الفصل الثاني والعشرون

14.9K 359 27
                                    

ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ
أَنا القَتيلُ بلا إثْمٍ ولا حَرَجِ.

___ ابن الفارض___

***************

كعاصفة تتعثر برياحها الهوجاء وصلت رويدا إلى الڤيلا،والخوف يلتهم قلبها كما تلتهم النار سنابل القمح المحترقة، وبعد تفكير طويل دام لساعات منذ اختلائها بذكرياتها الآثمة هداها عقلها لتدبير حيلة ستمكنها من إبعاد ريان عن مريم لكنها ستحتاج سعد ويجب أن تضمن وقوفه هذه المرة بصفها، وستبذل قصارى جهدها في استمالته لما تفكر به،متناسية عن كونه والد إبنها الوحيد، وخال مريم الوحيد، وشقيق ليلى "رحمها الله"الوحيد، وقبل كل ذلك زوجها، مع وضع آلاف الخطوط الحمراء تحت الأخيرة.. دلفت إلى الداخل بخطوات ظاهرها ثابتاً ،أصلها ترتجف وجدته جالس في الحديقة،يحتسي قهوته أثناء مراجعة بعض الأعمال من خلال حاسوبه النقال، توجس من ملامحها الواجمة التي توحي بعدم اتزانها النفسي متسائلاً (مالك يارويدا؟،شكلك زعلان كده ليه؟)

جلست على الكرسي المقابل له ترسم تعابيراً زائفة من الحزن والخذلان فوق وجهها بتمثيل محاولة اتقانه جيداً كما اتقنته طيلة عشرون عاماً لتخفي أكبر أسرارها شراً وفداحة قائلة (والله مش عارفة أقولك ايه ياسعد،بس فعلاً في موضوع مهم جداً وماينفعش نسكت عليه) .. أحس سعد بالقلق من منظرها وحديثها لكنها سارعت بسؤاله متخذة تكنيك الهجوم السريع وضرب الحديد وهو ساخن والدخول المباشر في صلب المواضيع مستكملة باستفهام كاذب (هي دار الأيتام اللي ريان حضر حفلتها اسمها ايه؟)

أجابها سعد بتعجب (اسمها دار وسيلة،بتسألي ليه؟)
الحفاظ على هدوءها في تلك اللحظة كان جهاد يتطلب منها شحذ جميع قواها فمجرد نطقه لإسم الدار جعل قلبها يسقط أسفل قدميها قائلة بتوتر (ابنك على علاقة ببنت كفيفة هناك، ومش بس كده دول مع بعض فالعين السخنة كمان، وياعالم بيحصل بينهم ايه من ورا ضهرنا)

اتسعت حدقتيه بصدمة كبيرة يسألها بعدم تصديق (ريان؟،إزاي؟)

ردة فعله الرافضة أشعرتها ببعض الراحة فأردفت مستغلة صدمته لتسكب الوقود فوق النيران (البيه المحترم اللي ياما دافعت عنه قصادي،ووقفت معاه ضدي ماعملش حساب لوضعه ووضعنا الاجتماعي، آدي آخرة دلعك فيه وطبطبتك عليه )
رد عليها بنبرة غاضبة (دلوقتي فهمت كان متلخبط ليه لما كنت بسأله على أي حاجة تخص الدار) .. سكت هُنيهة ثم استطرد بصوت عالٍ (يعني كان مستغفلني بحجة انه عايز يعمل خير وهو بيتصرمح هناك؟).. هب واقفاً وأضاف بعصبية (متخيل عشان بديله حرية الاختيار اني هوافق يحط وشي قدام الناس فالأرض؟)

وقفت رويدا أمامه تمسك ذراعه لتحثه على الجلوس مجدداً قائلة بخبث (اهدى ياحبيبي عشان صحتك)
نفض ذراعها عنه قائلاً بانفعال شديد (ازاي يخون ثقتي فيه وفي تصرفاته وينزل للمستوى ده؟ )

عيون الريان (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن