليركض ويركض وهي تبتعد وتبتعد حتي يتوقف قائلاً وهو يلهث :- مش عارف اوصلك كل مااقرب بتبعدي ..
لتنفجر هي في البكاء وهو يحاول ان يصل اليها مجدداً ولا يستطع ثم يآتي المشهد الذي يجمد الدماء بعروقه وهو يراها تنزف دماء من كل مكان بجسدها وتصرخ بصوت يمزق نياط القلوب ثم تختفي تماماً ويصبح مكانها بركة من الدماء ويعم صمت ثقيل بالمكان من حوله وعيناه تتسع برعب لا مثيل له وهو يلهث من شدة الركض والخوف من هذا المنظر الدامي نهض من نومه وجلس نصف جلسة علي فراشه وهو يمسح وجهه بكفيه قائلاً بضيق :- استغفر الله العظيم يارب انا مش عارف حلم ايه دة بس اللي كله دم ومين البت دي ..
صدح صوت رنين هاتفه فأجاب علي المتصل قائلاً :- خير ..
آتاه صوت أيهم قائلاً بتعجب :- ايه ياعم الرد الناشف دة ..
أياس بسماجة :- هبقا ابلوا مياة المرة الجاية ..
ضحك أيهم قائلاً :- خفة ياض .. أخلص انت فين ..
أياس بهدوء :-  ف البيت ليه ..
أيهم بأستغراب :- ايه دة هو انت مروحتش الشركة النهاردة !!
أياس بأستغراب مماثل :- لا مروحتش بس هو انت كمان مروحتش الشركة النهاردة ولا ايهه !!
أيهم بهدوء :- لا مروحتش ..
أياس بتساؤل :- ليه هو انت اللي روحت مع طنط ندي وعمو جاسم المقابر ؟!
أيهم بجدية :- ايوة آدم معرفش يروح معاها عشان جاله استدعاء ف الشغل وانا روحت معاهم وماما انهارت كالعادة زي كل سنة يعني ..
أياس بهدوء :- ربنا يرحمه ويصبر طنط ندي ..
ايهم بتنهيدة :- يارب .. المهم انت عامل ايه ..
أياس بشرود :- انا مش كويس خالص ياأيهم ..
أيهم بتساؤل :- الحلم اياه برضه ..
أياس بضيق :- ايوة هو الزفت انا مش عارف ليه منظر الدم دة ف اخر الحلم والمشكلة مين البت دي اصلاً انا مش بشوف ملامحها ..
أيهم بمرح حتي يهون عليه قليلاً :- ايوة بقا دة حب جديد اكيد ياأيسو ..
أياس بسخرية :- حب جديد !! أنت عارف اني منفعش للكلام دة ..
أيهم بحزن علي حال صديق عمره :- ليه بتقول كدة الحياة مش بتوقف علي حد ياأياس وتحمد ربنا انه نجاك قبل ماتغرز الغرزة دي ..
شرد أياس قليلاً بماضيه وهو يتذكر حب قديم كان يعتقد انه حب افلاطوني لايوجد مثله وقصة حب سيحكي عنهت التاريخ ولكنه كان مجرد وهم وأستغلال من طرف واحد للطرف الآخر وعندما ادرك ذلك كان الاوان قد فات تماماً عاد من سيل ذكرياته علي صوت أيهم قائلاً بتعجب :- أيه يابني انت سامعني ..
أياس بتعب :- سامعك بس انت عارف ان مش بأيدي ياأيهم الموضوع دة مآثر فيا اوي علي الرغم انه فات عليه وقت طويل ..
أيهم بهدوء :- بكرة هتنسي وتحب من جديد وبعدين انا عندي امل ان البت اللي ف الحلم دي هتفك نحسك ان شاءالله ..
أياس بغيظ :- بقا انا نحس ياحيوان وبعدين بت ايه دي .. دي غرقانة ف بركة دم ايه هتجوز جزارة انا ولا مصاصة دماء ..
ضحك أيهم قائلاً :- ياعم تفائلوا بالخير تجدوا ..
أياس بهدوء :- حاضر ياخويا .. المهم متنساش أجتماع بكرة بدري عشان نناقش المشروع الجديد ..
بغرفة آخري بغرف المنزل تجلس بتول تلك الرقيقة وهي تتصفح هاتفها وبالتحديد موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوک " ذلك التطبيق الذي يعتبر سلاح ذو حدين وصل اليها رسالة بتلك اللحظة من آيميل بأسم " سامر عمير " ولم تكن هذه المرة الاولي التي يرسل اليها رسائل تعارف وبكل مرة تتجاهلها ولا تجيب عليها ولا تعلم لماذا لا تقوم بحظره وتنتهي من هذا الامر كانت الرسالة هذه المرة عبارة عن " برضه مش هتردي عليا .. انا مش قصدي حاجة وحشة صدقيني .. انا بس عايز ندردش شوية .. ومش هنتكلم ف اي حاجة مش عايزاها .. "
تنهدت بضيق وهي تتجاهل الرسالة التي لاتعلم عددها ثم اغلقت التطبيق وقامت بمهاتفة صهيب الذي لم يجيبها فهتفت قائلة بغيظ :- كدة ياصهيب طب والله مش هرد عليك النهاردة ..
توجهت الي خارج غرفتها فوجدت والدتها تجلس بصالة المنزل وحيدة فجلست بجانبها قائلة بتساؤل :- قاعدة لوحدك كدة ليه يامامي ؟!
آية بحنو :- سلامتك ياحبيبتي مستنياكي انتي واخوكي تصحوا عشان نتغدا سوا ..
بتول بصدمة :- هو أياس مراحش الشغل ..
آية بتعجب هي الآخري :- والله يابنتي انا برضه اتصدمت بس فرحت ان هو قاعدة النهاردة ..
آتاهم صوته الرخيم قائلاً :- لا طالما ست الكل فرحانة بقعدتي النهاردة دة انا اقعد كل يوم بقا ..
ضحكت آية قائلة بحب :- ياحبيبي دة انت مجرد شوفتك قدامي بس بتفرحني ..
تدخلت بتول قائلة بحزن مصطنع :- وانا مليش ف الحب جانب ولا ايه ..
آياس بأستفزاز :- أيش جاب لجاب ياشبر ونص انتي ..
بتول بغيظ :- شايفة يامامي بيقولي ايه والله لما بابي يجي هقولوا ..
هتفت قائلة آية بحب :- ربنا يخليكم ليا ياولادي وميحرمنيش منكم ابداً .. ثم نظرت الي أياس قائلة بنبرة ذات مغزي :- ويهديك ياللي ف بالي واشوفك عريس قريب عشان اشيل ولادك بقا ..
أنكمشت ملامحه بضيق فور ذكر سيرة الزواج التي يبغضها ثم نهض من مكانه قائلاً :- عن أذنكم انا داخل اوضتي ..
توجه الي الداخل تاركاً اياهم يطالعونه بحزن علي ماوصل اليه حاله بعد مااصابه منذ سنوات .......
*********************************************
" عودة إلي ڤيلا آسر "
آتي المساء سريعاً وأسدل الليل ستائره علي منزل آسر الذي كان بغرفته ممداً علي فراشه ينظر الي سقف الغرفة بشرود وضيق فهو الي الآن لم يجد آثراً لأولاد چيرمين ولا يعلم أين هم وهل بأمان أم يحاوطهم خطراً ما تنهد بضيق وهو يقرر بداخله انه من الغد سيكثف البحث دلفت حياة الي الغرفة وجدته مسطح علي الفراش كما تركته منذ قليل اقتربت منه وجلست بجانبه واصابعها تتخلل ف خصلات شعره بحنو ثم هتفت قائلة بهمس حاني :- آسر حبيبي مينفعش تفضل طول اليوم كدة الولاد قلقانين عليك وانا مش عارفة اقولهم ايه ..
اعتدل بجلسته ثم احتضنها برفق قائلاً بحزن :- ملقتهمش لحد دلوقتي ياحياة وخايف عليهم اوي ..
حياة بحنو :- ياحبيبي إن شاءالله هتلاقيهم قريب وربنا هيجمعك بيهم علي خير بس يلا نقوم دلوقتي عشان نشوف الولاد اللي قلقوا عليك ..
علي الجانب الآخر كانت سالين بغرفتها تتحدث مع عمار علي الهاتف ثم هتفت قائلة بحزن :- مش عارفة والله ياعمار بابا ف اوضته من الصبح وشكله تعبان وماما مش عايزة تقولنا ..
عمار بهدوء :- بس هو كان كويس النهاردة ف الادارة ايه اللي حصل ..
سالين بحيرة :- مش عارفة والله ياعمار انا كمان مستغربة اوي ..
عمار بتفكير :- ممكن يكون بسبب المكالمة اللي جاتله الصبح ..
سالين بتعجب :- مكالمة ايه دي !!
عمار بجدية :- كان عندنا اجتماع النهاردة وجاتله مكالمة ف نص الاجتماع حاله اتغيير خالص ومش وسابنا وكان شكله متضايق اوي ..
سالين بتفكير :- ياتري مين اللي كلمه وضايقه كدة دة بابا مش حد يضايقه خالص دة يضايق بلد ..
اجابها بسخرية قائلاً :- انتي هتقوليلي ياختشي ..
سالين بضحك :- ايوة اكيد عارفة انت اكتر واحد ادري بالموضوع دة والنهاردة آدم قالي ع اللي عمله فيك ف المكتب ..
عمار بتساؤل وهو يضيق عينيه بغيظ :- انتي كلمتي آدم النهاردة ؟!
سالين بعفوية :- ايوة كلمته النهاردة ..
عمار بغيرة :- وطبعاً ضحكتوا وهزرتوا مع بعض صح ..
سالين بضيق :- ف ايه ياعمار انت عارفني وعارف ادم كويس وكمان انا اكبر منه ومتربين مع بعض والمفروض يكون في ثقة اكتر من كدة شوية ..
عمار بغيظ :- سالين متستهبليش انتي عارفة اني بثق فيكي اكتر من نفسي وف ادم كمان بس غيرتي عليكي ملهاش علاقة بثقتي فيكي دي حاجة غصب عني وخارجة عن أرادتي ..
سالين بحزن :- بس انت مكنتش كدة ياعمار ايه اللي حصل ..
تنهد بتعب قائلاً :- مش عارف بس انا تعبان وعليا ضغط من كل حتة ضغط الشغل وضغط من بابا وماما ف الصعيد عشان عايزني انقل شغلي هناك وضغط من ابوكي اللي مش موافق علي جوازنا وانتي بتوحشيني كتير اوي وعايزك معايا كل دة تاعبني انا اسف لو جيت عليكي الايام اللي فاتت دي بس عايزك تستحمليني ..
اشفقت عليه بشدة وكيف لا وهو حبيب القلب ومصدر تنفسها بالحياة تشعر بالاختناق وبتقص الاكسچين إذا شعرت انه بعيداً عن محيطها لذلك هي ستتحمله الي آخر لحظة بحياتها تنهدت بحب قائلة :- انا استحملك العمر كله ياعمار دة انت حبيب الروح ..
أبتسم بعشق علي تعبيراتها التي يعشقها ثم هتف قائلاً بعمق ونبرة عشق تخصها وحدها :- انا بعشقك ياسالين انتي تربية ايدي وبثق فيكي اكتر مابثق بنفسي ولو عجزتي وشيبتي وشعرك ابيض وجلدك كرمش وبقا فيكي كل العبر هفضل برضه اغير عليكي زي ماكنت بغير عليكي وانتي لسة طفلة عندك 10 سنين ..
بعد مرور بعض الوقت كان آسر يجلس بين اولاده بالاسفل يطمأنهم عليه فهتف قائلاً بهدوء :- متقلقوش ياولاد انا كويس حسيت بس بشوية صداع عشان كدة فضلت ف اوضتي مرتاح ..
تمتم الجميع بالحمدلله لسلامته ثم هتفت سالين بتساؤل :- هو ايه المكالمة اللي جاتلك في الاجتماع النهاردة يابابا ليها علاقة بتعبك ..
نظر اليها بتركيز وجز علي اسنانه لأنفلات لسان عمار وكاد ان يجيبها ولكن صدح رنين هاتفه فرد قائلاً :- ايوة ياجاسم ..
انتفض من مكانه قائلاً بفرحة :- ايه بجد لاقيتهم طيب انا جاي ..
*********************************************
قبل ذلك الوقت بساعتين استيقظت چنان بعد ان أخذت قسطاً من الراحة لا يخلو من الكوابيس ولحظات من حياتها الماضية برفقة والديها ثم لحظات ما بعد وفاتهم وتخيلات عما سيحدث بحياتهم الآتية وما ممكن ان يصيبهم وأي مصير سينتظرهم أخرجت جهاز اللاب توب الخاص بها وقد قررت بداخلها عدة قرارات وعزمت علي تنفيذها ظلت تتجول بصفحات المناطق السكنية بالقاهرة ذات السعر البسيط وهي تبحث عن شقة مريحة للايجار حتي وجدت مبتغاها شقة مفروشة للايجار بسعر مناسب ولكن بمنطقة شعبية للاسف وهذا مايناسب مامعهم من اموال لم يكن لديها رفاهية الاختيار فهي يجب ان تقرر سريعاً قبل ان ينفذ مامعهم من اموال تواصلت مع صاحب المنزل علي موقع التواصل الاجتماعي وارسلت له هذه الرسالة .. " السلام عليكم .. لو سمحت انا بكلم حضرتك بخصوص اعلان الشقة اللي ع صفحة ( .... ) ياتري لسة موجودة ..
آتاها الرد سريعاً قائلاً :- ايوة يامدام لسة موجودة هي عجبت حضرتك وحابة تأجريها خلاص ..
چنان :- ايوة بس انا عاوزة استلمها النهاردة ..
الرجل :- مفيش مشاكل لوحدك ولا معاكي حد ..
چنان بتلقائية :- معايا اخويا ..
الرجل بطريقة لم تعجبها :- اخوكي اخوكي يعني ولا لامؤاخذة ..
چنان بضيق :- ايوة اخويا ومعايا ورق يثبت لحضرتك الكلام دة ..
الرجل :- ممممم ميضرش كدة كدة هنحتاجه في العقد اصلاً متأخذنيش يامدام الشقة في منطقة شعبية والناس هناك طبعها حامي بزيادة ف انا بريح دماغي بالمشاكل دي ..
چنان :- فاهمة احنا ساعتين وهنكون عند الشقة عشان نمضي العقد ونستلمها ..
انهت معه المحادثة وهي تدعوا الله ان يوفقها بما هي مقدمة عليه بذلك الوقت استيقظ ريان من نومه فجلس بجانبها قائلاً بصوتاً اجش :- ايه ياچنان قاعدة كدة ليه ؟؟
نظرت اليه قائلة بهدوء :- انا في قرار اخدته ومحتاجة رأيك فيه ..
شعر بالقلق من حديثها فهتف قائلاً :- في حاجة تاني حصلت قولي بسرعة ..
چنان بجدية :- لا مفيش بس انا قررت انه مش هنروح نعيش مع اهل ماما ..
ريان بذهول :- ليهه !!
اجابته بحزن :- احنا منعرفش الناس دي ولا يعرفونا ومكنش في اي علاقة بينا السنين دي كلها ف اكيد مش هندخل عليهم نقولهم ممكن نعيش معاكم ونحتل بيوتهم كدة احنا منعرفش ظروف الناس ايه برضه ياريان ...
ابتسم لها بحب قائلاً :- انا برضه كنت بفكر كدة وكنت مستصعب الموضوع خالص ريحتيني ياچينو بتفكيرك وقرارك دة ..
ابتسمت له بحنو فأكمل قائلاً بتساؤل :- بس هنعمل ايه دلوقتي هنفضل هنا ف الاوتيل ..
چنان بجدية :- لا انا اجرت شقة مفروشة هي صحيح في منطقة شعبية شوية بس نضيفة ومريحة وعلي قد فلوسنا ..
هتف قائلاً بتعجب :- أنتي عملتي كل دة ازاي ..
چنان بهدوء :- من علي النت هو الموضوع هنا ف البلد صعب شوية مش زي عندنا برة مصر بس المهم اني لاقيت شقة في الاخر ويلا بينا عشان نلحق نمضي العقد مع صاحب الشقة ..
اومئ لها بهدوء ثم نهض معها حتي يستعدوا من اجل الذهاب وبدأ خطوة جديدة بحياتهم ستكون فارقة لكلاً منهم بعد قليل كان ريان يقف امام موظف الاستقبال قائلاً بهدوء :- لو سمحت عايز اعمل Cheek out ..
انهي موظف الاستقبال اجراءات الرحيل واستقلوا سيارة اجرة من امام الفندق باللحظة التي تحركت بها سيارتهم توقفت سيارة آسر وترجل منها برفقة جاسم الذي هتف قائلاً بجدية :- آسر مش عايزين نخض العيال ..
آسر بتعجب :- نخض العيال ايه هو انا جاي اقتلهم ..
تركه وتوجه الي الداخل وتوقف امام موظف الاستقبال قائلاً بتساؤل :- لو سمحت عاوز اسأل عن نزيلة بأسم چنان رامي احمد النجار واخوها ..
موظف الاستقبال بهدوء :- ايوة يافندم كانوا موجودين ولسة عاملين Cheek out من 10 دقايق ....
*********************يتبع*********************
#أنتي_لي
#أية_صبري

" أنتِ لي " الجزء الثاني من << آسر الحياة >> مُكتملة.. Where stories live. Discover now