الحلقه (6)

13.8K 268 5
                                    

الفصل السادس : بين الصحيح و الخطأ
_____________________
بعض الوجوه مجرد عناوين لأصحابها
ملامحها كالسكر يذوب مع الوقت
مملوءة بتجاعيد ليس لها علاقة بالزمن
تلك عبارة عن بصمات الخيبة و الآهات و الأنين....
احتضنته أسيل بقوة و رددت :
- و انا كمان بحبك يا جاسر.... بحبك اووي.
ابتسم جاسر بخبث و زاد من احتضانها وهو يمدح ذكاءه الذي يجعله يخدع اصعب الفتيات رغم ان هذه الفتاة اسهل مما توقع بكثير ، ابعدها عنه و قبل وجنتها و مال عليها ليقبل شفتيها ف تراجعت للخلف وهي تبتسم بتوتر تحاول اخفاء رفضها لما فعله و اردفت :
- المكان ده حلو جدا.
حمحم جاسر :
- ايوة حلو فعلا ، خاصة لون البحر اللي انعكس عليه لون الغروب انا اخترت المكان ده بالذات لاني عارف انه هيعجبك.
ابتسمت أسيل و أمسكت يديه هامسة :
- انا مش مصدقة نفسي اللي بيحصل ده انا طول عمري مبآمنش بالحب و بعتبره كذبة كبيرة بس لما اتعرفت عليك عرفت انه اللي كنت بفكر فيه غلط.
قبل جاسر يديها الممسكتان بيديه و تشدق ب :
- حتى انا مكنتش مصدق اني هعيش الاحساس ده معاكي و مكنتش بآمن بالحب بردو انما لما عرفتك آمنت بيه..... احم بصي يمكن انتي تلاقي كلامي مش رومانسي وكده بس اعذريني انا معنديش الخبرة الكافية ههههه ( كداب يا أبو صلاح ).
أسيل بضحكة :
- كل اللي عملته و كلامك ده مش رومانسي ؟ انا عمري ما شوفت رومانسية زي ديه حتى في الروايات اللي بقراها.
أمسك جاسر يدها و اردف وهما يمشيان :
- معقول انتي بتقري الروايات انا كنت فاكر انك ملكيش في الخيال وكده.
ردت عليه وهي تطالع البحر و خصلات شعرها تتطاير بفعل الهواء :
- فعلا مليش في الخيال بس بضيع وقتي بيه لاني عارفة ان الواقع مختلف جدا عن اللي بنشوفه في القصص و الافلام ، نظرت إليه فجأة و سألته :
- هو عادي ابقى بطبيعتي قدامك ولا لازم اعاملك برسمية ؟
جاسر باستغراب :
- اكيد عايزك طبيعية بس ليه السؤال ده ؟
ابتسمت و هتفت :
- لأني جعانة اووي ولازم آكل لاني مبتحملش الجوع خالص خالص.
ضحك جاسر بدون شعور منه و اردف :
- بتعجبني فيكي صراحتك ، في مطعم قريب من هنا نروح ناكل فيه.
اومأت و ذهبت معه دلفا للمطعم و جلسا يتناولان الطعام و أسيل تمزح و تضحك و هو يجاريها و يحدث نفسه :
- اضحكي و افرحي دلوقتي لأني هقضي على ضحكتك الحلوة ديه عشان انتو البنات مبتستاهلوش غير الزعل.
افاقه من شروده كلامها :
- جااااسر الوقت تأخر وانا مش واخدة بالي... انا لازم اروح دلوقتي ماما و اخويا هيقلقو عليا.
عقد حاجبيه باقتضاب و ضيق فهو كان ينوي ان يأخذها معه هذه الليلة لكن الآن اذا ضغط عليها ربما تغضب منه و تتركه و بهذا ستفشل خطته..... ابتسم باصطناع و نهض معها اوصلها لسيارتها و قبل ان تركبها وضع يده على وجنتها قائلا :
- مقعدناش مع بعضنا كتير انا كنت مخطط لحاجات كتيرة اوي.
أسيل بعفوية :
- معلش مش دلوقتي بتقدر تعمل الحاجات اللي كنت مخطط ليها بعدين.
هز رأسه و همس :
- هتوحشيني.
شعرت بالخجل و اخفضت عينيها ف اقترب منها جاسر وكاد يلمس شفتيها لكنها ابتعدت في اخر لحمة و تمتمت بضيق :
- بلاش تجاوزات يا جاسر انا مبحبش كده.
ارتبك جاسر ثم اردف متحججا :
- معلش انا اتصرفت بتلقائية بس ده كله من حبي فيكي متزعليش مني.
شعرت أسيل بانزعاجه و لامت نفسها فهي تحبه لكن.... لكن لا يستحيل ان تسمح بفعل هذه التصرفات حتى لو كان تعشقه.... ابتسمت و احتضنته بخفة ثم ركبت سيارتها و ذهبت.
وقف جاسر يطالع فراغها محدثا نفسه :
- احنا لسه فبداية الطريق وهي عايزة توريني انها شريفة بس شوية شوية و هتكشف عن حقيقتها وقتها هاخد منك اللي بتمناه استني عليا شويا بس هههههه.
رن هاتفه و كان الضابط عبد الرحيم فتح الخط مجيبا بصوت قاتم :
- نعم.
عبد الرحيم بجدية :
- ضابط جاسر اللواء طالبنا كلنا في الاجتماع هنبدأ شغل مع العميل.
جاسر بتساؤل :
- مين ، الذئب ؟
- ايوة ووالد حضرتك محمد باشا هيبقى معانا كمان.
زفر بفتور و رد :
- ماشي انا جاي حالا.
اغلق الخط مغمغما :
- انا مش عارف ليه مهتمين بيه اوي العميل السري ده.
______________________
في اليوم التالي.
في منزل ليث الشافعي.
دخلت زهرة لغرفة إبنها لتوقظه فهو ليس من عادته ان يتأخر و انصدمت عندما لم تجده حتى السرير كان منظما دليلا على انه لم ينم عليه.... استغربت و نزلت للاسفل امسكت هاتفها و اتصلت به لكن هاتفه كان مغلقا ، زاد قلقها و استدارت لتذهب و لكنها انتفضت بفزع عندما وجدت ليث يقف امامها.
وضعت زهرة يدها على صدرها بفزع :
- ليث انت مبتعملش صوت لما بتجي ليه خضيتني.
ابتسم ليث :
- سلامتك من الخضة يا زهرتي بتعملي ايه ف اوضتي و كنتي قلقانة ليه ؟
اجابته بجدية :
- ملقيتكش في اوضتك لما جيت اصحيك و كان باين انك منمتش هنا اصلا و تلفونك مقفول ، انت كنت فين ؟
كاد يتكلم لكنها شهقت و لطمت وجهها :
- يالهووي اوعى تكون مقضيها مع بنت من بنات الليل و رسمت عليك و انت اهبل و مصدق نفسك عشان كده رافض الجواز ؟
طالعها بتعجب و غباء و فتح فمه لكنها لم تعطه الفرصة حيث لطمت وجهها ثانية صائحة :
- ااه يا حياتي اللي ضاعت فتربيتك ابني بيعمل الحرام و انا اللي كنت فاكراك مؤدب و بفتخر فيك قدام الناس اااه يا.....
قاطعها ليث بانزعاج :
- في ايه يا ماما ايه افلام الابيض و الاسود ديه و مالك بتلطمي وشك كده زي المجانين ؟! انا صحيت الفجر يا ماما و رتبت الاوضة و روحت الجامع اصلي بعدين قعدت مع صحابي والوقت خدني ومحسيتش بنفسي الا واحنا الصبح بنات ليل ايه يا ماما هو انا بتاع كده بردو.
زهرة بضحكة :
- هو الصراحة انا عارفة انك مبتعملش حاجة غلط بس حبيت ازودها شويا انت عارفني بحب الدراما و كده هههههه.
ابتسم ثم صعد لغرفته يستحم و ارتدى ملابسه بتعب فهو قضى الليل بطوله في المقر و لم يرتح ولو لخمس دقائق لذلك هو يشعر بالنعاس كثيرا.
نزل لوالدته وجلس يتناول الافطار معها حتى قالت له :
- اه نسيت اقولك يا ليث رجلي وجعاني اوي.
نظر اليها بقلق :
- وجعاكي ؟ ليه ؟ طب تعالي افحصك يا ماما ااا...
قاطعته زهرة :
- لالا انا مش عايزك تفحصها انا عايزة البنت اللي كان اسمها.... اا... نسيت اسمها.
عقد ليث حاجبيه بسخرية :
- نسيتي اسمها يا ماما ؟ اسمها أسيل ياحبيبتي ها قوليلي اشمعنا هي اللي عايزاها.
حمحمت بلهجة عادية :
- لانها هي بتعرف وجعي انت لو شوفت يوم الحادث يالهوي كنت هتكسر لولا ستر الله يا ليث.
وضع الشوكة من يده و طالعها مغمغما ب :
- ماما انا حافظ كل مشاهدك الدرامية ديه و عارف ان مفيش حاجة وجعاكي انتي اصلا متأذتيش بس اللي مش عارفه انتي متمسكة بالبنت الوقحة ديه ليه ؟
زهرة بدفاع لا يقبل النقاش :
- انت و اللي جابوك وقحين انما هي ماشاء الله احترام وجمال و اخلاق و تعليم عالي كمان.....متقولش عليها كده تاني اوعى.
ضحك بتهكم مجيبا اياها :
- عفوا يا ست الكل.... بس قوليلي انتي عايزة ايه من أسيل اوعى يكون اللي فبالي ؟!!
ابتسمت زهرة بتريث :
- ايوة اللي فبالك.... يعني البنت مش ناقصها حاجة وفوق ده كله عاجباني ومش هتلاقي حما زيي و انت كمان مز ومحترم ومتعلم و ملكش في المشاكل ( ملوش في المشاكل انتي متأكدة ؟ ) يعني مناسبين لبعض اوي ولا ايه رايك.
تنهد بنفاذ صبر قائلا :
- يا ماما ربنا يهديكي انتي مبتعرفيش البنت ديه ، ديه كتلة مشاكل متحركة بتعمل مشكلة ف كل مكان بتروحله و مجنونة و مريضة نفسيا و لسانها طويل و بعدين انتي مبتعرفيش عنها حاجة جايز تكون مرتبطة و فوق ده كله انا مبحبهاش ولا هي موجودة فتفكيري اصلا.
صمتت زهرة و اعتقد ليث بأنه اقنعها لكنها فاجأته عندما قالت له بحزن :
- ماشي انا هسأل عليها ولو كانت سنجل هطلبها ليك.
اغمض عيناه و كاد يصرخ لكنه تمالك نفسه و نهض ودعها و قبل ان يصل للباب وصله صوتها :
- على فكرة انت معجب بيها.... انا شفت اللمعة اللي فعيونك لما كانت أسيل هنا.
نظر لها لبرهة ثم تركها و غادر كليا ركب سيارته و قادها بسرعة وهو يفكر في كلامها..... لالا يستحيل ان يكون معجبا بها هو لا يتحملها انها مزعجة و ثرثارة و مغرورة ولا تناسبه ابدا فكيف له ان يفكر فيها.
شرد لثواني و تخيل انهما يتزوجان ف ابتسم بتلقائية لكن افاق على نفسه و همس وهو يسند ذراعه على نافذة السيارة :
- البنت ديه بتجنن اي حد انا مش عايزها اصلا تكون جزء من حياتي.
اكمل قيادته و فجأة انتبه لسارة وهي تقف بمفردها في هذا الطريق المعزول زاد سرعته ثم اوقف السيارة امامها.
ليث بدهشة :
- سارة انتي بتعملي ايه هنا واقفة لوحدك ليه ؟
تنحنحت سارة بخجل :
- انا كنت بستنى تاكسي يعدي من هنا عشان اركب.
ليث وهو يطالع ساعة يده :
- مش هتلاقي تاكسي في الوقت ده ، تعالي اركبي هوصلك ع الكلية.
هزت رأسها بنفي :
- لا يادكتور كتر خيرك انك وصلتني امبارح مش عايزة اتعبك اكتر.
تحدث بصرامة وهو يشير اليها برأسه :
- هي كلمة ، اركبي معايا مفيش تعب ولا حاجة وبعدين ياستي انتي لو مركبتيش هتتأخري على امتحان النهارده.
هزت رأسها و ركبت بجانبه فانطلق بسم بينما هي نظرت إلى النافذة مبتسمة وهي تتذكر كيف طلبت من صاحب التاكسي ان يوصلها لهذا المكان ويذهب لكي يأتي ليث ويعرض عليها ان يوصلها فهي البارحة رأته يذهب مباشرة بعد إيصالها ولم يغير اتجاهه ما يعني أنه يسلكه دائما..... لقد غامرت بنفسها هي لم تكن متأكدة من أنه سيأتي لكن هوسها به جعلها تفعل تصرفات غريبة و هذا اجعلها تتضايق من نفسها فهذا لا يجوز ..... مطت شفتها بندم فسارة الآن تختلق الأسباب لتلتقي به بحجة أنها صدفة سحقا عليها ان تتوقف عن هذا.
أما ليث فكان يلاحظ تعبيرات وجهها فنظر إليها قائلا خشونة ':
- انتي كويسة ؟
سارة بإرتباك :
- ها....اه اه كويسة ممكن تنزلني هنا وأنا هاخد تاكسي تانية معلش عشان محدش يشوفها ألا....
قاطعها بإيجاز :
- ماشي.
بعد مدة كانت سارة تدخل للمدرج فبادرتها أسيل بالسؤال :
- انتي ليه مستنتيش اعدي عليكي زي كل مرة انا عايزة احكيلك على حاجة مهمة بس سي بيها بعيدين الدكتور للرخم ليث دخل أهو.
ضحكت سارة موافقة :
- ماشي ياستي.
______________________________
جلس في سيارته يراقبها حتى دخلت لإحدى الكافيه أبتسم مبكر و همس :
- لازم نبدأ بدري بدري.
دخل فارس خلف نور مباشرة و تعمد الاصطدام بها لتسقط كتبها ، انحنى ليلتقطهم وهو يردد :
- انا آسف يا انسة معلش مخدتش بالي آسف.
ابتسمت نور بتفهم :
- عادي ولا يهمك ، اخذت منه كتبها و ذهبت لتجلس على احدى الطاولات ارتسم على وجهه الخبث و تظاهر بأنه يبحث على طاولة فارغ لكن لم يجد.... لاحظته نور فنادته بصوت منخفض اقترب منها فقالت بحرج :
- انت لو جاي لوحدك ممكن تقعد على الترابيزة معايا.

مستنقع الذئاب Where stories live. Discover now