الحلقه(1) الجزء الاول

31.9K 457 5
                                    


الفصل الاول (الجزء الاول )
_____________________
تشرق الشمس على سماء الاسكندرية معلنة عن يوم جديد و احداث جديدة.
داخل منزل كبير و بالتحديد في غرفتها نجدها نائمة بعمق و تحتضن الهاتف بكلتا يديها كحالها كل صباح ، طرق باب الغرفة ومن ثم فتح لتدخل امرأة في الخمسينات نظرت اليها بعبوس ثم تحركت باتجاه النوافذ و ازاحت الستائر لتتسلل اشعة الشمس لداخل الغرفة المظلمة و تنير الجميلة النائمة.
فريدة بصوت عالي :
- أسيل ياحبيبتي يلا اصحي علشان تروحي على جامعتك الوقت اتأخر.
زفرت ووضعت الوسادة أعلى رأسها وهي تتمتم بنعاس :
- يا مامي سيبيني انام حرام عليكي انا لسه نايمة من ساعتين.
فريدة وهي تقترب منها و تنزع الوسادة و الغطاء :
- ماهو لو انتي تبطلي تمسكي التلفون شويا و تبطلي سهراتك الصباحية هتنامي بدري و تصحي نشيطة مش كل يوم تتعبي قلبي معاكي كده يلا قومي.
فتحت عيناها السوداوتان بإنزعاج ثم نهضت مرددة :
- مامي بليز بطلي تكلميني كأني عيلة صغيرة انا دكتورة ياحبيبتي.
فريدة بعدم مبالاة :
- لسه مبقيتيش دكتورة.
ابتسمت أسيل ثم احتضنتها :
- المهم انا ف اخر سنة ليا و كل مرة بطلع الاولى ع الدفعة بتاعتي يعني محدش قدي ، طبعت قبلة خفيفة على وجنة والدتها و تابعت :
- صباح الخير على احلى مامي في الدنيا.
اجابت فريدة بحنان :
- صباح النور ياحبيبتي يلا انا هروح احضرلك الفطار و تكوني انتي جهزتي ماشي.
اومأت أسيل فغادرت والدتها و تركتها تتثاءب و تتمطع بكسل دلفت للحمام واغتسلت ثم ارتدت ملابسها عبارة عن بنطال جينز يفصل ساقيها و بدي ابيض و فوقه جاكيت تصل لمنتصف الخصر باللون الزهري الفاتح و ارتدت في قدميها كوتش رياضي ابيض و صففت شعرها الاسود ذيل حصان.
وقفت تنظر لنفسها في المرآة بثقة و غرور و حدثت نفسها :
- انتي بجد حلوة اوي و بجمالك ده ممكن تخلي اي حد تحت سيطرتك و ب اشارة واحدة منك هتلاقيهم كلهم تحت أمرك. ضحكت و بعثت للمرآة قبلة في الهواء ثم اخذت هاتفها و حقيبة يدها و خرجت.
جلست على طاولة الافطار بجانب امها و شقيقها ( فارس ) يتحدثون في مواضيع جانبية حتى نهرتها فريدة :
- يابنتي حطي اللي ف ايدك ده و افطري ايه الموجود فيه عشان تفضلي شايلاه ليل نهار !!
اسيل وهي تعبث بهاتفها :
- ريلاكس يا مامي انا كنت بشوف الساعة بس.
ضحك فارس ولم يعلق فنظرت له فريدة بغيظ :
- انت بتضحك على ايه المفروض انك اخوها الكبير و تنصحها بدل ماانت مدلعها كده.
فارس بابتسامة هادئة :
- انا سايبها تعمل اللي عايزاه ومش عايز اقيد حريتها طول ماهي مبتعملش حاجة غلط و ملتزمة بحدودها و انا واثق فيها مش كده يا ايسو.
نهضت أسيل من مكانها و قبلت جبينه وهي تردد بمرح :
- ربنا يخليك و يجبر بخاطرك و يديك و مايحرمك ووو....
قاطعها بضحكة خفيفة :
- بس بقى يا بكاشة و كملي فطارك بسرعة علشان اوديكي على كليتك.
أسيل بنفي :
- لا مفيش داعي انا متفقة مع سارة اروحلها البيت و بعدين نطلع سوا متتعبش نفسك يلا باي.
فريدة :
- اسمها مع السلامة يا دكتورة مش باي.
أسيل بدون اهتمام وهي تغادر :
- اوك مع السلامة ياحب.
_______________________
في احدى الشقق.
استيقظ بهدوء ليجد فتاة نائمة بجانبه لا يستر جسدها العاري سوى غطاء خفيف ابتسم بسخرية ونهض استحم و خرج لجدها استيقظت و بمجرد ان رأته تمتمت بابتسامة :
- صباح الخير ياحبيبي.
- صباح النور يا سهر.
قالها ببرود وهو يرتدي ملابسه وقفت سهر ولفت الغطاء حول جسدها و اتجهت اليه ، احتضنته من الخلف و همست :
- انا مبسوطة يا جاسر ليلة امبارح كانت احلى ليلة فحياتي وانا مش ندمانة عشان سلمت نفسي ليك خالص لاني بثق فيك و بحبك.
ابتسم بسخرية ولم يعلق وقفت سهر أمامه و قالت بدلال وهي تحيط عنقه بذراعيها :
- قولي هتجيب اهلك و تجي تتقدملي امتى.
ضحك جاسر فعقدت حاجبيها باستغراب :
- انت بتضحك ليه ؟
ابعدها عنه ثم مرر يده على وجنتها قائلا باستفزاز :
- لانك غبية اوي انتي فاكرة ايه اني فعلا بحبك وميت فدباديبك ههههه لا يا شاطرة انتي زيك زي اي واحدة و*** من اللي بنام معاهم بس الفرق انك كنت صعبة شويا و عاملة فيها الخضرا الشريفة ف اضطريت امثل عليكي الحب علشان احصل عليكي.
صمت قليلا يتابع ملامحها المصدومة واكمل بحقارة :
- و مجهوداتي مكنتش على الفاضي انتي طلعتي جامدة اهه ليه كنتي بتمثلي عليا انك شريفة و ملكيش ف.....
قاطعته بصراخ باكي وهي تشع يديها على اذنيها :
- لالا الكلام ده مش حقيقي انت بتهزر صح و بتحاول تخوفني.... انا.... انا وثقت فيك و سلمتك نفسي اا....
قاطعها جاسر بحدة :
- اللي حصل كله كان برضاكي انا مجبرتكيش على اي حاجة ياريت بلاش تعمليلي المسرحية ديه.
نظرت سهر اليه ثم فجأة جثت على ركبتيها وامسكت قدمه تترجاه :
- جاسر ابوس رجلك متسيبنيش انت لو متجوزتنيش هتكون فضيحة ليا و لأهلي اتجوزني وانا مستعدة ابقى خدامة ليك طول عمري بس متدمرليش حياتي كده.
ابتسم ببرود ثم دفعها بقوة و صرخ متعمدا اهانتها :
- و انا مش عايز اتجوز بنت رخيصة زيك بس لو عايزة احنا هنعيش زي المتجوزين تماما ههههههه.
توقفت عن البكاء ووقفت تحدجه بصمت رفع احدى حاجبيه ثم ابتسم مردفا وهو يتجه لأحد الادراج :
- اه خلاص فهمتك انتي عايزة فلوس مقابل الليلة كنتي تقوليلي كده بدل ما تضيعي وقتي.
امسك يدها ووضع بها مبلغا كبيرا من المال و تشدق ب :
- ده مقابل ليلة واحدة وكلما تمتعيني اكتر كلما ما هديلك فلوس اكبر.
ابتسمت سهر بسخرية وهي تطالع المال ثم وبدون سابق انذار القته على وجهه وهي تصيح بشراسة رغم دموعها :
- الفلوس ديه لبنات الليل مش ليا !! انا وثقت فيك وانت خدعتني ب اسم الحب لانك حقير وواطي بس ربنا هينتقم منك و هيجي اللي يكسرلك غرورك وقتها هكون فرحانة جدا وانا شايفاك مذلول زي ما ذليتني دلوقتي.
انهت كلامها و اخذت ملابسها ثم ركضت للخارج وهي تبكي مط شفته بعدم مبالاة و اكمل ارتداء ملابسه ، رن هاتفه ففتح الخط وقال :
- ايوة يازياد خير.
زياد بتهكم :
- ازيك يا سيادة الرائد جاسر فينك من امبارح.
ابتسم جاسر بمكر :
- هكون فين يعني انا في الشقة خير ايه اللي حصل.
حمحم زياد مردفا بجدية :
- انت فاكر الراجل الغلبان اللي افتريت عليه وضربته في الشارع ، النهارده جاي يعملك محضر و مصر يشتكي عليك و هيعملك مشاكل احسن حاجة تروح تعتذرله قبل ما توصل القصة لسيادة اللواء.
ارتفعت ضحكة جاسر بعلو صوته وهو يعلق عليه :
- هههههههه انا اعتذر ؟؟ انت مجنون ولا ايه انا الرائد جاسر المنشاوي اعتذر من حته عامل نظافة ؟ ههههه سيبك منه انا هعمل فيه الازم.
تمتم الاخر بتوجس :
- تقصد ايه ؟؟
- هبعت كام واحد من رجالتي يعلموه الادب و يكسرلوه كام عظمة عشان يعرف يتطاول على اسياده تاني.
- ايه انت بتقول ايه ده ااا....
فصل جاسر الخط قبل ان يسمع رده نظر للمرآة بغرور ثم غادر الشقة التي طالما فعل فيها المحرمات.
_____________________
اوقفت سيارتها على جانب الطريق ثم اخذت هاتفها و اتصلت بصديقتها :
- هاي يا سارة ازيك....... انا تحت بيتك ناو انزلي...... No مفيش داعي فطرت في البيت اوك انا مستنياكي.
اغلقت أسيل الخط ثم اخرجت المرآة من حقيبتها لتحدد عيناها الكبيرتان بالكحل و تضع ملمع شفاه فبرغم انها لا تحتاج لأي نوع من الزينة لكن لا يجب ان تتخلى عن الميك اب لكي لا تصبح من الفتيات المتخلفات - حسب وجهة نظرها - ، مرت ثواني قبل ان يفتح باب المنزل وتخرج منه فتاة متوسطة الطول ترتدي فستان طويل باللون الازرق الداكن ذات بشرة خمرية و عينان عسليتان وشعر اشقر يغطيه الحجاب دائما انها سارة صديقة أسيل المقربة رغم اختلاف شخصيتهما و طباعهما.
جلست في المقعد بجانب أسيل قائلة :
- صباح الخير يا ايسو ازيك.
أسيل وهي تضع اللمسات الاخيرة :
- I'm okay ، و انتي.
- الحمد لله تمام.
نظرت اليها أسيل وهي تسألها :
- تحبي احطلك شوية ميك اب ؟؟
سارة بنفي :
- لالا شكرا انتي عارفة اني مبحبش احط حاجة على وشي وبعدين انتي بتتمكيجي هنا في العربية ليه.
ضحكت أسيل :
- ماما و فارس لو شافوني هيسودو عيشتي اصلا بالعافية قدرت افهمهم اني مش هتحجب غير لما اقتنع بالحجاب فمابالك شو شافو اللي بعمله.
مطت سارة شفتيها ثم هزت رأسها باستنكار من كلامها لكنها لم تعلق فهي تعبت من نصحها مرارا وتكرارا ، انطلقت أسيل بالسيارة واثناء حديثهما سألتها :
- بقولك ايه يا سارة انتي خلصتي المشروع المطلوب مننا.
اجابتها سارة :
- لا لسه في كام حاجة ناقصة.
تنهدت أسيل مردفة بضيق :
- انا مش فاهمة أدام الدكتور ده قدم ورق التقاعد ليه وكل الدكتور اللي هيخلفه انه يكمل معانا المشروع الصعب ده.
ضحكت سارة و نظرت اليها قائلة :
- غريب انتي اللي بتقولي كده يا دكتورة اللي يسمعك ميصدقش انك بتطلعي الاولى على الدفعة كل مرة.
حمحمت أسيل وهي تسمع صوت الاغاني ثم رددت بغرور :
- يابنتي انا محدش بيتوقعني و ااااااااه.
صرخت فجأة وهي توقف السيارة لترتد للامام بقوة انتفضت سارة هامسة :
- بسم الله الرحمان الرحيم ايه ده.
وضعت أسيل يدها على صدرها تتحسس نبضات قلبها المتسارعة ثم نظرت الى السيارة امامها و خرجت بسرعة وعلى وجهها علامات الغضب.
في نفس الوقت خرج شاب من تلك السيارة ووقف بطوله الفارع و ملامحه هادئة عكسها ، صرخت أسيل بعصبية :
- انت اعمى مش شايف عربية قدامك !!!
نزع النظارة الشمسية لتظهر عيناه الزرقاء الباردة ابتسم بتهكم و قال :
- معلش اصل انا اللي كنت ماشي بسرعة زايدة عن الحد ومشغل الاغاني اللي بتتسمع من اخر الشارع و بكلم صاحبي علشان كده مخدتش بالي.
أسيل بغيظ :
- انت بتتريق عليا !!
امسكت سارة ذراعها وهمست :
- أسيل بلاش فضايح احنا الغلطانين اصلا يلا امشي.
ازاحت يدها و تابعت كلامها :
- انت عارف يا استاذ انت بتكلم مين ؟ انا محدش بيقدر يقف قصادي و ب اشارة مني كلهم بيقعو تحت رجلي اوعى تنسى الكلام ده..... عمتا انا مستعجلة ومش فاضية اكلمك بس خد بالك تاني مرة لاني لو شوفت وشك مش هعديهالك.
استدارت لتذهب لكنها تفاجأت به يمسك ذراعها و يجذبها نحوه شهقت بخوف و ألم و صاحت :
- are you crazy سيب ايدي !!
لم يستمع لها بل ضغط عليها اكتر و غمغم من بين اسنانه :
- كلمة تانية و صدقيني هقطعلك لسانك اللي فرحانة بيه و انتي اللي قليلة الادب مش انا لان الواضح ان اهلك نسيو يربوكي بس احمدي ربنا أنك بنت ف هسيبك.
فتحت عينيها بعدم تصديق وحتى سارة التي كانت خائفة صمتت تراقبه و تطالع ملامحه الواثقة و الغاضبة في نفس الوقت و شخصيته القوية أيضا...... افلتها ودفعها بخفة ثم ركب سيارته و انطلق بها تاركا أسيل مصدومة و تشتمه في سرها.
_____________________

مستنقع الذئاب Where stories live. Discover now